في السابع من سبتمبر الماضي، كان الليبيون يتغنون بأنّ شيئًا- أخيرًا- جمعهم في مربع واحد، مرددين جمعيًا: (ليبيا). كانت وسائل الإعلام ترصد وقتها نشيدًا وطنيًا من ميدان الشهداء في طرابلس، ثم تنتقل الكاميرات إلى الشرق فترصد مشهدًا مماثلاً.
وقتها كان المنتخب الوطني الليبي قد حقق مفاجأة مدوية، لتوهِ انتصر في المباراة الثانية خارج أرضه على المنتخب الأنجولي. وبات في رصيده 6 نقاط كاملة، متخطيًا ثلاث منتخبات من بينهم مصر ويتصدر المجموعة السادسة المؤهلة لنهائيات كأس العالم 2022 في قطر.
الاجتماع على كلمة “وطن”
المفارقة التي ركّزت عليها وسائل الإعلام أن بإمكان الليبين الاجتماع على كلمة “وطن”، شريطة أن تختفي السياسة. أو بالأحرى أن تذهب المصالح بلا رجعة؛ حين يكون الأمر ترفيهيًا، على غرار مباراةٍ لكرة القدم.
لكن حتى هذه الأخيرة- الرياضة- استكثرت على الليبين وحدةً لا يزالون يفتقدون رائحتها منذ عشر سنوات. فعندما كان الجميع ينظر بإعجاب إلى منتخب قادم من وسط كومة أزمات. ويشق هكذا طريقًا مفاجئًا لمنتخب آخر (مصري) يضم في صفوفه واحداً ممن يتجادل عباقرة اللعبة الآن حول كونه الأفضل في العالم أم الثاني؟
القطراني يخترق المشهد
قبل يومين فقط من موعد مباراة العودة بين منتخي مصر وليبيا، تسربت في عروق الليبيين حمية نحو مزيد من الفرقة. على وقع خطاب لنائب رئيس الحكومة حسين القطراني، وزمرة من وزراء ومسؤولين حكوميين ممثلين عن المنطقة الشرقية. يتحدثون باسم إقليم برقة، ويهددون بالانشقاق ويجعلون فرصة تشكيل حكومة موازية مناوئة لغرب البلاد أمرًا قريبًا، وقريبًا جدًا.
سار غضب متزايد وتلاسن وتخوين بين الطرفين الشرقي والغربي للبلاد. بينما كان فريق حكومي يعكف على الإعداد لثاني مباراة لكرة القدم في الأراضي الليبية منذ 2011. يريدون إخراجًا يقول للعالم ولدول الجوار إن ليبيا في طريق التعافي، حتى وإن كان كرويًا الآن، لعل الرياضة تعدي السياسة.
بينما كانت أصوات حكيمة تصرخ في وجهه النافخين في بوك الفرقة، أن نحّوا الغضب جانبًا. فثمة 7 ملايين ليبي، يتشوقون لأي انتصار، فرحة تضَمَّدَ جراحًا مثخنة، حتى وإن كانت انتصار كرة القدم.
التشجيع شرقي
لعل التفاعل الحادث مع المشهد الكروي، ذكّر البعض بأن ثمة ورقة في الشقاق الليبي لم تستعمل من قبل. هنا كان الدور على مطار الأبرق (شرقي ليبيا)، حين أعلن عن وقف الرحلات الداخلية. وهي الخطوة التي اعتبرها أبناء الغرب محاولة لمنعهم عن الانتقال لمؤازرة المنتخب الوطني.
حتى إن بعض (الغربيين) تساءل: ماذا لو كانت المباراة في طرابلس، وأغلقوا مطار معيتيقة أمام القادمين من شرق البلاد؟. سؤال آخر مفرط في معانيه، ويقود إلى سؤال آخر: هل رافقت السياسة بعثة المنتخب إلى بنغازي؟
“العملاق” الذي يرافق صلاح
المشهد الرابع من أجواء ما قبل المباراة، ملاحظة وسائل إعلام ليبية حراسًا ضخمًا يسير كظلٍ لمحمد صلاح. لا يفارقه إلا عندما يخلد نجم ليفربول الإنجليزي إلى سرير نومه. الحارس الذي يفصل صلاح عن كل شيء، ويلازمه في كل تحركاته، جاء بناءً على تكليف من وزير الشباب والرياضة أشرف صبحي.
اتحاد الكرة المصري نسّق مع نظيره الليبي على توفير حماية خاصة لمحمد صلاح، بناءً على طلب إدارة الأمن في ليفربول. بعدها انبرت وسائل إعلام ليبية تكتب تحت عناوين “قصة العملاق” الذي يرافق صلاح.
بمغادرة حلبة السياسة إلى المربع الأخضر، فإن الاستعدادات والترقب والحذر تسيطر على الأجواء بين شعبي البلدين. فيما يتوقع خبراء وتقارير صحفية تشكيلة المنتخبين، في مبارة بمثابة الراهان الأهم على فرصة المشاركة بكأس العالم القادم.
إحصائيات وتوقعات
ويحتل المنتخب المصري المركز الأول في المجموعة بسبع نقاط، ثم المنتخب الوطني ثانيًا بست نقاط، وفي المركز الثالث أنغولا بثلاث نقاط، وأخيرًا الغابون بنقطة واحدة.
المباراة التي ستنطلق في التاسعة مساء، على ملعب 28 مارس أو “ملعب بنغازي”، هي الجولة الرابعة من تصفيات كأس العالم 2022. التحدي الذي سيكون أمام المنتخب المصري بعكس نظيره الليبي المعتاد على أرضه، هو كون أرضية الملعب من النجيل الصناعي، ويخشى الكثيرون التعرض اللاعبين للإصابات، فضلا عن صعوبة السيطرة والتحكم بالكرة.
فاز منتخب مصر في المباراة الأولى على أنجولا بهدف نظيف، وتعادل في المباراة الثانية مع الجابون بهدف لكل فريق. ثم فاز على ليبيا بهدف دون رد في الجولة الثالثة، وبذلك يكون متصدرًا المجموعة بسبع نقاط.
في المقابل، حقق منتخب ليبيا انتصارين في الجولتين، الأولى على الجابون بهدفين لهدف في الدقائق الأخيرة، والثانية على أنجولا بهدف وحيد. وتلقى هزيمة من مصر في الجولة الثالثة.
التشكيلة المتوقعة لمنتخبي مصر وليبيا
توقعت تقارير أن يبدأ المنتخب الليبي صاحب الأرض والجمهور، بتشكيل مكون من: محمد نشنوش، معتصم صبو، أحمد التربي، سند الورفلي، عبد الله الشريف، معتصم المصراتي، محمد التهامي، محمد المنير، مؤيد اللافي، محمد زعبية، محمد صولة.
أما خيارات المدرب البرتغالي للمنتخب المصري كارلوس كيروش، فيبدو أنها ستنحصر في: محمد الشناوي، أحمد فتوح، محمود حمدي الونش، أحمد حجازي، أحمد فتحي، طارق حامد، محمد النني، عمر مرموش، إبراهيم عادل، محمد صلاح، أحمد حسن كوكا.