خمسة أيام قضاها جاستن ويلبي رئيس أساقفة كانتربري في القاهرة. إذ جاء القائد الروحي للطائفة الأنجليكانية في العالم ليدشن إقليما جديدًا للكنيسة مقره مصر يضم عشرة دول أفريقية هي مصر، وليبيا، وتونس، والجزائر وموريتانيا، وتشاد، وإثيوبيا، وإريتريا وجيبوتي والصومال
وعلى الرغم من أن الإقليم الجديد يضم مصر وإثيوبيا معًا تحت رئاسة المصري سامي فوزي. فإن ويلبي الذى يقود الكنيسة كلها روحيًا لا يرجح أي من كفتي الصراع الدائر حول نهر النيل. إلا إنه قال بوضوح إن الموارد المائية ليست ملكًا لأحد وعلى إثيوبيا أن تثبت لجيرانها أنها لا تهدد مصالحها.
استمر رئيس الأساقفة في شجاعته. فنكأ جروح التاريخ وتحدث في عظته التي قدمها خلال حفل التدشين. عن ما وصفه بالتاريخ الطويل من العنف الديني على الرغم من إن المسيح طالب المسيحيين بتأسيس كنيسة تغزو بالحب والسلام لا بالسلاح والقنابل داعيا الجميع للتعايش السلمي.
ويلبي الذي فاجأ الجميع بجرأته. قال لـ”مصر 360″. إنه لا يتوقع أن ترحب به إثيوبيا مستقبلًا بعد تصريحاته تلك حول الصراع على مصادر المياه في القارة السمراء التي وصفها بالمليئة بالحياة والإيمان ولكنها تعاني المجاعات والفقر.
اعتبر رئيس أساقفة كانتربري أن أوضاع المسيحيين في الإقليم الجديد متفاوتة. ففي مصر يتمتعون بأوضاع أفضل وتحسن مقارنة بإريتريا. حيث أعدادهم أقل ويشكون الاضطهاد الديني. مؤكدًا إن اختيار مصر لتصبح مركزًا للإقليم الجديد جاء بعدما تقدمت إيبراشية مصر بطلب للاتحاد الأنجليكاني العالمي لتأسيس هذا الإقليم الذى يحمل اسم الإسكندرية المدينة ذائعة الصيت في الفكر المسيحي القديم.
ويلبي أوضح إن الموافقة تمت على تأسيس الإقليم رقم 41 للكنيسة بالتصويت. بعدما حققت إيبراشية مصر نموًا كبيرًا في الخدمة الروحية والمجتمعية طوال السنوات الفائتة. كما نشطت في برامج حوارات دينية مع مؤسسات إسلامية كبرى مثل الأزهر الشريف. ما جعلها تتمتع بتلك المكانة معتبرًا أن تأسيس الإقليم أمر لا علاقة له بأعداد الأنجليكان في هذا الإقليم الذى يتراوح بين 30 ألف و40 ألف
كواليس لقاء ويلبي وشيخ الأزهر
ضمن سلسلة من الزيارات التي أجراها رئيس الأساقفة. التقى الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب. إذ وصل إلى مقره مبكرًا عن موعده فما كان من الإمام الأكبر إلا أن التقاه بمفرده بعيدا عن وفد الكنيسة الأنجليكانية الذي كان يضم أكثر من عشرة أساقفة من قيادات الكنيسة في العالم.
فضل الإمام الطيب أن يلتقي ويلبي الذي وصفه بالصديق في جلسة خاصة. اصطحب الوفد بعدها لحوار مفتوح في أحد قاعات مشيخة الأزهر الشريف
قال ويلبي عن تلك الزيارة لـ”مصر 360″: لقد أخجلتني محبة الشيخ الذى ألغى سفره إلى فرنسا خصيصًا للقائي. ولقد كان دائمًا صديقًا مقربًا قضى في قصر لامبث ثلاثة أيام من قبل في زيارة خاصة تبادلنا فيها الكثير من الأفكار والرؤى.
لماذا أثار لقاء رئيس أساقفة كانتربري بالبابا تواضروس جدلا واسعا؟
وفي اليوم نفسه، كان ويلبي على موعد مع البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية وهي الزيارة التي أثارت الكثير من الجدل في الأوساط القبطية بعد أن أعلنت الكنيسة القبطية عن استقبال المسئول الديني الأبرز في بريطانيا في المقر البابوي.
الجدل ثار بسبب موقف الكنيسة الأنجليكانية من قضية رسامة المرأة الزواج المثلي وهي القضية المثيرة للجدل داخل الكنيسة الأنجليكانية بالرغم من تمسك رئيس أساقفة كانتربري بتقليد الكنيسة حسب قرار مؤتمر لامبث 1998 (مؤتمر أساقفة الكنيسة الانجليكانية في العالم) ان الزواج هو بين رجل وامرأة وهي الجدلية التي بنى عليها المهاجمون فرضيتهم على اعتبار إن تلك الزيارة البروتوكولية تشكل موافقة من الكنيسة القبطية على تلك الأفكار الخاطئة عن الكنيسة الأنجليكانية.
البابا تواضروس أكد في أكثر من مرة إن اللقاءات بالكنائس الأخرى لا تعني الموافقة على عقائد وأفكار الكنائس التي تختلف عن الكنيسة القبطية الارثوذكسية إنما هي زيارات لتبادل الود والاحترام بين الكنائس التي وصفها بالأعضاء في جسد المسيح الواحد.
هل كان تواضروس أول بابا قبطي يلتقي برئيس أساقفة انجليكاني؟
ماركو الأمين الباحث في التاريخ الكنسي. يلفت إلى إن الكنيسة القبطية تمتعت تاريخيًا بعلاقة متميزة مع الكنيسة الأنجليكانية. وهي الكنيسة الأم في بريطانيا. حيث كان البابا شنودة الثالث يحرص على تبادل الزيارات مع رؤساء أساقفة سابقين. مؤكدًا إن شنودة ذكر من قبل إنه كان يعمل مدرسا في المدرسة الأسقفية بمنوف المملوكة للطائفة الأسقفية الأنجليكانية وكان يقرأ مجلتهم الشرق والغرب.
الأمين أوضح أن فترة حبرية البابا شنودة الثالث شهدت انتخاب خمسة رؤساء أساقفة للكنيسة الأنجليكانية. هم مايكل رامسي، ودونالد كوجان، وروبرت رونسي وجورج كاري وروين ويلياميز التقى البابا شنودة مع أربعة منهم. وفي سبتمبر عام 1987 استضاف البابا القبطي الراحل روبرت رونسي رئيس أساقفة كانتربري بدير الأنبا بيشوي ووقع معه اتفاقية تعاون بين الكنيستين وترك له الكلمة في اجتماع الأربعاء الأسبوعي وبعدها استضاف خلفائه كاري ووليامز
وأضاف الأمين: أما مطارنة الكنيسة الأسقفية في مصر فقد تمتعوا بعلاقة وطيدة أيضا مع البابا شنودة، فقد كان المطران غايس عبد الملك يقضي خلوة روحية في دير الأنبا بيشوي مؤكدًا إن قضية المثلية الجنسية ظهرت في عصر البابا شنودة وتحدث فيها مع الكنيسة الأنجليكانية لكنه لم يقطع صلته بها.
ما موقف الكنيسة الأسقفية المصرية من زواج المثليين؟
أما بالنسبة لموقف الكنيسة الأسقفية الأنجليكانية المصرية من تلك القضية. فقد سبق وأن أكد الدكتور منير حنا الرئيس الشرفي لأساقفة إقليم الإسكندرية للكنيسة الأسقفية. أن مؤتمر رؤساء أساقفة الكرة الأرضية. اتخذ موقفا حاسمًا من قضية زواج المثليين. معتبرا إياه تمردا على إرادة الله الذى قرر الزواج بين رجل وامرأة. مشيرا إلى أن الكنيسة الأسقفية المصرية ترفض هذا الأمر جملة وتفصيلا وقد أرسلت موقفها بوضوح إلى الكنيسة القبطية والأزهر الشريف فور صدور هذا البيان عام 2016.
وفي السياق نفسه، أكد الدكتور سامي فوزي رئيس أساقفة إقليم الإسكندرية الحالي أن الكنيسة الأسقفية تتخذ موقفا واضحًا لا لبس فيه من قضية زواج المثليين وهو التعليم التقليدي المحافظ المتمسك بتعاليم الكتاب المقدس وتقليد الكنيسة الأسقفية عبر العصور وهو الرفض التام والذي عبرت عنه في بيان عام 2016