أزمات عديدة طالت العام الدراسي الجديد في ظل وزير التعليم والتعليم الفني طارق شوقي، تمثلت في ارتفاع الكثافة الطلابية في المدارس الحكومية والخاصة، الأمر الذي دفع وزارة التربية والتعليم إلى اتخاذ مجموعة من القرارات بينها، السماح للمدارس بزيادة عدد الفترات الدراسية.

لم تكن تلك الأزمة الأولى التي تلحق بالوزارة. فقد قررت التحايل على العجز في أعداد المدرسين. برفع شعار التطوع لتسكين أهم ركائزها المنقوصة. التي بلغت نحو 320 ألف مدرس.

الحل.. فترتان وثلاثة

سارعت وزارة التربية والتعليم لحل الأزمة التي لاحقت بداية العام الدراسي بشأن الكثافة الطلابية. بإصدار قرار تقسيم اليوم الدراسي إلى فترتين. وإذا تطلب الأمر 3 فترات.

وجاء نص القرار: بالنسبة للمدارس التي يتم العمل بها بنظام الفترة الواحدة يحق لمدير المديرية الموافقة على تشغيلها بنظام الفترتين، مع عدم المساس بعدد أيام الدراسة المقررة بالخريطة الزمنية المعتمدة.

طارق شوقي
طارق شوقي

وهو الأمر الذي دفع الخبير التربوي كمال مغيث بالسؤال حول إمكانية الوزارة لتوفير مدرسين. متسائلا: هل ستعين الوزارة مدرسين للفترة التي تم إضافتها أم ستجبر المدرس على العمل ضعف عدد الساعات بنفس الراتب الضعيف، أم ستقلص مدة الحصة من 40 دقيقة إلى 20 دقيقة.

 

“من الواضح أن لدينا نوعين من التعليم في مصر نوع للسادة على حساب الأسرة بالمدارس الخاصة ذات المصروفات المرتفعة أو المدارس الدولية. ونوع ثاني لتعليم العبيد أو الطبقة المتوسطة والفقيرة”، يوضح مغيث.

 

وقف التعيينات 

ويضيف لـ” مصر 360″: الدولة أدارت ظهرها تماما عن النوع الثاني. ونتيجة لذلك يتم اقتراح حلول قائمة على فكرة أن الدولة لا تعطيه أدنى اهتمام أو تنفق عليه. إنما طوال الوقت كل اقتراحاتها قائمة على أنها ليس لها علاقة بهذا التعليم. مشيرا إلى أن المدرسة التي تريد الصرف على نفسها تتحصل مصروفات الطلبة لعمل أنشطة أو إصلاحات.

وأرجع مغيث، الأزمة، إلى عدم اتجاه الدولة لبناء مدارس وهو الوضع الطبيعي لتقليل الكثافة، وليس لديها استعداد لتعيين مدرسين إذا كانت تقترح ملئ الفراغات الموجودة، رغم تصريح الوزير بوجود عجز يصل إلى 25%.

ويشير، الخبير التربوي إلى أن مد فترة ثانية وثالثة يعني إنه أصبح لدينا مدرسة أخرى. متسائلا: هل الوزارة لديها مدرسين لتلك الفترة. مؤكدا إنه في كل الحالات الدولة تقترح حلولا إما على حساب التلاميذ أو المعلمين في وقت ليس لديها استعداد لتخفيف كثافة الفصول.

ووفقا لتقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. جاء فيه أن الإجمالي العام لعدد التلاميذ في المراحل قبل الجامعية. بلغت 25.3 مليون تلميذ العام الماضي 2019/2020. مقابل 24.2 مليون تلميذ عام 2018/2019 بزيادة بلغت نسبتها 4.7% من إجمالي التلاميذ.

وبلغ عدد المدرسين 1.18 مليون مـدرس عــام 2019/2020 مقابل 1.21 مليون مـدرس عام 2018/2019 بانخفاض بلغ نسبته 1.5% من إجمالي المدرسين.وأشار تقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصا. إلى الحاجة لبناء من 155 ألفًا إلى 160 ألف فصل دراسي في حين أن المتاح من الميزانية ضعيف..

التنمية المستدامة لا تتعلق بواقع التعليم

عضو نقابة المعلمين محب عبود، يرى إن تقييم القرارات الأخيرة. وقياس مدى دقتها وصوابها لابد من العودة إلى نقطتين إسناد التي حددتهم الحكومة. الأولى تتعلق بخطة التنمية المستدامة. التي وقعت مصر اتفاقيتها مع الأمم المتحدة عام 2015. وحددت مجموعة من عناصر وأهداف التنمية خاصة بالتعليم ومن بينها مجانية التعليم والمساواة الطبقية والدينية والجغرافية وعدم التمييز.

وأضاف: تم تحديد معايير أخرى تتعلق بعدد التلاميذ لكل مدرس. بما لا تتجاوز 15 تلميذا للمرحلة الابتدائية. ويصل إلى 25 تلميذا للمرحلة الإعدادية والثانوية، ولكن ما لدينا الآن هو كارثة.

ووفقا لتقرير الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. جاء فيه أن الإجمالي العام لعدد التلاميذ في المراحل قبل الجامعية. بلغت 25.3 مليون تلميذ العام الماضي 2019/2020. مقابل 24.2 مليون تلميذ عام 2018/2019 بزيادة بلغت نسبتها 4.7% من إجمالي التلاميذ.

أما عدد المدرسين فقد بلغ 1.18 مليون مـدرس عــام 2019/2020 مقابل 1.21 مليون مـدرس عام 2018/2019 بانخفاض بلغ نسبته 1.5% من إجمالي المدرسين.وأشار التقرير إلى الحاجة لبناء من 155 ألفًا إلى 160 ألف فصل دراسي في حين أن المتاح من الميزانية ضعيف..

 

الحاجة لبناء مدارس

الإصرار على الاستمرار بكامل أيام الدراسة. جعل مشكلة نقص عدد المدارس والمدرسين تظهر على السطح بشكل قوي. فيرى عبود إن الحل العملي الوحيد هو بناء مدارس خاصة للمرحلة الابتدائية التي تشهد حالة من الانفجار الشديد- داخل الأحياء السكنية لتخفيف الأعباء على الأسرة.

وأشار إلى أن يجب النظر في أولويات المشروعات التي تنفذها الدولة. وضرب مثلا ببناء قطار المونوريل. قائلا: القطار ليس بالأهمية القصوى التي يحتاجها التعليم اليوم. فما نحتاج له هو 10 مليون جنيه لإنشاء مدرسة مزودة بـ 20 فصل. وذلك إن أردنا إضافة لها إمكانيات. فلابد من وضع خطة لبناء مدارس بدلا من الهروب إلى المسكنات والحلول التي تكون فترتها عام أو عامين بحد أقصى.

مخاوف على صحة الطلاب بسبب كثافة الفصول
مخاوف على صحة الطلاب بسبب كثافة الفصول

وعن تقسيم اليوم الدراسي إلى فترتين وثلاثة. قال محب: ماذا سيتعلم الأطفال من الساعة 7 وحتى 11 صباحا. والمعروف أن الطالب في الابتدائية لا يستطيع التركيز أكثر من نصف ساعة متواصلة. هي فترة استيعابه. فكيف سنجبره على التكريز لفترة أطول لمدة 4 ساعات دون وجود أنشطة أو راحة. مشيرا إلى أن التقسيم على 3 فترات لن يجعل هناك مجال للأنشطة التي تجدد من تركيز الطالب. بجانب أن المدرس الذي لا يضمن حصوله على 20 جنيها لن يعلم التلاميذ بأريحية طوال يوم كامل.

نقص المعلمين

“السماح بنقل معلمي الصفوف الثلاثة الأولى بين المدارس والإدارات التعليمية لسد العجز كأعضاء هيئة تدريس فقط”، من بين القرارات التي أصدرتها وزارة التربية والتعليم.

جاء العام الدراسي الجديد ليحيي مرة أخرى أزمة متصاعدة تتعلق بنقص المدرسين. شعرت بها الوزارة منذ عام 2017 حيث كان عدد المدرسين 992 ألفا و 797 مدرسًا. بينما يتجاوز عدد الطلاب الـ20 مليون تلميذ. أما الآن يقدر أعداد المعلمين بنحو 1.187 مليون مدرس. في حين يبلغ عدد الطلاب 22 مليونا. أي نحو مدرس لكل عشرين طالبًا، حسب تصريحات لوزير التعليم طارق شوقي.

يرجع أسباب العجز وفقا لوزير التربية والتعليم إلى اتجاه المعلمين للعمل بوظائف إدارية. وترك مهنة التدريس، وتفرغ آخرين للعمل بالمدارس الخاصة. وأمام هذه المشكلة، تحاول الوزارة سد الفراغ بحلول بعضها متكرر مثل التعاقدات المؤقتة كمسابقة 120 ألف معلم. التي تنتهي بنهاية العام الدراسي. وأخرى بإعلان فتح باب التطوع للعمل بالمدارس الحكومية. من خريجي كليات التربية وحملة المؤهلات التربوية، والتخصصات الموازية، بالحصة الواحدة، مقابل 20 جنيها.

النقابي محب عبود، يقول إن أزمة كثافة الفصول مستمرة منذ عام 2004. ويحكي كيف قام وقتها بتدريس مجموعة من التلاميذ وهم جالسون على الأرض. في تكرار للمشهد الذي انتشر مؤخرا على مواقع التواصل الاجتماعي. قائلا:” الوزارة صامته على جريمة تعود لسنوات”.

التعليم ليس مجاني.. التعليم للأغنياء فقط

 

ويضيف: نحن أمام رؤية لتعليم الأغنياء فقط. فمصر تحتوي على 23 مليون طالب. أكثر من 21 مليون في المدارس الحكومية. ويأتي 2 مليون يتأرجحوا في التعليم الخاص الذي لا تتجاوز عدد مدارسه 500 مدرسة.

أما عن مجانية التعليم، فيرى عبود. أن الحكومة تصرف 80 مليار جنيه لميزانية التعليم. بينما تدفع الأسر 91 مليار جنيه للتعليم ما قبل الجامعي. أي أن مجانية التعليم هو مصطلح لا يتعلق بالواقع. مشيرا إلى أن الدستور ينص في مادته “19” :تكفل الدولة مجانية التعليم بمراحله المختلفة في مؤسسات الدولة التعليمية، وفقاً للقانون. وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للتعليم لا تقل عن 4% من الناتج القومي الإجمالي.

أزمة كثافة الفصول
أزمة كثافة الفصول

وأكد، على الحاجة إلى رؤية سياسية وليست إجراءات فنية، قائلا: “نحتاج لمدارس وأثاث ومدرسين” حتى ننتقل إلى الحديث عن “التابلت” أو الشاشة الذكية فلابد من وضع سياسات مسبقا وإلا نحن نتحدث عن عبث.

وحول استخدام الأون لاين، يشير عبود إلى أن المدارس الحكومية لا تتعامل مع الأون لاين. ومن خلال استطلاع أجراه على مجموعة من المدارس توصل من خلاله إلى عدم استخدام مدرس واحد للأون لاين بجانب عدم ذهاب الأطفال للمدارس. ما يعني  أزمة أخرى بعد تعليم عدد كبير من الطلبة في مرحلته الأولى.

المصاريف قبل التعليم

تخبط وزارة التربية والتعليم في قرارتها. التي ترى ضرورة استمرار العام الدراسي واستكمال الدراسة خاصة لطلاب المراحل الابتدائية. الناتج عن القرار الجماعي للجنة العليا لإدارة الأزمة التي يترأسها الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء. يأتي على حساب فاتورة أخرى يدفعها الأهالي.

فيقول عبد الله فتحي، ولي الأمر، طفلين بأحد المدارس الحكومية، إنه تفاجأ في اليوم الأول من العام الدراسي بالكثافة الطلابية في غياب الإجراءات الاحترازية. ويضيف: أعداد كبيرة من التلاميذ كانوا يتدافعون للدخول إلى الفصول دون تنظيم من المسؤولين، وبعد أن كان عدد الفصل يحتوى على 30 تلميذا فوجئت بانه وصل 40 تلميذا وربما أكثر”.

لا يجد فتحي بديلا عن ذهاب طفله إلى المدرسة. التي أجبرته على دفع المصروفات للحصول على الكتب الدراسية، “قالولنا مفيش كتب غير بعد ما أدفع المصاريف”.

وكانت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني. أعلنت شروط استلام الكتب المدرسية. ومن بينها عدم تسليم الكتب المدرسية للعام الدراسي الجديد. لطلاب المدارس بالمراحل التعليمية المختلفة. إلا بعد سداد المصروفات الدراسية. طبقا للقرار الوزاري رقم 119 لسـنة 21.

وأكدت الوزارة، أن وضع تلك الشروط. جاء حرصا على استقرار وجودة العملية التعليمية بمفرداتها كافة. وما تتضمنه من توافر الأنشطة الاجتماعية والفنية والرياضية. التي تهدف لبناء الشخصية السوية. وعملا على توفير الإمكانيات المادية.

التعليم عن بعد سبب الكثافة

اللجوء إلى التعليم عن بعد. دفع بعض المدارس الخاصة لقبول أعداد أكبر من الطلاب تفوق طاقتها الاستيعابية. فيقول ولى الأمر خالد محمود، إنه فوجئ في أول يوم دراسي بأعداد كبيرة في المدرسة، ما جعله يخشى على أطفاله خاصة وأن الأطفال لا يلتزمون بالإجراءات الاحترازية.

تابع محمود: نرفض القرارات الوزارية الأخيرة بشأن مد اليوم الدراسي إلى فترتين أو ثلاثة. الأطفال بذلك التقسيم لن يحصلوا على مدتهم الكاملة في التعليم والتمتع بالأنشطة الطلابية. فتكثيف الزمن الدراسي إلى 3 ساعات بشكل متواصل لن يكون مجديا للتحصيل الدراسي.