شابُ عشرينيُ يشعر بالإحباط واليأس طوال الوقت، بسبب عدم التحاقه بوظيفة عقب تخرجه من الجامعة، وفشله في العثور على عقد عمل بالخارج، إلى جانب إحباطات أخرى.

صورة لشاب مصري يعيش في حي شعبي قديم، يغلب على سكانه الفقر وضيق ذات اليد، لكنه ثري بحكايات جنسية، وتجارة غير مشروعة.

هذا كان حال مصر في التسعينيات، كما رسمها داوود عبدالسيد، في فيلم “الكيت كات”، المأخوذ عن رواية “مالك الحزين” للروائي إبراهيم أصلان، وهي صورة لا تختلف كثيرا عن بعض الأحياء الشعبية في 2021، أو قبل ذلك بقليل، لكنها بدت مزعجة للبطل الصاعد في سينما التسعينيات شريف منير. الذي هاجم أبطال فيلم “ريش” لتشويه سمعة مصر، بسبب تسليط الضوء على الأسر الفقيرة وحال العشوائيات المصرية. 

30 عاما هي المدة الفاصلة بين “الكيت كات” و “ريش”، المشترك بينهما منير نفسه، لكن حينها لم يتعرض الفيلم لهجوم مماثل، وظلت الأجيال السينمائية تحتفي به كفيلم واقعي اقترب من الهامش ورسم تفاصيله، وهو ما ذكره به المخرج محمد دياب  في معرض تعليقه على هجوم الفنانين والنقاد ضد فيلم ريش، الذي حصل على جائزة أسبوع النقاد في مهرجان كان، قائلا: “بمنطق أستاذ شريف كان هينسحب من عرض الفيلم العظيم الكيت كات اللي كان بطله وقدم فيه دور عظيم وكنا اتحرمنا من أعظم فيلم مصري”.

هنا نسترجع بعض الأدوار التي قدمها الممثل المصري شريف منير في مرحلة مبكرة من مسيرته السينمائية، كان شاهدا فيها على سينما تقدم أوجه من وجوه الحياة المصرية، ومعاناة الأسرة مع الدخول الضعيفة، وكذا الممارسات التي قد يدفعنا إليها الفقر.

 الكيت كات 1991

تدور أحداث القصة في الحي الشعبي الكيت كات، بطولة محمود عبدالعزيز أو الشيخ حسني الكفيف كما عرفناه، رجل خمسيني يعيش مع أمه المسنة وابنه الشاب المحبط الذي لا يجد وظيفة عقب تخرجه من الجامعة. كما يفشل في العثور على عقد عمل بالخارج ويحاول الهجرة إلى الخارج. ويدخل في علاقة مع جارته الشابة المكبوتة جنسيًا فاطمة، وتتداخل حكاياتهم مع الحكايات الخفية للحي.

طيب إيه أحسن من الفلوس؟ .. تقدر تفهمنى يابا؟

– أحسن حاجة فى الدنيا الناس الطيبين يا يوسف.. وعشان كده لما هايخلصوا.. هاتخلص الدنيا

– طيب والطيبين دول هيعوضونى عن الفلوس ولا هاكل وأشرب وأتجوز بيهم؟

لعب شريف منير دور “يوسف” ابن الشيخ حسني الكفيف الذي يرفض الإقرار والاستسلام بكونه يعاني عجزا ملموسا. ويخوض مواقف كثيرة تعرضه للخطر وصلت إلى حد بيع المنزل مقابل تموين الحشيش من “هرم” تاجر المخدرات الذي يتم فضحه عن طريق الشيخ حسني هو ومعه عدد من أهالي الحارة. 

ظهر يوسف في دور الشاب الناقم على الحياة والسلطة، متمردا على الجميع، تستحوذ عليه حالة من العجز الداخلي الذي ينتشر بين ضلوعه، بعد محاولات عديدة فاشلة للنجاة.

شريف منير في فيلم الكيت كات

فشل “يوسف” في أن يجد وظيفة عقب تخرجه من الجامعة، وفي العثور على عقد عمل بالخارج، وعلاوة على ذلك تكاد تفشل علاقته بجارته الشابة المطلقة فاطمة لإصابته بعجز جنسى.

في فيلم الكيت كات، يتطلع “يوسف” للسفر هربا من الإحباطات التي مر بها، ليترك خلفه كل شيء الأب والعائلة والحب، لتحقيق حلمه بالسفر إلى أرض الأحلام والموسيقى.

في النهاية يشارك يوسف والده إحدى مغامراته، وتتجلى فلسفة الأب للأبن، يبوح له بما يدور في ذهنه يطلعه على دواخل روحه التي تدفع يوسف للاعتراف بأن بصيرة أبيه أكثر رحابة عن أرض الفرص والأحلام.

هيستريا 

يعيش زين خريج المعهد العالي للموسيقي مع أمه وأخيه رمزي وأخته حورية.

مثل أي أسرة مصرية التي تعيش تحت تقلبات الأحوال المعيشية بعد أن توفى عائلها منذ 15 عامًا، تعيش الأسرة مجموعة من الأحداث التي تبرز بواقعية تحاولات الحياة ومحاولة كل أفراد العمل البحث عن لحظة سعادة أو نجاح، ورغم قتامة المشهد المصور إلا أنه قدم عبر أبطاله “أحمد زكي- زين، وشريف منير –رمزي.

يؤمن زين بالحب والسعادة، يوافق على أن يزوج شقيقته “حورية” جارهم المصور الفوتوغرافي المتجول “رزق”، ويذهب أبعد من ذلك حيث يعمل مغني أمام المارة فقط لتحقيق حلمه. 

فيلم هيستريا

بينما يظهر شريف منير متمرد وساخط على الحياة على الهامش، محاطا بالفقر مما اضطره إلى أن يسلك طرق غير أخلاقية لتحقيق حلمه، عن طريق استدراج الرجال إلى أماكن مهجورة، متخفيا في صورة سيدة تغرق مساحيق التجميل وجهها، ثم ينزل عليهم بالضرب. وهي الطريقة التي ارتأها مناسبة للهروب من خط الفقر.

أما في فيلم “ريش” تلعب البطلة “الأم والزوجة” دور الرجل والمرأة إذ تدور أحداث الفيلم عن زوجة يتحول زوجها إلى دجاجة، أثناء الاحتفال بيوم ميلاد الابن الأصغر، يخطئ الساحر ويفقد السيطرة ويفشل في إعادة الزوج. وتجد الزوجة نفسها العائل الوحيد للأسرة التي تعيش تحت خط الفقر، وخلال أحداث الفيلم تحاول الأم النجاة بما تبقى من أسرتها الصغيرة.

فيلم ريش أثار الجدل في مهرجان الجونة