على مدار 22 عاما، لم يعرف نادي سموحة الاجتماعي، المنتمي لمحافظة الإسكندرية في أحد أهم أرقى أحيائها. وبدأ يكتسب شهرة رياضية في العقد الأخير. رئيسا سوى رجل الأعمال فرج عامر. نظرا لامتلاكه قدرات مالية كبيرة أضاف لها علاقات رسمية جناها من وراء جلوسه على المقعد البرلماني، حافظا له على المنصب. إلا أن النادي، الذي يستهدف منذ سنوات المنافسة على لقب الدوري المصري، قد يشهد تغييرا لأول مرة في هوية الرئيس، فما القصة؟ وماذا يعني ذلك لمستقبل النادي والمنافسة في الدوري المصري؟
لأول مرة منذ سنوات، يسمع المتابع لأخبار الرياضة المصرية، عن وجود منافسة على مقعد رئيس نادي سموحة، المنصب الذي يحتكره مالك شركة فرجللو، بل وقد تشهد الانتخابات عدم وجوده من الأساس. حيث استبعد مركز التسوية والتحكيم الرياضي، أول أمس الأربعاء، من انتخابات النادي المقبلة، إلى جانب محمد السيد مجاهد أبرز المرشحين أمامه.
أسباب استبعاد عامر ومجاهد من الانتخابات
واستبعد عامر من انتخابات نادي سموحة، كونه يرأس الشركة المصرية للتنمية والاستثمار العقاري، التي استأجرت قاعة كبار الزوار بالنادي بالمخالفة للائحة النظام الأساسي للنادي، بالإضافة للدعوى التي تقدمت بها إحدى المرشحات على منصب العضوية ضده، التي تتضمن تأجيره إحدى القاعات بالنادي مقابل الحصول على مقابل مادي وهو الأمر الذي تمنعه اللائحة.
كما تم استبعاد محمد السيد مجاهد منافس فرج عامر من انتخابات نادي سموحة، بعد أن تقدم بطعن ضد رئيس النادي الحالي وتم استبعاده، ليقوم الأخير برد الضربة له واستبعد هو الآخر بعد الطعن الذي قدم فيه، وقام الثنائي بالاستئناف.
وجاء استبعاد مجاهد نظرًا لتنفيذه أعمال إنشائية بنادي سموحة عام 2018، نظير مقابل مادي بعقد من مجلس الإدارة، وهو ما تمنعه اللائحة؛ إذ يجب على المرشح ألا يحصل على مقابل نظير أعمال بالنادي، خلال فترة لا تقل عن 5 سنوات قبل الانتخابات.
وخلال الفترة الحالية، يتبقى للطرفين الطعون في الشق الموضوعي بعد 4 أشهر، أي عقب انتهاء الانتخابات، في حين ينتظر مجاهد حكمًا من القضاء الإداري في 24 من الشهر الجاري، يحسم عودته مرة أخرى للسباق الانتخابي، أو الاستبعاد بشكل نهائي.
خلاف قديم جديد يشعل فتيل الأزمة بينهما
يواجه عامر حالياً منافسة شرسة من المرشح محمد مجاهد المدعوم بقوة من جانب أعضاء الجمعية العمومية، لقيادة التغيير في النادي السكندري مع تصاعد الأزمات في النادي وأبرزها إداريا أزمة رئيس النادي مع نائبه وليد عرفات الذي ترشح هو الآخر لرئاسة سموحة.
ويواجه فرج عامر 3 أزمات كبرى في انتخابات سموحة، الأولى هي وجود منافس قوي لأول مرة مدعوم بقطاع كبير من أعضاء الجمعية العمومية “محمد مجاهد”، والجدل الذي أثير حول منعه من خوض الانتخابات واللجوء للجهة الإدارية للدفع بمجاهد، واعتماد ترشحه مما صنع تعاطفًا كبيرًا مع الأخير.
والثانية هي ما رفض رئيس النادي الرد عليه بشكل مباشر حول وجود نفقات مالية ضخمة في الأنشطة الرياضية بخلاف مصروفات كرة القدم، والثالثة هي سيطرة التغيير داخل النادي بسبب طول الفترة التي قضاها فرج عامر رئيسا للنادي ودامت لأكثر من 20 عامًا متصلة في منصبه.
مجاهد يراهن على ثورة التغيير
وسيصدر عن الدائرة الثانية بمحكمة القضاء الإداري برئاسة المستشار فتحي توفيق نائب رئيس مجلس الدولة، الأحد المُقبِل 24 أكتوبر حكمها في الدعوى المقامة من محمد السيد مجاهد المرشح المُحتمل على مقعد رئيس مجلس إدارة نادي سموحة، لإلغاء قرار اللجنة الأوليمبية باستبعاده من الانتخابات، والتي سبق وتم تأجيلها للاطلاع بجانب 5 قضايا أخرى تخص انتخابات نادي سموحة، واحدة منهم تطالب بوقفها.
من جهته، أكد مجاهد في تصريحات له، ثقته في استمراره بالسباق الانتخابي وتنفيذ ما وعد به أعضاء نادي سموحة لتحقيق طفرة كبيرة على المستوى الإنشائي والرياضي.
وقال مجاهد في دعواه القضائية التي حملت رقم 57 لسنة 76 قضائية، أنه بالرغم من تقديمه المستندات التي تثبت صحة موقفه القانوني وأحقيته بالترشح للانتخابات إلا أنه تم استبعاده.
ومحمد السيد السيد مجاهد، وهو رجل أعمال اسكندراني حاصل على ليسانس حقوق جامعة الإسكندرية، ويشغل منصب رئيس مجلس أمناء مؤسسة محمد مجاهد الخيرية، كما أنه أمين عام حزب حماة وطن.
أزمة على الهواء تحرج عامر
شهد البرنامج الرياضي “الماتش” على فضائية صدى البلد قبل أسابيع قليلة مضت، أزمة كان بطلها فرج عامر رئيس نادي سموحة، حيث انسحب من البرنامج على الهواء مباشرةً، بعد رفضه الإجابة عن أسئلة المقدم هاني حتحوت، بشأن انتخابات نادي سموحة المقبلة، وما يثار حول مطالبة بعض أعضاء النادى بإلغاء نشاط الكرة.
وكال عامر الاتهامات لحتحوت بعدها رافضًا الإجابة عن أسئلته، مشيرًا إلى أن الأسئلة موجهة بالتنسيق مع منافسه في الانتخابات محمد مجاهد، الذي يعد أحد رجال الأعمال البارزين في الإسكندرية، وأنه التقاه مؤخرًا في أحد المصايف وشاهدهما بنفسه في منزله، وهو ما رفضه حتحوت على الهواء.
وعلق حتحوت على انسحاب فرج عامر، قائلاً: “أعتذر عن المشهد الدرامي الممتع، ولا أعرف لماذا كان متوترًا بهذه الطريقة خاصة أنه مقبل على الانتخابات التي اعتاد المنافسة فيها، وأقول للمهندس فرج عامر نورتنا وشرفتنا والكلمة اللي قالها مش هعديها وأقسم بالله ما أعرف اسم محمد مجاهد ولا شكله، ولم أذهب إلى مراسي هذا الصيف”. لم يكتف حتحوت بذلك، وتقدم بشكوى رسمية ضده للمجلس الأعلى للإعلام.
لماذا يعد سموحة مهما للمجتمع السكندري؟
نادي سموحة هو نادٍ رياضي اجتماعي مصري يقع مقره الرئيسي بمنطقة سموحة، ومقره الثاني بالحي الرابع بمدينة برج العرب الجديدة بالإسكندرية في مصر، أنشئ في عام 1949 ويرأسه حاليًا فرج عامر منذ عام 1998، ويشارك النادي بعدة رياضات فردية وجماعية كما أنه متواجد بالدوري المصري الممتاز لكرة اليد والطائرة والقدم.
وترجع تسمية هذا النادي إِلي تأسيسه في حي سموحة بعروس البحر المتوسط. على يد شخص يسمي جوزيف سموحة، وهو ناد ينتمي لمنطقة ارستقراطية أغلبها من الطبقة الغنية بمدينة الإسكندر الأكبر، وبالتالي يحظى بأهمية كبرى لدى سكان المحافظة.
ونظرا للمستوى الذي قدمه سموحة في السنوات الأخيرة من عمر الدوري الممتاز، أبرزهم نسخة 2014، التي فصله عنها هدف وحيد لصالح النادي الأهلي، زادت شعبية النادي في الإسكندرية، في ظل تراجع المستويات الفنية للاتحاد السكندري، الذي يحظى بشعبية كبيرة داخل الإسكندرية وخارجها.
فرج يلحق بمرتضى !
تكتسب انتخابات سموحة أهمية في ظل احتمالية مغادرة أحد رؤساء الأندية الذين رسموا خريطة لسوق اللاعبين في مصر، فعرف فرج عامر بأنه “صانع النجوم” وبطل المفاوضات الأول الذي يظفر بكل المكاسب. فاقتطع الملايين من ناديى القمة الأهلى والزملك، بفضل اللاعبين الذين يكتشفهم ويسوقهم بأرقام فلكية للقطبين، آخرهم حسام حسن الذي انتقل لصفوف الأحمر هذا الموسم في صفقة كلفت الخزينة الأهلاوية حوالي 25 مليون جنيه.
مغادرة فرج عامر، تعني دخول سموحة حقبة جديدة، قد تدفع النادي للأمام على مستوى المنافسة في الرياضة المصرية، وربما تعيده سنوات إلى الخلف، فلا نعرف شيئا حتى الآن عن الفكر الكروي لمنافسه محمد السيد مجاهد. إلا أن الثابت هو إعادة رسم خريطة الكرة المصرية من جديد، خصوصا بعد تغييب مرتضى منصور عن الساحة الرياضية في العام الأخير.
ولسنوات طويلة، شكل الثنائي مرتضى وفرج حالة خاصة في الرياضة المصرية، بسبب المناوشات المتقطعة التي جرت بينهما خلال رئاسة المحامي المشهور لنادي الزمالك، كما يجمعها تشابهات كثيرة، أبرزها أنهما تزاملا في برلمان واحد، ويعنمد كلاهما على التصريحات المثيرة للجدل، وإن كان مرتضى لا ينافسه آخر في هذه المسألة. حتى ملابسات خروجهما من الساحة تبدو متشابهة، فمرتضى استبعد إداريا وقضائيا بسبب المخالفات، وفرج نال حظه أيضا من الاستبعاد الإداري، لسقوطه في فخ تضارب المصالح، فهل تشهد سموحة تغييرا حقا؟