على مدار أربعة أيام، استضافت جمعية الصعيد للتربية والتنمية، ورشة عمل أقامتها مؤسسة المرأة الجديدة. بالتعاون مع شبكة المنظمات العربية غير الحكومية للتنمية، حول “أجندة التنمية المستدامة 2030″، وشارك فيها عدد من الباحثين وممثلين لمنظمات من المجتمع المدني.

هدفت الورشة إلى مناقشة أهداف التنمية المستدامة التي أعلنتها منظمة الأمم المتحدة، ورؤية “مصر 2030” التي أعلنتها الحكومة لتحقيق هذه الأهداف.

 

جانب من ورشة مؤسسة المرأة الجديدة.

مبادئ ومناقشات

الورشة حاضر فيها كل من الناشطة الحقوقية هاجر محيي الدين، مؤسسة مجموعة نوت النسوية. ومي صالح استشاري النوع الاجتماعي والدعم المؤسسي. ونيفين عبيد الباحثة في قضايا التنمية والنوع الاجتماعي. وتضمنت الورشة، شرح ومناقشة مبادئ وأهداف التنمية المستدامة التي أعلنتها الأمم المتحدة، والتعريف بأجندتها. وكذلك قراءة نقدية للتقرير الطوعي الثالث لمصر من منظور النوع الاجتماعي.

تضمنت الورشة أيضًا استعراض أدوات المناصرة وتصميم الحملات، إضافة إلى مجموعة من ورش العمل.

 

نيفين عبيد الباحثة في قضايا التنمية والنوع الاجتماعي

قراءة في الاستراتيجية المصرية 2030

وأوضحت مي صالح، استشاري النوع الاجتماعي والدعم المؤسسي. أن الكثير من أهداف التنمية المستدامة مرتبطة بالمواثيق الدولية، التي أعلنتها الأمم المتحدة في السابق. ومن أمثلتها اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز. حيث أشارت إلى أن كل من هذه المبادئ تجسدت في عدة مواد شملتها الاتفاقيات.

هاجر محيي الدين، مؤسسة مجموعة نوت النسوية، أكدت أن الدول الأعضاء بالمنظمة الدولية تسعى إلى تحقيق تلك الأهداف، وذلك عبر استراتيجيات متنوعة، كلٌ وفق خططه التنموية.

بينما لفتت نيفين عبيد الباحثة في قضايا التنمية والنوع الاجتماعي، خلال قراءة في التقرير المصري، أن الحكومة تضع أهداف التنمية الاقتصادية في مقدمة أولويات رؤية “مصر 2030” التي أعلنتها، فيما تراجعت أهداف أخرى، مثل المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة. وضمان تمتع الجميع بأنماط عيش صحية.

محاولة تغيير

وتمثل أهداف التنمية المستدامة، والمعروفة كذلك باسم “الأهداف العالمية”، جدول أعمال شامل. وهي تعالج الأسباب الجذرية للفقر. وتسعى لتوحيد الشرية معًا، من أجل إحداث تغيير إيجابي لكل من البشر والكوكب.

ويرى خبراء المنظمة الدولية أن هذه الأهداف مترابطة. حيث “غالبًا ما يكمن مفتاح النجاح في تحقيق هدف بعينه. في معالجة قضايا ترتبط بشكل وثيق بأهداف أخرى”.

وتقتضي أهداف التنمية المستدامة، العمل بروح الشراكة، وبشكل عملي. من أجل اتخاذ خيارات لتحسين الحياة، بطريقة مستدامة، للأجيال القادمة.

وهدفت الأمم المتحدة لتوفير مبادئ توجيهية، وغايات واضحة لجميع البلدان، لكي تعتمدها وفقًا لأولوياتها. مع اعتبار التحديات البيئية التي يواجهها كوكب الأرض.

 

دعوة عالمية

ووفقًا لما حددته الأمم المتحدة، فإن أهداف التنمية المستدامة، هي “دعوة عالمية للعمل من أجل القضاء على الفقر وحماية كوكب الأرض. وضمان تمتع جميع الناس بالسلام والازدهار”.

وتستند الأهداف السبعة عشر، التي تم إعلانها، إلى ما تم إحرازه من نجاحات في تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية (2000-2015). كما تشمل كذلك مجالات جديدة، مثل تغير المناخ، وعدم المساواة الاقتصادية، وتعزيز الابتكار، والاستهلاك المستدام، والسلام، والعدالة. كل ذلك ضمن أولويات أخرى.

وكانت هيلين كلارك، مديرة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، قد أعلنت سابقًا إن “دعم خطة عام 2030 هو أولوية قصوى بالنسبة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي”.

وأضافت “أهداف التنمية المستدامة توفر لنا خطة وجدول أعمال مشتركين لمعالجة بعض التحديات الملحة التي تواجه عالمنا. مثل الفقر، وتغير المناخ، والصراعات. ويتمتع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالخبرة والقدرات اللازمة لدفع عجلة التقدم والمساعدة في دعم البلدان على طريق التنمية المستدامة”.

 

دور الأمم المتحدة

في يناير 2016، دخلت أهداف التنمية المستدامة حيز النفاذ، لتقوم بتوجيه سياسات وتمويل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي حتى عام 2030. والذي يساعد في تنفيذ الأهداف من خلال العمل مع نحو 170 دولة. مع دعم الحكومات لإدماج أهداف التنمية المستدامة في خططها وسياساتها الإنمائية الوطنية.

ويتطلب تحقيق أهداف التنمية المستدامة شراكة واسعة تجمع الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني والمواطنين على حد سواء. وتركز الخطة الاستراتيجية للبرنامج على عدة مجالات رئيسية. تشمل الحد من الفقر، وتعزيز الحكم الديمقراطي، وبناء السلام، ومواجهة آثار تغير المناخ، ومخاطر الكوارث، وعدم المساواة الاقتصادية.

 

رؤية مصر 2030

تعتمد رؤية مصر 2030 على مبادئ “التنمية المستدامة الشاملة” و”التنمية الإقليمية المتوازنة”، والتي تعكس الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة. الاقتصادي، الاجتماعي، والبيئي. وفق ما تذكر الهيئة العامة للاستعلامات.

في مطلع عام 2018 قررت الدولة تحديث أجندتها للتنمية المستدامة. بمشاركة مختلف الوزارات، والقطاع الخاص، ومنظمات المجتمع المدني. مع الاستعانة بعدد من الخبراء في مختلف المجالات، وذلك لمواكبة التغييرات التي طرأت على السياق المحلي والإقليمي والعالمي.

وتركز الرؤية المصرية على الارتقاء بجودة حياة المواطن وتحسين مستوى معيشته. عبر ترسيخ مبادئ العدالة والاندماج الاجتماعي، ومشاركة المواطنين في الحياة السياسية والاجتماعية. وكذلك تحقيق نمو اقتصادي مرتفع، احتوائي، ومستدام. وتعزيز الاستثمار في البشر، وبناء قدراتهم الإبداعية من خلال الحث على زيادة المعرفة والابتكار والبحث العلمي في كافة المجالات.

وتهتم الأجندة المصرية بمواجهة الآثار المترتبة على التغيرات المناخية. وذلك من خلال وجود نظام بيئي متكامل ومستدام، يعزز المرونة والقدرة على مواجهة المخاطر الطبيعية.

وأيضًا تركز الرؤية على حوكمة مؤسسات الدولة والمجتمع من خلال الإصلاح الإداري وترسيخ الشفافية. ودعم نظم المتابعة والتقييم وتمكين الإدارات المحلية.

 

 

التقرير الثالث

في منتصف العام الجاري، أصدرت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية الملخص التنفيذي للتقرير الوطني الوعي الثالث لمصر. والذي قدمته الدكتورة هالة السعيد بالمنتدى السياسي رفيع المستوى للأمم المتحدة المعني بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة.

وقدمت مصر تقريرها ضمن 43 دولة قدمت تقارير لهذا العام. وهي واحدة من بين عشرة دول فقط تقدم تقرير وطني للمرة الثالثة. ولذلك حمل لقب “التقرير الطوعي”. وتصف وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية التقرير، بأنه آلية لتطوير وتسريع تنفيذ أهداف التنمية المستدامة.

وأكدت السعيد أن التقرير هو تقرير وطني وليس تقرير حكومي، وأن هذا هو المبدأ التوجيهي الذي تم الارتكاز عليه خلال عملية إعداده. ولفتت إلى أن الحكومة المصرية عقدت سلسلة من ورش العمل الافتراضية مع الجهات الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع المدني وشركاء التنمية لإعداد التقرير.

ناقش التقرير الإطار الحاكم، وبيئة السياسات الداعمة للعملية التنموية في مصر. وقد استعرض التقدم المحرز في كل هدف من أهداف التنمية المستدامة، مع التركيز على تتبع الأداء مقارنةً بالتقرير السابق عام 2018.

 

إنجازات وتحديات

تضمن التقرير التحديات التي مثلت عائقًا نحو تنفيذ الأهداف الأممية، ووضع نظرة مستقبلية حول أولويات الدولة خلال المرحلة القادمة لمواجهة تلك التحديات، والمضي قدمًا نحو تحقيق التنمية المستدامة.

واستعرض التقرير التحديات البارزة للدولة المصرية، والتي تتضمن تتبع الإجراءات التي تم اتخاذها لمواجهة التحديات التي تمت الإشارة إليها في التقرير السابق في 2018. وهي البيانات، والتمويل، والحوكمة، والزيادة السكانية.

وشمل التقرير التحديات التي ظهرت خلال السنوات الأخيرة، والتي تستوجب تكثيفاً للمجهودات لمواجهتها بشكل عاجل. وهي عدم المساواة الرقمية، وخاصة بين الحضر والريف، حيث تفاقمت تداعياته السلبية بسبب تفشي وباء كوفيد-19، وأيضًا ضعف مشاركة المرأة في سوق العمل.

وتعرض التقرير لأسباب إهدار العديد من الفرص الاقتصادية والاجتماعية، بالإضافة إلى تحديات بيئية متعددة الأوجه تتسبب في تفاقم خطر تهديد الأمن المائي والغذائي لمصر.