مع انطلاق دور الانعقاد الثاني من الفصل التشريعي الثاني. يواجه مجلس النواب أزمة تشريعية بتجاهله القوانين المكملة للدستور. التي نص الدستور المصري على إصدارها في أول دور انعقاد من الفصل التشريعي الأول.

“مصر 360” ترصد الموقف القانوني لتجاهل البرلمان إصدار القوانين الدستورية.

قوانين حبيسة الأدراج 

نص دستور 2014، على إصدار عدد من القوانين المكملة له والمنظمة لعمله. وألزم البرلمان بإقرارها فور انعقاده. وخلال مدة محددة.

كما نص الدستور في الفقرة الثالثة من المادة 121 على أن صحة إقرار هذه القوانين تتطلب موافقة ثُلثي أعضاء مجلس النواب. بخلاف القوانين ذات الطبيعة العادية التي تتطلب لإقرارها موافقة 50% +1 من النواب. وتتضمن القوانين المكملة للدستور الآتي:

الإدارة المحلية

تنص المادة 242 من الدستور على استمرار العمل بنظام الإدارة المحلية القائم إلى أن يتم تطبيق النظام المنصوص عليه في الدستور بالتدريج خلال خمس سنوات من تاريخ نفاذه. ودون إخلال بأحكام المادة (180) من الدستور. وبالتالي أصبح من الضروري إصدار قانون جديد للإدارة المحلية يتوافق مع الدستور من ناحية. ويستجيب للتطورات المعاصرة من ناحية أخرى.

 العدالة الانتقالية

نص المادة 241 من الدستور على أن يلتزم مجلس النواب في أول دور انعقاد له بعد نفاذ الدستور بإصدار قانون للعدالة الانتقالية. يكفل كشف الحقيقة، والمحاسبة، واقتراح أطر المصالحة الوطنية، وتعويض الضحايا، وذلك وفقًا للمعايير الدولية.

 مفوضية عدم التمييز

نص الدستور في مادته رقم 53 على مكافحة كافة أشكال التمييز بين المواطنين، كالآتي: “المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون في الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم على أساس الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعي، أو الانتماء السياسي أو الجغرافي، أو لأي سبب آخر، التمييز والحض على الكراهية جريمة يعاقب عليها القانون، وتلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على أشكال التمييز كافة، وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض”.

هذا وشملت الاستحقاقات الدستورية قوانين أخرى منها قانون الهيئات القضائية، والأحوال الشخصية، وقانون الأحزاب السياسة.. وغيرهم.

الموقف القانوني للبرلمان

من جهته قال الدكتور شوقي السيد، الفقيه الدستوري. إن الدستور ألزم البرلمان أن يصدر تشريعات محددة خلال مدة معينة، والإغفال عنها بمثابة إخلال من البرلمان والأعضاء بواجباتهم والتزاماتهم الدستورية، وإخلال بالقسم باحترام الدستور، إلا أن الأمر لا يترتب عليه بطلان البرلمان، ولن يؤثر في سلامة التشريع.

وأضاف “السيد” لـ”مصر 360″. أن البرلمان تأخرًا كثيرًا في إعداد ومناقشة القوانين المكملة للدستور. وأهمهم قانونا العدالة الانتقالية. والإدارة المحلية. موضحًا أن تأخر البرلمان في تنفيذ البنود التي نص عليها الدستور يضع البرلمان فيما يُسمى بـ”الإغفال التشريعي”.

الدكتور صلاح فوزي، الخبير القانوني وعضو لجنة العشرة لكتابة الدستور. قال إن الدستور ألزم البرلمان بإصدار بعض القوانين في مدة معينة. لكن هذا الإلزام غير مرتبط بمواد عقابية. أيّ أنه في حال عدم إنجاز البرلمان لتلك القوانين في الفترة المحددة لا يترتب على ذلك حل البرلمان أو ارتكابه لمخالفة قانونية تستوجب العقاب. موضحًا أن الدستور لم يذكر عقوبة واضحة لـ”الإغفال التشريعي” يُعاقب بها البرلمان.

وأضاف “فوزي” لـ”مصر 360″: أعتقد أن البرلمان كان لديه رؤية في تقسيم القوانين المكملة للدستور على أدور الانعقاد المختلفة، وفقًا لمدى الحاجة إلى القانون وموائمته سياسيًا، وهذا ما تم تطبيقه بالفعل على قوانين الانتخابات وتقسيم الدوائر وغيرهم، لأن مصر كانت في حاجة شديدة إليهم من أجل انتخاب المجلس الجديد”.

لماذا تجاهل البرلمان إقرارها؟

النائب السابق هيثم الحريري. يرى أنه كان لدى البرلمان، متمثلًا في كتلة الأغلبية ورئيس المجلس، رغبة قوية لعدم تمرير بعض القوانين وتأجيل إقرارها. وعلى رأسها قانوني الإدارة المحلية والعدالة الانتقالية. قائلًا: “القوانين كان يتم تأجيلها داخل المجلس بفعل فاعل، كأن يتم تجاهل مشروع قانون مقدم من أحد الزملاء النواب بدافع أن الحكومة لديها ذات القانون، ثم تتأخر الحكومة في إرسال القانون لمكتب المجلس ويتم تناسيه وتجاهله”.

وأضاف “الحريري” بالرغم من عدم وجود نص جزائي للبرلمان حال عدم قدرته على إصدار القوانين المكملة للدستور في دور الانعقاد الأول إلا أنه يتوجب عليه أن يلتزم بالدستور والاجتهاد في مناقشة هذه التشريعات للانتهاء منها في الوقت المحدد سلفًا.

هيثم الحريري
هيثم الحريري

من جهته قال النائب أحمد السجيني، رئيس لجنة الإدارة المحلية بالبرلمان، إن هناك بعض القوانين ذات حساسية شديدة وتحتاج لتدقيق ووقت كاف للمراجعة قبل الإقرار وكذلك إجراء مزيد من جلسات الحوار المجتمعي حولها، وعلى رأس هذه القوانين يأتي قانون الإدارة المحلية، باعتباره يطال 2800 قرية أم وتوابعها من عزب وكفور لتتعدى الـ1200 قرية وهو ما يستوجب دراسات متأنية حوله.

وأضاف “السجيني”. أن المجلس السابق تلقى مشروع قانون الإدارة المحلية من الحكومة و4 مشروعات من الأحزاب والنواب، وكان هناك تنوع ونقاش كبير في هذا الصدد، واستغرقت المناقشات عامين. وأيًا كانت النتيجة التي وصلت لها اللجنة، الجميع شهد بأن هناك حوارا مجتمعيا كبيرا جدًا، ونعمل داخل اللجنة خلال دور الانعقاد الحالي على الانتهاء من القانون.

أحمد السجيني
أحمد السجيني

تحركات نيابية

قالت النائبة عبلة الهواري، عضو لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، إن اللجنة، خلال عملها في بداية الدور الثاني، ستولي اهتمامًا خاصًا بالقوانين المكملة للدستور، خاصة أن هناك الكثير من المشروعات المقدمة لهذه القوانين، موضحة أن هناك مشاريع قوانين تقدمت بها من دور الانعقاد الأول، ستعيد طرحها مرة أخرى.

وقال عضو لجنة الشئون الدستورية والتشريعية في مجلس النواب عاطف المغاورى. إن اللجنة لديها أجندة تشريعية خلال دور الانعقاد الحالي. ومن أهم القوانين المرجح مناقشتها في دور الانعقاد الحالي. هى ما يتعلق بالاستحقاقات الدستورية، مثل قانون مفوضية التمييز، بجانب تعديلات قانون الإجراءات الجنائية، وقانون الإدارة المحلية، وقانون مناهضة العنف.

وأوضح أنه سيتم الدفع نحو إنجاز القوانين المكملة للدستور في المقام الأول. خاصة أن البرلمان السابق أنجز الكثير من القوانين التي كانت هناك حاجة مُلحة لإقرارها. وأصبح الوقت الآن متاح وملائم لإنجاز القوانين الدستورية.