أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي، اليوم الإثنين، رفع حالة الطوارئ المفروضة في عموم البلاد منذ أبريل 2017، في خطوة أرجعها إلى استتباب الأمن والاستقرار في البلاد، بعد فترة عصيبة واجهت خلالها تحديات أمنية جراء العمليات الإرهابية.
السيسي: مصر باتت واحة للأمن
وقال في منشور عبر حسابه في موقع “فيسبوك”: “قررت، ولأول مرة منذ سنوات، إلغاء مد حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد، فقد باتت مصر- بفضل شعبها العظيم ورجالها الأوفياء، واحة للأمن والاستقرار في المنطقة”.
وتابع: “يسعدني أن نتشارك معاً تلك اللحظة التي طالما سعينا لها بالكفاح والعمل الجاد.. هذا القرار الذي كان الشعب المصري هو صانعه الحقيقي علي مدار السنوات الماضية بمشاركته الصادقة المخلصة في كافة جهود التنمية والبناء”.
وأعلن السيسي لأول مرة حالة الطوارئ في كافة أرجاء مصر عقب الهجومين الإرهابيين في أبريل 2017 واستهدفا كنيستي طنطا والإسكندرية وأسفرا عن سقوط 45 قتيلاً. ومنذ ذلك الحين يمدد الرئيس قرار الطوارئ في عموم البلاد كل ثلاثة أشهر، ثم يحال القرار إلى البرلمان الذي يقره هو الآخر ويدخل حيز التنفيذ.
ويعطي قانون الطوارئ صلاحيات واسعة للسلطات الأمنية في التوقيف والمراقبة، كما يتيح فرض قيود على حرية التحرك في بعض المناطق. وهي الإجراءات التي ساعدت قوات الأمن على اقتحام بؤر إرهابية في مناطق حدودية أو بنطاق القاهرة والجيزة، لضبط عناصر متطرفة، رغم الانتقادات الحقوقية التي انتقدت التوسع في تطبيق القانون لتشمل أفرادًا غير متهمين بالإرهاب.
وعقب الإطاحة بالرئيس الراحل محمد مرسي انتشرت وتيرة العمليات الإرهابية التي طالت مدنيين ورجال أمن في شمال سيناء. وقتها جرى فرض حالة الطوارئ في أكتوبر 2014 بمحافظة شمال سيناء مع فرض حظر التجوال في بعض مناطقها. لكن بعد انتقال العمليات الإرهابية إلى مدن الدلتا والقاهرة، فرض الرئيس السيسي حالة الطوارئ بعموم البلاد، بدءًا من أبريل 2017.
وحالة الطوارئ تعتبر نظامًا استثنائيًا محدد في الزمان والمكان، لمواجهة ظروف طارئة وغير عادية تهدد البلاد أو جزءًا منها. وذلك بتدابير مستعجلة وطرق غير عادية في شروط محددة ولحين زوال التهديد.
تاريخ حالة الطوارئ
وعرفت مصر لأول مرة مصطلح قانون الطوارئ، في أكتوبر عام 1956، خلال العدوان الثلاثي على مصر، بعدما كانت في السابق تعرف باسم “الأحكام العرفية“، إبان تأميم قناة السويس، واستمرت حتى أكتوبر 2021.
خلال فترة العدوان الإسرائيلي على مصر استمر العمل بقانون الطوارئ، إلى أن رفعها الرئيس الراحل محمد أنور السادات قبل اغتياله بحوالي 18 شهراً. ثم أعاد الرئيس الراحل حسني مبارك العمل بحالة الطوارئ طوال فترة حكمه التي امتدت 30 عامًا، وأثارت خلال تلك الفترة انتقادات حقوقية واسعة، ومطالبات محلية ودولية بإلغائها.
ومع قيام ثورة يناير 2011، كان من بين المطالب التي رفعها المحتجون إلغاء الطوارئ، وهو ما حدث بالفعل إبان الإحاطة بمبارك. لكن أعيد فرضها مرة أخرى بعد اقتحام مقر السفارة الإسرائيلية بالقاهرة في سبتمبر من العام نفسه. إلى أن أوقف المجلس العسكري الذي كان يدير البلاد وقتها العمل بحالة الطوارئ في مايو 2012.
وخلال العام الذي تولى فيه الرئيس الراحل محمد مرسي، لم يفرض حالة الطوارئ، باستثناء حالة واحدة، عندما قرر فرضها لمدة شهر في مدن القناة بعد أحداث عنف في ذكرى ثورة يناير عام 2013, وعقب فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة في أغسطس 2013، أعاد الرئيس المؤقت وقتها عدلي منصور فرض حالة الطوارئ لمدة شهر واحد فقط..
وعقب الإطاحة بمرسي وانتشار العمليات الإرهابية أعاد السيسي فرض حالة الطوارئ مرة أخرى. خاصة مع أحداث العنف التي شهدتها شمال سيناء ثم جرى تعميمها على عموم البلاد في أبريل 2017.
حالة الطوارئ في الدستور والقانون
وتخول المادة 154 من الدستور المصري لرئيس الجمهورية إعلان الطوارئ بعد أخذ رأي مجلس الوزراء. مع إلزامه بعرضها لاحقاً، خلال مدة لا تجاوز سبعة أيام، على مجلس النواب وموافقة غالبية أعضاء المجلس لتمريرها. واعتاد مجلس النواب على تمرير قانون الطوارئ التي يقرها رئيس الجمهورية. ولم يسبق أن رفضها في أي من المرات
وحددت المادة مدة الطوارئ بـ ثلاثة أشهر، وألا تجدد إلا لمدة مماثلة بعد موافقة ثلثي نواب الشعب. كما أن رئيس الجمهورية هو من يعلن حال الطوارئ، ويعلن انتهاءها. لذلك شهدت الفترة منذ أبريل 2017 عدة حالات بعضها كان إعلانًا للطوارئ والبعض الآخر مدًا لحالة الطوارئ.
لمطالعة قانون حالة الطوارئ رقم 162 لسنة 1958 اضغط هنا
كما حدد قانون الطوارئ الحالات التي تستوجب فرض الطوارئ، وهي: “الحرب أو قيام حالة تهدد بوقوع حرب، وحدوث اضطرابات داخلية أو كوارث عامة أو انتشار وباء، مما يعني تعرض الأمن العام في أراضي الجمهورية أو مناطق منها للخطر”، لذلك استعان بها الرئيس السيسي في حالة الطوارئ الصحية.
صلاحيات الرئيس في ظل الطوارئ
ومن ضمن الصلاحيات التي يعطيها قانون الطوارئ لرئيس الجمهورية، السماح باتخاذ إجراءات استثنائية. من بينها “وضع قيود على حرية الأشخاص في الاجتماع والانتقال والمرور في أماكن أو أوقات معينة”. بالإضافة إلى “إحالة المتهمين إلى محاكم أمن الدولة وحظر التجول في بعض المناطق ومراقبة الرسائل”. فضلاً عن “مراقبة الصحف والنشرات والمطبوعات والمحررات والرسوم وكل وسائل التعبير والدعاية والإعلان قبل نشرها”.
ويمنح القانون الرئيس والحكومة صلاحية “تحديد مواعيد فتح المحال العامة وإغلاقها، ومصادرة أي منقول أو عقار”. بالإضافة إلى “فرض الحراسة على الشركات والمؤسسات، وإخلاء بعض المناطق أو عزلها وتنظيم وسائل النقل”.