يعتبر الاقتصاد الرابح الأول من رفع حالة الطوارئ في مصر على كافة الأصعدة بداية من سوق المال ومرورا بالسياحة ونهاية بالاستثمارات الخارجية. فرأس المال الأجنبي دائما جبان ولايفضل التواجد في مكان يتضمن تدابير تتعلق بوجود تهديدات للدولة التي يتواجد بها.
في الدقائق الأولى من جلسة البورصة المعروفة في الأعراف المالية بأنها مرآة عاكسة للاقتصاد، ارتفعت جميع المؤشرات بنسب كبيرة. خاصة المؤشر الرئيسي «إيجي إكس 30» الذي يقيس أداء أنشط وأكبر 30 شركة بالسوق بنسبة 1.52% عند مستوى 11348.2 نقطة ليربح رأس المال السوقي 5.5 مليار جنيه.
يحمل ارتفاع البورصة اليوم دلالات كثيرة خاصة أنه يخالف التوقعات بحدوث موجة جني أرباح بالسوق بعد المكاسب الكبيرة. التي جنتها منذ طرح شركة إي فاينس لتشغيل المنشآت المالية. التي يتوزع هيكل ملكيتها الحالي بين بنك الاستثمار القومي والبنك الأهلي المصري وبنك مصر والتي قفزت بنسبة 65% في نهاية التعاملات أمس.
شهدت أسهم قطاع السياحة والشركات العقارية المرتبطة به اليوم الثلاثاء ارتفاعًا كبيرا. فسهم شارم دريمز للاستثمار السياحي الذي ارتفع بنسبة 2.66% ليبلغ مستوى 8.1 جنيه. وسهم رمكو لإنشاء القرى السياحة بنسبة 1.13%% ليبلغ مستوى 2.6 جنيه. ومجموعة بورتو القابضة (بورتو جروب) بنسبة ارتفاع 3.8% ليصل إلى 62 قرشا مقابل 59 قرشا بنهاية تعاملات أمس. وسط تيقن المتعاملين من السوق أن الموسم الشتوي للسياحة تلقي دعمًا إضافيًا.
من المزمع أن يسفر القرار أيضًا عن انتعاش أعداد السائحين الأجانب بسبب تزامنه مع عدة فعاليات شديدة الأهمية للمقصد المصري. في مقدمتها فعالية افتتاح طريق الكباش التي يتوقع تنظيمها في ذكرى اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون، والعيد القومي لمحافظة الأقصر يوم 4 نوفمبر المقبل. في موكب ضخم يبدأ من النيل ويصل لمعبد الأقصر وبحضور ضيوف أجانب بارزين.
احتفالات كبيرة
يتضمن الاحتفال تحرك مركب الإله آمون يحمله الكهنة ومصحوبًا باستعراضات على الطراز الفرعوني أثناء الأعياد المقدسة عند المصري القديم. ويضم الموكب الشعارات الفرعونية واستعراضات راقصة وهي فعاليات ينتظرها السائحون الأجانب الذين تابعوا بشغف موكب المومياوات الملكية من التحرير إلى الفسطاط قبل شهور.
كما يأتي قبل أسابيع قليلة من الافتتاح المتوقع للمتحف المصري الكبير الذي سيشهد أيضًا دعوة كل الشخصيات العالمية. خاصة بعد انتهاء أعمال نقل وإعادة تركيب المقصورة الثانية للملك “توت عنخ آمون” داخل الفاترينة المُخصصة لها مع باقي المقاصير الخاصة به. وقرب اكتمال أعمال التشطيبات النهائية للمتحف بالكامل.
يقول الخبير المصرفي نادي عزام، إن قرار رفع حالة الطوارئ يعطي رسالة للمستثمرين الأجانب والمجتمع الدولي بأن مصر تشد حالة من الاستقرار الأمني. ما سيكون دافعا لزيادة حجم الاستثمارات الأجنبية وانتعاش السياحة خاصة بعدما حقق تعافيا قويا خلال العام المالي 2022/2021. بشهادة المؤسسات الدولية على رأسها صندوق النقد، ليصل نمو الناتج المحلي الإجمالي المتوقع إلى 5.2%.
لمعرفة مكاسب إلغاء الطوارئ يمكن الرجوع إلى التداعيات التي يحملها فرض تلك الحالة على المدى القصير. والتي تتضمن مخاطر تراجع التصنيف الائتماني والاستثمارات الأجنبية وزيادة التحويلات للخارج، وقلة معدل تحويلات المغتربين للداخل. وزيادة أعباء القروض والسندات الجديدة برفع معدلات الفائدة، وبالتالي رفعها يعني العكس بتحسن التصنيف وزيادة الاستثمارات وتقليل أعباء الاقتراض.
تحسن التصنيف
يقول عزام إن قرار رفع حالة الطوارئ يعني لمؤسسات التصنيف الائتمانية أن الحكومة قادرة على مواجهة أي أحداث غير متوقعة. وبالتالي سنشهد تحسنا في تصنيف مصر الائتماني في القريب العاجل، بجانب توصيات أعلى من وكالات السفر في تسيير رحلات لمصر. خاصة مع تأكيد المنظمات العالمية سيطرة الحكومة المصرية على تداعيات الوباء وتعميم التلقيح بمنع دخول الموظفين والطلاب لأماكن العمل والدراسة إلا بعد تلقيهم اللقاح.
وأشارت وزارة المالية، في بيان لها قبل يومين، إلى تعافي السياحة والطيران خاصة في ظل عودة السياحة الروسية والإنجليزية والإيطالية إلى منطقة البحر الأحمر. مؤكدة أن تنفيذ برنامج الإصلاح الهيكلي يتصدر أولويات الحكومة؛ لتحسين مناخ الأعمال. وزيادة استثمارات القطاع الخاص المحلي والأجنبي في كل المجالات خاصة في المشروعات التنموية مثل البنية التحتية.
ويرى محللون أن القرار سينعكس على الجهود الحكومية لتنمية جميع المناطق الحدودية وضخ الاستثمارات المحلية من القطاع الخاص داخلها. سواء بافتتاح المشروعات أو المشاركة في مشروعات التنمية العمرانية الذي يعني ارتفاع أكبر في معدلات التشغيل وانخفاض معدلات الفقر والبطالة على حد سواء.
وقال خالد الشافعي، الخبير الاقتصادي، إن رفع الطوارئ جاء وسط تضرر الاستثمارات الأجنبية في العالم من تداعيات جائحة كورونا. ولجوء كثير من الدول للإغلاق الاقتصادي وتراجع الاستثمارات الأجنبية عالميا. لكن مصر نجحت في تحقيق أرقام جيدة على مستوى جذب الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة ما يعني أن إلغاء الطوارئ سيمثل أحد دعائم الدولة في جذب مزيد من المستثمرين.
رفع الطوارئ.. وخطط الاستثمار
جاء رفع الطوارئ بينما يقوم رئيس الوزراء مصطفى مدبولي بزيارة لفرنسا عقد خلالها لقاء موسعًا مع رؤساء وممثلي 90 شركة فرنسية. بينها أكبر 12 شركة عاملة بمصر وتم التباحث بصورة جادة بشأن خططها للتوسع في استثماراتهم في مصر خلال السنوات الثلاث المقبلة. بجانب مناقشة عدد من التحديات التي طرحتها تلك الشركات.
وأكد مدبولي أهمية تواجدهم واستثمار هذه الفرصة في عرض خططهم التوسعية في كل المجالات المهمة. سواء مجالات: النقل والمواصلات، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والاسكان والبنية الأساسية، والكهرباء والطاقة المتجددة.
ارتفع صافي الاستثمار الأجنبي المباشر في مصر بنسبة 47.3% بمقدار 1.429 مليار دولار خلال الربع الأول من العام الحالي. وسجلت تدفقات صافي الاستثمار الأجنبي في القطاعات غير البترولية خلال الفترة ذاتها زياة بنسبة 21.72% على أساس سنوي، وبمقدار 1.911 مليار دولار.
وقال الشافعي إن المؤسسات الدولية ومنها البنك الدولي أشادت بالنمو الاقتصادي بمصر وتأتي خطوة إلغاء الطوارئ لتمهد الأوضاع أكثر أمام المستثمرين الأجانب. التي تنتظر مثل تلك القرارات للدخول كما يعطيها قوة في جذب الاستثمار الخارجي الذي يشهد منافسة قوية بالمنطقة حاليًا.