تعقد لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي اجتماعًا لحسم سعر الفائدة، الخميس المقبل. وسط ترقب من الأسواق في ظل موجة تضخم تصيب اقتصاديات العالم. وتفشي أزمة الطاقة في أوروبا التي رفعت معها أسعار السلع المصنعة. وتزايد تعقيدات الشحن التي خلقت نقصًا في البضائع.

يمثل الاجتماع المرتقب أصعب اجتماعات اللجنة في 2021. فأي كان القرار الصادر عنها سيحمل تبعات اقتصادية على السوق المحلية. وسيحمل العديد من المبررات التي تدعمه أيضًا على المستوى الكلي سواء بالتثبيت أو الخفض أو الرفع.

من بين 38 بنكًا مركزيًا. قام 13 منها برفع سعر الفائدة الرئيسي مرة واحدة على الأقل في أكتوبر الحالي. وزادت البنوك المركزية لنيوزيلندا وبولندا ورومانيا تكاليف الاقتراض لأول مرة منذ تفشي الوباء. وسنغافورة، التي تشدد سياستها النقدية، انضمت إلى تلك المجموعة الخميس الماضي.

البنك المركزي
البنك المركزي

بنكا الاحتياطي الفيدرالي (المركزي الأمريكي) والمركزي الأوروبي ومحافظو البنوك المركزية من مجموعة العشرين للاقتصادات الكبرى. يتوقعون أن تتوازن قوى العرض والطلب هذه خلال الأشهر المقبلة، وأن معدلات التضخم ستنخفض.

بالنسبة لجميع محافظي البنوك المركزية. يتمثل القلق الأكبر في أن التضخم يصبح حقيقة راسخة عندما تبدأ الأسر في توقع معدلات أعلى للأسعار. ويبدأ العمال في مساومات لزيادة الأجور. وأن تتبع الشركات نفس الافتراض ذاته عند تحديد أسعار منتجاتها.

ارتفاعات قياسية

على مستوى الأسواق. سجلت أسعار النفط ارتفاعًا بنسبة 3% خلال أسبوع واحد لتصل إلى أعلى مستوى لها في ثلاث سنوات عند 85 دولاراً للبرميل مع استمرار أزمة الطاقة في أوروبا. وارتفاع الطلب على الوقود بشكل يفوق توقعات المنتجين.

قفزت أسعار المنتجات كثيفة الاستهلاك للطاقة مثل الألومنيوم بنسبة 6.68% خلال أسبوع لتصل إلى 3149.50 دولارًا للطن، في أعلى مستوى لها منذ يوليو 2008.

وتوقع بنك جولدمان ساكس الأمريكي. أن تستمر أسعار النفط العالمية في الصعود إلى 90 دولارًا للبرميل بحلول نهاية العام. في حين يرفع بنك أوف أمريكا الرقم إلى 100 دولار مع حلول الشتاء البارد بدول العالم.

يرجح بنك جولدمان ساكس أن يصل الطلب العالمي على النفط إلى مستويات ما قبل الوباء. بحوالي 100 مليون برميل يوميًا “قريبًا”. حيث تستمر شهية آسيا للنفط في الانتعاش بعد متحور دلتا. كما يتوقع أن يستخدم كبار مستهلكي الطاقة مليون برميل إضافي من النفط يوميًا لتحل محل الغاز. الذي وصل إلى أعلى مستوياته على الإطلاق في الشهر الأخير.

وتوقعت إدارة البحوث  في بنك الاستثمار “إتش سي للأوراق المالية والاستثمار”. أن تستقر أسعار الفائدة للمرة الثامنة عند مستوى 8.25% للإيداع و9.25% للإقراض، بعد تخفيض بنسبة 4% في عام 2020 الماضي.

بحسب إدارة البحوث في البنك. فإن معدل التضخم في مصر ضمن النطاق المستهدف للبنك المركزي الذي يتراوح بين 5 و7% للربع الرابع من 2022. لكنه أكد في الوقت ذاته أن ارتفاع الأسعار العالمية للنفط والسلع الأساسية الأخرى يفرض ضغوطًا تضخمية كبيرة على الصعيد المحلي. خاصة في ظل التصريحات الرسمية الأخيرة عن نية الحكومة خفض فاتورة الدعم.

أعلن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ارتفاع معدل التضخم السنوي لإجمالي الجمهورية في سبتمبر إلى 8% مقابل 6.4% في أغسطس الماضي.

وقال متى بشاي، رئيس لجنة التجارة الداخلية بشعبة المستوردين بالاتحاد العام للغرف التجارية في بيان له. إن أزمة الطاقة التي يشهدها العالم وارتفاع أسعار الشحن والخامات ستتسبب في ارتفاعات أسعار بعض القطاعات المعتمدة على الاستيراد بشكل كبير. مضيفًا أن أسعار البضائع الواردة من الهند وأوروبا شهدت زيادة نحو 100% ومن الصين 300%.

ارتفاع الأسعار العالمية 

وظهرت تأثيرات الارتفاعات العالمية في أسعار بعض السلع الأساسية خلال أكتوبر الحالي. مثل الدقيق والسكر والزيوت واللحوم على الشركات العاملة في قطاع الصناعات الغذائية. فرفعت شركات المعجنات أسعار بنسبة 30%، كما ارتفعت أسعار اللحوم بنسبة 15%.

في سبتمبر الماضي. ارتفعت أسعار الخضروات والفاكهة الطازجة بمعدل بلغ 25% و1.2% على الترتيب. كما ارتفعت أسعار الدواجن بمعدل بلغ 2.8% واللحوم الحمراء بمعدل بلغ 1.9%. وكذلك أسعار الخدمات بمعدل بلغ 0.2% لارتفاع خدمات المطاعم والمقاهي والعيادات الخارجية والمستشفيات الخاصة.

تُساهم مستويات الفائدة المنخفضة في تشجيع المستثمرين على ضخ استثمارات. أو التوسع في المشروعات القائمة باعتبارها تقلل تكلفة الاقتراض. ما ينعكس على أوضاع البطالة. فالتوسع يعني الحاجة لمزيد من العمالة لتشغيل خطوط الإنتاج المشروعات الجديدة.

ارتفاع الأسعار
ارتفاع الأسعار

لكن مستوى الفائدة أيضًا عنصر أساسي في تحديد مدى إقبال المستثمرين الأجانب على أدوات الدين المحلية التي تعتمد عليها وزارة المالية في تمويل عجز الموازنة العامة للدولة. خاصة في ظل وجود منافس إقليمي. كتركيا التي تقدم عائد على أذون الخزانة عند 18.25% لأجل 270 يومًا بجانب إعفاء ضريبي كامل.

العائد المرتفع عليها يمثل ضمانة لاستمرار توفير سيولة للموازنة العامة للدولة لتغطية الفجوة التمويلية، وتستفيد مصر من العائد الحقيقي الذي يمثل الفارق بين الفائدة والتضخم، الذي يبلغ 4% على عكس تركيا التي يصل فيها التضخم لـ 14% تقريبًا، ما يضيع معه جزء كبير من العائد الذي يحصل عليه المستثمر من الاستثمار بأدوات الدين الحكومية.

يعتزم الاحتياطي الفيدرالي الإعلان بداية عملية الخفض التدريجي لبرنامج شراء الأصول في أقرب وقت خلال الشهر القادم، وفي الوقت ذاته أعلن محافظ بنك إنجلترا أن البنك المركزي بالمملكة المتحدة يجب أن يعمل على مواجهة التضخم المتزايد.

تأثيرات  التحريك

يحمل الخفض أيضًا تأثيرًا على الودائع العائلية التي يعيش أصحابها على عائدها خاصة المصريين العائدين من الخارج. والفائدة المنخفضة مع التضخم المرتفع يؤدي لتآكل ودائع ذلك القطاع من المودعين الذين يعتمدون على الفائدة كمصدر دخل شهري.

العلاقة بين رفع أسعار الفائدة والتضخم عكسية. فرفعها يشجع أصحاب الأموال على حفظ مدخراتهم في البنوك والحصول على فوائد أعلى ما يقلل من عرض النقود بالسوق المحلية. وانخفاض الإنفاق وتحجيم الطلب على السلع والخدمات، وفي النهاية تخفيض معدلات التضخم.

البنك المركزي يؤكد دائمًا أنه ملتزم ـــ في إطار سياساته النقدية ــــ. بتحقيق معدلات منخفضة للتضخم. بما يساهم في بناء الثقة والمحافظة على معدلات مرتفعة للاستثمار والنمو الاقتصادي، وتعزيز الحكومة لهدف استقرار الأسعار.

ويرجح قطاع عريض من بنوك الاستثمار في مصر. إبقاء البنك المركزي على أسعار الفائدة كما هي دون تغيير خلال عام 2021. على أن يبدأ رفع الفائدة العام المقبل، انتظارًا لاستكشاف أفاق النمو العالمي وما إذا كان موجات التضخم الحالية مؤقتة أم لا، بجانب بقاء معدل التضخم في السوق المحلي في نطاق الحدود الآمنة المستهدفة.