5 سنوات فقط هي الفترة التي قضاها طبيب النساء الشاب شريف الشاذلي، في الولايات المتحدة الأمريكية، كطبيب وباحث في مستشفى ميو كلينك، كانت كفيلة بتطوير مسار حياته صوب الذكاء الاصطناعي، الذي اكتشف مهاراته هناك، لكنه اختار تحقيق أحلامه هنا بتأسيس أول وحدة ذكاء اصطناعي في أبحاث النساء والتوليد بمسقط رأسه في محافظة أسيوط.

أنهى الشاذلي دراسته للطب بجامعة أسيوط. وتخصص في قسم النساء والتوليد وتعين بنفس الجامعة عام 2011. لكنه عند دراسة الطب وواصل الانتصارات الشخصية. فبعد حصوله على درجة الدكتوراه اتجه إلى الولايات المتحدة عام 2014 وأصبح باحثا في مستشفى ميو كلينك ثم طبيبا عام 2019.

وفي عام 2019، عاد شاذلي إلى مصر مرة أخرى وأنشأ مؤسسة بحثية في مجال النساء والتوليد في نفس العام، كما افتتح أول وحدة ذكاء اصطناعي في أبحاث النساء والتوليد وهي المؤسسة الأولي من نوعها التي تعمل بخاصية الذكاء الاصطناعي في المنطقة بأكملها، لتفسح الطريق أمام التوسع في استخدام تقنية الذكاء الاصطناعي.

يروى الشاذلي في حوار مع “مصر 360”. أنه توصل إلى هذه الفكرة خلال عمله البحثي في فترة تواجده في الولايات المتحدة. حيث كان جزء كبير من اهتمامه ينصب على الأبحاث الإكلينكية المتعلقة بمجاله (أمراض النساء والتوليد). وكان من ضمن أفكاره البحثية التي لاقت تشجيعا من مشرفه بالخارج هي محاولة التوصل إلى طرق غير تقليدية لتقليل مضاعفات الولادة والحاجة إلى الولادة القيصرية.

يضيف: “من خلال تلك الفكرة وتواجد خبراء في مجال الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة وخاصة في المستشفى التي اعمل بها فقد قمنا بالفعل بتنفيذ الفكرة باستخدام هذه التقنية الحديثة في التنبؤ بالنتائج الطبية، وهو المشروع الذي دخل نطاق التنفيذ بالفعل”.

جذب مجال الذكاء الاصطناعي الشاذلي ليقرر إنشاء فريق مهتم بهذا المجال في مصر من شباب الأطباء وحديثي التخرج، وإنشاء أول برنامج كمبيوتر يقوم بالتنبؤ بنتائج المشيمة الملتزقة وهو الأول من نوعه حيث يستطيع التنبؤ بهذه النتائج بدقة تتعدى الـ 85%.

الذكاء الاصطناعي يغزو عالم الطب

صعوبات في طريق الشاذلي

الصعوبات التي واجهته في تأسيس وحدته تمثلت في اكتساب المهارات الأساسية المطلوبة لبدء هذا المشروع. حيث يحتاج هذا المشروع إلى طبيب وباحث يصمم الفكرة وقاعدة بيانات كبيرة يتم تجميعها، وعالم في مجال المعلومات للتعامل مع البيانات، وآخر متخصص في البرمجة، وهي الأدوار التي كان علينا أن نقوم بها جميعا.

استغرق تكوين الفريق وجلب المعدات قرابة العامين. وهي فترة تبدو مثالية لإنشاء هذه الوحدة المبتكرة، مشيرا إلى أن الفترة التي قضاها بأمريكا أتاحت له معرفة هذا المجال عن قرب، في ظل السباق المحموم بين الدول في هذا المجال، وهو ما حمسه لنقل تلك التطبيقات ألى مصر.

يخضع العاملون الراغبون في الانضمام للوحدة إلى اختبار مقابلة شخصية، للتأكد من رغبتهم في التعلم، وليس لإثبات قدراتهم في ظل صغر سنهم.

دخول الذكاء الاصطناعي في الأبحاث الطبية بإمكانه أن يقدم طفرة في نتائج هذه الأبحاث، وتحسين جودة الخدمة الطبية، وحفظ الموارد بشكل كبير، فعلى سبيل المثال محاولة تقليل الخطأ البشرى والتعرف على المرضى الأكثر تعرضا للمضاعفات للتعامل معهم بالطريقة المثلى وكذلك توفير خدمات طبية بديلة للمناطق النائية التي قد لا يتواجد فيها تغطية طبية عالية المستوى، وفقا للشاذلي.

ويرجع ارتفاع التكلفة الخاصة بالذكاء الاصطناعي في العالم إلى ارتفاع أجور العاملين في هذا المجال. غير أن الجزء الأكبر من تكلفة تلك الأبحاث خارج مصر.

ولكن في الوقت نفسه بعض هذه الأبحاث لا يتطلب سواء أجهزة حاسب آلي معقول الإمكانيات وتجميع دقيق لقواعد البيانات ولا يتطلب تكنولوجيا خارقة أو مكلفة لتنفيذه، ما ساعد فريقه على تدشين الوحدة دون الحاجة إلى إمكانيات كبيرة.

أزمة التمويل

حتى الآن، لا توجد ثمة جهة حكومية أو خاصة تبنت تمويل وحدة الذكاء الاصطناعي الخاصة في أبحاث النساء والتوليد، وهو ما يعتبره الشاذلي منطقيا حتى الآن كونه في مرحلة التجربة، لكنه يتوقع أن ينال مشروعه الدعم بعد نشر أول أبحاثهم.

بيد أن الشاذلي يفضل التمويل الذاتي في الوقت الحالي، بسبب الصعوبة التي يجدها البعض في التمويل الحكومي، وبحث الممول الخاص عن الربح في المقام الأول.

هيا بنا إلى الذكاء الاصطناعي

“مصر في خطوة سباقة في مجال الذكاء الاصطناعي”. هكذا يرى الشاذلي واقع مصر الحالي، حيث تمتلك كل المؤهلات المطلوبة من خبرات وقواعد بيانات بل قد نجحت في توفير دراسة جامعية في مجال الذكاء الاصطناعى ما يعنى أن العديد من الكوادر القوية ستكون متاحة قريبا جدا بأعداد كبيرة.

ترجمة لكلام الشاذلي، بدأت كلية الحاسبات والمعلومات تجتذب الآلاف من الطلاب بعد نجاح تجربة جامعة القاهرة في دمج قسم الذكاء الاصطناعي لتصبح كلية الحاسبات والذكاء الاصطناعي هي نموذج استرشادي تشكلت عليه الكليات المناظرة في الجامعات المصرية.

وبحسب بيانات وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في مصر. فإن هناك 7 جامعات خلال العام الدراسي الجديد. تهدف لتوفير دراسة متخصصة في الذكاء الاصطناعي وهم: «كلية الذكاء الاصطناعي بجامعة كفر الشيخ والتي تضم 4 أقسام. برمجة الآلة. واسترجاع المعلومات. والروبوتات والآلات الذكية، وتكنولوجيا أنظمة الشبكات المدمجة، وعلوم البيانات، كلية الذكاء الاصطناعي بجامعة القاهرة. وكلية الذكاء الاصطناعي جامعة حلوان. ولاحقا انضمت جامعة الفيوم بكلية الذكاء الاصطناعي، وكذلك جامعة بنها، وجامعة جنوب الوادي، وجامعة عين شمس»، على أن تكون الدراسة في هذه الكليات بنظام الساعات المعتمدة.

الاهتمام الأكاديمي بالذكاء الاصطناعي قفز بمصر أكثر من 55 مركزا في قياس مدى جاهزية الحكومات للذكاء الاصطناعي. الصادر عن مؤسسة أكسفورد إنسايت ومركز أبحاث التنمية الدولية، حيث احتلت مصر المركز رقم 56 عالميًا بين 172 دولة، مقارنة بالمركز رقم 111 بين 194 دولة في عام 2019.

ما ينقص فريق الشاذلي للانطلاق في مجال أبحاث النساء والتوليد. ربط العناصر الأساسية: الباحث والطبيب والمبرمج وعالم البيانات، في مشروع واحد يهدف بشكل منظم إلى تحقيق المنفعة الأكبر من تلك الأبحاث.

كتبت- هنا الداعور