ربما لم تجمع الحركة السياسية المصرية بكافة طوائفها على شخص. مثلما أجمعت عليه. فعل مدار ما يقرب من ستين عاما هي عمر حياته السياسية. كان الأكثر قدرة على جمع الصف والتقريب في وجهات النظر وصياغة التوافق.

سيرة عطرة، ومواقف لا تحمل التأويل، واتساق مع ما يؤمن به، معارك خاضها، وأحزاب شارك في تأسيسها، ومناصب تولاها دون أن تغير من مواقفه. إنه القيادي اليساري عبدالغفار شكر، الذي أعلنت أسرته رحيله في ساعة مبكرة من صباح اليوم.

تفتح عينه ووعيه، على معارك يخوضها والده. ويدفع ثمنها بفصله من العمودية في قرية تيرة في مركز نبروه في الدقهلية، بسبب مناصرته لحزب الوفد.

عبدالغفار شكر
عبدالغفار شكر

سليل الوفد

سليل الوفد ابن قرية تيرة مركز نبروه محافظة الدقهلية عام 1937 الذي فقد والده وهو لم يبلغ بعد الثانية عشر من عمره، اختار اليسار طريقا.

التحق شكر بهيئة التحرير عام 1953 ثم بالاتحاد القومي عام 1958 ثم الاتحاد الاشتراكي عام 1963.

وفي العام 1964 أصبح أمينًا للتثقيف في تنظيم الشباب الاشتراكي. وكذلك انتمى للتنظيم الطليعي الذي أسسه جمال عبدالناصر كتنظيم سري مواز للتنظيم العالمي للاتحاد الاشتراكي.

وشغل عبد الغفار شكر عدة مناصب أبرزها نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان المصري، ونائب رئيس مركز البحوث العربية والأفريقية بالقاهرة ورئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي السابق أمين التثقيف في التنظيم الشبابي الاشتراكي السابق وعضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي سابق.

تركزت اهتماماته البحثية على قضايا التطور الديمقراطي والمجتمع المدني بالوطن العربي. وأيضًا قضايا وخبرات العمل الحزبي والسياسي. إلى جانب قضايا التعاون والتنمية الاجتماعية، وقضايا العولمة والرأسمالية وتأثيرها على الوطن العربي.

مؤلفاته

لشكر، العديد من المؤلفات عبرت عن القضايا التي حملها على عاتقه، وهي القضايا التي اتسقت مع أفكاره وفي مقدمتها الديموقراطية ودور المجتمع المدني وإعادة بناء اليسار المصري.

ومن أبرز مؤلفاته، الطليعة العربية التنظيم القومي السري لجمال عبد الناصر 1965 – 1986. والتحالفات السياسية في مصر 1976 ـ 1993. والمجتمع الأهلي ودوره في بناء الديمقراطية، واليسار العربي وقضايا المستقبل. ودور جيل السبعينات في تاريخ مصر. إضافة إلى العديد من الدراسات المنشورة في دوريات عربية كالطريق والنهج والشاهد واليسار وآفاق اشتراكية واليسار الجديد.

كتاب دور جيل السبعينات في تاريخ مصر
كتاب دور جيل السبعينات في تاريخ مصر

سيد صياغة التوافق. هكذا نعاه حمدين صباحي. الذي كتب: عبدالغفار شكر، سيد صياغة التوافق الذي لا يفرق ولا يفرط، كان لي ولأجيال متعاقبة في الحركة الوطنية المصرية خصوصا الحركة الناصرية واليسار المصري بكل تنوعه نِعمَ المعلم الهادي والأستاذ الجليل والمُوّجِه الدقيق والرائد الصادق والقدوة الملهمة والمفكر النابه والصائغ المبهر والصديق المؤتمن والسند الداعم والناصح المخلص والقائد الحازم والمناضل الصلب والمثقف المثال والراعي الرؤم.

عاش متسقا مع مبادئه 

لم يستفد من السياسية ولم يتلون، رجل عاش متسقا مع نفسه ومع ما يؤمن به من أفكار عفيف اللسان حاضر الذهن محترم في تعاملاته مثقف حقيقي لم يستفد من السياسة ولم يتلون. هكذا نعاه الدكتور عمرو الشوبكي.

مدحت الزاهد رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي. وصفه بمعلم الأجيال. وكتب على صفحته على الفيسبوك: القائد الوطني الكبير معلم الاجيال ومؤسس ورئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، فاضت روحه فى الأرض والسماء بعد رحلة عطاء ممتدة للوطن والشعب على مر الأجيال.

ونعي المجلس القومي لحقوق الإنسان، نائبه السابق. وأكد أنه برحيل شكر. فقدت مصر أحد القامات الوطنية الذي عمل طوال مسيرة حياته مدافعا عن حقوق الإنسان من خلال إسهاماته الفكرية المتعددة وأرائه الوطنية المتنوعة.

وثمن المجلس جهود الراحل معتبرا أنه كان نبراسا للانتماء الوطني، وكان له دور متميز وبناء في عمل المجلس طوال مدة توليه منصب نائب الرئيس.

 

.