في الخامس والعشرين من شهر أكتوبر، وبينما كانت موسيقى المارشات العسكرية تدوي في التلفاز والإذاعة السودانية منبئةً عن انقلاب عسكري متوقع. لم يخيب الجنرال عبد الفتاح البرهان الظنون. وأعلن ما خشاه وتوقعه كثيرون. لكن توقيت الإعلان عن انقلابه كان لافتا إذ أتى بعد يوم واحد فقط من زيارة للمبعوث الأمريكي وعده فيها الأول بالحفاظ على المسار الديمقراطي.
سلط ذلك الأنظار على طبيعة الأدوار التي تلعبها قوى إقليمية ودولية في الشرق الأوسط. وفي مقدمتها بالطبع الجارة الشمالية مصر. والتداعيات المحتملة في منطقة القرن الأفريقي، الملتهبة أساسا. وتوجهات الإدارة الأمريكية في أحدث ملف على طاولتها المليئة بالملفات المُعقّدة والقرارات المهتزة. في عالم تتشكل سياساته الدولية مجددا في أعقاب الانسحاب الأمريكي من أفغانستان.
ولكن قبل الخوض في هذه النقاط فإن قراءة في استراتيجيات البرهان. لاجتذاب مكونات عرقية وقبلية إلى صفه. تُوضح أنه بلا ظهير مدني حقيقي. وأن الخطوة التي اتخذها للأمام قد تضعه في موقف حرج إذ يصعب معها أن يخطو للخلف، وسط مقاومة شعبية شرسة.
وبعيدا عن أخطاء المرحلة الانتقالية المتعلقة بالمكون المدني.. لماذا تحرك البرهان بالأساس؟
طموحات البرهان
لم يخف البرهان منذ انقلابه على عوض ابن عوف -وزير الدفاع الذي أطاح بعمر البشير- تطلعاته في الحكم. وتعامل مع المرحلة الانتقالية على أنها ممهد لذلك. إذ أراد إعادة هيكلة للحكومة تكون تحت سيطرته بشكل مباشر. وكان هذا بيّنا لخصومه، كمحمد الفكي سليمان، عضو مجلس السيادة، المعتقل حاليا. كما كان البرهان يخشى تحركات داخل الجيش نفسه ضده.
ويقول الناشط السوداني محمد المصطفى: البرهان يحاول فرض نفوذه مع امتعاض قيادات الجيش على نفوذ قوات الدعم السريع، ومناكفة قوى الحرية والتغيير له ورغبتهم بتحجيمه. وضمن هذا التأطير، يمكن فهم محاولة تمرد سلاح المدرعات، كنموذج، في سبتمبر الماضي، والذي قاده اللواء عبد الباقي البكراوي الحانق على الدعم السريع”.
وفي ظل غياب الدعم السياسي المدني، يشير الناشط الداعم للثورة في حديثه مع “مصر 360“. إلى خريطة حلفاء البرهان من الحركات المسلحة الحاملة للسلاح. وخطورة ذلك. لما يمكن أن تحمله من تداعيات أهلية مستقبلا. وهي القوى التي وقعت على اتفاق جوبا: التوم هجو، رئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي – الجبهة الثورية. ومني أركو مناوي حاكم دارفور، ووزير المالية جبريل إبراهيم من حركة العدل والمساواة.
“هم رافد سياسي للبرهان حاليا، ومن المنافسين للنواة التي شكلت قوى الحرية والتغيير. ومنذ وصولهم للخرطوم بعد توقيع اتفاق جوبا، وبدأت المحاولات لتشكيل مجلس شركاء المرحلة الانتقالية، كنموذج ومناكفة جبريل للجنة تفكيك التمكين أيضا. ولا ننسى، أن البرهان كان يسعى للعب على الهوة مابين فضاء الريف والحضر، وتمكن من اللعب على الشقاق بين الحكومة المركزية وقبائل البجا- الهدندوة بعد رفض نظارة الهدندوة مسار الشرق المضمن في اتفاق جوبا”، يوضح المصطفى.
وخريطة المشهد المعقد تزداد تعقيدا مع وجود قوى مسلحة مناوئة للبرهان بالأساس كالطاهر حجر، عضو مجلس السيادة ورئيس تجمع قوى تحرير السودان. وعبدالعزيز الحلو، قائد الحركة الشعبية شمال -قواعده في جبال النوبا – وعبد الواحد محمد نور، من قبائل الفور، ورئيس حركة تحرير السودان، ومالك عقار من الحركة الشعبية- جناح منفصل وكان عضوا لمجلس السيادة وموقعا على اتفاق جوبا.
وهنا يظهر أن تعدد الحركات المسلحة الغاضبة من المكون المدني والناقمة على البرهان لا يمكن أن تُسهم في تعطل المسار الديمقراطي فقط. وإنما تُنذر بخطر جر البلاد إلى ما هو أبعد من ذلك، من صراعات قد تستنزف السودان، الهش بنيويا والمتدهور اقتصاديا.
التفاعل والدور المصري
مع إعلان البرهان انقلابه. توجهت الأنظار نحو الجارة مصر، وطبيعة تفاعلها مع الأمر. دبلوماسي غربي قال لصحيفة “واشنطن بوست” إن القاهرة تفاجئت بقرار البرهان. لكن خبراء ومحللون يعتقدون أن طبيعة العلاقات المصرية والتقارب الكبير مع الأخير تشي بصعوبة ذلك، وأنه إن لم يجر تنسيق فعلى الأقل جرت إشارة ما.
هاري فيرهويفن، الخبير في الشأن الأفريقي والعضو المشارك في قسم العلاقات الدولية بجامعة أكسفورد. يرى أنه “من غير المرجح أن الجنرال البرهان كان ليتحرك دون معرفته أن قوى إقليمية، ومن بينها مصر بالتأكيد، ستظهر تعاطفها معه أو درجة من درجات الدعم. يمكن القول إن مصر خلال العامين الماضيين شاهدت الكثير من الوقائع التي أكدت شكوكها، والتي كانت لديها منذ البداية، بشأن التحول الديمقراطي في السودان.
ويضيف في مقابلة عبر الفيديو مع “مصر 360“. أن النظام المصري كان متشككا بشأن فاعلية عملية التحول هذه في أعقاب الإطاحة بالبشير. وفي وجهة نظرهم أنه لمدة عامين تفاقمت المشاكل وتدهور الوضع الاقتصادي. ولكن الجيش السوداني لعب لعبة توازنات والغرض منها قول: انظروا، لقد أعطينا الصلاحيات للمدنيين ولم يتحسن شيء. في المقابل اعتبر الجانب المدني أن الجيش يُصدّر له الأزمات. وقد منع الجيش أي محاولة واقعية للمدنيين للتحكم في مصالحه.
ويشير مستشار أول المعهد الأوروبي للسلام إلى أبعاد أخرى مصر مثلا كان لديها مخاوفها من وزيرة الخارجية مريم المهدي – نائب رئيس حزب الأمة القومي-. إذ كان لدى القاهرة تاريخ طويل ومعقد مع حزبها الذي انتقد التأثير المصري على السودان خلال فترة الخمسينيات والستينيات. وقد كانت المهدي معارضة للتموضع السوداني مع مصر في قضية سد النهضة. وابتعاد حزبها عن السلطة ربما يكون شيئا جيدا لمصر.
وزيرة الخارجية السودانية كانت قد ألغت زيارتها إلى القاهرة. في أبريل الماضي لخلافات حول الموقف من سد النهضة. وقبلها بثلاث أعوام تقريبا منعت السلطات المصري والدها الراحل، الصادق المهدي، من دخول القاهرة، بعد إقامته فيها لعدة أشهر.
انتقادات مريم المهدي
وقالت المهدي قبل أيام إن صمت مصر مستغرب جدا. لأنه كانت لدينا علاقات عمل جيدة معهم، وتواصل دائم وحتى شبه يومي.
ورأت أن مصر “لديها من دون شك رؤيتها الخاصة للأحداث. وقالت: لكنني لا أستطيع أن أفهم ما هي مصلحتها في عدم التواصل مع المعسكر المدني في السودان. مع العلم أن القاهرة ظلّت تبدي دعمها للعملية الانتقالية. مضيفة أن هذا الصمت غير محمود ومن المهم ألا تبدو على أنها منحازة للانقلاب العسكري”.
فيرهويفن لفت إلى التقارب المصري مع المكون العسكري: أجروا عدة تدريبات عسكرية مشتركة. كما أنه على صعيد الأفراد ربما يتأثر بعض الضباط السودانيين في خلفيتهم الثقافية والاجتماعية بالجانب المصري. يمكن القول إنهم يرون العالم بعيون مصرية وهو بالطبع ما يحظى بدعم مصر التي يملك نظامها خبرة في هذا الشأن مع أحداث عام 2013.
بجمع كل العوامل السابقة معا يتضح لماذا قد تدعم مصر تحرك مثل هذا. “ولكن في النهاية هذا يخضع أيضا لقاعدة: لنرى ما سيحدث”، بحسب تعبير الباحث.
ويتفق كاميرون هدسون، المدير السابق لمكتب المبعوث الأمريكي إلى السودان، مع هذه الرؤية قائلا لـ”مصر 360“: مصر ودول الخليج الأخرى تخشى العواقب المحلية لرؤية ثورة ناجحة في السودان تطرد الجيش وتأتي بحكومة مدنية ديمقراطية. لهذا السبب، يُعتقد أنه على الرغم من تصريحاتها العلنية. فقد أعربت هذه الدول بشكل خاص عن تفضيلها ودعمها سياسيا وماليا استمرار سيطرة الجيش على السلطة.
وأضاف: تعمل هذه الدول جميعها تحت انطباع خاطئ بأن وجود قائد عسكري قوي سيوفر استقرارا أكبر لدولة منقسمة ومتنوعة مثل السودان. لكن إذا نظرت إلى الثلاثين عامًا الماضية من الحكم العسكري في البلاد، فلا يوجد دليل يدعم هذا الرأي.
التفاهمات المصرية الأمريكية
في ظل الدور المصري الإقليمي المتزايد. تُدرك واشنطن أهمية القاهرة في إطار التفاهمات مع المكون العسكري. ويبدو أنها تدفع في ذلك الاتجاه إذ تحدث مسؤولون مصريون بما فيهم رئيس المخابرات عباس كامل مع البرهان ومحمد حمدان دقلو “حميدتي”. قائد قوات الدعم السريع. في محاولة لاستعادة الهدوء والتوسط لتشكيل حكومة جديدة، بحسب ما قال مصدر أمني في المخابرات لوكالة رويترز.
هدسون، الذي كان مديرا لمجلس الأمن القومي للشؤون الإفريقية، يقول لـ “مصر 360″: الولايات المتحدة تريد التأكد من أن مصر لا تعمل، على الأقل، لتقويض جهودها. بل إنها تساعد في استعادة الحكم المدني في السودان. أصدرت مصر مؤخرا بيانا دعت فيه إلى التهدئة. وهو أمر مهم، لكنها لم تذهب إلى حد المطالبة بعودة الحكم المدني. وإذا دعت إلى ذلك، فسيكون ذلك مهما.
أما فيرهويفن الخبير في الشأن السوداني، فيوضح :”العلاقة بين القاهرة وواشنطن معقدة على نحو ما. وبالنسبة لجو بايدن فإن مسألة التحول الديمقراطي في السودان جدية للغاية. وهي أمر لا يمكن تجاهله. لقد وضعت الولايات المتحدة الكثير من الأموال على الطاولة من أجل هذا الانتقال لذا أتوقع أن الإدارة الأمريكية أخبرت مصر أولا. بأن عليها استخدام تأثيرها في الخرطوم لإطلاق سراح الحمدوك وسياسيين آخرين، وثانيا في محاولة الدفع نحو خارطة سياسية تفضي إلى إجراء انتخابات”.
ودعا الرئيس الأمريكي، جو بايدن. إلى إعادة الحكومة بقيادة المدنيين في السودان. وقال، في بيان نشره البيت الأبيض: “يجب السماح للشعب السوداني بالاحتجاج السلمي وإعادة الحكومة الانتقالية بقيادة مدنية”. داعيا الجيش إلى إطلاق سراح جميع المعتقلين وإعادة مؤسسات الحكومة الانتقالية السودانية.
الموقف الأمريكي
فيما كان المبعوث الأمريكي فيلتمان أكثر حدة في كلماته. بعدما شعر أنه تم التلاعب به. ووصف تحرك الجيش بأنه “خيانة للثورة وللانتقال وللشعب السوداني”. واعتبر أن البرهان يدرك تماما أنه “لا يمكن إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، والعودة إلى فترة ما قبل الانتفاضة الشعبية”.
وفي اليوم التالي من بيان بايدن، قال البرهان. إنه لا يزال يحاول إقناع حمدوك، الذي أطاح به. بالعودة وتشكيل حكومة جديدة. موضحا: “الحكومة الجديدة سيقودها تكنوقراط لن نتدخل في اختيار الوزراء. سيختارهم رئيس الوزراء الذي سيتوافق عليه من مختلف قطاعات الشعب السوداني ولن نتدخل في من يختاره”. إلا أن حمدوك يبدو مصمما على الرفض.
وفي مسار مواز تحرك البيت الأبيض مع الإمارات للوصول إلى تسوية تقضي بعودة حكومة حمدوك إلى السلطة، بحسب وكالة “بلومبيرج”. إذ يعمل بريت ماكجورك، منسق شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجلس الأمن القومي، عن كثب مع طحنون بن زايد آل نهيان، مستشار الأمن القومي الإماراتي.
ويعتقد الناشط السوداني محمد المصطفى أن موقف واشنطن مهم جدا، بل مفتاحي. قائلا: الجيش السوداني يريد استعادة علاقته بواشنطن مثل السبعينيات. حينما كان (جعفر) النميري أكبر متلقي لمساعدات عسكرية أمريكية، بعد قضائه على الشيوعيين في 1971. بعد إسرائيل ومصر وإيران قبل الثورة الإسلامية. الموقف الأمريكي هو كل شيء حاليا، و99% من أوراق اللعب معهم.
وكان مصدران سودانيان رسميان قد قالا لرويترز إن الجيش حصل قبل الانقلاب على “ضوء أخضر” من موسكو في محاولة لحماية نفسه من أي عقوبات مفروضة عن طريق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
تداعيات محتملة على سد النهضة؟
يرى هدسون، كبير الخبراء في المجلس الأطلسي. الذي أتاحت له مناصبه الرسمية القرب من دوائر صنع القرار. أن مصر ربما تكون أكثر المتأثرين، فيما يتعلق بسد النهضة، من أحداث السودان.
ويطرح وجهة نظره :”احتجز الجيش وزير المياه السوداني ومن المرجح أن يتم استبداله. أعتقد أن هذا سيضر بالسودان في المحادثات لأنه كان على درجة عالية من الكفاءة بشأن هذه القضايا. وأعتقد أن مصر ستتأثر أكثر من غيرها. تريد القاهرة وتحتاج إلى حل المشكلة أكثر من الآخرين. والآن سيكون كل من السودان وإثيوبيا مشتتين للغاية بسبب الشؤون الداخلية لإعطاء اهتمامهما الكامل لمحادثات سد النهضة”.
على جانب آخر يتوقع فيرهويفن. أن تخبر الإدارة الأمريكية القاهرة أنه إذا أردتم وساطتنا في قضية سد النهضة فإن عليكم أن تضغطوا على الجنرالات في السودان لأجل التهدئة”.
ويفسر: كانت السودان لوقت طويل إلى جانب إثيوبيا وترى في السد فائدة لها، ولكن التعامل الإثيوبي المتعجرف الذي ظن تواجد السودان بجواره أمر مضمون غيّر الأوضاع، والآن باتت السودان لديها مخاوفها أيضا مثل مصر من السد. وتصرفات آبي أحمد لم تغضب فقط العسكريين السودانيين وإنما المدنيين كذلك، وعلى هذا الصعيد فإن إثيوبيا ضغطت من أجل تعليق عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي. لذا أعتقد أنه وفيما يخص السد وأيا كان ما سيطرأ في الخرطوم فإنها في النهاية ستساند الموقف المصري”.
ويبدو أن أديس أبابا تستغل تعليق عضوية السودان لمواصلة التهرب من المفاوضات. إذ قال المتحدث الرسمي باسم الخارجية الإثيوبية دينا مفتي. إن بلاده مستعدة لاستئناف المفاوضات الثلاثية بشأن سد النهضة اليوم قبل غدًا. متى ما دعت لها قيادة الاتحاد الأفريقي.
وفيما يتعلق بتعليق مشاركة السودان. ذكر مفتي “نعتقد أن وجود السودان في مفاوضات سد النهضة أمر مهم. لكننا في نهاية الأمر نلتزم بما تقرره قيادة الاتحاد بشأن استئناف المفاوضات ومشاركة السودان فيها.
مستقبل المشهد الضبابي
“أحد الأسباب التي ساعدت مصر قبل أعوام هي أموال الخليج التي دعمت الاقتصاد. ولكن في السودان هذا ليس ممكنا حاليا وبدونه سيكون صعبا للغاية على البرهان النجاح في خطواته. سواء على صعيد إنقاذ الاقتصاد أو شراء الدعم من النخب السياسية أو بعض المجموعات الحزبية أو قطاعات في المجتمع. في الوقت الحالي الكثير من السودانيين موحدون في رفضهم للانقلاب. فالإضراب العام يشمل الكثير من المهن. والرياض وأبو ظبي لن يخاطرا بإغضاب الولايات المتحدة. كانت مخاطرة كبيرة من قبل البرهان في الواقع وسيخسر أكثر مما يمكن أن يكسب. هو في وضع حرج فلا مجال للتراجع عن انقلابه”، يشرح فيرهويفن.
ويكمل: درجة المعارضة والرغبة في تغيير عميق للنظام السياسي كبيرة للغاية، وفي عام 2019 حينما انتفض الناس ضد نظام البشير كان ذلك لأسباب بنيوية واقتصادية متدهورة. صحيح أن الجيش تدخل للإطاحة به، لكن الناس يدركون أنه كان جزءا، وجزءا كبيرا. مما آلت إليه الأوضاع. وأظن أن درجة التنظيم التي تتمتع بها العديد من منظمات المجتمع المدني والنقابات سيكون صعبا للغاية على الجيش أن يحطّمها، وإن حاول ذلك فسيتسبب في عنف مجنون. ربما الطريقة الوحيدة لنجاح الانقلاب هي قدرته على اجتذاب بعض الأحزاب إلى صفه في مقابل مناصب حكومية”.
فيما يعتقد هدسون أن الانقلاب قد ينجح جزئيًا: سيتعين علينا التفاوض مع الجيش لإقناعهم بإعادة القادة المدنيين. وأظن أنهم سيحاولون التأكد من أن هؤلاء القادة، في المستقبل، أكثر ملاءمة لمصالحهم”.
في الثلاثين من أكتوبر، خرجت الجموع الغفيرة من الشعب السوداني لتعلن رفضها القاطع للابتعاد عن المسار الديمقراطي. استخدمت قوات الجيش والدعم السريع الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع ولكن ذلك لن يوقف المقاومة، فبحسب الناشط محمد المصطفى، قد يلعب الإضراب العام دورا فعالا، “فهناك عصيان مدني وتعطيل لكل مؤسسة عامة. ولجان المقاومة، والأحزاب الرئيسية في السودان بمجملها، بل وحتى الطرق الصوفية، المحايدة غالبا بطبعها، كلها تقاوم الانقلاب”.