تنظر محكمة جنح أمن الدولة طوارئ، غدًا الإثنين، محاكمة الناشط السياسي علاء عبدالفتاح، والمحامي الحقوقي محمد الباقر، والمدون محمد أكسجين. في تواصل لجلسات محاكماتهم الحالية في تهم سياسية الدوافع، تتعلق بـ«نشر معلومات كاذبة».

قضى عبدالفتاح والباقر وأكسجين أكثر من عامين في الحبس الاحتياطي في ظروف مروعة. كما حُرموا من الاتصال بمحامين بشكل خاص، ومن الاتصال المنتظم بأسرهم. ولا تزال تتواصل جلسات محاكمتهم أمام «أمن الدولة طوارئ» -التي لم يلغها إنهاء حالة الطوارئ بالبلاد-.

تنص المادة 19 من القانون المنظم لحالة الطوارئ على استمرار المحاكمات الجارية حتى بعد انتهاء سريان حالة الطوارئ.

حالة الطوارئ التي انتهت وبقيت آثارها

في 25 أكتوبر الجاري، أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي عدم تمديد حالة الطوارئ، السارية منذ عام 2017. لكن في الأشهر الثلاثة التي سبقت هذا القرار، أحالت السلطات ما لا يقل عن 20 من المدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين السياسيين للمحاكمة أمام محاكم الطوارئ.

القواعد الحاكمة لمنظومة التقاضي في أثناء حالة الطوارئ، تشمل:

1. يجوز لرئيس الجمهورية أو لمن يقوم مقامه أن يحيل إلى محاكم أمن الدولة الجرائم التي يعاقب عليها القانون العام (مادة 9).

2. لا يجوز الطعن على أحكامها، بأي وجه من الوجوه. ولا تكون هذه الأحكام نهائية إلا بعد التصديق عليها من رئيس الجمهورية (مادة 12).

3. يجوز لرئيس الجمهورية حفظ الدعوى قبل تقديمها إلى المحكمة (مادة 13).

4. يجوز له الأمر بالإفراج المؤقت عن المتهمين المقبوض عليهم قبل إحالة الدعوى إلى محكمة أمن الدولة (مادة 13).

5. يجوز لرئيس الجمهورية أن يخفف العقوبة المحكوم بها أو أن يبدل بها عقوبة أقل منها أو أن يلغي كل العقوبات أو بعضها أيا كان نوعها (مادة 14).

6. يجوز لرئيس الجمهورية بعد التصديق على الحكم بالإدانة أن يلغي الحكم مع حفظ الدعوى أو أن يخفف العقوبة أو أن يوقف تنفيذها. وذلك وفق ما هو مبين في المادة السابقة. وما لم تكن الجريمة الصادرة فيها الحكم جناية قتل عمد أو اشتراك فيها (مادة 15).

تنص المادة 19 من القانون المنظم لحالة الطوارئ على استمرار المحاكمات الجارية حتى بعد انتهاء سريان حالة الطوارئ.
تنص المادة 19 من القانون المنظم لحالة الطوارئ على استمرار المحاكمات الجارية حتى بعد انتهاء سريان حالة الطوارئ.

أمنستي: إنهاء حالة الطوارئ خطوة يلزمها الكثير

منظمة العفو الدولية، في بيان اليوم الأحد، دعت إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن عبدالفتاح والباقر وأكسجين وآخرين يواجهون محاكمات الطوارئ لـ«ممارستهم السلمية لحقوقهم الإنسانية». وقالت إن رفع حالة الطوارئ لكي يكون ذا مغزى نحو معالجة أزمة حقوق الإنسان بمصر، يجب أن يتضمن وقفًا تامًا لاستخدام محاكم الطوارئ. لأن إجراءاتها تنتهك أبسط معايير المحاكمة العادلة. بما في ذلك حق المتهمين في مراجعة إداناتهم وأحكامهم من قبل محاكم أعلى.

143 قضية رهن محاكم الطوارئ

وقد سجلت منظمة العفو الدولية ما لا يقل عن 143 قضية نظرت فيها دوائر أمن الدولة العليا منذ دخول حالة الطوارئ حيز التنفيذ في أبريل 2017. بما في ذلك تلك التي نشأت فقط عن ممارسة المتهمين السلمية لحقهم في حرية التجمع والتعبير.

ومن بين أولئك الذين يحاكمون حاليًا من قبل دوائر أمن الدولة العليا بتهمة نشر «معلومات كاذبة»، المدافع عن حقوق الإنسان والطالب باتريك جورج زكي. وكذلك النائب السابق عن حقوق الإنسان والبرلماني زياد العليمي. بالإضافة إلى الصحفيين والسياسيين هشام فؤاد وحسام مؤنس. وأيضًا المدافع عن حقوق الإنسان عزت غنيم، وومحامية حقوق الإنسان هدى عبد المنعم. فضلاً عن المرشح الرئاسي السابق لحزب «مصر القوية» عبد المنعم أبو الفتوح، ونائب رئيس الحزب محمد القصاص.

وقد احتُجز جميعهم رهن الحبس الاحتياطي المطول على ذمة التحقيقات بشأن اتهامات تتعلق بالإرهاب، بعضها لأكثر من عامين. وهي المدة القصوى للحبس الاحتياطي التي يسمح بها القانون المصري.

وفي 22 يونيو 2021، أدانت دائرة جنح أمن الدولة طوارئ الطالب أحمد سمير السنطاوي بتهم نشر «معلومات كاذبة». وحكمت عليه بالسجن لمدة أربع سنوات، بعد محاكمة شابتها إجراءات غير عادلة بشأن محتوى منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي.

في أغسطس، حاول محمد «أوكسجين» الانتحار بعد حرمانه من الزيارات العائلية والتمثيل القانوني لأشهر، كما عبّر علاء عبد الفتاح عن أفكار انتحارية الشهر الماضي

اتهامات تخالف احترام حرية التعبير

وتوضح «أمنستي» أن التهم «الوهمية» الموجهة إلى كل من علاء عبد الفتاح ومحمد الباقر بشأن انتقاداتهما لمعاملة السلطات للسجناء والوفيات المشبوهة في الحجز. وأيضًا ما تستند إليه التهم الموجهة لمحمد «أوكسجين» حول مشاركاته حول سجل الحكومة السيئ في دعم الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، هي كلها تهم لا تتضمن أي تحريض على العنف أو الكراهية. وبالتالي فهي محمية بموجب الدستور المصري، والالتزامات الدولية باحترام الحق في حرية التعبير.

"احتجز

واحتجز علاء عبد الفتاح في 29 سبتمبر 2019. واحتجز محاميه محمد الباقر في نفس اليوم من مبنى النيابة. حيث ذهب للقاء موكله. ولدى نقلهم إلى السجن في أكتوبر 2019، «عصب ضباط السجن عين علاء عبد الفتاح، وجردوه من ملابسه وضربوه وركلوه مرارًا. وعرضوه هو ومحمد الباقر للتهديد والإساءة اللفظية»، وفق ما ذكرته أسرة عبدالفتاح بشأن ظروف احتجازه.

أما محمد «أوكسجين» فقد احتجز بشكل تعسفي منذ 21 سبتمبر 2019. وفي 19 نوفمبر 2020، أضافت محكمة جنايات القاهرة علاء عبد الفتاح ومحمد الباقر إلى «قائمة الإرهاب» لمدة خمس سنوات. بما يشمل حظر السفر وحظر الانخراط في العمل السياسي والمدني لمدة خمس سنوات.

«أمنستي»: «ممارسة انتقامية» ضد علاء عبد الفتاح والباقر وأكسجين

أشارت منظمة العفو الدولية، في بيانها، إلى «ممارسة انتقامية» ضد علاء عبد الفتاح ومحمد «أكسجين» ومحمد الباقر. وأوضحت أنهم محتجزون في سجن طرة شديد الحراسة 2 في «ظروف عقابية وتعسفية تنتهك الحظر المطلق للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة».

وقالت إنه على عكس السجناء الآخرين، فإن علاء عبد الفتاح ومحمد الباقر محاصرون في زنازينهم الصغيرة وسيئة التهوية. ويتعرضون للمنع من ممارسة الرياضة والحصول على الهواء النقي وأي مواد للقراءة. كما ينامون على بطانيات على الأرض بدون أسرة أو فرشات. ما يسبب لهم آلامًا في المفاصل والظهر.

ولفتت المنظمة إلى تجاهل الشكاوى الرسمية إلى النيابة بأن هذه المعاملة بحق النشطاء الثلاثة ترقى إلى مستوى انتهاك حقوق السجناء بموجب قانون السجون المصري. فضلاً عن تجاهل طلبهم للحصول على لقاحات كورونا. وأيضًا عدم السماح لهم بارتداء أقنعة الوجه أو استخدام الكحول.

هذه الأوضاع كانت حصيلتها على الصحة العقلية للنشطاء الثلاثة مدمرة. ففي أغسطس 2021، حاول محمد «أوكسجين» الانتحار بعد حرمانه من الزيارات العائلية والتمثيل القانوني لأشهر، وفقًا للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان. كما عبّر علاء عبد الفتاح عن أفكار انتحارية لمحاميه خالد علي الشهر الماضي. وقد حُرم من المراسلات المنتظمة مع أسرته.