قال تحقيق مشترك، أجرته الأمم المتحدة بالتعاون مع أطراف النزاع في إثيوبيا. أن كافة المتصارعين في تيجراي “ارتكبوا انتهاكات قد ترقى إلى مستوى جرائم الحرب”. وفق التقرير المنشور اليوم الأربعاء.

ويتهم التقرير، الذي نُشر صبيحة إعلان الحكومة الإثيوبية حالة الطوارئ في البلاد، كافة الأطراف بتعذيب وقتل المدنيين والاغتصاب الجماعي، والاعتقالات على أساس الانتماء العرقي. بالتزامن مع إعلان جبهة تحرير تيجراي أنها في طريقها إلى العاصمة أديس أبابا، للإطاحة بنظام رئيس الوزراء آبي أحمد.

https://www.youtube.com/watch?v=qYXLIx2KaBk

انتهاكات مستمرة

التحقيق، الذي أجراه مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بالتعاون مع لجنة حقوق الإنسان الإثيوبية المعينة من الدولة. رصد الصراع الدائر في البلاد في الفترة من نوفمبر 2020 وحتى يونيو الماضي. والذي تخوضه جبهة تحرير تيجراي ضد الجيش الإثيوبي وحلفه، الذي يضم قوات من منطقة الأمهر، وجنود من دولة إريتريا المجاورة الداعمة لنظامه.

ونقلت وكالة رويترز عن ميشيل باتشيليت، مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، قولها: “ارتكبت جميع أطراف نزاع تيجراي انتهاكات لحقوق الإنسان الدولية، والقانون الإنساني، وقانون اللاجئين. وقد يرقى بعضها إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”. مضيفة أن معظم الانتهاكات في الفترة التي تناولها التقرير ارتكبتها القوات الإثيوبية والإريترية.

لكن منذ ذلك الحين، شهدت باتشيليت زيادة في التقارير من قبل قوات تيجراي. بالإضافة إلى استمرار الانتهاكات من قبل الإثيوبيين والإريتريين. لافتة إلى أن القوات الإريترية، بشكل فردي أو جماعي “تتحمل مسؤولية كبيرة” عن العديد من الانتهاكات.

مع ذلك، لا يُمكن اعتبار ذلك التقرير أو غيره وثيقة للمساعدة في ترتيب محاكمة دولية، لأن إثيوبيا وإريتريا ليسا عضوين في المحكمة الجنائية الدولية.

ارتكبت جميع أطراف نزاع تيجراي انتهاكات لحقوق الإنسان الدولية

اغتصاب وتشويه

ذكر التقرير أن الجنود الإريتريين قتلوا ما يقرب من 100 مدني في مدينة أكسوم، وأن الجنود الإثيوبيين جروا نحو 70 رجلاً من منازلهم وقتلوهم في ثلاث قرى بجنوب تيجراي. فيمنا قتلت قوات جبهة تيجراي حوالي 200 مدني من الأمهرة في البلدة.  في جريمة أعقبتها عمليات قتل انتقامية لأهل تيجراي على يد الأمهرة.

وأشار التقرير إلى أن حوالي 600 ألف من مواطني تيجراي فروا من تيجراي الغربية بعد أن سقطت تحت سيطرة قوات الأمهرة المتحالفة مع رئيس الوزراء.

وذكرت رويترز إنها، وغيرها من المنظمات الإخبارية، والجماعات الحقوقية، وجماعات المجتمع المدني. قاموا بتوثيق العديد من عمليات القتل الجماعي للمدنيين التي لم يتم ذكرها في التقرير.

وتسبب الصراع الدائر منذ العام الماضي في تعريض ما يقرب من 400 ألف شخص في تيجراي للمجاعة. وقتل وتشريد آلاف المدنيين. وإجبار أكثر من 2.5 مليون شخص في شمال إثيوبيا على النزوح من ديارهم إلى السودان.

 

تسبب الصراع الدائر منذ العام الماضي في تعريض ما يقرب من 400 ألف شخص في تيجراي للمجاعة

عرقلة المساعدات الإنسانية

اتهم التقرير أيضًا الجنود الإريتريين بإجبار اللاجئين الإريتريين الذين يعيشون في تيجراي على العودة إلى مناطق الصراع، في انتهاك واضح للقانون الدولي. وكذلك اتهم جميع الأطراف بعرقلة وصول المساعدات الإنسانية في أوقات مختلفة.

وأوضح القائمون على التحقيق إنه لا يمكنهم التحقق مما إذا كانت المجاعة قد استخدمت كسلاح حرب، وفق زعم سابق لأمين عام المساعدات بالأمم المتحدة. رغم أن الأمم المتحدة قالت في وقت سابق إن الحكومة “نفذت حصارًا فعليًا” للمساعدات الغذائية.

وفي مواجهة نفي الحكومة الإثيوبية، ذكر التقرير أن المحققين كثيراً ما كانت تتم عرقلة عملهم، لا سيما في المناطق التي تسيطر عليها قوات الأمهرة. كما كانوا غير قادرين على زيارة بعض المناطق بسبب انعدام الأمن.

لكن لم يذكر أن إثيوبيا قامت بترحيل محقق من الأمم المتحدة كان يعمل على التقرير في سبتمبر الماضي.

 

اتهم التقرير أيضًا الجنود الإريتريين بإجبار اللاجئين الإريتريين الذين يعيشون في تيجراي على العودة إلى مناطق الصراع

نفي رسمي

ورغم استناد التقرير إلى 269 مقابلة، كثير منها يحتوي على تفاصيل مصورة لعمليات اغتصاب وتشويه، قام بها جنود إريتريون في قواعد عسكرية. قال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد إنه “قَبِل التقرير رغم بعض التحفظات الجادة”. وأوضح أنه لا يتهم حكومته بارتكاب إبادة جماعية أو استخدام الطعام كسلاح.

لكنه وعد بتشكيل فريق عمل يضم أشخاصًا مدنيين وعسكريين للتحقيق في جميع المزاعم الواردة في التقرير. بينما لفتت حكومة إثيوبيا إلى إن بعض الجنود يخضعون للمحاكمة بتهمة الاغتصاب والقتل.

ورغم قضاؤه شهورًا في نفي وجود القوات الإريترية في تيجراي. عاد وزير الإعلام الإريتري، يماني مسكل، للخروج لوسائل الإعلام. ليصف التقرير بأنه “خاطئ … كاذب تمامًا” وفق ما ذكر في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي تويتر. بينما نفى المتحدث باسم إقليم أمهرة، جيزاشيو مولونه، في وقت سابق وقوع انتهاكات.

فيما عقّب المتحدث باسم جبهة تحرير تيجراي، جيتاشيو رضا، لمراسل رويترز، قائلًا إن التقرير “لا يغطي جميع مواقع الجريمة البشعة” مُتهمًا المحققين الإثيوبيين بالتحيز. حيث ترددت الجبهة سابقًا في المشاركة في التقرير بسبب وجود محققين من لجنة حقوق الإنسان الإثيوبية التي عينتها الدولة.