بدأت الولايات المتحدة فعليًا منذ الأمس، في التجهيز لتطعيم الأطفال بين 5 و11 عامًا بلقاح «فايزر/بيونتيك» المضاد لكورونا، وفق توصيات منظمة الصحة العالمية. بينما سبقتها دول أخرى وسعت من خططها للتطعيم، لتشمل من هم أقل من 18 عامًا. ذلك في ظل الأرقام المتزايدة للإصابات بمتحور «دلتا بلس»، المصنف أكثر سلاسلات الفيروس انتشارًا. وكان من بين هذه الدول مصر، التي أعلنت وزارة الصحة بها الموافقة رسميًا على تطعيم الأطفال بين عامين 15 و18 عامًا بلقاح فايزر، في أقرب وقت ممكن.

ما هو متحور «دلتا بلس»؟

تصنف منظمة الصحة العالمية متحور فيروس الكورونا المسمى «دلتا» بالمتحور الباعث على القلق. بسبب زيادة قابليته للانتشار، وزيادة قدرته على التسبب في شكل حاد من المرض. فهو ينتشر بسرعة وفاعلية بين الناس. بينما يحتوي «دلتا بلس» على طفرة إضافية تميزها عن متغير «دلتا» العادي. وتؤثر هذه الطفرة على البروتين الشائك. وهو جزء من الفيروس الذي يرتبط بالخلايا التي يصيبها.

ويتميز «دلتا بلس» بزيادة قابلية الانتقال، والارتباط الأقوى لمستقبلات خلايا الرئة، ووجود انخفاض محتمل في استجابة الأجسام المضادة -لم يثبت بعد- لذا فالأطفال أكثر عرضة للإصابة به. وقد ظهر في 11 دولة.

في 10 سبتمبر الماضي، دخل 2544 طفلاً المستشفيات بإصابات كورونا، وفقًا لبيانات وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأمريكية. ومع تزايد نسب إصابة الأطفال بالمتحور الجديد ازداد التوجه عالميًا نحو منح اللقاح للأطفال، كإجراء احترازي. بينما نشرت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية في أواخر أكتوبر، تقريرًا عن لقاح فايزر. وقد توصل إلى أن نسبة فعالية اللقاح في الوقاية من أعراض كورونا أكثر من 95% في الفئة العمرية ما بين 5-11 عامًا.

ما هي الدول التي بدأت منح لقاح كورونا للأطفال؟

سبقت بعض الدول الولايات المتحدة في إعلان تلقيح الأطفال ممن تزيد أعمارهم عن 12 عامًا. وكانت كوبا هي أول دولة في العالم تقدم على هذه الخطوة. وبدأت تلقيح الأطفال من سن 3 سنوات. بينما حصل معظم الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و15 عامًا في الدنمارك على اللقاح.

وفي فرنسا أيضًا حصل الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و17 عامًا على اللقاح، بينما في إسبانيا حصل الأطفال ما بين 12 و19 عامًا على جرعة واحدة من اللقاح على الأقل. وأصبح اللقاح متاحًا في ألمانيا لجميع الذين تزيد أعمارهم عن 12 عامًا.

أما السويد فطرحت اللقاح للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و15 عامًا، إذا كانوا يعانون من أمراض رئوية أو ربو حاد أو حالة صحية أخرى شديدة الخطورة. في حين بالمنطقة العربية أعلنت وزارة الصحة السعودية توفير الجرعة الأولى من فايزر للأطفال ممن تتراوح أعمارهم بين 12 و18 عامًا. وقدمت دولة الإمارات لقاح سينوفارم الصيني للأطفال الذين تبلغ أعمارهم 3 أعوام أو أكثر منذ أغسطس الماضي. كما اعتمدت الأرجنتين نفس هذه السياسة.

لقاح كورونا للأطفال في مصر

في أكتوبر الماضي، أعلنت وزارة الصحة والسكان المصرية رسميًا، أنها تدرس تطعيم الأطفال من سن 12 إلى 18 عامًا، في وقت لا تظهر الأرقام الرسمية نسبًا للإصابة بالفيروس بين هذه الفئة العمرية. بينما أوضحت مصادر في اللجنة العليا لإدارة أزمة كورونا، أن الدراسات الجارية في هذا الشأن انتهت إلى اعتماد نوعين من اللقاحات المتداولة في البلاد، لمنحهما للأطفال من سن 3 سنوات. وهما «سينوفاك وفايرز».

الأرقام الرسمية لا تظهر نسب الإصابة بالفيروس بين الأطفال في مصر
الأرقام الرسمية لا تظهر نسب الإصابة بالفيروس بين الأطفال في مصر.. صورة من أ ف ب

وقالت نهى عاصم مستشارة وزير الصحة لشؤون الأبحاث وزارة الصحة والسكان، في مداخلة ببرنامج «كلمة أخيرة» عبر شبكة «أون» الفضائية، أنه سيتم تطعيم طلبة المرحلة الثانوية بالمدارس المصرية خلال شهر. وأن ذلك مرهونًا بانتظار الإفراج عن شحنة لقاحات «فايزر». وتخضع هذه الشحنة للاختبار من قبل هيئة الدواء المصرية، بعد تسلمها من أمريكا. وقد لفتت مستشارة وزارة الصحة إلى أنه سيتم تطعيم الطلاب بالتدريج بداية من 18 عامًا، ثم 17 عامًا، وصولاً لـ15 عامًا.

كما أعلن الدكتور محمد عوض تاج الدين، مستشار رئيس الجمهورية لشؤون الصحة والوقاية، أن التطعيم لمن هو أقل من 18 عامًا لم يطبق إلى الآن في مصر، لكن بدأت خطوات تطعيمهم، منوها بأن «فايزر» هو اللقاح الوحيد الذي أجيز بتطعيمه للفئات الأقل من 18 سنة، وأن طلاب الجامعات أقل من 18 عامًا سيتم تطعيمهم.

وأضاف «تاج الدين»، في مداخلة هاتفية بفضائية «dmc»، أمس الأربعاء، أنَّ اللجنة تأكدت من توفر اللقاحات بكميات كبيرة وتدفقها، إضافة لتوفر مراكز التطعيم التي يصل عددها لـ 1200 مركز، وأصبح متاح تطعيم كل المواطنين والفئات.

وتستعد الحكومة لإنتاج كميات أكبر من لقاح سينوفاك عبر مجمع صناعي جديد بمدينة 6 أكتوبر. والمقرر له أن يعمل على تصنيع 9 أنواع من اللقاحات، تحت مظلة الشركة القابضة للمستحضرات الحيوية واللقاحات «فاكسيرا». ومن المخطط بدء الإنتاج خلال ديسمبر المقبل.

هل اللقاح آمن على الأطفال؟

يقول الدكتور أمير سليمان، مدرس واستشاري طب الأطفال، إن تطعيم الأطفال ضد كورونا سيحدث فارقًا بالتأكيد. بل ومطلوب أيضًا. لأنه سيقلل من حدة الإصابة بشكل كبير. ويضيف، في حديث لـ«مصر 360»، أنه من الناحية الطبية ليست هناك مخاطر من تطعيم الأطفال. خصوصًا وأن إدارة الغذاء والدواء الأمريكية بالفعل منحت التصريح بإعطاء لقاح فايزر للأطفال. ما يعني أن اللقاح خضع لتجارب مكونة من أربع مراحل مستوفية عدد معين ومدة معينة لكل مرحلة.

ويؤكد سليمان أن النزول بالفئة العمرية إلى 3 سنوات في إعطاء اللقاح لا يكون بشكل عشوائي. بل سيخضع أيضًا لتجارب مرورًا بالمراحل الأربع المتعارف عليها بنجاح، وبدون تسجيل أي مشكلات صحية. فيما ينصح المواطنين بأن لا يخشوا إعطاء اللقاح لأطفالهم، وأن يقبلوا عليه، لأن الأعراض الجانبية -إن وجدت- لا تقارن بالفوائد. مضيفًا أنه حتى مع تعدد تحور الفيروس تبقى حدة الإصابة بين الملقحين أقل بكثير عن غير الملقحين.

ووفق «يونسيف»، فإن متحور «دلتا» لا يستهدف الأطفال على وجه التحديد. ومع ذلك، فإنه أكثر عدوى من السلالات الأخرى، والناس الذين يختلطون بالآخرين اجتماعيًّا، ومن لم يحصلوا على اللقاح، هم أكثر عرضة للإصابة به. كما تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن أعراض الإصابة بفيروس كورونا لدى الأطفال والمراهقين أخف عادة، مقارنة بالبالغين.

وبحسب توصيات المنظمة، فإنه ما لم يكن الأطفال جزءًا من مجموعة معرضة لخطر أكبر للإصابة بكورونا، فإن تطعيمهم أقل إلحاحًا من كبار السن وذوي الحالات الصحية المزمنة والعاملين في الحقل الصحي. ومع ذلك يمكن أن يعطى اللقاح للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و15 عامًا، ولديهم مشاكل صحية مع باقي الفئات الأخرى، التي لها الأولوية في التطعيم، فريق الخبراء الاستشاري الاستراتيجي للمنظمة. ولا تزال تجارب اللقاحات على الأطفال جارية.