على هامش اجتماع قادة العالم في قمة المناخ بمدينة غلاسغو الإسكتلندية، وجدت دول الشرق الأوسط سببًا للاجتماع على هدف واحد. حين عقدوا جلسة جانبية حضرها عدد كبير من ممثلي دول شرق البحر الأبيض المتوسط ​​والشرق الأوسط.

دول المنطقة، غرّدت منفصلة عن بقية دول العالم، باعتبار أن الاضطرابات المناخية تثير وعيًا متزايدًا بضرورة التعاون حيال هذا الملف. وذلك يعني إرجاء الصراعات الجيو-إستراتيجية إلى مرتبة متأخرة وتقديم القضايا البيئية إلى المستوى الأول لدى حكومات المنطقة.

والإثنين الماضي، التزم أكثر من 100 زعيم حول العالم بإنهاء إزالة الغابات وانحلال التربة بنهاية العقد الحالي. بدعم من أموال عامة وخاصة حجمها 19 مليار دولار للاستثمار في حماية الغابات واستعادة غطائها النباتي.

اجتماع في فبراير 2022

على وقع ذلك، أعلن وزير البيئة القبرصي كوستاس كاديس، للإعلان عن الخطة العشرية المقترحة. كما أشار إلى تنظيم اجتماع على المستوى الوزاري لبلدان المنطقة في فبراير 2022 المقبل بهدف الموافقة على خطة عمل للتعاون المناخي على مدار السنوات العشر القادمة.

اقرأ أيضًا.. التغير المناخي| ما موضع مصر من خطة “الشرق الأوسط الأخضر”؟

وتوقع كاديس أن يجتمع بعد ذلك رؤساء الدول المعنية في أوائل الخريف في قبرص للتصديق على البرنامج التنفيذي للخطة. وتعد تلك الخطوة تتويجًا لمبادرة التغير المناخي في شرق البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط التي أطلقتها قبرص في عام 2019.

كما استضافت نيقوسيا، في منتصف أكتوبر، المؤتمر الدولي حول التغير المناخي في شرق البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط. وحضره وقتها مسؤولون ومندوبون وعلماء من مصر والسعودية وعمان وفلسطين ولبنان والأردن وإسرائيل.

المبادرة القبرصية

تقوم المبادرة، بتنسيق من معهد قبرص (مؤسسة بحثية غير ربحية)، بجمع البيانات المناخية العلمية الإقليمية التي تستند إليها السياسة الإقليمية. كما تقوم فرق العمل متعددة الجنسيات، التي تضم حوالي 220 عالما، بصياغة تقرير علمي شامل. ومن المقرر الانتهاء منه في ديسمبر، حيث يركز على 13 موضوعًا. من الطاقة، والبيئة المبنية، والحراجة الزراعية، وسلسلة الغذاء إلى البيئة البحرية، والتعليم، والهجرة، والسياحة.

وتركز خطة العمل، التي أطلق عليها اسم “إطار السياسات والإجراءات الخاصة بأزمة المناخ في شرق البحر الأبيض المتوسط ومنطقة الشرق الأوسط”، على التنمية الخضراء المستدامة. وحماية التنوع البيولوجي وتنمية البيئة، والبحوث والتقنيات.

المؤتمر الدولي الثاني لمعالجة "تغير المناخ في شرق المتوسط والشرق الأوسط"
المؤتمر الدولي الثاني لمعالجة “تغير المناخ في شرق المتوسط والشرق الأوسط”

والشرق الأوسط منطقة مصنفة على أنها “معرضة لخطر تغير المناخ” من قبل الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ. وتجاوزت درجات الحرارة هذا الصيف 50 درجة مئوية في الكويت وعمان والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والعراق وإيران.

وبدأت دول في المنطقة التعويل على التعاون لبلورة جهود منسقة وذات تأثير إقليمي، لتتحول إلى “دبلوماسية المناخ”. خاصة أن ثمة تناقض في سياسات وأيديولوجيات دول المنطقة.

“دبلوماسية المناخ” وخفض النزاعات حول ندرة المياه

ويمكن استخدام هذه الدبلوماسية للوقاية من عواقب النزاعات المستقبلية حول ندرة المياه وزيادة درجات الحرارة التي تجعل من بعض المناطق غير صالحة للسكن، وفق تقرير لشبكة “فرانس 24”.  وحذر جيفري ساكس، رئيس شبكة الحلول من أجل التنمية المستدامة في الأمم المتحدة من أن المنطقة جافة بالفعل وستجف أكثر فأكثر. لذلك فإن انعدام الأمن المرتبط بتوافر المياه وتشريد السكان سيزداد يوما وراء آخر.

وقال فاطمة درويش من منظمة خبراء البحر الأبيض المتوسط ​​حول المناخ والتغير البيئي، التي نشرت نتائج أول تقييم علمي على الإطلاق حول المناخ والتغير البيئي في حوض البحر الأبيض المتوسط العام الماضي، إن مستويات سطح البحر الإقليمية قد ارتفعت بمقدار 15 إلى 25 سم (ست إلى عشر بوصات) بين عامي 1901 و2018. واختفى نصف الأراضي الرطبة في المنطقة.

مستويات سطح البحر الإقليمية قد ارتفعت بمقدار 15 إلى 25 سم
مستويات سطح البحر الإقليمية قد ارتفعت بمقدار 15 إلى 25 سم

وتابعت أن متوسط ​​الارتفاع السنوي لدرجة الحرارة في المنطقة وصل بالفعل إلى 1.5 درجة مئوية مقارنة بأوقات ما قبل الصناعة. هذه هي الزيادة القياسية المنصوص عليها في اتفاقيات باريس المناخية لعام 2015. وارتفع متوسط ​​درجات الحرارة على مستوى العالم بمقدار 1.2 درجة مئوية، مقارنة بخط الأساس لما قبل الصناعة.

اقرأ أيضًا| النظام الدولي ليس جاهزًا لأزمة المناخ

تسخن منطقة الشرق الأوسط بوتيرة أسرع من المتوسط ​​العالمي. كما أنها تعاني من التصحر وهي أكثر مناطق العالم ندرة في المياه. وبحلول عام 2050، ستكون كمية المياه للفرد (مع الأخذ في الاعتبار النمو السكاني أيضًا) نصف ما هي عليه اليوم.

وقال كوستاس بابانيكولاس، رئيس معهد قبرص، ومستشار الرئيس القبرصي والمبعوث الخاص لتغير المناخ، في اجتماع يوم الثلاثاء إنه إذا استمرت المنطقة في العمل كالمعتاد، فقد ترتفع درجات الحرارة بمعدل 5 درجات مئوية بحلول عام 2090، “ولا أحد يعرف ماذا يعني ذلك”. في ظل مثل هذا السيناريو، ستصبح درجات الحرارة الأكثر سخونة اليوم هي الأبرد وسيكون هناك خطر “الانهيار التام” للطبيعة.