أضافت التوترات الأمنية المتصاعدة في إثيوبيا عبئًا جديدًا على مفاوضات سد النهضة المعرقلة بطبيعة الحال، خاصة أن أديس أبابا انضمت إلى الخرطوم في غموض موقفها الذي يعكسه عدم استقرار سياسي داخلي، وبالتالي تحاول مصر الضغط في اتجاه عدم تسكين الأزمة.

تأثير التطورات في إثيوبيا على سد النهصة

في مقال بموقع “مصر 360″، سلطت الدكتورة أماني الطويل الضوء على التطورات في إثيوبيا، والتي تطرح الأسئلة بشأن مستقبل الأمن الإنساني والمائي لدولتي وادي النيل مصر والسودان، وذلك ارتباطا بمصير ملف سد النهضة.

أماني الطويل
أماني الطويل

تشير تفاصيل المشهد الإثيوبي على المستوي العسكري أن العاصمة الإثيوبية مهددة حاليا، وأن هناك تكتيكا عسكريا قد تم الاعتماد عليه من جانب المعارضة الإثيوبية ضد آبي أحمد يعتمد على أسلوب الكماشة أي حصار أديس أبابا من الشمال والشمال الشرقي والجنوب.

أماني الطويل تكتب: كيف يؤثر المشهد الإثيوبي على سد النهضة؟

وقدمت الطويل عدة سيناريوهات إزاء الموقف في إثيوبيا، من بينها إمكانية تمتع إقليم بني شنقول بحكم ذاتي أو أن ينضم للسودان طبقا لمطالب حكام الإقليم السياسية، أو حال انخراط إثيوبيا في حال من الفوضى لن يجعل الدولة قادرة على استكمال المشروع خصوصا مع الانسحاب المتوقع للاستثمارات الدولية بكافة أنواعها في المشروع، نظرا لتصاعد مستويات المخاطر.

والسيناريو الآخر الذ قدمته الطويل يتمثل في إرادة منفصلة لنخبة بني شنقول في إدارة الإقليم، وهي نخبة قريبة من السودان، وتفتح الباب أمام إمكانية التفاهم حول مشروع السد، وذلك من ثلاث زوايا حجم بحيرة السد، وكيف تكون غير مهددة للسودان خصوصا، وإدارة وتشغيل السد وهما يهمان مصر بالدرجة الأولي.

تقرير: الانقلاب في السودان قد يعقد الخلاف بشأن سد النهضة

وسلط تقرير لموقع “المونيتور” الأمريكي الضوء على التطورات الحالية أيضًا إزاء أزمة سد النهضة، متحدثا عن تعليق الاتحاد الأفريقي عضوية السودان ومشاركته في كافة أنشطته، بعد أقل من 24 ساعة على الانقلاب الذي قام به قائد الجيش السوداني الفريق الركن عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر ضد المكون المدني في الفترة الانتقالية.

يأتي ذلك في الوقت الذي يسعى فيه الاتحاد الأفريقي إلى حل وسط بين مصر والسودان وإثيوبيا لاستئناف المفاوضات بشأن سد النهضة الإثيوبي. تأتي هذه الجهود الأفريقية في أعقاب البيان الرئاسي بشأن سد النهضة الذي اعتمده مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والذي دعا إلى استئناف المفاوضات التي يقودها الاتحاد الأفريقي.

المفاوضات متوقفة

لا تزال المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا متوقفة منذ أن أكملت إثيوبيا ملء بحيرة سد النهضة للمرة الثانية. يقتصر التصعيد الدبلوماسي المصري والسوداني الدولي ضد إثيوبيا حتى الآن على توصيات بالعودة إلى طاولة المفاوضات. وفي الوقت نفسه، تعثرت جميع محاولات الوساطة لتقريب وجهات نظر الدول الثلاث أو بدء جولة جديدة من المحادثات للتوصل إلى اتفاق ملزم بشأن ملء وتشغيل سد النهضة.

اجتماع سابق لوزراء الري بشأن سد النهضة
اجتماع سابق لوزراء الري بشأن سد النهضة

قبل حل الحكومة المدنية في السودان، قام كريستوف لوتندولا، وزير خارجية جمهورية الكونغو الديمقراطية – التي تتولى حاليًا رئاسة الاتحاد الأفريقي لمدة عام- بزيارة السودان في 15 سبتمبر لمناقشة احتمالات استئناف العمل المفاوضات.

بدورها، كانت وزيرة الخارجية السودانية مريم المهدي على اتصال دائم بالقاهرة لتنسيق الإجراءات ضد الممارسات الإثيوبية الأحادية خلال عملية الملء الثاني لسد النهضة. وأثار ذلك تساؤلات حول تأثير حل الحكومة واستمرار التوتر السياسي في السودان على الحركات والمواقف المصرية من نزاع سد النهضة.

إثيوبيا تحاول استغلال الوضع

وتعليقًا على إمكانية عودة إثيوبيا إلى طاولة مفاوضات سد النهضة، أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإثيوبية دينا مفتي في 28 أكتوبر أن بلاده ستحترم وتقر بقرار الاتحاد الأفريقي في هذا الصدد. وقال المفتي إن إثيوبيا تحترم قرار الاتحاد الأفريقي تعليق المفاوضات نتيجة لتجميد عضوية السودان.

وانتقد خبير الموارد المائية السوداني حيدر يوسف محاولة إثيوبيا استغلال الوضع الحالي في السودان كذريعة لتأخير المفاوضات. وقال “إثيوبيا تمضي قدمًا في بناء سد النهضة وتستعد للملء الثالث دون انتظار نتائج المفاوضات سواء مع مصر أو مع السودان”.

الوضع السياسي في السودان لا يزال غير واضح. على الرغم من أن العودة إلى المفاوضات مرتبطة بإلغاء تجميد عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي، فإن المفاوضات نفسها ستكون عقيمة إذا استمرت إثيوبيا في اتخاذ إجراءات أحادية الجانب

وأشار إلى أن الوضع السياسي في السودان لا يزال غير واضح. على الرغم من أن العودة إلى المفاوضات مرتبطة بإلغاء تجميد عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي، فإن المفاوضات نفسها ستكون عقيمة إذا استمرت إثيوبيا في اتخاذ إجراءات أحادية الجانب. سيظل هذا صحيحًا حتى لو تم الاتفاق على اتفاق قانوني ملزم “.

وقال يوسف: “جرت مفاوضات سابقة عبر إدارات وحكومات مختلفة في السودان منذ 10 سنوات، وما زالت إثيوبيا لم تلب أيا من مطالب مصر أو السودان بعد صدور تقرير لجنة الخبراء الدولية. ولم تجر دراسات لتقييم سلامة سد النهضة أو آثاره البيئية والاقتصادية والاجتماعية، وتستمر في بناء السد”.

وزير الري يعلق على أنباء استعداد إثيوبيا للملء الثالث

قال الدكتور محمد عبدالعاطي، وزير الموارد المائية والري، إن سد النهضة لا يشهد جديدًا في الوقت الحالي، وذلك تعليقًا على الأخبار المتداولة بشأن بدء إثيوبيا في وضع جدران خرسانية وتعلية الممر الأوسط لسد النهضة، وذلك استعدادًا لإجراء الملء الثالث.

وأضف عبد العاطي، خلال مداخلة تليفزيونية مساء الأربعاء، أن إثيوبيا لم تنته من الملء الثاني لسد النهضة، ولم تولد كهرباء حتى اللحظة، مؤكدًا أن السد يعاني من مشكلات فنية تم عرضها في أسبوع القاهرة للمياه.

محمد عبدالعاطي وزير الري والمياه
محمد عبدالعاطي وزير الري والمياه

وأشار إلى أن الوضع الداخلي الإثيوبي يعاني من اندلاع حرب أهلية ومشكلات، متابعًا: “الوضع مازال متجمدًا بملف سد النهضة ولا يوجد فيه جديد نقوله للمواطنين”. وأعلنت وزارة الخارجية السودانية، في تصريح تناقلته وسائل الإعلام، عن بدء إثيوبيا في وضع جدران خرسانية وتعلية الممر الأوسط لسد النهضة، وذلك استعدادًا لإجراء الملء الثالث لسد النهضة.

وتأتي تلك الخطوة كتطور خطيرة لأزمة السد الإثيوبي في ظل تعثر المفاوضات وعدم التوصل لاتفاق ملزم وعادل مع دولتي المصب قبل إكمال السد الذي سيحدث كارثة لكل من مصر والسودان حال عدم الاتفاق، وفقًا لخبراء المياه.

السيسي لرئيس الكونغو: لا تراجع عن “اتفاق ملزم” بشأن الملء والتشغيل

أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي، على موقف مصر الراسخ من قضية سد النهضة الإثيوبي، ورؤيتها القائمة على الانخراط بشكل نشط في المفاوضات الرامية للتوصل لاتفاق ملزم قانوناً بشأن ملء وتشغيل السد، وذلك تحت مظلة الاتحاد الإفريقي بما يتسق مع البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن الدولي في هذا الشأن.

جاء ذلك خلال اجتماع الرئيس السيسي أمس مع “فيليكس تشيسيكيدي”، رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، على هامش أعمال قمة الأمم المُتحدة للمناخ في جلاسجو.

التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم مع الرئيس فيليكس تشيسيكيدي، رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، على هامش أعمال قمة الأمم المُتحدة للمناخ في جلاسجو.
التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي اليوم مع الرئيس فيليكس تشيسيكيدي، رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، على هامش أعمال قمة الأمم المُتحدة للمناخ في جلاسجو.

وأشاد الرئيس بالجهود التي قامت بها الكونغو الديمقراطية خلال رئاستها للاتحاد الإفريقي من أجل تحقيق التطلعات التنموية للقارة الإفريقية والترويج لقضاياها ومواقفها في المحافل الدولية، فضلاً عن مساعيها المقدرة لتسوية أزمة سد النهضة،

وصرح السفير بسام راضي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأن الرئيسين أعربا عن رضاهما عن المستوى المتميز الذي وصلت إليه العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، سواء على مستوى التنسيق والتشاور السياسي، أو على مستوى التعاون الاقتصادي الذي يشهد في الفترة الأخيرة طفرة غير مسبوقة في تاريخ العلاقات الثنائية بين البلدين.

ونوه المتحدث الرئاسي بأن الرئيس الكونغولي تقدم بالشكر للرئيس على دعم مصر المتواصل لبلاده في هذه المرحلة المهمة من تاريخها، بما يمثل نموذجاً للتعاون والتنسيق والدعم المتبادل بين الدول الإفريقية.

هل يستطيع سد النهضة تحمل المياه المقرر تخزينها؟

أما الدكتور هشام العسكري، أستاذ علوم الأرض والاستشعار عن بعد بجامعة شابمان بالولايات المتحدة، شرح لـ”الأهرام ويكلي” سبب عدم قدرة سد النهضة الإثيوبي على استيعاب 74 مليار متر مكعب من مياه النيل.

وسبق أن نشر العسكري دراسات عن “تقييم عملية ملء سد النهضة الإثيوبي وتأثيره على دول المصب”، بمساهمة 10 باحثين من جامعات مختلفة في جميع أنحاء العالم. بدأ هو وفريقه في التفكير في أن شيئًا ما ليس على ما يرام عندما قالت إثيوبيا إنها حققت هدفها بالملء الثاني لسد النهضة. ويقول العسكري: “استنادًا إلى صور الأقمار الصناعية التي حصلنا عليها، كان هذا غير صحيح تمامًا”، ولفت إلى أن إثيوبيا لم تستكمل بناء السد ولا يمكن أن تكون قد حققت هدف الملء.

الدكتور هشام العسكري
الدكتور هشام العسكري

خلل في هيكل السد يمنع تسريع تخزين المياه

بدأ الفريق في مراجعة البيانات وصور الأقمار الصناعية السابقة والحالية، والتي أكدت أن معدلات المياه في التعبئة الثانية كانت أقل مما ادعت إثيوبيا. وأظهرت بيانات تدفق النهر أنه خلال عملية ملء سد النهضة الثانية، كانت الأمطار غزيرة، ومع ذلك لم تتمكن إثيوبيا من تحقيق هدفها في المقام الأول، لأن البناء على السد لم يكن يتقدم كما هو مقرر، وهذا ما أكده فريق البحث خلال دراسته. كما تم التأكيد بوجود خلل في هيكل السد يمنع تسريع تخزين المياه.

ويشير العسكري إلى أن سد النهضة هو في الواقع سدين. الأول مصنوع من الخرسانة، ومهمته حبس المياه بطول 2 كم من مجرى النيل. والثاني مصنوع من الركام الصخري. ومن خلال مراجعة أبعاد السدين، تأكد الفريق من أنهما على الرغم من كونهما مبنيين ضخمين، إلا أنهما غير مناسبين لاحتواء الكميات الهائلة من المياه المخطط تخزينها خلفهما.

وقد ثبت ذلك من خلال عمل الفريق على صور الأقمار الصناعية، والتي لا تعتمد فقط على الطيف الكهرومغناطيسي من الشمس، ولكن لديها أيضًا القدرة على إرسال أشعة تكتشف ما هو تحت سطح الأرض. يقول العسكري: “أرسلنا ومضات أشعة متسلسلة زمنية وحصلنا على صور درسناها لتحديد قشرة الأرض حيث يقع السدان، ولحساب الفروق في الأرض، سواء كانت سالبة أو موجبة، وعندما يكون هناك ارتفاع أو هبوط.