أصدرت محكمة الجنايات -الدائرة الرابعة إرهاب- قرارًا بتأجيل النظر في التظلم المقدم من المحامية الحقوقية عزة سليمان، لرفع اسمها من قوائم المنع من السفر والتحفظ على أموالها. وذلك لجلسة 13 ديسمبر المقبل، حتى ورود صورة رسمية من قرار قاضي التحقيقات بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية ضد سليمان وشركتها «محاماة من أجل العدالة والسلام». على خلفية القضية 173 لسنة 2011، والمعروفة إعلاميًا بقضية التمويل الأجنبي للمنظمات.

تمت تبرئة المحامية والنسوية المدافعة عن حقوق الإنسان عزة سليمان من القضية 173 في 30 أغسطس 2021. بعد صدور قرار من قاضي التحقيق بألا وجه لإقامة الدعوى. لكن هذه التبرئة لم ترفع عنها بصورة تلقائية المنع من السفر أو تجميد أموالها وأموال شركة المحاماة الخاصة بها. لذا قدمت طلبًا برفع هذا الحظر.

تقول عزة سليمان إن محكمة الجنايات لم يصلها قرار قاضي التحقق الرسمي، رغم تقدمها بالتظلم فور صدور القرار. ما يعني أن تظلمها استمر لـ 3 أشهر في انتظار تنفيذ قرار التبرئة. بينما تستغرب نظر قضية المنع من السفر أمام دائرة إرهاب. وتضيف: «كان لابد أن تنظر القضية أمام دائرة جنايات عادية.. أتمنى أن أرى نهاية للنفق المظلم». وقد تعرضت للمنع من السفر لمدة 5 سنوات. وعرفت بأمر إدراجها بقائمة المنع عبر الأخبار، وذلك ما حدث أيضًا مع قرار رفع اسمها.

وقد وصل إلى 67 كيانًا عدد المنظمات والجمعيات التي ضمت 180 شخصية، وصدر لها أمر بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية بشأنها في قضية التمويل الأجنبي. فيما تضمنه تقرير لجنة تقصي الحقائق من وقائع أثبتت عدم كفاية الأدلة وعدم وجود جرم مرتكب من الأساس.

التمويل الأجنبي بئر النشطاء

لسنوات طويلة، ظلت القضية 173 بئرًا عميقًا غائرًا تٌسقط فيه الحكومة كل من يشتبه في حصوله على تمويل أجنبي لممارسة عمل سياسي. سواء كان تحت غطاء حقوقي أو تنموي. وهو أمر جعل إثارة القضية من حين لآخر بقرار إحالة أو منع من السفر والتصرف في الأموال، دلالة لقياس درجة تفهم الحكومة ومدى توجسها من تحركات العاملين في المجتمع المدني.

وقد بدأت وقائع هذه القضية في يوليو 2011. حين قررت الحكومة فتح ملف تمويل منظمات المجتمع المدني. وذلك بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق والنظر في تمويل هذه المنظمات. بينما في يونيو 2013، حكمت إحدى محاكم الجنايات بالقاهرة على 43 من العاملين المصريين والأجانب في بعض المنظمات الأجنبية بالسجن. وتراوحت المدد بين سنة و5 سنوات. فيما ظل العاملون المصريون بها داخل البلاد، مع أحكام بالسجن لمدة عام واحد مع وقف التنفيذ. كما أمرت المحكمة بإغلاق المنظمات المعنية. وشملت المعهد الجمهوري الدولي، والمعهد القومي الديمقراطي، وفريدم هاوس، والمركز الدولي للصحافة، ومؤسسة كونراد أديناور.

عام المنع من السفر

وفي 2016، أدرج عدد من المحامين الحقوقيين ضمن قوائم الممنوعين من السفر والتصرف في الأموال. وهو قرار استند إلى تحريات أمنية بأن نشاطهم يضر بالأمن الوطني.

وشملت القائمة أسماء بارزة مثل: جمال عيد مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان. وكذلك حسام بهجت مؤسس المبادرة المصرية للحقوق الشخصية. بالإضافة إلى محمد زارع مدير مؤسسة القاهرة لدراسات حقوق الإنسان. وأيضًا هدى عبد الوهاب المديرة التنفيذية للمركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة.

وكان من بين المعاقبين مزن حسن المديرة التنفيذية لـمؤسسة نظرة للدراسات النسوية. إلى جانب ناصر أمين مؤسس المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة. وكذلك رضا الدنبوقي المدير التنفيذي لمركز المرأة للإرشاد والتوعية القانونية. وأيضًا إسراء عبد الفتاح مديرة المعهد المصري الديمقراطي، وحسام الدين علي وأحمد غنيم وباسم سمير من المعهد المصري الديمقراطي.

وفي 20 ديسمبر 2018، أصدرت محكمة جنايات القاهرة الدائرة الخامسة عشر، حكمًا بببراءة 41 متهمًا. وكان جميعهم من العاملين في: المعهد الجمهوري للشئون الدولية – المعهد الوطني الديمقراطي – مؤسسة بيت الحرية – مؤسسة كونراد اديناور. وذلك من تهم إنشاء وإدارة منظمات ذات صفة دولية دون الحصول على ترخيص، فضلاً عن تسلم وقبول أموال ومنافع من مؤسسات وهيئات خارج جمهورية مصر العربية، بما يخل بسيادة الدولة المصرية نتيجة مباشرة أنشطتهم، وما يقدم لهم في سبيل ممارسته في مصر، من تمويل أجنبي غير مشروع.

وأقامت المحكمة حكمها بالبراءة على أسباب من بينها أن تعامل الجهات الرسمية الحكومية مع الجمعية أو المنظمة يضفي على عملها صفة قانونية، باعتبار أن وجودها في العلن بدون اعتراض معناه أن الدولة توافق على عملها.

وما بين رفض تظلم واستمرار للمنع وحظر التصرف في الأموال تواصلت هذه القضية لـ 10 أعوام، انتهت في ديسمبر 2020 بقرار من قاضي التحقيق المنتدب من محكمة استئناف القاهرة، بألا وجه حق في إقامة الدعوى ضد 20 منظمة. ذلك لانتفاء الجريمة وعدم كفاية الأدلة. وهو قرار أعقبه آخر في مايو 2021 بانتهاء التحقيقات بشأن 18 منظمة وجمعية وكيان. وذلك لتباين المراكز القانونية واختلاف الطبيعة القانونية والدلائل. ثم توالت القرارات التي أفرغت القضية من مضمونها لصالح هذه المنظمات.

5 نسويات لا يزلن رهن قضية «التمويل الأجنبي»

التحالف الإقليمي للمدافعات عن حقوق الإنسان يشير إلى أنه لا تزال القضية 173 تضم حوالي 5 مدافعات عن حقوق الإنسان في مراكز عدة. ومن بين هذه المراكز « النديم لتأهيل ضحايا التعذيب». حيث تم التحقيق مع الدكتورة ماجدة عدلي، والدكتورة سوزان فياض، والدكتورة عايدة سيف الدولة التي تم منعها من السفر. وتتعرض ثلاثتهن لمضايقات قانونية على وقع هذه القضية.

وعلى وقع النتائج الأخيرة للجنة تقصي الحقائق، طالبت 23 منظمة ممثلة عن حقوق المرأة وحقوق الإنسان بإسقاط التهم فورًا عن كل من لا يزال تحت طائلة القضية 173. كما طالبوا القضاء المصري برفع المنع من السفر وتجميد الأموال عن من تمت تبرئتهم بهذه القضية، ومنهم عزة سليمان وشركة المحاماة الخاصة بها.

وأشارت المنظمات الـ 23 إلى ضرورة ضمان أن تُنهي السلطات ممارسات التضييق على المجتمع المدني، بما يسمح له بالعمل بحرية، وأن يكون المجتمع الدولي يقظا بشأن مصير النشطاء المستقلين والمنظمات في القضية 173.

كما دعت هذه المنظمات إلى ضرورة أن تُظهر الحكومة اهتمامها الحقيقي بتحسين وضع حقوق الإنسان في مصر. وأن يكون ذلك من خلال إلغاء القضايا التي تستهدف نشطاء المجتمع المدني والمنظمات التي تمارس حقها بسلام في التحدث عن انتهاك الحقوق من قبل الدولة أو الفاعلين المجتمعيين.

وقد ضمت المنظمات الـ 23: الصندوق العالمي للنساء، والتحالف الإقليمي للمدافعات عن حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومركز الأندلس للدراسات، ومركز المتوسّط لدراسات الجندر.