بعد الإعلان عن عودة إيران نهاية الشهر الجاري للمفاوضات النووية التي دخلت مرحلة سكون، بعد نحو 6 جولات، لم تحقق خلالها ثمة نتائج. يبدو أن هناك صيغة محتملة قد تم التوافق عليها بخصوص حلحلة الموقف النووي.
حققت طهران بالفعل خروقات عديدة في الاتفاق النووي. منذ الانسحاب الأحادي للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب. وفي ظل هذه الخروقات نجح النظام الإيراني في تحقيق قفزات عديدة بعدما ضاعف نسبة تخصيب اليورانيوم. وصلت لنحو 60% وتخزين كميات هائلة منه. الأمر الذي يجعله قاب قوسين أو أدنى من صنع القنبلة النووية، حسبما تشير تقديرات أممية، من بينها الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
تفكيك الأزمة
وتبعاً للتطورات التي حدثت في المشروع النووي الإيراني. وتأزم الموقف بين واشنطن وطهران. فإن الغرب حاول أن يفصل بعض الملفات المعقدة والملغمة عن بعضها. بحيث يكون الموقف التفاوضي أكثر مرونة. ومن ثم، ساد اتجاه بضرورة عدم رهن المحادثات النووية بالدور الإقليمي لإيران في المنطقة. أو وضع الموقف من المحادثات في فيينا في جملة واحدة مع قضايا أخرى. مثل الصواريخ الباليستية وكذا الطائرات المسيرة، والمتوقع أن تأتي في مرحلة تالية.
وعليه، تضحى المحادثات قائمة بذاتها حول الملف النووي، تحديدا. بغية بلورة صيغة تامة ونهائية متوافق عليها بين القوى المنخرطة في “خطة العمل المشتركة”. وتكون الخطوات اللاحقة متمثلة في إعادة النظر بباقي الملفات. ومن بينها إلحاق دول الخليج في محادثات مع إيران لتخفيف حالة التوتر. ودعم الملالي والحرس الثوري للميلشيات في اليمن وسوريا والعراق ولبنان. ويضاف لذلك الشرط الإيراني الرئيسي المتمثل في رفع العقوبات الأمريكية عن إيران.
نهاية الأسبوع الماضي، أعلنت وكالة “تسنيم” الإيرانية. أنه قد تم تحديد الموعد الرسمي المحدد للجولة التالية من المفاوضات النووية في فيينا. وهي الجولة الأولى في حكومة إبراهيم رئيسي. وغرد مساعد وزير الخارجية للشؤون السياسية علي باقري كني. بأن التفاوض سيكون في 29 نوفمبر الجاري.
ووفقا لوكالة الأنباء الإيرانية. فقد حددت إيران موعد الجولة الأولى من المفاوضات لإحياء الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة 4 + 1 في الحكومة الجديدة. ومن المرجح الإعلان عنها رسميا من قبل أحد كبار المفاوضين الإيرانيين. وغرد باقري كني على حسابه في “تويتر”. أنه في 29 نوفمبر، سيتم البدء في التفاوض بشأن رفع العقوبات المفروضة على إيران.
وتابع: خلال اتصال هاتفي بالسيد إنريكه مورا مسؤول السياسية الخارجية بالاتحاد الأوروبي. تمت الموافقة على بدء التفاوض، بهدف رفع العقوبات اللا إنسانية وغير القانونية في فيينا يوم 29 نوفمبر الجاري.
تحذيرات إيرانية
واللافت أن الرئيس الإيراني. صرح في أعقاب الإعلان عن انطلاق جولة جديدة من المفاوضات. بأنه لا ينوي الانسحاب من المحادثات. بينما وجه تحذيرات مباشرة للدول الكبرى من أن حكومته سوف تواجه ما وصفه بمبالغات في المطالب.
وبالتزامن مع ذكرى استيلاء عناصر متشددة تابعين للمرشد الإيراني، وقتذاك، الإمام الخميني، على السفارة الأمريكية، في نوفمبر عام 1979. وهي الحادثة التي كانت مفصلية في علاقة واشنطن بالنظام الجديد الذي صعد في إيران. حيث جرى احتجاز 52 أمريكيا باعتبارهم رهائن لمدة 444 يوماً، قال رئيسي: “لن ننسحب من طاولة المفاوضات لرفع العقوبات الظالمة عن الشعب الإيراني… نريد مفاوضات مثمرة”.
رئيسي الذي يعد أول رئيس لا يشارك في المراسم الاحتفالية لهذه الذكرى في العاصمة طهران، قال كلمته، في محافظة سمنان، إن عدم التنازل عن رفع العقوبات يعد بمثابة المطلب الشعبي في إيران.
مثلما أعلنت إيران سابقا، لن نترك طاولة المفاوضات لكننا سنقف بوجه المبالغة في المطالب التي تؤدي إلى تضييع مصالح الشعب الإيراني.
الرئيس الإيراني
كما أكد على أنه ستتم متابعة رفع العقوبات وفي الوقت نفسه سنعمل على إجهاض العقوبات: الأمريكيون استعملوا كل الوسائل ومارسوا كل السياسات وطبقوا جميع الاستراتيجيات لكي تستسلم الأمة الإيرانية… لكن الجمهورية الإسلامية ازدادت قوة.
بيد أن جيك سوليفان، مستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي. انخرط في ملاسنات حادة مع وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان. حيث قال الأول إن نهج الإدارة الحالية هو محاولة العودة على أساس الامتثال المتبادل في الاتفاق النووي، ثم اتخاذ ذلك كأساس للتعامل مع مجموعة كاملة من المخاوف بشأن نهج إيران بما في ذلك الأنشطة الصاروخية والإقليمية. وعقّب الوزير الإيراني على ذلك بأن بلاده تنبذ ربط ملف الأنشطة الإقليمية بالمحادثات النووية.
الموقف الإسرائيلي
وإلى ذلك، يبدو أن الموقف الإسرائيلي يبعث بتعقيدات جمة بخصوص مسار المفاوضات النووية. كما أنه سبق وتسبب في تنامي الخلافات بين إدارة بايدن والحكومة الإسرائيلية، وقد بلغت ذروتها في فترة حكومة نتانياهو.
ورغم أن اللقاء الأول الذي جمع بين بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت. نجح في حلحلة بعض التعقيدات، لا سيما أن الأخير تعهد بعد اتخاذ أي مواقف منفردة من شأنها أن تعيق المسار الدبلوماسي للولايات المتحدة. إلا أن رئيس الحكومة الإسرائيلية عاود الحديث، مؤخرا. عن احتمالات المواجهة الخشنة مع إيران، موضحاً بأن النظام الإيراني يمثل تهديدا استراتيجيا للعالم بأسره. وأن الأخير يحتل قمة التهديدات الخارجية لهم، كما حذر من أنه إذا حصلت إيران على سلاح نووي، فإن جميع دول الشرق الأوسط ستضحى نووية.
وقال بينيت، الذي تحدث في مؤتمر “التحالف ضد إيران النووية”، نهاية الأسبوع الماضي: “إيران تشكل تهديدا استراتيجيا للعالم، وتهديدا وجودياً لإسرائيل، ويجب عدم السماح لها بذلك”، وتابع: “يجب أن نواصل الضغط على إيران، وأن نوحد جهودنا في هذا الاتجاه”.
كما دانت نيكي هايلي، السفيرة الأمريكية السابقة لدى الأمم المتحدة، خلال مشاركتها بالمؤتمر، إدارة بايدن على خلفية ما اعتبرته التخلي عن حلفاء واشنطن أمام إيران. وشددت على ضرورة تعزيز التنسيق مع إسرائيل ودول الشرق الأوسط.
كما لفت العضو الديمقراطي في مجلس الشيوخ الأمريكي بن كاردان إلى أن عودة الولايات المتحدة إلى طاولة المفاوضات مع إيران، يجب أن تكون بشرط الحصول على ضمانات بعدم امتلاك النظام في طهران للسلاح النووي. وطالب بتدشين “جبهة فيما يتعلق بأنشطة طهران التدميرية الأخرى”.
مطلع الشهر الحالي، عدّ التقرير السنوي الصادر عن المعهد الإسرائيلي لدراسات الأمن القومي، تطوير طهران لسلاح نووي ضمن أهم “التهديدات الخارجية” في السنوات القادمة لتل أبيب. الأمر الذي يرجح احتمالات حدوث مواجهة حزب الله اللبناني المدعوم من طهران، بحسب ما جاء في التقرير.
مواجهة محتملة
وأعلنت وسائل إعلام إسرائيلية، مؤخرا، عن قيام قوة من مشاة البحرية الأميركية (مارينز)، ووحدة الكوماندوز البحري في الجيش الإسرائيلي (شاييطيت 13). بتدريبات عسكرية مشتركة، في منطقة النقب وشواطئ إيلات على البحر الأحمر.
وأوضحت مصادر عسكرية في تل أبيب إن هذه التدريبات، التي تعد الأولى من نوعها، تدخل ضمن التدريبات الخاصة للاستعداد لاحتمالات المواجهة المحتملة مع إيران، وفقا لبيان صادر عن مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، مطلع الأسبوع.
وقال البيان إن ثمة اجتماع حدث بين غانتس ونظيره الأمريكي لويد أوستن، بهدف التنسيق لمنع تموضع طهران الأمني والعسكري في المنطقة. وتابع: “الإجراءات المطلوبة بهدف مواجهة طموحات إيران النووية”. واتفق الطرفان على ضرورة “الاجتماع قريبا لبحث تعزيز التعاون الأمني بين الجانبين وتوسيع الخطاب الاستراتيجي”.