في ظل مرور عام على إعلان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد حربه على إقليم التيجراي. التي اعتبرتها العديد من الجهات الأممية حربا للإبادة الجماعية على شعب الإقليم الواقع في أقصى شمال الاتحاد الإثيوبي، ويقطنه ما يقدر بنحو 7 ملايين شخص. أصدرت مجموعة “أومنا تيجراي” تقريرها حول الانتهاكات التي جرت خلال تلك الفترة.
وقالت في تقريرها منذ نوفمبر 2020، وبالشراكة مع الديكتاتور الإريتري أسياس أفورقي وقادة من حكومة إقليم أمهرة المجاورة. أطلق آبي أحمد العنان لفظائع لا حصر لها دمرت تيجراي وزعزعت استقرار إثيوبيا وقوضت السلام والأمن في القرن الأفريقي.
وتوترت العلاقات بين تيجراي والحكومة الفيدرالية منذ تولي رئيس الوزراء آبي أحمد منصبه في عام 2018. وتهميش جبهة تحرير تيجراي التي كانت ذات يوم من بيدها السلطة في إثيوبيا.
وخلال العام الماضي تأجج الوضع بعد أن أمر البرلمان الفيدرالي. وزارة الخزانة بوقف الدعم المباشر لإدارة تيجراي لتحديها أمر تأجيل الانتخابات الإقليمية.
واندلعت اشتباكات بعد أن أمر آبي أحمد الجيش بالرد على هجوم مزعوم على معسكر للجيش الفيدرالي في تيجراي.
حصاد العام.. قتلى ومهجرون
بحسب تقرير المجموعة. فخلال الاشتباكات المسلحة قُتل ما يقدر بنحو 70.000 شخص، وعانى أكثر من 22.500 من العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وفر 70.000 إلى السودان المجاور. إضافة إلى أكثر من 2.2 مليون نازح داخليًا.
وتقدر الوكالات الإنسانية أن أكثر من 900 ألف في حالة مجاعة. مع ما يقرب من 2 مليون آخرين على شفا المجاعة.
أسفرت الحملة العسكرية التي شنها آبي أحمد أيضا. عن تدمير المؤسسات الصحية والتعليمية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في المنطقة عمدا. فضلا عن أجزاء من الإقليم لا تزال محتلة من قبل قبائل الأمهرة والقوات الإريترية. مثل غرب تيجراي وإيروب وكوناما وفقا للتقرير.
وكشف التقرير عن معاناة التيجراي من الفظائع اليومية بما في ذلك الاعتقال،و التعذيب التهجير القسري، والإعدام خارج نطاق القانون. فضلا عن تعرض مواطنو الاقليم الذين يعيشون في جميع أنحاء إثيوبيا للتنميط العرقي والهجمات ذات الدوافع العرقية. حيث تم احتجاز عشرات الآلاف من أفراد الخدمة التيجرايين والمدنيين وإخفاؤهم قسراً في جميع أنحاء البلاد.
وفيما اعتبره التقرير تصعيدا حادا لحملة الإبادة الجماعية. نفذت الحكومة الإثيوبية غارات جوية في الإقليم في 18 أكتوبر الماضي. استهدفت العاصمة ميكيلي، وهي مدينة يسكنها 500 ألف نسمة وأكثر من 400 ألف نازح داخليًا. وكذلك بلدتا العدوة ومي تسبري.
وعلى الرغم من إنكار الحكومة الأولي لهذه الضربات الجوية وتبريرها اللاحق بأنها كانت تستهدف أهدافًا عسكرية. فإن شهود عيان وصور ومقاطع الفيديو من المنطقة تُظهر بوضوح. أن هذه الغارات الجوية استهدفت البنية التحتية المدنية والمناطق السكنية. ما أسفر عن مقتل ثلاثة أطفال في اليوم نفسه. كما استمرت الضربات الجوية لإدارة أبي أحمد بين 18 و25 أكتوبر الماضي. حيث دمرت المصانع والفنادق والأحياء السكنية.
حرب التجويع
علاوة على ذلك، في 22 أكتوبر الماضي. أصدر وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، مارتن غريفيث. بيانًا أفاد فيه أن رحلة إنسانية تابعة للأمم المتحدة متجهة إلى ميكيلي أُجبرت على العودة إلى أديس أبابا بسبب هذه الضربات الجوية.
بالإضافة إلى التسبب في خسائر مدمرة في الأرواح، وصدمات نفسية، وتدمير للبنية التحتية المدنية. أدت الغارات الجوية للحكومة الإثيوبية إلى مزيد من تعطيل الاستجابة الإنسانية المحدودة في المنطقة.
وفي 19 أكتوبر الماضي. أفادت مكالمة مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش رفض آبي أحمد فتح وصول المساعدات الإنسانية إلى تيجراي ما لم يحصل على تنازلات سياسية. ما يؤكد أن آبي أحمد يرتكب جرائم حرب علانية من خلال تجويع السكان عمدا، وبحسب التقرير كان من الواضح أن التجويع المسلح أحد الركائز الأساسية لاستراتيجية رئيس الوزراء الحربية منذ نوفمبر 2020. عندما بدأت القوات الإثيوبية والإريترية والأمهرة في نهب وتدمير الإمدادات في تيغراي مع إغلاق خطوط الإمداد في الوقت نفسه ومنع المنظمات الإنسانية من دخول المنطقة.
منع الإمدادات الإنسانية
ومنذ 28 يونيو الماضي. عندما شنت قوات دفاع تيجراي هجومًا مضادًا ناجحًا. أجبر قوات الدفاع الوطني الإثيوبية على الانسحاب من معظم مناطق الإقليم. رد آبي أحمد على ذلك بمزيد من تعزيز الحصار.
ويشمل حصار إدارة آبي أحمد على تيجراي منع نقل المساعدات الإنسانية. وفرض حظر على الاتصالات والنقل. وقطع جميع الخدمات والإمدادات الأساسية.
مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية. أفاد أنه لم يتمكن من الوصول إلا إلى 38 ألف شخص في تيجراي أي بنسبة 4.4٪ فقط من 870 ألف شخص يحتاجون إلى المساعدة كل أسبوع.
كما لم تصل أي شاحنات محملة بالإمدادات الإنسانية إلى الإقليم منذ 18 أكتوبر الماضي، بسبب قيود إدارة آبي أحمد.
وفي أعقاب القصف الجوي الذي شنته الحكومة الإثيوبية على عدة أجزاء من الإقليم، اضطرت الخدمات الجوية الإنسانية التابعة للأمم المتحدة إلى تعليق الرحلات الجوية الإنسانية إليه، والتي تساعد بدورها بحسب التقرير على تحقيق القوات الحكومية هدفها المتمثل في استخدام سلاح التجويع ضد جميع سكان الإقليم.
منع الاتصالات والنقل
كجزء من الحصار، تم حظر شبكات النقل من وإلى الإقليم تمامًا، حيث تحظر الحكومة الفيدرالية السفر البري والجوي إليه أو الخروج منه، في حين أن خدمات الهاتف والإنترنت والسفر تعطلت بشكل متكرر هناك منذ نوفمبر 2020، وبدءًا من يوليو 2021، انقطع الاتصال تمامًا في أجزاء كثيرة من المنطقة، بما فيها خدمات الهاتف والإنترنت.
جرائم تخص كل الأطراف
كانت الأمم المتحدة قد حذرت منذ بداية العمليات العسكرية مما قالت إنه قد يرقى إلى “جرائم الحرب”، في إشارة إلى ما رصدته تقارير من عمليات قتل جماعي تعرض لها مدنيون في إقليم تيجراي شمالي إثيوبيا.
وخلال الأيام الماضية انتقدت المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة ميشال باشليه “الوحشية القصوى” التي تطغى على النزاع في إقليم تيجراي، خلال عرضها نتائج تحقيق مشترك أجري مع الإثيوبيين وخلص إلى احتمال وقوع جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ارتكبتها كل الأطراف.
وأكدت باشليه في جنيف على أن خطورة الانتهاكات التي رصدناها تؤكد ضرورة محاسبة المسؤولين عنها مهما كان المعسكر الذي ينتمون إليه.
وتم إجراء التحقيق بشكل مشترك بين مكتب باشليه والمفوضية الإثيوبية لحقوق الإنسان التي أسستها الحكومة الإثيوبية، وشمل النزاع الذي تشهده البلاد منذ سنة.
وأفاد التقرير: ثمة أسباب معقولة تدفع للاعتقاد بأن كل أطراف النزاع في منطقة تيجراي ارتكبوا، بدرجات متفاوتة انتهاكات للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي وقانون اللاجئين الدولي، قد يشكل بعضها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
مفوض حقوق الإنسان الإثيوبي، دانيال بيكيلي بدروه، قال إن هذا التقرير يشكل فرصة لكل الأطراف للاعتراف بمسؤوليتهم والالتزام باتخاذ خطوات ملموسة في ما يتعلق بالتعويض على الضحايا وإيجاد حل دائم لإنهاء معاناة ملايين الأشخاص.