“التأجيل لحين ورود صورة رسمية من قرار قاضي التحقيقات”. جملة يسمعها الحقوقيون ممن شملتهم قرارات “بألا وجه لإقامة الدعوى” في القضية 173 والمعروفة باسم التمويل الأجنبي. في جلسات قضايا التظلم لرفع أسمائهم من قوائم المنع من السفر والتحفظ على أموالهم.
وبعد مرور عشر سنوات على فتح القضية. اقتربت من الوصول إلى محطتها الأخيرة. بعد حفظ التحقيقات، واستبعاد غالبية الكيانات والجمعيات والشخصيات التي كانت محل الاتهام. في حين لا تزال بعض المنظمات ومؤسسيها تواجه تهم مثل التهرب الضريبي، ولا يزال هؤلاء محرمون من حقهم في السفر، والتصرف في أموالهم الشخصية.
الاتجاه لإغلاق القضية
بدأت خطوات النهاية في ديسمبر 2020. بصدور قرار من قاضي التحقيق المنتدب من محكمة استئناف القاهرة. بألا وجه حق في إقامة الدعوى ضد 20 منظمة. وصدر قرار آخر في مايو الماضي بانتهاء التحقيقات بشأن 18 منظمة وجمعية وكيان. وذلك لتباين المراكز القانونية واختلاف الطبيعة القانونية والدلائل. ثم توالت القرارات. حتى إن عدد المنظمات التي غادرت القضية حتى الآن بلغ 75 منظمة وكيانا.
وكانت محكمة الجنايات أيدت في عامي 206 و 2017، التحفظ على أموال عزة سليمان مؤسسة ورئيسة مجلس أمناء مؤسسة قضايا المرأة المصرية. ومزن حسن، مدير مركز نظرة للدراسات النسوية ومنعهما من السفر.
وبعد 4 سنوات من تأييد محكمة الجنايات. قررت سليمان التظلم أمام محكمة الجنايات. التي حددت الدائرة الرابعة إرهاب لنظر تظلمها. لرفع اسمها من قوائم المنع من السفر والتحفظ على أموالها، عقب تبرئتها من القضية 173 في 30 أغسطس الماضي.
3 أشهر من التأجيل
وكان آخر قرار للمحكمة التأجيل حتى 13 ديمسبر المقبل. وعللت قراراها بعدم ورود صورة رسمية من قرار قاضي التحقيقات بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية ضد سليمان وشركتها “محاماة من أجل العدالة والسلام”.
تقول عزة سليمان. إن محكمة الجنايات لم يصلها قرار قاضي التحقق الرسمي. رغم تقدمها بالتظلم فور صدور القرار. ما يعني أن تظلمها استمر لـ 3 أشهر في انتظار تنفيذ قرار التبرئة.
وواجهت سليمان المنع من السفر لمدة 5 سنوات. وعرفت بأمر إدراجها بقائمة المنع عبر أخبار نشرتها مواقع صحفية. وذلك ما حدث أيضًا مع قرار رفع اسمها.
مؤسسة نظرة للدراسات النسوية، لمؤسستها مزن حسن. صدر قرار بحفظ التحقيقات معها في القضية في أكتوبر الماضي. وكانت مزن انضمت إلى قوائم المنع من السفر والتحفظ على الأموال قبل أكثر من 5 سنوات. كما سبقها تبرئة الناشطة إسراء عبد الفتاح من القضية.
قوائم المنع من السفر
وعقب تبرئتها من قضية التمويل الأجنبي، قامت إسراء عبد الفتاح بالتظلم لإلغاء قرار إدارجها على قوائم الممنوعين من السفر الذي استمر قرابة الـ 7 سنوات. لتلاحق نفس النتيجة بتأجيل القضية إلى 12 ديسمبر المقبل.
تقول إسراء عبد الفتاح. “لا أعلم ما هو المطلوب؟ هل يتم رفع المنع من السفر أم لا والحصول على أموالنا المجمدة أم لا؟”. مستنكرة وجود قرارات قاضي التحقيق في الصحف المصرية دون حصول من تم تبرئتهم على نسخة من القرار أو محاميهم.
وتتساءل إسراء عقب طلب المحكمة لتأجيل القضية لحين ورود قرارات قاضي التحقيق، قائلة، “القضية في طريقها للإغلاق أم إننا بصدد قرارات تكتب على الورق فقط”.
وفي نفس السياق يوضح المحامي محمد زارع بمركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، الذي تم رفع اسمه من قوائم المنع من السفر في سبتمبر الماضي، مع المحاميين أحمد سميح وخالد علي، مع استمراره على ذمة قضية التمويل الأجنبي تبعا لمركز القاهرة، أن هناك ضغوطا على القضية 173 وما ستفعله الدولة تجاه هو الاتجاه لغلقها كليا أو ترك عدد من المتهمين بها، والبعض الآخر سيتم اتهامه في قضايا أخرى تتعلق بالتهرب الضريبي أو في قضايا الرأي.
وفيما يتعلق برفع الأسماء من قوائم المنع من السفر، قال زارع إن ذلك الأمر أصبح في علم الغيب، نظرا للقضايا الأخرى التي يتم زج أسماء الأشخاص بها، مشيرا إلى أنه لإغلاق تلك القضية لابد من وقف كل التضييقات وما يتعرض له المدافعون عن حقوق الإنسان بما في ذلك المنع من السفر وتجميد الأموال والقضايا الأخرى المتعلقة بقضايا الرأي والنشر.
منظمات لا تزال تواجه اتهامات
وأشار زارع إلى استمرار عدد من المنظمات في القضية. هي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ومركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب ومركز القاهرة لحقوق الإنسان، والمحاميان ناصر أمين وهدى عبد الوهاب.
ومن ديسمبر الماضي، خرجت المجموعة المتحدة ومديرها المحامي نجاد البرعي من قضية التمويل الأجنبي إلا إنه مازال يخضع لقرار المنع من السفر والتحفظ على الأموال حتى الآن.
وفي هذا الصدد يقول البرعي. “لا نعرف ما إذا كانت القرارات الصادرة بأن لا وجه لإقامة الدعوى ضدنا أصلا حقيقية أم لا فلم يحصل أحد على نسخه من صورة القرار إلا ما تم نشره إعلاميا”. وتابع: لم أرفع قضية تظلم لأن ذلك من المفترض أن يكون تبعيا لقرارات قاضي التحقيق عقب تبرئتنا من قضية التمويل الأجنبي.
بداية قضية التمويل الأجنبي
وتعود قضية التمويل الأجنبي إلى يوليو 2011، حين أمر مجلس الوزراء وزير العدل -آنذاك- بتشكيل لجنة تقصي حقائق. للنظر في التمويل الأجنبي الذي تحصل عليه منظمات المجتمع المدني. وتحديدًا لمعرفة ما إذا كانت تلك المنظمات مسجلة بموجب القانون 84. وقد تم استكمال التقرير في سبتمبر 2011.
وفي يونيو 2013، حكمت إحدى محاكم الجنايات بالقاهرة على 43 من العاملين المصريين والأجانب في بعض المنظمات الأجنبية بالسجن لمدد تتراوح بين سنة و5 سنوات. وكانت معظم الأحكام غيابية، أما العاملون المصريون الذين ظلوا داخل البلاد فقد حصلوا على أحكام بالسجن لمدة عام واحد مع وقف التنفيذ. كما أمرت المحكمة بإغلاق المنظمات المعنية، وهي: المعهد الجمهوري الدولي، المعهد القومي الديمقراطي، فريدوم هاوس، المركز الدولي للصحافة، مؤسسة كونراد أديناور.
أعيد فتح هذه القضية مرة أخرى في 2016، حيث أدرج عدد من المحامين الحقوقيين. ضمن قوائم الممنوعين من السفر ومنعهم من التصرف في أموالهم. استنادًا إلى تحريات أمنية بأن نشاطهم يضر بالأمن الوطني.