تقدمت النائبة ايناس عبد الحليم، عضو مجلس النواب عن حزب مستقبل الوطن. اليوم الاثنين، بمشروع قانون بشأن تعديل قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996، والمعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008، بهدف تحديد عقوبة لأحد الأبوين، أو كلاهما، إذا تعرض الطفل لإصابة نتيجة إهمالهما.

وتسعى نائبة محافظة الدقهلية إلى أنَّ يضاف إلى المادة 96 من القانون، أنَّه “إذا حدثت إصابة الطفل بجرح أو ضرب نشأ عنه قطع أو انفصال عضو فقد منفعته. أو نشأ عنه كف البصر أو فقد إحدى العينين. أو نشأ عنه عاهة مستديمة يستحيل برؤها. يعاقب بالسجن من 3 سنين إلى 5 سنوات”.

ويشمل التعديل في حالة ما إذا ترتب على ذلك وفاة الطفل. نتاج إهمال متعمد من جانب أحد الأبوين، أو الولي أو الوصي عليه. تكون العقوبة هي السجن مدة لا تقل عن 10 سنوات”.

العنف ضد الأطفال

تنصّ الغاية 16-2 من خطة التنمية المستدامة لعام 2030، والتي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة. على “إنهاء إساءة معاملة الأطفال واستغلالهم والاتّجار بهم وممارسة جميع أشكال العنف ضدهم وتعذيبهم”.

وتعرف المواثيق الدولية العنف ضد الأطفال بأنه “جميع أشكال العنف ضد الأشخاص دون الثامنة عشرة من العمر. سواء كانت تُرتكَب من الأبوين أو غيرهما من مقدّمي الرعاية أو الأقران أو الشركاء العاطفيين”.

وعلى الصعيد العالمي، تشير التقديرات إلى أن عدداً يصل إلى مليار طفل في المرحلة العمرية 2-17 عاماً تعرّضوا لعنف بدني أو جنسي أو وجداني أو عانوا من الإهمال عام 2018. حيث يؤثّر التعرّض للعنف في مرحلة الطفولة على التمتّع بالصحة والعافية طوال العمر.

ووفق الأمم المتحدة. يتأثر نصف أطفال العالم، أو ما يقرب من مليار طفل، سنويًا بالعنف الجسدي والجنسي والنفسي. ويعاني هذا الجيل الصاعد من الإصابات والإعاقات والوفاة، لأن الدول فشلت في اتّباع استراتيجياتها الموضوعة أصلا لحمايتهم.

عنف متزايد

“ينبغي وضع حد تجاه العنف المتزايد تجاه الأطفال، خاصة من ذويهم”. هكذا تبدأ النائبة إيناس إبراهيم حديثها لـ “مصر 360”. موضحة أن قانون الطفل المصري حدد العديد من الحالات الخاصة بالعنف الأسري “لكنها لم تعد كافية. بعدما رأيناه في السنوات السابقة من حوادث مخيفة تقشعر لها الأبدان”.

وتشير نائبة الدقهلية إلى أهمية المواد في مقترح مشروع القانون الجديد. من ضمنها أن تكون عقوبة المتسبب في إصابة الطفل إصابة بالغة أو التسبب في إعاقته بالحبس من 3 إلى 7 سنوات. كذلك رفع عقوبة الإهمال من أحد الوالدين إلى 10 سنوات. وأن تتراوح عقوبة الضرب من 6 أشهر إلى 3 سنوات.

تضيف: “لكن للأسف فإن أغلب المواد الخاصة بالأبوين لا يتم تفعيلها بدعوى مصلحة الأسرة حتى لا تفقد عائلها”.

 

قانون الطفل

نصت المادة 2 من قانون الطفل المصري رقم 12 لسنة 1996 والمعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008: “يقصد بالطفل في مجال الرعاية المنصوص عليها في هذا القانون كل من لم يتجاوز سنه الثامنة عشرة سنة ميلادية كاملة”.

كما نصت المادة 122 فقرة 2: “تختص محكمة الطفل دون غيرها بالنظر في أمر الطفل عند اتهامه في إحدى الجرائم أو تعرضه للانحراف، كما تختص بالفصل في الجرائم المنصوص عليها في المواد من 113 إلى 116 والمادة 119 من هذا القانون”.

وقرر المشرع في المادة 94، امتناع مسؤولية الصغار دون السابعة الجنائية عن أي جريمة تعزوا إليهم. بل حظر كذلك بدلالة الإشارة توقيع أي تدابير احترازية أو اجتماعية حيالهم.

ثم قرر المشرع بعض التدابير التي توقع علي الطفل ما بين السابعة والثانية عشر إذا ارتكب جناية أو جنحة. وقد بينت المادة 94 هذا التدابير وهي التوبيخ، أو التسليم، أو الإيداع في إحدى المستشفيات المتخصصة، أو الإيداع في إحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية.

عقوبة الأب

يضع القانون المصري ذوي الطفل أمام العقوبات في 3 قوانين. وهي القانون المدني، وقانون الطفل، وقانون المرور.

ويعاقب القانون المدني الأب على نوعين من الخطأ وهما “المفترض”، وذلك لسوء التربية، والخطأ الثاني هو عدم المتابعة والملاحظة ويكون هنا التعويض عن الضرر كما تقرره المحكمة. كما أن الأب يعاقب أيضاَ بقانون الطفل بالحبس لمدة 6 أشهر لعدم رعاية نجله وتقويمه.

أما قانون المرور، تصل فيه عقوبة الأب للسجن 3 سنوات وغرامة من 5 الأف جنية لـ 20 ألف جنية. وذلك لأنه سمح لشخص أقل من 18 عامًا بقيادة سيارته.

 

عقوبة الإهمال

لم يتضمن قانون الطفل المصري رقم 12 لسنة 1996، عقوبة إهمال الأسرة في حق أطفالها. فقط اكتفى في مادته رقم 96 بمعاقبة كل من يرتكب انتهاك في حق الطفل بالحبس من 6 أشهر وحتى 3 سنوات. وفى حالة وفاة الطفل بسبب الإهمال الأسرى يتم تحرير محضر إداري، ثم يُحفظ لمراعاة مشاعر الأب والأم الذين فقدا طفلهما. لذا، لا توجد مادة صريحة في القانون تجرم إهمال الأسرة في حق أطفالها.

وتنص المادة 96 من قانون الطفل الحالي، على أنَّه يعد الطفل معرضاً للخطر، إذا وجد في حالة تهدد سلامة التنشئة الواجب توافرها له، وذلك في عدة أحوال.

وتضم حالات التهديد إذا كانت ظروف تربيته في الأسرة أو المدرسة أو مؤسسات الرعاية أو غيرها من شأنها أن تعرضه للخطر. أو كان معرضاً للإهمال أو للإساءة أو العنف أو الاستغلال أو التشرد. كذلك إذا حُرم الطفل، بغير مسوغ، من حقه ولو بصفة جزئية في حضانة أو رؤية أحد والديه أو من له الحق في ذلك.

ومن ضمن حالات التهديد إذا تخلى عن الطفل الملتزم بالإنفاق عليه. أو تعرض لفقد والديه أو أحدهما أو تخليهما أو متولي أمره عن المسئولية قبله. أو إذا حُرم الطفل من التعليم الأساسي أو تعرض مستقبله التعليمي للخطر. وإذا مارس جمع أعقاب السجاير أو غيرها من الفضلات والمهملات.

كذلك إذا كان سيء السلوك ومارقاً من سلطة أبيه أو وليه أو وصيه أو متولي أمره. أو من سلطة أمه في حالة وفاة وليه أو غيابه أو عدم أهليته. وبالطبع إذا لم يكن للطفل وسيلة مشروعة للتعيش ولا عائل مؤتمن.

جرائم بشعة

أوضحت إيناس أنها استعرضت العديد من الحالات في المذكرة التي قامت بتقديمها إلى مجلس النواب. تقول: “ليس بعيد عن ذاكرتنا قضية الطفلة جنة في الدقهلية. التي لقيت مصرعها قبل عامين متأثرة بإصابتها بجروح وكي بالنيران، بأماكن متفرقة بجسدها. وتعرض شقيقتها الأخرى أماني للتعذيب بنفس الطريقة، على يد جدتها لأمها”.

وتلفت نائبة المحافظة التي شهدت القضية التي اهتز لها الضمير الشعبي عام 2019. إلى أنها كانت دافعًا كبيرًا للتفكير في مشروع القانون.

وكانت الجدة المتهمة قد أقرت بضرب وتعذيب حفيدتيها الطفلتين جنة وأماني محمد سمير. وإحداث إصابات أودت بحياة إحداهما للموت، عدة مرات متتالية. واعترفت أنها قامت بضرب المجني عليها وشقيقتها وحرقهما باستخدام أدوات صلبة. مدعية أن ذلك الايذاء لتربيتهما.

تتابع إيناس: “هناك قضية أخرى لا يمكن نسيانها شكّلت لي حافزًا كبيرًا، وهي الأستاذ الجامعي في دمياط الذي قام بضرب أبناؤه حتى توفي أحدهم. كانت جريمة بشعة، تستدعي أن يتم تغليظ العقوبة على الفور”.

وكان أستاذ بكلية الطب قد أقدم على قتل نجله الطالب في الصف الثاني الإعدادي، بعد وصلة تعذيب، واعترف في تحقيقات النيابة بضرب أولاده الثلاثة لسرقتهم 400 جنيه ومقتنيات ذهبية.

وقام الأب بضرب الابن ضربًا مبرحًا متواصلا على مدار يوم، ثم خرج لأداء الصلاة، وعاد ليتناول وجبة العشاء. ثم عاود ضرب نجله، وبعد ذلك توجه للمسجد لأداء صلاة الفجر.

حالات عنف

ذكر تقرير صادر عن المجلس القومي للأمومة والطفولة، أن عدد البلاغات التي تلقاها المجلس، خلال النصف الأول لعام 2016 بلغت 2284 حالة عنف ضد الأطفال.

وتصدر الذكور النسبة الكبرى من بلاغات العنف بحوالي 69% في مقابل 31% للإناث وتعرضت 155 حالة منها للعنف المدرسي، كالاعتداء بالضرب أو التوبيخ.

وفي 2016 بلغت نسبة العنف الجسدي للأطفال في مصر إلى 75% يعرضون للتعنيف الجسدي. سواء عن طريق الأسر أو حتى دور الرعاية، وذلك وفق آخر إحصائية لليونيسيف.

أما العنف النفسي في مصر، فتتراوح نسبته ما بين 40 و50% من الأطفال. أما فيما يخص العنف الجنسي للأطفال نتيجة للختان أو غيرها من العادات، فبلغت النسبة 55% نتيجة للممارسات المختلفة.

عنف عالمي

شهد العام الماضي أول تقرير عالمي عن وضع الوقاية من العنف ضد الأطفال. الذي صدر عن منظمة الصحة العالمية، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو). والممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالعنف ضد الأطفال. والشراكة العالمية من أجل إنهاء العنف ضد الأطفال.

أشار التقرير إلى حاجة واضحة من جميع البلدان لزيادة الجهود المبذولة لتنفيذها. خاصة أن 88% من البلدان فيها قوانين وضعت لحماية الأطفال ضد العنف. فقط 47% قالت إنها تنفذ القوانين بصرامة.

وتضمن التقرير التقييم العالمي الأول من نوعه لجرائم القتل المرتكبة بحق أطفال دون سن الثامنة عشر. ووجد أن أعداد الأطفال الذين سقطوا ضحية جرائم قتل في عام 2017 تُقدّر بـ 40،150 طفلاً. وتوصّل إلى أنّه يمكن للقوانين التي تحظّر العقاب الجسدي للأطفال في جميع الأوساط، بما فيها المدارس، التخفيف من حدّة العنف الذي يرتكبه الكبار بحق الأطفال، وكذلك العنف الذي يمارسه الأطفال بحق بعضهم البعض.

ولكن في حين منعت 79% من البلدان التي ردت على التقرير، العقاب الجسدي، فإنّ 30% من المجيبين يعتقدون بمعاقبة من يرتكب العنف بحق الأطفال لأي سبب كان، بما في ذلك المعلمون. ونحو 80% من الدول لديها خطط عمل وطنية وسياسات، ولكن فقط خمسها لديها خطط ممولة بالكامل أو أهداف قابلة للقياس.