احتفلت مؤسسة بيت العائلة المصرية أمس بمرور 10 سنوات على تأسيسها باحتفالية كبرى بالأزهر الشريف. حضرها رئيس الوزراء وكبار رجال الدولة بالإضافة إلى شيخ الأزهر وبابا الكنيسة القبطية وكافة قيادات الطوائف المسيحية الأعضاء في تلك المؤسسة. التي تأسست بهدف خلق مساحة للحوار الديني بين المسلمين والمسيحيين وحل الصراعات وبناء السلام. وهي الأهداف التي يرى كثيرون إنها غابت عن عمل المؤسسة خلال سنواتها العشر الأولى. بينما يتمسك رجال الدين بأهميتها وبالتأكيد على دورها الفاعل هذا الدور الذي لم يغير شيئًا في واقع الحياة الدينية المصرية.

ووفقًا للدكتور محمد أبو زيد الأمير المنسق العام لبيت العائلة المصرية، فإن هذا الكيان تأسس عام 2011 في أعقاب تفجير كنيسة القديسين بالإسكندرية. حيث كان الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر يقدم التعازي للبابا شنودة الثالث في ضحايا الحادث. فاقترح عليه تأسيس مبادرة تجمع بين الكنائس المختلفة والمؤسسة الأزهرية في كيان واحد. يؤكد على القيم الأساسية للأديان الإبراهيمية. وبعدها صدر قرار رئيس الوزراء بتأسيس بيت العائلة إذ يحمل في اسمه معنى الوحدة والتآلف وكأن مصر هي البيت الذي يجمع المسلمين والمسيحيين معا.

منذ بداية تأسيسه وضع بيت العائلة المصرية لنفسه عدة أهداف أبرزها الحفاظ على النسيج الوطني الواحد لأبناء مصر. بحيث يصبح بيت العائلة حلقة وصل بين جميع المؤسسات والهيئات والوزارات المعنية ويعقد مؤتمرات ولقاءات في جميع المحافظات. ثم بدأ في تأسيس فروع له بجميع المحافظات.

هل نجح بيت العائلة في دور الوساطة في الفتن الطائفية؟

انطلاقًا من هذا الهدف، فإن اسم بيت العائلة المصرية كان يتصدر الصحف ووسائل الإعلام إذا ما حدثت فتنًا طائفية أو أحداث عنف ديني. لاسيما في محافظة المنيا التي سجلت أعلى معدلات تلك الأحداث في السنوات الفائتة. ومن ثم عمل بيت العائلة على لعب دور الوساطة في تلك الأحداث. هذه الوساطة التي أزعجت النشطاء والحقوقيين في أحداث بعينها كان أبرزها حادث سيدة الكرم بالمنيا. إذ يقول إسحق إبراهيم الباحث والحقوقي المتخصص في حقوق الأقباط. إن بيت العائلة المصرية تحول إلى آلة لدعم التدخلات العرفية في التوترات الطائفية على حساب النظام القضائي. واتخذ عديد من القرارات التي تنتهك حقوقًا دستورية في صالح تهدئة ترضي الأغلبية.

لماذا غاب عن بيت العائلة الانخراط في مجال الحوار الإسلامي المسيحي؟

في المقابل، فإن بيت العائلة المصرية طوال تلك السنوات لم يسعى إلى تأسيس قاعدة ترسخ لحوار ديني علمي متخصص. مثل تلك الحوارات التي كان يتبناها الفاتيكان في أوقات سابقة، كذلك فإن بيت العائلة لم يواكب الطفرة الضخمة التي حققتها مؤسسات الحوار الديني. مثل مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز للحوار بين أتباع الديانات (كايسيد) الذي تأسس عام 2012. أو تلك المبادرات التي تطلقها الإمارات العربية المتحدة مثل وثيقة الإخوة الإنسانية. أو حتى المعهد الملكي للدراسات الدينية بالأردن رغم إن مصر تمتلك كافة مؤهلات صناعة حوار ديني ناجح. وهي التي تضم الأزهر كأهم مؤسسة للإسلام السني في العالم من ناحية، وكنيسة الإسكندرية القبطية الأرثوذكسية من ناحية أخرى صاحبة المدرسة اللاهوتية العريقة في العالم المسيحي.

كشف حساب 

في الاحتفال بمرور 10 سنوات على تأسيسه، لم يقدم بيت العائلة المصرية كشف حساب عن المبادرات التي أطلقها أو التحركات التي قدمها. كذلك فإن تأسيسه لم يحل مشاكل مفصلية تم اختبارها على الأرض مثل قضية بناء الكنائس. التي يتصدى لها متطرفون في القرى والريف، فلم يقدم بيت العائلة المصرية على صناعة حوار حقيقي مع أصحاب تلك الأفكار. لاسيما في محافظة المنيا التي واجهت خلال السنوات الفائتة صعوبات بالغة. بسبب تصدي الأهالي في عدد من القرى للمسيحيين الذين يعتزمون بناء كنيسة. وهو ما دفع إسحق إبراهيم للتأكيد على ذلك. قائلا: “مطلوب وجود آليات اجتماعية لدعم علاقات المواطنين بعضهم البعض. لكن المشكلة أن بيت العائلة تحول إلى طريق للهروب من العدالة وعدم جبر الضرر للضحايا”.

شيخ الأزهر
شيخ الأزهر

وأضاف إسحق “لا يوجد تقرير نشاط يوحد ربنا صادر عن بيت العائلة يتناول المشاكل التي تدخل فيها ونوعية الحلول التي تبناها. وماذا قدم خلال عشر سنوات حتى لو من باب التسويق وإسكات من يريدون لبيت العائلة “الموت الرحيم” على حد وصف شيخ الأزهر”.

هل سعى بيت العائلة إلى الوقاية من العنف الديني أم مال إلى التهدئة؟

وفي نفس الوقت، فإن الدكتور محمد أبو زيد الأمير منسق بيت العائلة، قد أكد على هامش الاحتفال بمرور 10 سنوات على تأسيس البيت. أن الفترة القادمة سوف تشهد مؤتمرات للحوار بين القساوسة والشيوخ بينما قادت الكنيسة الأسقفية الأنجليكانية مبادرة مماثلة عام 2013. حملت اسم “معا من أجل مصر” انخرط فيها القساوسة والشيوخ في جلسات تدريبية إلا أن بيت العائلة المصرية الذي وضع الوقاية من الفتن الطائفية أحد أهم أهدافه. قد أغفل فكرة عقد ندوات في المناطق الريفية والتأكيد على قيم العيش المشترك في المناطق الملتهبة التي سعى بيت العائلة إلى البحث عن حلول فيها بعد تفاقم الأزمات دون أن يبادر بالتوعية.

كان البابا تواضروس الثاني قد أكد في كلمته أمس، أن بيت العائلة يعمل على نشر السلام المجتمعي وتحقيق العدالة وتأكيد المواطنة. وتحديات هذا الزمن كثيرة، خاصة بعد انتشار كورونا مثل جفاء المشاعر الإنسانية بسبب الإغلاق، وتحدى آخر هو ثورات الطبيعة من زلازل وبراكين أثرت على المناخ. كذلك دخول مفاهيم غريبة مثل المثلية وزواج الشذوذ وأمور نرفضها جميعا، وهو ما يتطلب منا العمل معنا لمواجهة تلك التحديات. ولبيت العائلة محصول وافر.

وأشار إلى إنشاء فروع جديدة بجانب الـ 17 فرعا العاملة، واقترح أن نتبنى جميعا منهجا أصيلا في التوعية وبناء الإنسان. ويدور حول 5 عناصر، أولا محبة الله، ثانيا محبة الطبيعة، ثالثا محبة الإنسان الآخر، رابعا محبة الوطن والأرض التي نعيش عليها. وخامسا محبة الأبدية التي نشتاق أن نكون فيها. ومن خلال هذا المنهج يكون منهج بيت العائلة في العشر سنوات القادمة.