في دليلها المحدث، تصف وزارة التجارة الأمريكية الاستثمار في مجال الطاقة النظيفة في مصر بأنه أفضل قطاع صناعة محتمل لهذا البلد. فيما تتوقع وكالة «فيتش» للتصنيف الائتماني -في تقرير آخر- أن يشهد قطاع الطاقة المصري نموًا مستمرًا خلال العقد المقبل. ذلك في ظل دخول العديد من محطات الطاقة الحرارية، والشمسية، وطاقة الرياح حيز العمليات التجارية. ويعزز هذا ما تمتلكه مصر من وفرة في الأراضي وطقس مشمس ورياحًا عالية السرعة. الأمر الذي يجعلها موقعًا متميزًا لمثل هذه النوعية من المشاريع. وهو ما تؤكده استراتيجية الطاقة المستدامة المتكاملة لعام 2035. وتعتزم مصر بها زيادة في إمدادات الكهرباء المولدة من المصادر المتجددة، تصل إلى 20% بحلول عام 2022، و42% بحلول العام 2035.
مقومات مصر في الطاقة النظيفة
تمتلك مصر حاليًا حوالي 500 ميجاوات من محطات طاقة الرياح قيد التشغيل. بالإضافة إلى 1340 ميجاوات قيد التطوير. وهناك أيضًا ثلاثة منتجي طاقة مستقلين مملوكين للقطاع الخاص، بإجمالي قدرة توليد تبلغ حوالي 2.5 جيجاوات. وقد بدأوا عملياتهم في الفترة 2002-2003 بموجب اتفاقيات شراء الطاقة لمدة 20 عامًا مع الشركة القابضة لكهرباء مصر. فيما تتضمن خطة الحكومة المصرية للطاقة المتجددة للأعوام 2015-2023 (3.2 جيجاواط) من المشروعات الحكومية. بما في ذلك (1.25 جيجاواط) في إطار آليات BOO، و920 ميجاوات في إطار آليات IPP.
الرياح مصدرًا للطاقة النظيفة
وفق أطلس الرياح الذي أصدرته وزارة الكهرباء في ديسمبر 2005، لدى مصر وفرة في مناطق واعدة تتمتع بسرعات رياح عالية. في منطقة غرب خليج السويس، وعلى جانبي النيل، وببعض المناطق بسيناء، ما يؤهل لإقامة مشروعات كبرى لتوليد الكهرباء من طاقة الرياح.
ويبلغ متوسط السرعات في خليج السويس حوالي 10.5 م/ث على ارتفاع 50 مترًا. بينما في مناطق شرق وغرب النيل يصل إلى 7.5 م/ث على ارتفاع 80 مترًا، وفق بيانات الأطلس.
منذ عام 2001، تم إنشاء سلسلة من مزارع الرياح واسعة النطاق بسعة إجمالية 1.3 جيجاوات. وذلك بالتعاون مع ألمانيا والدنمارك وإسبانيا واليابان. وهي تتضمن:
مزرعة رياح الزعفرانة (545 ميجا وات):
وتضم المزرعة عدد 700 توربينة من طرازات مختلفة (600 ك.و – 660 ك.و – 850 ك.و). وقد تم تنفيذ هذه المحطة على عدة مراحل اعتبارًا من عام 2001. وذلك ببروتوكولات تعاون حكومي مع دول أجنبية.
مزرعة رياح جبل الزيت (580 ميجاوات):
وتضم 3 محطات، هي: رياح جبل الزيت (1) بقدرة 240 ميجاوات، بالتعاون مع بنك التعمير الألماني، وبنك الاستثمار الأوروبي، والمفوضية الأوروبية – جبل الزيت (2) بقدرة 220 ميجاوات، بالتعاون مع الوكالة اليابانية للتعاون الدولي JICA – جبل الزيت (3) بقدرة 120 ميجاوات، بالتعاون مع الحكومة الإسبانية.
كما تحوي المزرعة عدد 290 تربينة رياح من طراز G80 (2 ميجاوات لكل تربينة).
محطة رياح قطاع خاص بخليج السويس (250 ميجاوات):
تم بناء المحطة بنظام التملك والبناء والتشييد BOO. وذلك عن طريقة شركة راس غارب لطاقة الرياح، وتضم تحالف (انجي الفرنسية – أوراسكوم المصرية -تويوتا اليابانية). وهي أول محطة رياح مملوكة للقطاع الخاص في مصر.
بالإضافة إلى ذلك، تسعى مصر إلى إنشاء محطات أخرى تحت الإعداد بقدرة أكثر من 2400 ميجاوات. ومنها مشروع محطة رياح بقدرة 250 ميجاوات، بالتعاون مع القطاع الخاص (شركة لاكيلا) – تحت الإنشاء. وكذلك مشروع خليج السويس (1) بقدرة 250 ميجاوات. وذلك بالتعاون مع بنك الاستثمار الأوروبي، الوكالة الفرنسية للتنمية، والاتحاد الأوروبي.
الطاقة الشمسية في مصر
يذكر أطلس الطاقة الشمسية أن مصر تعتبر دولة «حزام الشمس» مع وفرة تتراوح ما بين 2000 إلى 3000 كيلو واط في الساعة لكل م 2 / سنة من الإشعاع الشمسي المباشر. حيث تشرق الشمس من 9-11 ساعة في اليوم من الشمال إلى الجنوب، مع أيام قليلة ملبدة بالغيوم.
وقد تم بناء أول محطة للطاقة الحرارية الشمسية في مصر عام 2011 في الكريمات، فيما توفر المحطات القائمة إلى الآن ما إجماليه (1763 ميجاوات) من الكهرباء. وتتضمن:
المحطة الشمسية الحرارية بالكريمات:
أحد 3 مشروعات تم تنفيذها وتشغيلها على مستوى قارة إفريقيا في المغرب والجزائر ومصر. وتعتمد على ارتباط الدورة المركبة بالحقل الشمسي. فيما تبلغ قدرة المشروع 140 م.و منها 20 م.و مكون شمسي. وقد بلغت نسبة التصنيع المحلي في المكون الشمسي حوالي 50%. وبدأ تشغيل المحطة تجاريًا اعتبارًا من أول يوليو 2011.
مجمع بنبان الشمسي للخلايا الفوتو فولطية (1465 ميجاوات):
بلغ حجم الاستثمارات في هذا المشروع حوالي 2.2 مليار دولار. ويضم 32 شركة وتحالفًا، فيما وفر حوالي 10 آلاف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة. وتقدر مساحته بـ37 كيلومتر مربع على 8843 فدانًا. وتصل قدرته إلى 1465 ميجاوات، أي ما يعادل 90% من طاقة السد العالي، وقد بدأ التشغيل التجاري له في أبريل 2018.
محطة الخلايا الفوتو فلطية بكوم أمبو (26 ميجاوات):
أقيم المشروع بالتعاون مع الوكالة الفرنسية للتنمية. وبدأ التشغيل التجاري للمحطة في فبراير 2020.
علاوة على ذلك، أنشأت الحكومة بالتعاون مع الحكومة الإماراتية، محطات خلايا فوتو فولطية موزعة متصلة بالشبكة بنظام صافي القياس بقدرة 100 ميجاوات. وأيضًا محطات خلايا فوتو فولطية لامركزية منفصلة عن الشبكة بقدرة 32 ميجاوات. وذلك بغرض تغذية المناطق والقرى والتجمعات غير المرتبطة بالشبكة الموحدة. وتخطط لتأسيس محطات أخرى تحت الإعداد، لتوفير أكثر من 1170 ميجاوات. وذلك بالتعاون مع القطاع الخاص بنظام BOO.
استراتيجية الطاقة المستدامة 2035
وفق وزير الكهرباء محمد شاكر، نجحت مصر في إضافة قدرات كهربائية تصل لأكثر من 28 ألف ميجاوات. وهي تهدف بذلك تنويع مصادر الطاقة النظيفة لتقليل انبعاثات الكربون، والوصول إلى صفر انبعاثات. وقد تمكنت من الوصول إلى 30% من المحتوى المحلي لمزارع الرياح في عام 2018.
وتعتزم مصر باستراتيجية الطاقة المستدامة المتكاملة لعام 2030 زيادة إمداد الكهرباء المولدة من المصادر المتجددة إلى 20% بحلول عام 2022. ما يمثل خطوة نحو تحقيق 42% بحلول عام 2035. حيث توفر الرياح 14%، والطاقة المائية 2%، والكهروضوئية 22%، والشمسية المركزة 3%.
أيضًا، تشارك هيئة تنمية الطاقة الجديدة والمتجددة في المشروع البحثي لبناء قدرات الطاقة الحرارية الأرضية في مصر الـ«GEB». وهي تستهدف تزويد السوق المحلي بطلبه من المهندسين الخريجين المؤهلين في مجال استقصاء الطاقة الحرارية الأرضية. ذلك بغرض رفع مستوى وعي المجتمع وصناع القرار بإمكانات الطاقة الحرارية الجوفية في مصر.
الهيدروجين الأخضر.. عضو جديد بالمنظومة المصرية للطاقة النظيفة
في يوليو الماضي، وجه الرئيس عبدالفتاح السيسي، بإعداد استراتيجية وطنية متكاملة لإنتاج الهيدروجين باشتراك القطاعات المختلفة بالدولة. وذلك سعيًا لامتلاك مصر القدرة في مجال توليد واستغلال الهيدروجين، ومواكبة التطور العالمي في هذا المجال.
ويعرف الهيدروجين الأخضر كعضو جديد في أسرة الطاقة النظيفة المتجددة. ويتم إنتاجه عن طريق التحليل الكهربائي، باستخدام آلات تعمل على تحليل الماء إلى عنصرَي الهيدروجين والأكسجين، دون أي نواتج ثانوية، أهمها ثاني أكسيد الكربون.
وقد بدأت دول عدة في ضخ استثماراتها في هذه التكنولوجيا. خصوصًا الدول التي تتوافر بها طاقة متجددة قليلة التكلفة. ومن ضمن هذه الدول أستراليا، التي تسعى إلى تصديره، غبر استغلال ما يتوافر لديها من طاقة شمسية وطاقة الرياح. وكذلك تشيلي التي تسعي لإنتاج الهيدروجين في المناطق القاحلة الواقعة في شمال البلاد. وهي غنية بالكهرباء المُوَلَّدة باستخدام الطاقة الشمسية.
وتعتزم الصين إطلاق مليون مركبة تعمل بخلايا وقود الهيدروجين بحلول عام 2030. فيما هناك مشروعات مماثلة يجرى العمل عليها في كلٍّ من كوريا الجنوبية، والنرويج، والولايات المتحدة الأمريكية.
ونشرت المفوضية الأوروبية مؤخرًا خطة إنتاج الهيدروجين لعام 2030. وتدعو فيها إلى زيادة قدرات إنتاج الهيدروجين لتصل إلى 500 جيجاوات بحلول عام 2050. علمًا بأن القدرات الحالية لا تزيد على 0.1 جيجاوات. وهذا دفع مؤسسة الخدمات المالية العالمية غولدمان ساكس، في أوائل العام الجاري، إلى التنبؤ بأن قيمة الاستثمارات السوقية في إنتاج الهيدروجين الأخضر ستبلغ 12 تريليون دولار بحلول عام 2050.