أطلت علينا أجهزة الأمن التونسية قبل أيام بالإعلان عن تفكيك خلية إرهابية نسائية تابعة لتنظيم أجناد الخلافة، نشطت في المنطقة الواقعة بين محافظتي الكاف في الشمال الغربي للبلاد وتوزر الواقعة في جنوبها الغربي.
وورد في بيانهم الرسمي أن تلك الخلية كانت تعمل على استقطاب النساء عبر مواقع التواصل الاجتماعي لصالح تنظيم “داعش“. كما تم التأكيد أنهم على صلة وثيقة بعناصر إرهابية تتبع “أجناد الخلافة.
واللافت في هذا الخبر أنه يعد الإعلان الأول عن تفكيك خلية نسائية إرهابية في تونس. وإن لم تكن المرة الأولى من نوعها التي يتم فيها إلقاء القبض على عناصر نسائية تعمل في الجناح الإعلامي التابع لكتيبة “أجناد الخلافة الداعشية.
الجناح النسائي
يسلط التقرير التالي الضوء على هذه الكتيبة وصراعها مع تنظيم القاعدة بل وتحايلها من أجل السيطرة على ساحة القتال في تونس.
هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها إلقاء القبض على عناصر نسائية تتبع تلك الكتيبة.
ألقت قوات الأمن التونسية القبض على الجناح الإعلامي لـ “أجناد الخلافة” خلال عام 2015. وكانت ضربة كبرى للكتيبة لما لذلك الجناح من دور هام في مجال الترويج والاستقطاب الداعشي.
الجناح النسائي الإعلامي النشط التابع لداعش تونس “أجناد الخلافة. كانت تترأسه سيدة مكناه بـ”أم أسيد الغريبة” وبرفقتها 8 نساء أخريات تحت إشراف الارهابي المعروف بـ”أبو القعقاع”.
وكشفت وزارة الداخلية التونسية وقتها أن النساء التسع اعترفن أنهن تكفيريات. وأكدن على تأثرهن بعدد من الخطب المنشورة للإرهابي كمال زروق. فضلا عن قيامهن بأعمال مشابهة لصالح تنظيم “أنصار الشريعة” قبل استقطابهم من “أم أسيد” لصالح أجناد الخلافة.
وأعلنت قوات الأمن التونيسية عن استهدافها خلال الأيام الأخيرة لخليتين يعملان على استقطاب النساء والشباب من خلال مواقع التواصل الاجتماعي. حيث ألقت القبض على أحد العناصر التكفيرية في محافظة “بنزرت” يرتكز عمله على النشاط الإعلامي الترويجي الذي يستهدف استقطاب فئة الشباب للجناح الداعشي في تونس.
كما ألقت القبض على خلية نشطة من النساء تستغل الفضاء الافتراضي لاستقطاب مثيلاتهن لصالح “أجناد الخلافة الداعشي”. وهو الأمر الذي أثار قلق ومخاوف الكثيرين من تطور الاستقطاب الإلكتروني عبر وسائل التواصل المختلفة. وتم إحالة أفراد الخلية للنيابة العمومية التي بدورها ألقت بهم إلى السجن.
أسفرت العمليات الإرهابية في تونس منذ عام 2011 عن مقتل 700 من العسكريين. وتمكنت قوات الأمن من تفكيك نحو 320 خلية نشطة من تنفذ هجمات إرهابية أو تلك التي تنشط على مواقع التواصل الاجتماعي.
بداية الوجود الداعشي في تونس
تطلع تنظيم داعش للبحث عن موطئ قدم له في تونس التي سبقه إليها تنظيم القاعدة. وبدأ في دراسة وسائل إغراء الجنود التابعين لمنافسه. وعمل على ذلك الأمر منذ نهايات عام 2013، معلناً صراحة عن ذلك في عام 2014 من خلال رسالة لأحد قادته طالب فيها إرهابي تونس بالانضمام لداعش. وتلى ذلك رسالة أخرى في عام 2015 من أحد قادته المعروف بـ “أبو يحيى التونسي” طالب خلالها إرهابي تونس بالذهاب لتلقي التدريبات في ليبيا والعودة للعمل تحت لواء داعش.
وركز التنظيم الداعشي على استقطاب العناصر الإرهابية التابعة للقاعدة. وقد تمكن من ذلك فعليا وأعلن في إبريل 2015 عن جماعته الارهابية بتونس والتي حملت لسم “أجناد الخلافة”.
وكعادته صرح تنظيم داعش عن وجوده من خلال أحد العمليات الارهابية التي عرفت باسم “متحف باردو”. كاشفًا من خلالها عن شراسته المعتادة محاولا إظهار قوت كتيبته التي لا تقل ضراوة عن “عقبة بن نافع” التابعة لـ”القاعدة” التي سبقتها إلى هناك بنحو 4 سنوات..
الإغراء والتحايل.. وسائل داعش لاستقطاب التونسيين
دخل تنظيم داعش البلاد في عام كان معبأ بالحرب على الإرهاب. وبدأ يفكر في سبل استقطاب العناصر الإرهابية التابعة لتنظيم “القاعدة” هناك. فسلك عددا من الطرق واحد منها كان الإغراء بإمكانيات “التنظيم” وقدرتها على التمويل وما إلى ذلك من عناصر الجذب ونجحت في ذلك إلى حد كبير.
ولكن واجهها وجود بعض العناصر لم يتمكنوا من إغرائهم في الوقت التي كانت قوات الأمن في تونس أحكمت قبضتها على كتيبة “عقبة بن نافع” التابعة للقاعدة والمنافسة لها هناك. فأشاع “أجناد الخلافة الداعشي” أنهم حصلوا على ولاء الكتيبة كذبًا وهو ما كان له تأثير واضح على غير الراغبين من القادة بالانضمام لداعش.
وبالفعل تمكنت “أجناد الخلافة الداعشية” من استقطاب أعداد كبيرة من الجنود خاصة بعد تدهور وضع كتيبة “عقبة بن نافع”. إثر مقتل أبرز قادتها عام 2015. لدرجة أن قوات الأمن ألقت القبض على نحو 1800 شخص في 2015. كشفوا أثناء التحقيقات عن تبعيتهم لداعش. ما يدل على نجاح التنظيم في مواجهته مع القاعدة.
وتصديقاً للمثل الشهير “مصائب قوم عند قوم فوائد”. فإن الضربات المتتالية التي وجهتها قوات الأمن لكتيبة “عقبة بن نافع” صبت جميعها في صالح تنظيم “أجناد الخلافة” الداعشي. سواء في عدد الموالين له أو في مكاسب السيطرة على ساحة “الجهاد” كما أسموها. بل إنهم جذبوا الخلايا النائمة أيضًا. وشنوا عددا من العمليات بعد ذلك منها العمليات التي عرفت إعلاميا بـ”محمد الخامس متحف باردو وسوسة”.
الإرهاب في تونس
بدأت العمليات الإرهابية في تونس مع حلول عام 2011. لكنها كانت متباعدة وذات إيقاع بطيء حتى تصاعدت وتيرتها بحلول عام 2013. لتستهدف السياح والعسكريين وبالفعل أودت بحياة المئات.
ولا يمكننا أن نصف تونس بأنها ساحة جهاد موسع. إلا أن أرضها جمعت بين تنظيمي القاعدة وداعش الذين تنافسا بداخلها من أجل السيطرة على الساحة هناك. حتى آلت القوة في عام 2015 لصالح أجناد الخلافة الداعشي بعد انحسار نفوذ عقبة بن نافع القاعدي.
وتعتبر الجبال المرتفعة هي “وكر تحصين الجماعات الإرهابية” أو تحديدا تلك الموجودة في المرتفعات الغربية التي أصبحت ملاذ الإرهابيين الآمن طوال فترات الهجوم الأمني عليهم.
وفي عام 2019 قررت اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب. تجميد أموال كتيبة “أجناد الخلافة”. ونحو 40 شخص من المتهمين بالارتباط بهذه الجماعة الارهابية لـ 6 أشهر قابلة للتجديد. وبذلك تمكنت تونس من محاصرة نشاط الجماعة الارهابية وتحجيم قدرتها على الصعود بعد السيطرة على مواردهم الاقتصادية.