أثارت وزيرة الصناعة والتجارة نيفين جامع بقراري إلغاء فرض تدابير وقائية على واردات البليت وحديد التسليح ومنتجات الألومنيوم، حالة من الجدل داخل القطاع الصناعي المصري. بعدما اختلفت الآراء حول تأثير القرارين على أسعار الحديد والألومنيوم ومدى تسببهما في إغراق السوق بالواردات الفترة المقبلة.
علل بيان الصناعة والتجارة قرار الوزيرة بأنه جاء «نتيجة للارتفاع الكبير الذي يشهده الاقتصاد العالمي من ارتفاع معدلات التضخم وأسعار الطاقة، وكذا ارتفاع أسعار مواد ومستلزمات الإنتاج». وهو الأمر الذي يؤثر سلبًا على القطاعات الإنتاجية والتصديرية المصرية.
تدابير وقائية على الواردات
في أكتوبر 2019، أصدر عمرو نصار وزير التجارة والصناعة السابق، قرارًا بفرض تدابير وقائية نهائية متدرجة على الواردات. وذلك لبعض أصناف منتجات الحديد والصلب لمدة 3 سنوات، بواقع 25% على حديد التسليح، و16% على البليت.
بينما في أبريل الماضي، أصدرت نيفين جامع قرارًا بفرض تدابير وقائية نهائية على الواردات من صنف منتجات الألومنيوم التي تشمل القوالب والسلندرات والسلك. ذلك لمدة ثلاث سنوات، بدءًا من منتصف شهر أبريل الماضي.
وفق خبراء الصناعة، فإن قرار الحكومة الصادر أمس بإلغاء تلك التدابير، من شأنه أن يزيد من المنافسة على سعر البليت. نظرًا لأن سعره العالمي حاليًا أقل من السعر في السوق المحلي. وبالتالي ستكون المنافسة في صالح المستهلك النهائي المحلي. بدلاً من تمركز إنتاج خام البليت في شركة واحدة.
وتنتج شركة حديد عز، خام البليت الذي يدخل في صناعة حديد التسليح.
كيف سيتأثر السوق؟
السوق المحلي ربما سيكون عرضة لمتغيرات عدة بمجرد تطبيق القرار. وبالتالي ستكون الدولة مطالبة بإحكام قبضتها على الواردات لمنع إغراق السوق بالواردات الأجنبية من الحديد. خاصة تلك الواردة من تركيا.
عضو المجلس التصديري لمواد البناء والصناعات المعدنية، ورئيس قطاع المبيعات بشركة «حديد عز» سمير نعمان، يقول لـ«مصر 360»، إن رسوم واردات البليت وحديد التسليح يتم تطبيقها في كل دول العالم. وبالتالي إلغاء تلك الرسوم سيُضر بالصناعة المحلية، ولن يكون في صالح المُصنع المصري.
هناك عدد من الدول الأوروبية ستستفيد من القرار في إغراق السوق المصري بإنتاجها. وتُعد تركيا واحدة من هذه الدولة التي ستسعى للاستفادة من القرار في زيادة حجم صادرات البليت والحديد لمصر الفترة المقبلة. استفادة من انخفاض الليرة، وفق نعمان.
القرار ليس في صالح صناعة الحديد بمصر. وبالتالي لا يمكن تحميل مزيد من الأعباء على المصنعين. خاصة بعد قرار زيادة أسعار الغاز الطبيعي المواجه لقطاع الصناعة الأيام الماضية. وتسببه في ارتفاع تكاليف الإنتاج المحلي، مقارنة بتكلفة إنتاج الحديد عالميًا، يقول نعمان.
إغراق السوق سيضر بصناعة الحديد
إلغاء رسوم الحماية على حديد التسليح سيفتح باب الإغراق غير الطبيعي للسوق. لأن حديد التسليح هو منتج نهائي يستورده التجار، يقول حسن المراكبي رئيس مجلس إدارة مجموعة المراكبي للصلب لـ «مصر 360».
إضافة إلى أن إلغاء رسوم الحماية يتسبب في ضرر للصناعة وليس حمايتها كما يُردد البعض. فالمنافسة بين الشركات المحلية ونظيرتها الأجنبية ستزداد صعوبة الفترة المقبلة. ذلك مع الأخذ في الاعتبار الزيادة الأخيرة التي حدثت في سعر الغاز الطبيعي الموجه إلى المصانع.
لابد من دعم الصناعة الوطنية وتقديم مزيد من الحوافز للمصنعين وحمايتهم، وحماية السوق من الإغراق الخارجي، وليس العكس.
تراجع سهم حديد عز
تأثرًا بإلغاء فرض تدابير وقائية على واردات البليت وحديد التسليح، هوى سعر سهم شركة حديد عز بنسبة 6.45% في نهاية تعاملات الأحد بالبورصة المصرية. وقد تأثر بقرار وزارة الصناعة والتجارة بوقف فرض رسوم على الواردات.
كما تراجع سعر سهم شركة حديد عز إلى 13.05 جنيه في نهاية تعاملات اليوم مقابل 13.95 جنيه في بداية التداولات.
إلغاء رسوم الواردات على البليت تزيد المنافسة
على الجانب الآخر، قال طارق الجيوشي، عضو غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات، إن القرار سيزيد المنافسة على سعر البليت، نظرًا لأن سعره العالمي حاليًا أقل من السعر في السوق المحلي.
يشيد الجيوشي بقرار إلغاء الرسوم الوقائية على واردات خام البليت. ويوضح فيقول إن مصانع درفلة حديد التسليح تنفست الصعداء بعد إلغاء القرار الذي دفعت ثمنه لقرابة الثلاث سنوات. فضلاً عن الخسائر التي تكبدتها الدولة نظير خسارة رسوم استيراد 3 ملايين طن من المادة الخام لحديد التسليح «البليت».
وهو يرى أن توقيت صدور القرار سيدفع بالصناعة المحلية إلى الأمام. باعتباره صادرًا في توقيت يعاني فيه الاقتصاد العالمي مشكلات عدة. بسبب ندرة الإنتاج والارتفاع الكبير في أسعار الطاقة والشحن، وكذلك مدخلات الإنتاج.
يلفت عضو غرفة الصناعات المعدنية أيضًا إلى أن زيادة الطاقات الإنتاجية من حديد التسليح بالمصانع المصرية سيزيد من معدلات المنافسة لصالح المستهلك. كما سيعزز القدرة على تلبية احتياجات المشروعات القومية، من خلال توسيع دائرة مصادر الحصول على حديد التسليح.
هل تنخفض الأسعار؟
تطبيق القرار من شأنه أن يؤثر على أسعار حديد التسليح. وقد يؤدي إلى تراجع في التسعيرة النهائية للطن. ذلك بما يتراوح بين 1500 : 2000 جنيه للطن الواحد خلال الفترة المقبلة، كما توضح مصادر بشعبة مواد البناء.
إذن، ربما جاء إلغاء رسوم الحماية على حديد التسليح ليُنقذ صناعة الحديد في مصر حاليًا. وإن كان القرار قد تأخر بعض الشيء بسبب نقص خامات الحديد في المصانع المحلية خلال الفترة الماضية وتأثيرها على إنتاج المصانع.
مصانع الدرفلة عملت الفترة الماضية بنحو 25% من طاقتها الإنتاجية. بسبب تأثرها بنقص خامات الحديد التي تعتمد على استيرادها بشكل كبير من الخارج. لكن حاليًا ستكون تلك المصانع قادرة على تعويض الخسائر التي تعرضت لها لشهور طويلة، وفق المصادر.
سيعمل القرار كذلك على زيادة المنافسة بين المصانع. كما سيمنع الاحتكار وتشغيل مصانع الدرفلة. بالإضافة إلى دوره في خفض تكلفة المشروعات الوطنية والوحدات السكنية. ولذا فمن المتوقع أن يساهم في خفض الأسعار.
عودة المنافسة في صناعة الألومنيوم
وفيما يتعلق بالألومنيوم، يرى عدد من خبراء هذه الصناعة، أن قرار إيقاف العمل بفرض رسوم على منتجات الألومنيوم صائبًا لصالح الصناعة. إذ سيخفض سعر المنتجات النهائية بالأسواق. بينما تتوقع هذه المصادر أن تشهد السوق المحلية انخفاضًا بنسبة 10-15% خلال الفترة المقبلة. مع زيادة الطاقات التشغيلية، وانعكاسها على التكاليف الاستثمارية للمشروعات القومية.
رئيس شركة المتحدة لقطاعات الألمونيوم محمد الجمال، أوضح لـ «مصر 360»، إن قرار إيقاف التدابير الوقائية على منتجات الألمونيوم جاء في توقيت جيد، خاصة في ظل المتغيرات العالمية والارتفاع الكبير في أسعار الخامات والشحن، ورسوم الإغراق، التي كانت تتسبب في زيادة كبيرة في تكلفة الإنتاج بما ينعكس على المنتج النهائي.
القرار سيكون له تأثير إيجابي على الصناعة والمستهلك. إذا ما قارناه بالفترة الماضية وما شهدته من تراجع في الطاقات الإنتاجية. بالإضافة إلى اضطرار المصانع للاستيراد بالأسعار العالمية. وهي كلها أمور انعكست سلبًا على المنافسة مع المنتجات النهائية المستوردة غير المحملة بأعباء الرسوم الوقائية. قرار إيقاف القرار هذا يساهم في عودة المنافسة مع تلك المنتجات، يضيف الجمال.
واردات مصر من خامات الحديد
ارتفعت قيمة واردات مصر من خامات الحديد ومركزاتها ومواد أولية من حديد وصلب بنسبة 28.7% خلال الـ 8 أشهر الأولى من 2021، لتسجل 3.442 مليار دولار في مقابل 2.673 مليار دولار خلال نفس الفترة من 2020.
وتوضح نشرة التجارة الخارجية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، انخفاضًا طفيفًا في واردات تلك السلع خلال أغسطس بنسبة 0.4% لتبلغ 264.767 مليون دولار في مقابل 265.989 مليون دولار.
وقد شهدت فاتورة استيراد مصر من خامات الحديد ومركزاتها نموًا خلال تلك الفترة بنسبة 60.7% لتبلغ 926.931 مليون دولار في مقابل 576.936 مليون دولار، بينما تراجعت بنسبة 100% خلال أغسطس لتبلغ ألفي دولار مقابل 71.69 مليون دولار خلال أغسطس 2020.
أيضًا، زادت قيمة واردات مصر من مواد أولية من حديد أو صلب لتبلغ 2.515 مليار دولار خلال الفترة من يناير- أغسطس 2021، في مقابل 2.097 مليار دولار خلال نفس الفترة من 2020، بنمو 20%. كما ارتفعت خلال أغسطس بنسبة 36.3% لتسجل 264.765 مليون دولار في مقابل 194.299 مليون دولار.
واردات الحديد والصلب الأمريكي
وقفزت قيمة واردات مصر من الحديد والصلب -فولاذ- من أمريكا بنسبة 281.1% خلال الـ 8 أشهر الأولى من 2021، لتسجل 260.461 مليون دولار في مقابل 68.338 مليون دولار خلال نفس الفترة من 2020، وفق نشرة التجارة الخارجية الصادرة عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. فيما تراجعت قيمة واردات الحديد والصلب-فولاذ من أمريكا لمصر خلال أغسطس لتبلغ 23.124 مليون دولار في مقابل 29.157 مليون دولار بانخفاض 20.7%.
وبلغت قيمة فاتورة استيراد مصر من الحديد والصلب-فولاذ من إيطاليا نحو 73.173 مليون دولار خلال الفترة من “يناير- أغسطس 2021” في مقابل 66.927 مليون دولار خلال نفس الفترة من 2020. ونمت قيمة واردات الحديد والصلب- فولاذ من إيطالي لمصر بنسبة 100.6% خلال أغسطس لتبلغ 11.462 مليون دولار في مقابل 5.713 مليون دولار.