تواجه الخطط العالمية لمنح جرعة ثالثة من لقاحات كورونا، وتوفير كميات مماثلة لتطعيم الشباب صغير السن، أزمة في توفير الكميات اللازمة من المحاقن  “السرنجات” التي انخفض مخزونها العالمي مع ارتفاغ وتيرة التلقيح حول العالم.

ورجحت منظمة الصحة العالمية حدوث نقص يتراوح بين مليار وملياري سرنجة خلال العام القادم، ما قد يؤثر على عمليات التطعيم الروتينية للأمراض الأخرى. 

تبدو المشكلة أعمق في الدول الكبرى التي تتزايد فيها عمليات التطعيم مثل الولايات المتحدة التي تضم 5 شركات فقط تنتج سنويا 660 مليون سرنجة، ولم يعد لديها مخزون كاف، مع  مطالب عاجلة برفع الإنتاج إلى ـ850 مليون سرنجة إضافية للوفاء باحتياجات التلقيح.  وهو ما قد لا يتحقق بطبيعة الحال.

شركة “بى بى” المسئولة عن إمداد السوق الأمريكية بنحو 57% من حاجته للسرنجات، لا يمكنها توفير ١٦٠ ألف سرنجة شهريا حال طلبت منها الحكومة ذلك، بحسب حديث تروى كريكباتريك المتحدث الرسمي باسمها لجريدة الجارديان.

وطالبت منظمة الصحة العالمية السلطات الصحية في الدول بالتخطيط لاحتياجاتها مسبقا لتجنب التخزين والشراء المدفوع بحالة عدم اليقين، التي حدثت في بداية جائحة كورونا ونقص وسائل الوقاية الشخصية حينها من الكمامات والمطهرات. 

تحذر المنظمة باستمرار من نقص عالمي في محاقن التطعيم، ما يؤدي إلى مشكلات خطيرة مثل تباطؤ جهود التطعيم وإثارة مخاوف بشأن السلامة، وتأخير عمليات التطعيم الروتينية وخاصة تطعيم الأطفال إلى جانب تأخير خدمات صحية أخرى، كما أنه يمكن أن يشجع على إعادة الاستخدام غير الآمن للمحاقن والإبر خاصة في الدول الفقيرة.

وشهد عام 2010 إصابة 1.7 مليون شخص بعدوى فيروس التهاب الكبد بي، وإصابة  315 ألف شخص بعدوى فيروس التهاب الكبد سي، وإصابة 33.8 ألفا بالإيدز عن طريق الحقن غير المأمونة.

تتراوح تكلفة المحقن التقليدي الفارغ بين ٣ و٤ سنتات عندما تشتريها وكالة تابعة للأمم المتحدة  خاصة المنظمات الإغاثية، لبلدان نامية تعاني من أزمات صحية. 

عجز كبير 

بحسب بيانات منظمة الصحة العالمية فإنه تم إعطاء نحو 6.8 مليار جرعة من لقاحات كورونا عالميا، ما يعادل ضعفي عدد اللقاحات الروتينية تقريبا مقارنة مع إجمالي قدرة إنتاجية عالمية تبلغ 6 مليارات حقنة سنويا. 

وأوضحت أن العالم ربما يواجه نقصا يصل إلى ملياري محقنة العام المقبل، ما لم يتحول المزيد من المصانع إلى إنتاج النوع الصحيح من المحاقن اللازمة لإعطاء الجرعات الخاصة بكورونا بدلا من الحقن التقليدية. 

ولا يمكن للعالم مضاعفة عدد المصانع العاملة في مجال الحقن خلال تلك الفترة الوجيزة، فوفق المنظمة لو تم تحويل القدرة من إنتاج نوع واحد من المحاقن إلى آخر أو حاولنا توسيع القدرة على إنتاج محاقن تطعيم متخصصة، فإن الأمر سيستغرق وقتا ويحتاج إلى استثمارات ضخمة ايضا.

الإنتاج المحلى من السرنجات  

الأزمة تبدو عالمية أكثر منها محلية، فمصر تمتلك أكثر من 150 مصعنا لإنتاج الأدوية والأدوات الطبية التي تحتاج إليها مصر بما فيها السرنجات، وزجاجات الأدوية وكبسولة الجيلاتين، وهو ما أكده لدكتور محمد عوض تاج الدين، مستشار رئيس الجمهورية للشئون الصحية.

وأسست مصر خط إنتاج لمصنع السرنجات ذاتية التدمير بمدينة السادس من أكتوبر على مساحة ٢٧٠٠ متر بتكلفة  16.5 مليون دولارو بطاقة إجمالية تصل إلى 100 مليون سرنجة سنويا. 

كما وقعت الهيئة العربية للتصنيع عقدا مع مجموعة “تكنيدل” الإيطالية العالمية لإنشاء مصنع إنتاج سرنجات من أجل توطين تكنولوجيا تصنيع السرنجات الآمنة ذاتية التعطيل ونقل حق المعرفة والتدريب لتلبية احتياجات السوق المحلي والتصدير للدول العربية والأفريقية.

تتسم السرنجات ذاتية التدمير بانكماش إبرتها بمجرد خروجها من جسم المريض، كما أنها تقلل من نسب الإصابة بالأمراض المُعدية مثل بالفيروسات الكبدية، لاستخدامها مرة واحدة فقط. 

وطبقاً لآخر الإحصائيات فإن حجم استهلاك السوق المحلية يصل 600 مليون سرنجة سنويًا، تستهلك المستشفيات الحكومية التابعة لوزارة الصحة نحو 100 مليون منها، يتم تصنيع 520 مليون سرنجة محليًا، ويتم استيراد 80 مليون سرنجة من الصين وكوريا، وذاك قبل اضافة خطوط الإنتاج الجديدة.

استهلاك مفرط 

يبدو الحل الوحيد أمام دول العالم حاليا في نقص استخدام السرنجات غير الضرورية لبعض الأمر ونقلها إلى اللقاحات، فبحسب منظمة الصحة العالمية يتم استهلاك 5% من الحقن لاكساب الأطفال مناعة، ونسبة 5% بإجراءات ضرورية  مثل نقل الدم ووسائل منع الحمل عن طريق الحقن.

أما  90% المتبقية فترتبط بالحقن في العضل أو تحت الجلد لإعطاء الأدوية، وفي حالات كثيرة لا تكون هذه الحقن ضرورية، أو يمكن الاستعاضة عنها بأدوية تعطى عن طريق الفم.

وفي مصر، يتم استهلاك نسب كبيرة من السرنجات في أغراض بعيدة تماما عن غرضها الأصلي، بسبب طريقة وصف أطباء الأطفال للأدوية بالملي أو السنتيمتر التي يتم معها شراء كميات من السرنجات، والتخلص من الإبرة دون استخدام. 

كما يؤدي سيادة عمل الصيادلة في كتابة الوصفات الطبية إلى استهلاك كميات أكبر من السرنجات مع اعتقاد بأن الحقن لها مفعول أسرع في علاج حالات آلام العظام، وتداعيات الإنفلونزا. 

ويراهن خبراء دوليون على اختراع صيني جديد للحقن بدون إبرة يعتمد على رش الدواء السائل من خلال الثغرة الميكرو الأدق من الشعرة في لحظة، ليخترق الجلد مباشرة دون ألم أو نفايات ملوثة للبيئة.

ويقدر عدد الحقن التي كانت تعطي سنويا قبل كورونا بنحو 16 مليار حقنة بجميع أنحاء العالم، والتي أكدت منظمة الصحة العالمية عدم التخلص منها بالطريقة السليمة بعد استعمالها، وتبدو المشكلة أكثر تفاقما حاليا في للتخلص من إبر لقاحات كورونا عالميا. 

وتفاقمت المشكلة في ظل التلقيح ضد كورونا، خاصة الدول منخفضة الدخل الاي يتم الباد السرنجات المستعملة بها في أكوام مفتوحة أو دفنها, ووصل الأمر في الهند إلى  بيعها في السوق السوداء مجددا. 

الخطورة لا تتوقف على الدول النامية فقط،  فالشرطة الأوروبية “يوروبول” تحقق حاليا مع بعض شركات القمامة بسبب سوء التخلص من  لقاحات وسرنجات كورونا.