أحكام بالحبس تراوحت ما بين 3 إلى 5 سنوات، أصدرتها محكمة جنح أمن الدولة طوارئ، اليوم الأربعاء، بحق 6 من الحقوقيين والصحفيين. ذلك في القضية 957 لسنة 2021 جنح طوارئ أمن الدولة، والمعروفة إعلاميًا باسم قضية «الإيحاء». وهي قضية منسوخة -وفق محاميي الدفاع- عن القضية الأساسية «خلية الأمل» رقم 930 لسنة 2019 حصر أمن دولة، والتي قضى المتهمون فيها حبسًا احتياطيًا تجاوز العامين المقررين قانونًا، دون محاكمة.

وفق عضو هيئة الدفاع المحامي خالد علي، شمل القرار الحكم على المحامي زياد العليمي بالحبس 5 سنوات، و4 سنوات للصحفيين هشام فؤاد وحسام مؤنس، و3 سنوات مع الشغل بحق محمد بهنسي وحسام عبد الناصر. فضلاً عن غرامة 500 جنيه يؤديها كل متهم، بموجب الحكم الذي ينتظر التصديق من رئيس الجمهورية، بصفته «الحاكم العسكري» بموجب قانون الطوارئ الموقوف العمل به.

يقول المحامي بالمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، محمد عيسى، إن الحكم الصادر اليوم بشأن موكليه يأتي بعد قرابة 4 أشهر من المحاكمة التي بدأت في يوليو الماضي. وقد صدر بعد أن أُبلغ فريق الدفاع بتأجيله للنطق يوم غدٍ الخميس. «أبلغونا بتأجيل جلسة الحكم لباكر، وتم تعليق القرار على هذا الأساس، وهو ما شاهدناه بأعيننا، ثم صدر الحكم».

العودة إلى الخلف.. «الأمل» في قفص «الإيحاء»

تضمنت التهمة التي أدين بها العليمي ورفاقه في هذه القضية «نشر أخبار كاذبة عبر الإيحاء الذي كان من شأنه ضرب مصلحة البلاد وإضعاف هيبتها وإلقاء الرعب في قلوب المواطنين». وذلك استنادًا إلى مقالات منشورة وتصريحات أدلوا بها قبل سنوات. وهي قضية إضافية تختلف عن سابقتها المعروفة باسم «خلية الأمل»، والتي بموجبها تعرض المتهمين الثلاثة الأوائل للحبس الاحتياطي لمدة زادت على السنتين.

يقول المحامي خالد علي: نحن أمام قضيتين؛ الأولى الأمل، وتم حبسهم احتياطيًا عليها منذ سنتين وخمسة أشهر حتى تاريخه. بينما الثانية هي الجنحة التي صدر فيها حكم اليوم. وهم غير محبوسين احتياطيًا على ذمتها. وبالتالي، سيبدأ تنفيذ هذا الحكم، ومدته كاملة. فيما لا يجوز خصم مدة الحبس الاحتياطي السابقة من مدة هذا الحكم، إلا فى 3 حالات:

الأولى: أن يصدر قرار بحفظ التحقيقات فى قضية الأمل.

الثانية: أن يتم استبعادهم من قضية الأمل عند إحالتها للمحاكمة لأي سبب، شأن عدم كفاية الأدلة مثلاً.

الثالثة: أن تتم إحالتهم للمحاكمة فى قضية الأمل ويصدر حكم ببراءتهم.

وهي الحالات الوحيدة لخصم مدد الحبس الاحتياطي من مدة العقوبة المقضي بها في حكم اليوم.

في «الإيحاء».. لا سبيل سوى التظلم أمام الحاكم العسكري

إلى ذلك، أوضح خالد علي أن هذا الحكم صادر عن محكمة استثنائية، هي محكمة أمن الدولة طوارئ. ولهذا، فإن أحكامها تخضع لقانون الطوارئ الملغي، ولا يجوز الطعن عليها بالاستئناف أو النقض. ولا سبيل إلا بتقديم تظلم/التماس إلى الحاكم العسكري.

ويختلف التقدم بتظلم عن الطعن بالاستئناف أو النقض. فالأخير يعنى أنك تطعن على هذا الحكم لما شابه من عيوب قانونية من وجهة نظرك أمام سلطة قضائية. ومن ثم يتيح لك القانون أن تكون هناك دائرة قضائية أعلى استئناف أو نقض تتولى النظر مجددًا في القضية. بما يشمل ذلك من تقديم مذكرات ومستندات جديدة ومرافعات من الدفاع ومن النيابة.

أما التظلم/الالتماس، فهو مجرد طلب تقدمه هيئة الدفاع إلى مكتب الحاكم العسكرى أو نائبه (رئيس الجمهورية/رئيس الوزراء). وبالتالي، لا يقدم لسلطة قضائية، بل جهة إدارية. وحتى لو كانت هذه الجهة تستعين بقانونين أو قضاة للنظر في هذه التظلمات، فإنهم يمارسون هذا العمل باعتبارهم تابعين لجهة إدارية. ومن ثم لا عقد جلسات لنظر التظلم أو تحقيق ما به، ولا مرافعات من المتهم أو دفاعه أو من النيابة. فقط قرار بشأن هذا الالتماس.

وكما يوضح خالد علي، فإن ما يصدر عن قاضي محكمة أمن الدولة طوارئ، لا يكتسب قوة تنفيذية ولا يصبح حكمًا واجب النفاذ إلا بتصديق الحاكم العسكري أو نائبه على الحكم. ولهما سلطات واسعة، تشمل تخفيف العقوبة أو تبديلها أو وقف تنفيذها أو إلغائها، أو حتى إعادة المحاكمة من جديد أمام دائرة أخرى.

مفاجآت قاسية في محاكمة «الأمل»

مفاجآت قاسية بالقضية، كشفها خالد علي -في منشور عبر حسابه الرسمي بـ «فيسبوك»- تمثل أولها في نسخ جزء من تهم «الأمل» إلى قضية جديدة «الإيحاء»، جرت إحالة العليمي وفؤاد ومؤنس للمحاكمة بموجبها أمام محكمة أمن الدولة طوارئ.

هنا، يشير خالد علي إلى أن المحكمة رفضت السماح بتصوير نسخة من أوراق القضية. وقد بلغت أوراقها ما يربو على 1000 صفحة. «كنا أمام وضع غريب؛ فالنيابة هي التي أعدت التحقيقات، ومعها بالطبع صورة كاملة من القضية، والقاضي معه صورة كاملة من القضية، بينما المتهم الذي يحاكم هو الوحيد من بين أطراف الدعوى القضائية غير مسموح له أو لدفاعه بالإطلاع على أوراق القضية إلا داخل مقر المحكمة. يعنى نروح لسكرتير الجلسة نشوف القضية في مكتبه واحنا واقفين وناخد ملخصات مما تمكنا من قراءته، وبناءً على هذه الملخصات نعد دفاعنا»؛ يقول خالد علي.

طلبات الدفاع لم تلقى استجابة

يقول خالد علي إنه رغم كل هذه العثرات والتحديات، فإن فريق المحامين الذي زاد عن 15 محاميًا ومحامية، بذلوا أقصى مجهود. ويضيف: تمسكنا بطلب أصيل. وهو إصدار قرار من المحكمة باعتبار أنها تنظر الدعوى باعتبارها محكمة عادية وليس محكمة أمن دولة طوارئ. ذلك لأن حالة الطوارئ التي تمت في ظلها إحالتهم للمحاكمة قد انتهت. حيث أن الإحالة للمحاكمة كانت في 25 يوليو 2021، في ظل الطوارئ التي تم مدها بالقرار 290 لسنة 2021. وينص على تمديد حالة الطوارئ بالبلاد لمدة 3 أشهر تبدأ من 24 يوليو 2021».

أيضًا، دفع خالد علي بعدم دستورية الفقرة الأولى من المادة 19 من قانون الطوارئ. ذلك لمخالفتها لنصوص الدستور، ولكونها تتيح استمرار محاكمة المتهمين أمام القضاء الاستثنائي، رغم انتهاء حالة الطوارئ بالبلاد. وهو ما يراه «مخلاً بضمانات المحاكمة العادلة والمنصفة، ويحرم المتهمين من حق التقاضي على درجتين».

وفق هيئة الدفاع، نُسبت إلى العليمي ثلاث مقالات، نشرت عبر مواقع بالإنترنت، ليس من بينها صفحته الخاصة. وتم الدفع بطلب معرفة هذه المواقع، والمسؤولين عنها. بينما فيما يخص هشام فؤاد، طلب الدفاع الحصول على «فلاشة» فيها مقطع صوتي منسوب. وذلك لعرضه على خبراء متخصصين. وهو نفس الطلب بالنسبة لحسام مؤنس. وهي طلبات لم تتم الاستجابة لها من جانب المحكمة، كما أوضح خالد علي.

العفو الدولية.. استخدام محاكم الطوارئ

من جانبه، انتقد فيليب لوثر، مدير البحوث وأنشطة كسب التأييد للشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة العفو الدولية، إصدار مثل هذا الحكم بعد وقت قصير من الإعلان عن استراتيجية جديدة لحقوق الإنسان. فيما أشارت المنظمة إلى أنه ما كان يجب أن يلقى القبض على هؤلاء السياسيين والنشطاء في المقام الأول لممارستهم حقهم في التعبير عن الرأي. مناشدةً رئيس الجمهورية إلغاء هذه الأحكام والإفراج الفوري غير المشروط عن جميع المحبوسين.

وذكرت المنظمة أن احتجاز زياد العليمي وحسام مؤنس وهشام فؤاد منذ أكثر من عامين دون محاكمة يبدو كعقاب على سعيهم لتشكيل ائتلاف برلماني لخوض انتخابات 2020. لافتةً إلى ما اعتبرته «سلسلة من انتهاكات حقوق الإنسان بحق المشاركين في تحالف الأمل. بما في ذلك الحبس والاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب بالترهيب».