كدس من السيارات في الاتجاهين، وأبواق لا تهدأ، تدوي بمحطات عشوائية مع كل مطلع سلم. توشك تلك الصورة على الاندثار تمامًا من الطريق الدائري، الذي يربط شرايين القاهرة الكبرى. إذ يبقى من الزمن 40 يومًا على تطبيق نظام الأوتوبيس الترددي الجديد.
ومن المقرر مع مطلع عام 2022 حظر نحو 213 ألف سيارة ميكروباص من السير على الدائري. بينما سيسمح لها بالوقوف أسفل المنازل الجديدة لإعادة نقل الركاب من المحطات الرئيسية إلى داخل المدن، مع تغيير خطوط سيرها.
الأتوبيس الترددي
الأتوبيسات الترددية «Bus rapid transit»، تحمل ذلك الاسم اشتقاقًا من سيرها بسرعات عالية، وترددات تصل لدقائق معدودة بين الواحد والآخر. بما يشبه مترو الأنفاق، أو بمعنى آخر هي تجمع بين سعة وسرعة المترو. ذلك مع المرونة والتكلفة المنخفضة والبساطة في نظام الحافلات.
كان أول نظام شامل لحافلات النقل السريع في العالم على طريق الحافلات في إنجلترا. وقد دخل الخدمة عام 1971، وانتشر عالميًا، حتى نفذته 166 مدينة في ست قارات. وينقل نحو 32.2 مليون مسافر يوميًا، منهم حوالي 19.6 مليون مسافر، يركبون يوميًا بأمريكا. وهي صاحبة أكبر عدد من المدن التي بها أنظمة نقل سريع بالحافلات.
أيضًا، تملك العاصمة الإندونيسية جاكرتا أكبر شبكة للحافلات الترددية في العالم. مع ما يقرب من 251.2 كيلومترًا من الممرات التي تربط العاصمة الإندونيسية. لكن أكبر مشغل لها بأكبر عدد من المدن هي البرازيل.
يمتاز ذلك النظام من النقل بحاجة السائقين لتدريب أقل مقارنة بمشغلي السكك الحديدية والمترو. كما أن صيانة الحافلات أقل تعقيدًا، ولديها مرونة أكثر مرونة من عربات السكك الحديدية، بتغيير مسارها بشكل مؤقت أو دائم في حالة الظروف الطارئة.
وتحمل «ترانس ميلينيو» بإسبانيا الرقم القياسي في معدل حمل الركاب عبر النقل الترددي. ذلك بمتوسط 37 ألف راكب للساعة. ومتوسط فترة زمنية بين المركبة والأخرى على نفس الخط 13 ثانية فقط.
ويتسم الأتوبيس الترددي بسعات مختلفة، قد تبدأ بـ 50 راكبًا للحافلة التقليدية. وهي ترتفع إلى 200 للمفصلية (حافلة أو أكثر ملتصقين مع بعضها)، دون احتساب عدد الواقفين.
والراكب في المحطات يكون لديه معلومات عبر شاشة في كل محطة عن موعد وصول القطارات التالية. خاصة أنها قادرة على الاتصال إلكترونيًا بإشارات المرور ما يجعل لها الأولوية في المرور.
نهاية الميكروباص
بداية من يناير 2022، سيتم منع سير الميكروباص على الطريق الدائري. مع إزالة المواقف العشوائية، واستغلال أسفل الدائري بشكل استثماري في مشروعات أو مقاه. ومن المقرر إنشاء 20 محطة انتظار بطول الطريق الدائري لاستقلال الأتوبيسات الترددية منها.
تعتبر الأتوبيسات الترددية بديلة لمترو الأنفاق. بينما تتميز بالكلفة الاقتصادية المنخفضة مقارنة بالمترو. فكلفة تنفيذ 7 كيلومترات من المترو تعادل تنفيذ 425 كم من مسار أتوبيسات التردد السريع. وإن كان التشابه بينهما في سير كل منها في مسارات منعزلة.
ومن المقرر ربط محطات انتظار الأتوبيسات الترددية بمواقف الأقاليم التي سيتم إنشاءها في مناطق تقاطع الدائري مع الطرق الرئيسية. مع إنشاء سلالم كهربائية للصعود والنزول من محطة انتظار الأتوبيسات الترددية.
والطريق الدائري يمر بأكبر 3 محافظات من حيث الكثافة السكانية. وذلك بإجمالي 25.5 مليون نسمة. فيما يتقاطع مع 18 طريقًا رئيسيًا.
قبل تدشين المشروع، تم توسعة الطريق في كل اتجاه بإزالة نحو 2000 منزل. وتبلغ تكلفة تعويضات المنازل التي يتطلبها تطوير الطريق نحو 4 مليارات جنيه. إلى جانب تكلفة تطوير الطريق ذاتها، والتي تمل تكلفة إنشاء أرصفة الركوب وسلالم الصعود والنزول.
خطة واسعة للأتوبيس الترددي
تنفذ وزارة النقل خطة لتطوير وتوسعة الطريق الدائري الممتد على طول 106 كم حول القاهرة الكبرى. حيث تواصل شركات المقاولات المصرية أعمال إعادة تأهيله ورفع كفاءته وتوسعته، ليصل إلى 7 حارات ما عدا الجزء الخاص بالمنيب، الذي سيزيد إلى 8 حارات بكل اتجاه، بدلاً من 4 حارات، بتكلفة تصل إلى حوالي 10 مليارات جنيه. وهي تشمل أعمال تحويلات المرافق المتعارضة مع المسار، وتعويضات أصحاب المنازل والعقارات التي تتم إزالتها لتوسعة الطريق.
والأتوبيس الترددي يعمل بالكهرباء. والواحد منه مقررًا له أن يتسع 170 راكًبا. وهو شبيه في الشكل بالترام لوجود مسار خاص محاط بسور من الجانبين. ويمكنه نقل نحو 4 آلاف راكب في الساعة على الطريق الدائري بمجرد تفعيله.
وتلقت وزارة النقل العديد من عروض الشركات العالمية لتوريد ذلك النوع من الأتوبيسات. وكان الشرط الأساسي إنشاء مصانع له في مصر، والعمل على توطين هذه الصناعة لتكون نقطة انطلاقة للسوق المحلية والأفريقية.
من بين تلك العروض تبدو المنافسة الشرسة بين تحالف الشركات السويدية والمصرية بقيادة فولفو، الذي يبدي رغبة في التعاون مع مصر بجميع أنواع الدعم ونقل الخبرات والتكنولوجيا، إلى الجانب المصري، بمجالات النقل المختلفة، وتحالف أخرى لشركة transdev الفرنسية، ومعها شركات مصرية أيضًا وتقدم عرض توريد وتشغيل أيضًا.
الأتوبيس الترددي بديل المترو
مع التكلفة الاقتصادية للمترو، ألغت وزارة النقل بعض المشروعات الخاصة به مثل مخطط تنفيذ الخط الخامس لمترو الأنفاق «مدينة نصر – الساحل» مرورًا بمناطق هليوبوليس والسواح والخلفاوي. لعدم تحقيق الجدوى الاقتصادية المرجوة منه؛ فالتكلفة التقديرية كانت 62.4 مليار جنيه، وجدواه منخفضة، لعدم نقله 80 ألف راكب في الساعة الواحدة في الاتجاه الواحد.
قبل أشهر، ألغت الوزارة أيضًا وصلة مترو مطار القاهرة، ومخطط مد الخط الثالث للمترو من محطة عدلى منصور الكائنة بالسلام جوار موقف العاشر من رمضان. مع استبدال هذا المشروع بـ «شاتل باص» يربط المطار بشبكة مترو أنفاق القاهرة والقطار المكهرب السلام ـ العاصمة الإدارية ـ العاشر من رمضان بمحطة عدلي منصور، بما يقلل 70% من التكلفة.
لم يتم تحديد سعر تذكرة الأتوبيس الكهربائي الجديد، وسيتم تحديدها من قبل الشركات المشغلة بالتنسيق مع جهاز تنظيم النقل البرى الداخلي. ومن المتوقع ألا تكون مدعومة، لكنها ستظل قريبة من مستوى الأسعار الخاصة بقطارات مواصلات مصر.
وتراهن الحكومة أيضًا على تعزيز تواجدها في قائمة الدول المنطلقة نحو الاقتصاد الأخضر مع مبادرات إحلال السيارات القديمة بأخرى جديدة، والتشجيع للتحول نحو الغاز الطبيعي بدلاً من البنزين. خاصة أن تلك الأتوبيسات صديقة للبيئة، وتوفر بيئة نظيفة أقل تلوثًا، لكونها تعمل بالكهرباء.
بحسب بيانات محافظة القاهرة، فإن متوسط المرور اليومي للنقل فى القاهرة الكبرى يتوزع بواقع 2% للنقل الثقيل، و5% نقل خفيف ودراجات، و2% للأتوبيسات، و2% عربات الميكروباص، و15% نصيب التاكسي، و74% من سيارات الملاكي.