حالة من الرفض والتشكك مازال يبديها البعض من جدوى لقاحات كورونا، وتخوفات يثيرها آخرون من آثارها الجانبية.
دورية “نيتشر كومينيكيشنز“. نشرت دراسة تحلل بيانات تمثيلية على المستوى الوطني في أيرلندا والمملكة المتحدة. وجدت أن مقاومة اللقاح تظهر بشكل واضح لدى 35٪ من سكان أيرلندا و31٪ من سكان المملكة المتحدة. وفق نتائج عينات البحث محل الدراسة.
كما أشارت إلى وجود اختلافات في عدد من المتغيرات الاجتماعية والديموغرافية والصحية لدى الأشخاص الرافضين للقاح. ولكنهم كانوا متشابهين في مجموعة واسعة من التركيبات النفسية.
انعكاس محلي
المعلومات المضللة وانعدام الثقة بالحكومات، والخوف من الآثار الجانبية، وانتشار الشائعات، جميعها عوامل تقف حائلًا بيننا وبين نهاية جائحة كوفيد-19.
منذ بداية الأزمة. قرر عصام جمال، موظف في أحدى الشركات، الاعتماد على الإجراءات الاحترازية للنجاة من الإصابة بجائحة كورونا.
يتغلغل في داخله إحساس بالمؤامرة العالمية لدخول العالم في نفق مظلم يعود بمكاسب اقتصادية لبعض الحكومات وشركات الأدوية.
ومع ظهور لقاح كورونا لم يختلف موقف “عصام” ولو قليلا، بل ازدادت شكوكه من الهدف وراء انتشار الفيروس.
لم يكتشف العالم بعد كيف بدأ؟ وكيف تسلل إلى العالم أجمع؟ اتخذ موقفه لن يضع داخل جسده لقاح كورونا المزعوم.
يقول عصام: بتابع الأخبار بشكل يومي، ثقتي في الإعلام المصري. وكل الأخبار بتقول إن مافيش لقاح قادر على مواجهة الفيروس ومجرد تجارب ومحاولات، إيه يخليني أخضع لتجربة معرفش تداعياتها الصحية خاصة إن فيه كلام كتير عن وفيات وإصابات بعد تلقي اللقاح”.
يبدو موقف “عصام” حذرا من اللقاحات التي ظهرت وتم اعتمادها، يقول: “قرأت عن أطباء رفضوا تلقي اللقاح، مظاهرات في دول رفضا لتلقي اللقاح. كل الأخبار تؤكد إن الثقة في اللقاح غير متوفرة، وعلى أساسه اتخذت قراري، وكذلك عائلتي، لن أقبل الحصول على لقاح كورونا مهما كان الثمن”.
إجراءات تأديبية من الحكومة
يقول جان جاك روسو في نظرية العقد الاجتماعي، إن للمواطن حقوقا إنسانية يجب أن تقدم إليه، وهو في الوقت نفسه يحمل مجموعة من المسؤوليات الاجتماعية التي يلزم عليه تأديتها ليحرص على التوازن المجتمعي.
خلال الفترة الأخيرة اتخذت الحكومة المصرية عدت قرارات للحد من انتشار فيروس كورونا وحماية المواطنين من مضاعفات الجائحة، حيث عمدت الحكومة إلى إصدار قرارات إجبارية على الموظفين والطلبة وبعض الفئات الآخرى.
وضعت الحكومة إجراءات تأديبية لمن يرفض الحصول على اللقاحات المتوفرة نصت على أن كل موظف يرفض الحصول على لقاح كورونا سيكون مطالب بإحضار شهادة PCR، أسبوعيا على نفقته الخاصة.
وكذلك عدم السماح لأي موظف بالدخول إلى مقر عمله بعد تاريخ معين حال عدم حصوله على لقاح كورونا.
وعلاوة على ذلك، فإن انقطاع الموظف عن العمل يترتب عليه منعه من الحصول على راتبه لعدم حصوله على اللقاح.
مصير مجهول
شن الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو هجوما حادا على لقاح فايزر. وقال إن هذا اللقاح يمكن أن يجعل المرأة تُنبت لحية وأن يحول شخصا إلى تمساح.
ووجهت الهيئة البرازيلية المنظّمة لقطاع الصحة “أنفيسا”. اتهامات إلى الصين باستخدام معايير “غير شفافة” للحصول على إقرار طارئ للقاحها ضد كوفيد-19 “كورونا فاك”.
فيما وقعت حالة وفاة لسيدة، في نيوزيلندا. بعد إصابتها بالتهاب عضلة القلب Myocarditis. الذي يعد واحدًا من الآثار الجانبية النادرة التي يسببها لقاح فايزر. حسبما نشرت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية.
ومعظم الحالات المصابة بالتهاب عضلة القلب التي سبقت هذه السيدة، تم تسجيلها بين أشخاص تتراوح أعمارهم بين 12 و24 عامًا، بعد الحصول على الجرعة الثانية من لقاح فايزر، بحسب مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها CDC.
كما تم الإعلان عن وقوع حالة مماثلة في تايلند. حيث أعلن جاكرارات بيثاياونجانون مدير قسم الأوبئة بإدارة السيطرة على الأمراض. أن لجنة من الخبراء، تدرس الآثار العكسية للتطعيم ضد فيروس كورونا. توصلت إلى حدوث حالة وفاة مرتبطة بلقاح أسترازينيكا.
ونقلت وكالة بلومبرج للأنباء عن جاكرارات القول. إن حالة الوفاة تعود لسيدة (28 عاما). تعاني من تجلط الدم ومتلازمة قلة الصفيحات، حيث توفيت بعد ستة أيام من تلقيها اللقاح.
وفي محاولة لاحتواء الأمر أكدت مراكز السيطرة على الأمراض، عبر موقعها الرسمي، أن التقارير الوفاة بعد تلقي لقاحات كورونا نادرة، مشيرةً إلى أنه تم إعطاء أكثر من 363 مليون جرعة في الولايات المتحدة، من 14 ديسمبر 2020 حتى 23 أغسطس من العام الجاري.وخلال هذه الفترة، أشارت المراكز الأمريكية إلى أنها لم تتلق سوى 6968 تقرير وفاة بين الحاصلين على لقاح كورونا، بما يعادل 0.0019%.
اللقاح لا يمنع الإصابة
بالرغم من تأكيد منظمة الصحة العالمية أن اللقاحات لا تمنع الإصابة لكن تقلل من المضاعفات والوفاة إلا أن الأمر لا يبدو واضحا بالنسبة للبعض.
يمضي الطبيب مصطفى عمارة، ثلاثيني، أيامه داخل المستشفى، متخذا كافة الإجراءات الاحترازية بشكل صارم وبالرغم من إطلاعه على العديد من النشرات الطبية ومستجدات الوضع على المستوى العالمي إلا أنه رفض تلقي اللقاح.
يقول عمارة: “لا أنتوي الحصول على اللقاح، الأمر أشبه بضربة حظ، تضع داخل جسدك لقاح لا تعرف ما يمكن أن يفعله، بحكم عملي أطلع على حالات شبه يومية مصابة بالفيروس رغم تلقيهم اللقاح، وهو يخالف كل الإدعاءات المزعومة حول جدوى اللقاحات”.
يرى عمارة أن اللقاحات حتى الآن لم تثبت فعاليتها بالنسبة الكافية لإقناعه بتلقيها.
ويقول: إصرار الحكومة على تلقي اللقاح. يثير الشكوك. لماذا لم تتركه بشكل اختياري. بحكم عملي طبيب بشري فإن اللقاحات لم تحقق المرجو منها. كما أنها لم تأخذ وقت كافي لدراستها ومعرفة آثارها الجانبية ومدى قدرتها على مواجهة الفيروس وكذلك فعاليتها مع بعض الأمراض.
وتابع: سمعنا عن حالات وفاة في دول عربية وغربية. وعلى المستوى الشخصي أعرف عن قرب إمرأة خمسينية حصلت على لقاح كورونا. وبعد قرابة شهرين أصيبت وتوفت جراء مضاعفات الفيروس. إذا هو لا يحمي من الوفاة، لذا لا أجد سببا يدفعني لتلقي اللقاح.
جذور تاريخية
حالة رفض اللقاح ليست ظاهرة جديدة فلها جذور تاريخية. فمع ظهور أي لقاح جديد تبدأ حملات التشكيك فيه ويكون رفضه مبنياً غالباً على أسس غير علمية، بل رفض لكل جديد ومجهول، رغم أن أول من بادر بأخذ اللقاحات هم رؤساء الدول والعاملون الصحيون في الخطوط الأمامية.
وظهرت مجموعات في دول غربية يزعمون أن الأمراض الحديثة كالسكري والذئبة الحمراء والروماتيزم وغيرها كثير هي نتيجة التطعيمات، وعلاوة على ذلك فهناك مجموعات منكرة للمرض من أساسه، فضلا عن المؤيدين لنظرية المؤامرة ذات الأهداف المختلفة.