مع اقتراب الانسحاب الأمريكي من العراق. تعمد المجموعات الولائية إلى رفع درجة التوتر. وهددت بالتصعيد ضد قوات التحالف. حيث أعلن زعيم ميلشيا ما يعرف بـ”سيد الشهداء” عن بدء ساعة الحسم. والمنازلة الكبرى مع الاحتلال الأمريكي.

حوار استراتيجي

وبينما انخرطت الولايات المتحدة في حوار استراتيجي مع بغداد، في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب. الذي خاض جولتين. ثم انطلقت جولات أخرى بين الرئيس جو بايدن ورئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي. إلا أن التنظيمات الطائفية المسلحة والمدعومة من إيران، لم تتوان عن استهداف المصالح الأمريكية في بغداد وأربيل. والتشكيك في كافة مخرجات الحوار الاستراتيجي.

الدور الوظيفي الذي تؤديه تلك التنظيمات لحساب المصالح الإقليمية لطهران. في إطار صراع الأخيرة مع واشنطن، حيث تقوم بمناورات تكتيكية عديدة وفي مناطق متفاوتة. لاستخدامها في المفاوضات النووية. وكذا الضغط لإلغاء العقوبات عن نظام الولي الفقيه، يعد المساحة الأوسع التي تنطلق منها التهديدات الميلشياوية. فتصر على التشكيك في موعد الانسحاب، المزمع إجراؤه، نهاية العام.

أمريكا تعلن انتهاء مهمتها

اللافت أن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، قال، خلال مشاركته في “حوار المنامة 2021″، مؤخراً. إن مهام قواته في العراق انتهت. مؤكداً أن إقليم كردستان العراق حليف وشريك مهم للولايات المتحدة في المنطقة.

وبحسب بيان لحكومة الإقليم: بحث رئيس حكومة إقليم كردستان العراق مسرور بارزاني في المنامة. مع وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، الحوار الاستراتيجي بين العراق والولايات المتحدة.

وتابع: خلال الاجتماع جدد الوزير الأمريكي التزام بلاده في مواصلة دعم الإقليم. ولا سيما قوات البشمركة في تصديها لتنظيم داعش.

 مهمة دحر داعش

وشدد بارزاني على أهمية حل المشاكل العالقة بين الإقليم والحكومة المركزية في بغداد. وضرورة وجود تنسيق أمني في المناطق خارج إدارة الإقليم، وأهمية تنفيذ اتفاق سنجار”.

المنصة الرسمية للبنتاجون. أشارت إلى أن وزير الدفاع الأمريكي التقى نظيره العراقي، جمعة عناد سعدون الجبوري، في البحرين. أثناء حضور كل منهما منتدى حوار المنامة السنوي.

وأوضح المتحدث باسم البنتاجون، جون كيربي. أن الوزير أوستن أكد قوة وأهمية الشراكة الاستراتيجية الأمريكية- العراقية. واستمرار التزامات الولايات المتحدة تجاه مهمة دحر داعش”.

وتابع: أكد أوستن مع سعدون أن القوات الأمريكية ستبقى في العراق بدعوة من الحكومة الأمريكية لمساعدة قوات الأمن العراقية. ومن ثم، فإن “الولايات المتحدة ستفي بالالتزامات التي قدمتها خلال الحوار الاستراتيجي الأمريكي العراقي في يوليو 2021. بما يتضمن عدم وجود قوات أمريكية بأدوار قتالية بنهاية العام.

وأضاف البيان الصادر عن البنتاجون. أن المسئولين ناقشا المرحلة المقبلة من المهمة العسكرية الأمريكية في العراق. التي ستركز على تقديم المشورة والمساعدة ومشاركة المعلومات الاستخبارية مع قوات الأمن العراقية لدعم الحملة ضد تنظيم داعش.

لا تختلف التصريحات الأمريكية عن مخرجات الحوار الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن. التي خلصت إلى ضرورة الانتهاء من أي دور قتالي أو عسكري أو أمني لقوات التحالف بالعراق.

وذكر بيان مشترك في أعقاب الجولة الأخيرة أن القواعد التي تستضيف الولايات المتحدة وأفراد التحالف الآخرين. هي قواعد عراقية وتعمل وفقا للقوانين العراقية القائمة. وليست قواعد أمريكية أو قواعد للتحالف الدولي، ولا يتعدى وجود موظفين دوليين في العراق مهمة دعم حكومة العراق في قتال داعش.

وقرر الوفدان، بعد المحادثات الفنية الأخيرة. أن العلاقة الأمنية ستنتقل بالكامل إلى دور التدريب والإرشاد والمساعدة وتبادل المعلومات الاستخباراتية. وأنه لن تكون هناك قوات أمريكية ذات دور قتالي في العراق بحلول 31 ديسمبر 2021.

وتعتزم الولايات المتحدة مواصلة دعمها لقوى الأمن الداخلي. بما في ذلك البيشمركة. من أجل بناء قدرتها على التعامل مع التهديدات المستقبلية.

وضع داخلي مأزوم

غير أن المليشيات العراقية التي تعرضت لهزيمة مدوية وفادحة في الانتخابات الأخيرة. وتحاول إلغاء النتائج، بعد الإخفاق، مجدداً، في إثبات التزوير. تتجه إلى تحريك الأحداث في ظل الوضع الداخلي المأزوم.

هددت الميلشيات المنضوية في “الهيئة التنسيقية للمقاومة العراقية” بـ”تقطيع أوصال” الاحتلال في حال عدم اكتمال انسحاب القوات الأمريكية من البلاد نهاية العام الحالي.

وذكرت بيان، نهاية الأسبوع الماضي: لم تر لحد الآن أي مظهر من مظاهر الانسحاب بناء على مخرجات الحوار الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن على الرغم من أنه لا يفصلنا عن موعد الانسحاب المقرر سوى 42 يوماً فقط.

وشددت الهيئة على أنها تراقب عن كثب مدى الالتزام بمخرجات ما يسمى بجولة الحوار الاستراتيجي. الذي لم نكن مؤمنين بجدية الاحتلال والتزامه كطرف فيه. ولأننا آلينا على أنفسنا منح المفاوض العراقي فرصة لإخراج الاحتلال الأمريكي من أرضنا الطاهرة بالطرق الدبلوماسية فإننا لم نرَ حتى الآن أي مظهر من مظاهر الانسحاب لحد الآن بل على العكس. فقد رصدنا قيام الاحتلال الأميركي الوقح بزيادة أعداده ومعداته في قواعده المنتشرة في العراق بل وصرنا نسمع تصريحات رسمية وشبه رسمية من مسؤولي ولايات الشر الأميركية حول نيتهم عدم الانسحاب من البلاد بحجة وجود طلب من بغداد بذلك، في الوقت الذي لم نر أي رد أو نفيٍ من الحكومة العراقية حول تلك التصريحات الخرقاء.

وتابعت: “سلاح المقاومة الشريفة الذي كثر الكلام عنه في الأيام الماضية وعكف البعض مصراً على زجه في المناكفات السياسية الأخيرة سيكون حاضراً لتقطيع أوصال الاحتلال ما أن تحين اللحظة وتنتهي المهلة بعد الساعة الثانية عشر من مساء يوم 31 ديسمبر الماضي.

وعقّب المتحدث باسم قيادة القوات المشتركة اللواء تحسين الخفاجي على هذه التهديدات بأن الحديث عن هذا التمديد غير دقيق وغير صحيح.

وأكد الخفاجي على أن موعد خروج القوات القتالية في الحادي والثلاثين من شهر يناير المقبل ثابت ولا تغيير فيه.

علاقات استشارية

العلاقة بين الطرفين (العراق والولايات المتحدة) بعد خروج القوات القتالية ستكون علاقة استشارية في مجالات التدريب والتسليح والمعلومات الاستخبارية والأمنية ضد تنظيم داعش الارهابي”.

كما أن التحالف الدولي لمناهضة داعش أكد أن دور التحالف في بغداد سوف يقتصر على المهام الاستشارية والفنية، بينما لن يكون له ثمة دور قتالي. وقال المتحدث باسم قوة المهام المشتركة ومدير الشؤون العامة في التحالف الدولي جويل هاربر: “نحن الآن بالفعل نقوم بهذا الدور الى حد كبير لذلك لن يكون هناك تغيير ديناميكي في الأرقام أو المهمة التي لدينا هنا الآن” في العراق.

بوادر حسن نية

وفي محاولة للتهدئة، أعلن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر عن حل تشكيلات مسلحة لهما كبادرة “حسن نية”. وقال الصدر: “كبادرة حسن نية مني أنا: (مقتدى الصدر).. أعلن حل تشكيل (لواء اليوم الموعود).. وغلق مقراته ولولا أنهم سلموا سلاحهم لسرايا السلام سابقا أو ما يسمى حاليا: لواء 313 و314 و315 في سامراء، لأمرتهم بتسليم سلاحهم ولأطاعوا فهم ما زالوا مخلصين لنا ولوطنهم”.

مقتدى الصدر
مقتدى الصدر

وزاد: إن وجد فعليهم بتسليمه خلال مدة 48 ساعة.  عسى أن تكون هذه الخطوة بداية لحل الفصائل المسلحة وتسليم أسلحتهم وغلق مقراتهم. بل وتكون رسالة أمان وسلام للشعب كافة، فعلى مسؤول اللواء تنفيذ هذا القرار.

حل تشكيل سرايا الدفاع الشعبي

والأمر ذاته، نفذته كتائب حزب الله العراقي. التي حلت تشكيل سرايا الدفاع الشعبي التابعة لها.

وغرد المسؤول الأمني أبو علي العسكري على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”: أبلغنا من قيادة كتائب حزب الله واستجابة لما نشر من أحدى الجهات الصديقة بخصوص مبادرة حل قوات عسكرية تابعة لها فقد تقرر الآتي: حل تشكيل سرايا الدفاع الشعبي وإيقاف جميع أنشطتها وإغلاق مقراتها وإلحاقها مع عدتها وعديدها بقيادة الحشد الشعبي على أن تقوم الهيئة بمساواتهم بأقرانهم، وتأمين مستحقاتهم.

حل سرايا الدفاع الشعبي
حل سرايا الدفاع الشعبي

ولا تعدو معضلة ردع الميلشيات أو بالأحرى مواجهتها كونها أمرا مباغتًا. حيث إن الإدارة الأمريكية سبق وأن ألمحت إلى المخاطر العديدة التي يشكلها السلاح المتفلت. الذي يبعث بتهديدات جمة، وتحديدًا الطائرات المسيرة.

وبحسب معهد واشنطن، فإن هذه المشكلة تطوق إدارة الرئيس بايدن. لافتا إلى أنه بعد خمسة أشهر فقط من تسلمه الرئاسة، شنت إدارته هجمات على الميليشيات العراقية بالوتيرة التي اعتمدها ترامب في عام 2020 بأكمله. ولكن دون تحقيق أي من التأثيرات نفسها. وفي الواقع، تجاهل وكلاء إيران أساسا الانتقام الأمريكي الأخير بقصفهم قاعدة أمريكية في شرق سوريا.

توصيات معهد واشنطن

ووضع المعهد الأمريكي جملة توصيات لتفادي تفاقم المشكلة وتقليل نسبة الخسائر. والوصول لأقصى النتائج بواسطة الردع. ومن بينها “على الجيش الأمريكي زيادة نسبة الرد على الهجمات الدفاعية. وحالما تتم استعادة قوة الردع. سيكون من الضروري تقليل عدد الضربات الأمريكية. لكن في غضون ذلك قد يستلزم الأمر تنفيذ المزيد من الضربات. إذا زادت واشنطن نسبة ردها ولكن مع ذلك استمرت في التساهل مع بعض الهجمات التي تقوم بها الميليشيات، فعليها أن تضمن أن ضربات الردع المدعومة التي ستنفذها في النهاية تتناسب مع جميع هجمات الميليشيات التي أدت إليها. فالرد على هجوم خفيف تشنه أي من الميليشيات برد انتقامي أمريكي خفيف لا يعني شيئاً إذا كانت عملية الميليشيا قد سبقتها عدة عمليات بقيت دون حساب على مدار أسابيع.