تحت عنوان “للعنف ثقافة” أعلنت مؤسسة قضايا المرأة المصرية عن إطلاق حملة 16 يوم لمناهضة العنف ضد المرأة. بدأت من اليوم الخميس الموافق 25 نوفمبر حتى 10 ديسمبر. تزامنا مع اليوم العالمي للعنف ضد المرأة، والذي احتفلت الأمم المتحدة به تحت شعار “لوّن العالم برتقاليا: فلننهِ العنف ضد المرأة الآن”.
وتشهد حملة الـ 16 عقد فعاليات من بينها إضاءة المباني والمعالم الشهيرة باللون البرتقالي للتذكير بالحاجة إلى مستقبل خال من العنف.
تهدف الحملة إلى مناقشة أثر الثقافة السائدة وعلاقتها بزيادة معدلات العنف والتمييز ضد النساء والفتيات. كما تسلط الضوء على مدى انعكاس تلك الثقافة على العديد من الممارسات والتطبيقات الهامة التي تؤثر على حياة النساء والتي منها القانون والعادات والتقاليد السائدة والاعلام والصحة النفسية للنساء والتفسيرات الدينية. وذلك من خلال عدد من المناقشات الالكترونية علي الصفحات الخاصة بالمؤسسة بوسائل التواصل الاجتماعي.
وتأتي حملة المؤسسة هذا العام قائمة علي أربع محاور هم (المحور الاجتماعي، ومحور الشريعة الاسلامية والمحور القانوني، أخيرا المحور الإعلامي).
وأوضحت المؤسسة أنه مع التغيير المجتمعي والتطور التكنولوجي الذي ساهم في التوسع في المفاهيم والاطلاع على ثقافات وممارسات أخرى خاصة في الآونة الأخيرة، تصادمت الثقافة والممارسات المجتمعية الحالية مع عدة مفاهيم ومطالبات لتعزيز المساواة والعدالة بين الجنسين.
مؤسسة قضايا المرأة نبهت إلى أن الدولة المصرية تتتحفظ وفقا لخلفيتها الدينية والثقافة المجتمعية على مادتين من مواد اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد النساء. وهما المادة 2 التي تنص على اتخاذ الدولة للتدابير المناسبة لإقرار المساواة وحماية النساء من التمييز، والمادة 16 التي تنص على المساواة وعدم التمييز في العلاقات الأسرية وتتذرع الدولة في تحفظها على هاتين المادتين بذريعة مخالفتهم للشريعة الإسلامية.
وتضيف أنه يأتي ذلك في نفس الوقت الذي تلتزم فيه الدولة بموجب المادة 5 من نفس الاتفاقية بتغيير الأنماط الاجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمرأة، بهدف تحقيق القضاء على التحيزات والعادات العرفية وكل الممارسات الأخرى القائمة على الاعتقاد بكون أي من الجنسين أدنى أو أعلى من الآخر، أو على أدوار نمطية للرجل والمرأة، وبالرغم من التمسك الظاهري من الدولة بالشرع والخصوصية الثقافية، نجد أن هناك بعض القوانين الوطنية التي تميز ضد النساء بالمخالفة الصريحة للدستور ولمبادئ الشريعة الإسلامية.
وتسعى المؤسسة خلال حملة “للعنف ثقافة” مناقشة الثقافة وأثرها على النساء عبر التركيز على ٤ محاور رئيسية تتمثل في تسليط الضوء على الأسباب الثقافية لانتشار العنف وتأثير الثقافة المجتمعية على الممارسات المختلفة والعنف ضد النساء. كما يظهر في التشريع والقوانين الحالية وكيف تأثرت الصحة النفسية للنساء والفتيات وظروفهن الاجتماعية بالثقافة من خلال الأمثال الشعبية المتداولة يوميا. وكذلك مناقشة كيف أثرت الثقافة على الفقه الإسلامي وهو التفسير البشري لمبادئ الشريعة وهو ما أنتج تعدد للآراء التي تم توظيفها سياسيا واجتماعيا فيما بعد لترسيخ التمييز ضد النساء.
وعلى السياق القانوني، باتت قوانين عدة تتعدل لتناصر المرأة في حقوقها، وهو الأمر الذي دفع العديد من السيدات والفتيات للإقدام على الحصول على حقهن وإن كانت ليست بالقاعدة، ولكن ساهم في ذلك عدد من القوانين تأتي أبرزها تغليظ عقوبة جريمة تشويه الأعضاء التناسلية للإناث وتحويلها من جنحة إلى جناية.
كما تم تغليظ عقوبة التحرش والذي نصت مادته 306 من قانون العقوبات على أنه يعاقب بالحبس “مدة لا تقل عن 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن 3 آلاف جنيه ولا تزيد على 5 آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من تعرض للغير في مكان عام أو خاص أو مطروق بإتيان أمور أو إيحاءات أو تلميحات جنسية أو إباحية سواء بالإشارة أو بالقول أو بالفعل بأية وسيلة بما في ذلك وسائل الاتصالات السلكية أو اللاسلكية”.
وتابعت المادة: “تكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تزيد على 10 آلاف جنيه وبإحدى هاتين العقوبتين، إذا تكرر الفعل من الجاني من خلال الملاحقة والتتبع للمجني عليه”.
وفيما يتعلق بعقوبة هتك العرض جاء وفقا للمادتين (268) و(269) من الباب الرابع بقانون العقوبات، فإنّ كل من هتك عرض إنسان بالقوة أو بالتهديد أو شرع في ذلك، يُعاقب بالسجن المشدد، وإذا كان عمر من وقعت عليه الجريمة المذكورة لم يبلغ 18 سنة ميلادية كاملة أو كان مرتكبها أو أحد مرتكبيها ممن نص عليهم في الفقرة الثانية من المادة (267) “الفاعل من أصول المجني عليه أو من المتولين تربيتها أو ملاحظتها أو ممن لهم سلطة عليها أو كان خادما بالأجر عندها أو عند من تقدم ذكرهم، أو تعدد الفاعلون للجريمة”، تكون العقوبة السجن المشدد مدة لا تقل عن 7 سنوات، وإذا اجتمع هذان الظرفان معا يُحكم بالسجن المؤبد.
وصف إعلان القضاء على العنف ضد المرأة الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1993، العنف ضد المرأة بـ “أي فعل عنيف تدفع إليه عصبية الجنس، ويترتب عنه أو يرجح أن يترتب عليه، أذى أو معاناة للمرأة سواء من الناحية الجسمانية أو الجنسية أو النفسية، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل أو القسر أو الحرمان التعسفي من الحرية، سواء حدث ذلك في الحياة العامة أو الخاصة”.
في سياق متصل، قال رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، السيد عبد الله شاهد إنه سيظل ملتزما بقضية العنف ضد النساء، مشيرا إلى أنه سيستخدم “كل أداة متاحة له طوال فترة الرئاسة لإظهار الدعم للنساء والفتيات، وللدعوة بحزم إلى القضاء على العنف”.
وأضاف قائلا: “لقد أجريت العديد من المحادثات مع النساء والفتيات أثناء رحلاتي وأثناء فترة وجودي في المكتب. رسالتهن واضحة – إنهن يردن الحرية لتحقيق إمكاناتهن الحقيقية دون خوف من العنف أو الاتهامات”.
ودعا المجتمع الدولي إلى تسريع الموارد والتمويل لجميع البرامج والمبادرات المتعلقة بإنهاء العنف ضد النساء والفتيات. “فلنعمل على تحقيق مستقبل مزدهر وأكثر أمانا للنساء والفتيات في كل مكان”.