آثار زواج البطل الرياضي بيج رامي دون علم زوجته الأولى وردة فعلها اللاحقة، تعاطفًا كبيرًا وحالة من الجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي. الأمر الذي عزز من اشتباك عضوات مجلس النواب مع الأزمة برلمانيًا، بإعلان عزمهن على تقديم تشريع جديد، يحفظ حق الزوجة الأولى، حال أقدم زوجها على الزواج بأخرى، مستبقيًا إياها في عصمته.

شرعيًا، سبق لشيخ الأزهر الإمام أحمد الطيب أن وصف مسألة تعدد الزوجات بـ «الظلم للمرأة». واعتبر أن «أولى قضايا التراث التي تحتاج إلى تجديد هي قضايا المرأة. لأن المرأة هي نصف المجتمع، وعدم الاهتمام بها يجعلنا كما لو كنا نمشي على ساق واحدة». وقد أضاف أن مسألة تعدد الزيجات من الأمور التي شهدت تشويهًا للفهم الصحيح للقرآن الكريم والسنة النبوية.

وفي هذا الإطار، يطالب مشروع القانون الجديد بتعديل نص المادة 11 مكرر من مرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929، المعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985، والقانون رقم 4 لسنة 2005. وذلك بإضافة بند تجريمي. قد يوصل الزوج والمأذون كلاهما إلى قفص الاتهام والحبس، إذا ما وقعت الزيجة الثانية دون إعلام الزوجة الأولى، وفق ما أوضحته النائبة هالة أبو السعد، وكيل لجنة المشروعات المتوسطة والصغيرة.

أزمة المادة 11 مكرر والزواج الثاني

وتنص المادة 11 مكرر قبل التعديل على أنه «على الزوج أن يقر في وثيقة الزواج بحالته الاجتماعية، فإذا كان متزوجًا فعليه أن يبين فى الإقرار اسم الزوجة أو الزوجات اللاتي فى عصمته ومحال إقامتهن، وعلى الموثق إخطارهن بالزواج الجديد بكتاب محل مقرون بعلم الوصول».

ووفقًا لذلك، يجوز للزوجة -في حال عدم إعلامها- أن تطلب الطلاق، إذا لحقها ضرر مادي أو معنوي يتعذر معه دوام العشرة، ولو لم تكن قد اشترط على الزوج فى العقد إلا يتزوج عليها. فإذا عجز القاضي عن الإصلاح بينهما طلقها طلقة بائنة.

اقرأ أيضًا: عدِّلوا قانون الأحوال الشخصية أولاً ثم تحدثوا عن “من يُؤتمَن”

ويسقط حق الزوجة في طلب التطليق لهذا السبب بمضي سنة من تاريخ علمها بالزواج بأخرى. إلا إذا كانت قد رضيت بذلك صراحة أو ضمنًا. ويتجدد حقها في طلب التطليق كلما تزوج عليها بأخرى. وإذا كانت الزوجة الجديدة لم تعلم أنه متزوج بسواها، ثم ظهر أنه متزوج فلها أن تطلب التطليق كذلك.

المشكلة في هذه المادة أن بعض الأزواج يتحايلون عليها بمعاونة المأذونين. وذلك بأن يتعمدون إخفاء اسم الزوجة أو يسجلون معلومات خاطئة بشأنها، يترتب عليها عدم إعلامها بالزيجة الثانية، كما تقول النائبة أمل سلامة عضو لجنة الإعلام بمجلس النواب وعضو الهيئة البرلمانية لحزب الحرية المصري.

ولهذا، فإن مشروع القانون الجديد يطالب -وفق ما توضح أبو السعد- بأن يوجب على الزوج أن يُقر في وثيقة الزواج بحالته الاجتماعية. فإذا كان متزوجًا فعليه أن يبين فى الإقرار اسم الزوجة أو الزوجات اللاتي فى عصمته ومحل إقامتهن. وذلك بالإضافة إلى إلزام الموثق (المأذون) بإخطار الزوجة بالزواج الجديد بكتاب محل مقرون بعلم الوصول، أو بوسائل الإعلام الإلكترونية أو الحديثة أو بأية طريقة أخرى تحقق الهدف منها. بينما في حال مخالفة ذلك يعاقب بالحبس لمدة سنة وبغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه، ولا تزيد على 50 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين.

قانون المأذونين والزواج الثاني.. تحركات نيابية لإحياء الحلول الجدية

هذا التحرك النيابي الأخير للنائبات –اللاتي يمثلن 25% من مقاعد البرلمان– يتزامن مع تقديم الحكومة عددًا من مشروعات قوانين ذات الصلة بهذه الظواهر الاجتماعية. ومنها مشروع قانون المأذونين. ويشتمل على مادة تنظم الزواج الثاني إلى جانب استراتيجية عمل المأذونين، وواجبات وحقوق وعقوبات المأذون، وغيرها من المواد التي ينص عليها مشروع القانون.

وكان من بين مواد هذا القانون بند بشأن حق الزوجة الأولى في الموافقة على زواج زوجها مرة أخرى. إذ اشتراط القانون إعلام الزوجة، وأخذ موافقة كتابية منها للسماح للزوج بزيجة ثانية. وهو مشروع يساهم في علاج مشكلة تعدد الزيجات، وتنظيم تلك الظاهرة، التي تتم دون ضوابط أو موانع أو النظر في الأضرار النفسية والمادية الملاحقة للزوجة الأولى، على حد قول النائبة أمل سلامة عضو لجنة الإعلام بمجلس النواب وعضو الهيئة البرلمانية لحزب الحرية المصري.

أما مشروع القانون الجديد، فقد تطرق إلى عقوبات تردع عن إغفال حقوق الزوجة الأولى. ومنها كما توضح سلامة اقتراح بكتابة ربع ثروة الزوج للزوجة حال تطليقها إن تخطت فترة زواجهما 20 عامًا. إلا أن هذا لم يلق قبولاً كبيرًا من الأزهر والجهات المعنية. فتم استبداله بأحقية الزوجة في رفع قضية نفقة على الزوج بعدد سنين الزواج. على أن يكون بواقع 2000 جنيه عن كل سنة كحد أدنى.

متى ينتهي جدل قانون الأحوال الشخصية؟

ترى سلامة أيضًا ضرورة تعديل قانون الأحوال الشخصية. وهي تلفت إلى أن محاكم الأسرة مليئة بمئات القضايا التي تشهد على تعرض المرأة لظلم كبير.

وقد طالب عدد كبير من النواب بسرعة تقديم قانون الأحوال الشخصية الجديد سواء من الأزهر الشريف أو الحكومة. ويتعثر إقراره بسبب عدد من المواد الخلافية. منها الحضانة والرؤية والزواج الثاني والطلاق الشفهي.

في فبراير 2021، أحال مجلس الوزراء مقترحًا لقانون الأحوال الشخصية. بينما تسبب تسريب مسودة القانون إلى وسائل الإعلام في إثارة عاصفة من الانتقادات. ذلك لانتقاصه من حقوق النساء. وهو ما تبعه سحب لمشروع القانون، ووعد رئاسي بأن القانون الجديد سيكون متوازنًا. وإلى الآن لم يصدر القانون فيما يتبعد تقرير نشره مركز كارنيجي للشرق الأوسط أن يصدر قريبًا.

اقرأ أيضًا: التمييز ونزع الأهلية عن المرأة.. اتهامات تواجه مشروع قانون الأحوال الشخصية

يصعب ذلك -وفق تقرير كارنيجي- لأن ملف الأحوال الشخصية يتسم بالمحدودية النابعة عن ثقل وطأة الدين وعدم إمكان تجاوزه. ومن ثم اقتضى الميل للشمول والتفصيل في تنظيم قواعد الأسرة الرجوع للمرجع الأساسي، وهو الفقه الإسلامي، لتغطية التفاصيل المطلوبة.

وقد شُحِنت مسودة القانون بتفاصيل فقهية عديدة، جعلت المسودة أقرب للمحتوى الفقهي منها لشكل القانون الحديث. ليُصبح مشروع القانون بمثابة قطيعة مع تقليد التشريع وأسلوب الجمع والدمج القانوني المصري على مستوى المحتوى والصياغة.

يأتي مأزق هذا القانون -وفق كارنيجي- في وقوعه في شبكة من المتناقضات. أولها التناقض بين عدم إمكانية تجاوز الدين في هذا الملف. فيما التناقض الثاني مرتبط بالميل لجمع ودمج كافة المبادئ المنظمة لشؤون الأسرة في نمط أقرب لدليل استرشادي مفصل. بحيث يُمكن للقضاة والعاملين بنيابات الأسرة العودة إليه. ما أدى لجمع ودمج عدد من المبادئ الجدلية، مثل النص المتعلق بحق الولي في طلب فسخ عقد زواج المرأة من غير «الكفء». هذا فضلاً عن كم آخر من المتناقضات منها حق الرؤية والولاية على الأطفال.