أسبوع جديد من التوتر والترقب يسيطر على ملف سد النهضة، الذي يرتبط بالتوترات الأمنية الجارية في إثيوبيا. والتي بدورها نشرت قوات من الجيش بمحيط المشروع التي تخاف أن تطاله المواجهات العسكرية الجارية. في حين طرحت مصر مقترحًا جديدًا، يمكن استغلاله، خاصة من جانب الأطراف الوسيطة للوصول إلى حل توافقي.
الجيش الإثيوبي ينتشر حول سد النهضة
أعلنت قوات المسلحة الإثيوبية نشر وحدات من الجيش الوطني بمحيط منطقة سد النهضة، لتأمينه ضد أي خطر وبعد محاولات لمهاجمته. وذلك بحسب ما ذكرت شبكة “فانا” الإثيوبية.
وقالت قوات الدفاع، مساء الأربعاء، إن “أعمال بناء سد النهضة ما زالت جارية دون أي عقبات أمنية. حيث يعكف الجيش على أداء واجباته في المنطقة ليلا ونهارا”، لكنها بدت متخوفة من اتساع رقعة الصراع. وقالت: “إلى جانب قوات دفاعنا الوطنية، تقوم الشرطة الفيدرالية في أقاليم أمهرة وغامبيلا وسيداما وإقليم شعوب جنوب إثيوبيا بتأدية مهامهم الوطنية بشجاعة”.
وأشارت قوات الدفاع الإثيوبية إلى وقوع محاولات متكررة من قبل من وصفتهم بـ”قوات المرتزقة”، لزعزعة الأمن في منطقة السد. لكن القوات المنوط بها حراسة المشروع تمكنت من هزيمة المهاجمين.
أوضحت أن وحدات من الجيش الإثيوبي تعكف حاليا على حراسة المنطقة، بصحبة وحدات ميكانيكية ومشاة وأفراد من القوات الخاصة الإقليمية. لتوفير الحماية اللازمة من أجل استكمال البناء ونقل مواد البناء.
مقترح مصري لصالح دول حوض النيل
أعلنت مصر، الخميس، عن مقترح جديد يخدم دول حوض النيل ويحقق مصالحها، بما يحفظ أمنها المائي. خاصة بعد التعثر الذي حدث في مفاوضات سد النهضة بين القاهرة والخرطوم وأديس أبابا.
وأكد وزير الري محمد عبد العاطي، دعم مصر للتنمية بكافة الدول الإفريقية من خلال تنفيذ العديد من المشروعات فب مجال المياه. مع استعداد القاهرة لتقديم الدعم الفني وتبادل الخبرات والتجارب الناجحة في مجال الموارد المائية مع كافة الدول الإفريقية. جاء ذلك خلال كلمته في جلسة نقاشية وزارية رفيعة المستوى تم عقدها على هامش أسبوع المياه الإفريقي. وذلك تحت رعاية الاتحاد الإفريقي ومجلس وزراء المياه الأفارقة.
كما شدد عبد العاطي على الدور المهم الذي يمثله مشروع الممر الملاحي بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط. باعتباره من أهم نماذج التعاون الإقليمي ومساهمته في تحقيق أهداف التنمية بدول حوض النيل. كذلك أشار إلى أن المشروع يتضمن تحويل نهر النيل لشريان يربط بين دول الحوض. حيث يشتمل على ممر ملاحي وطريق وخط سكة حديد وربط كهربائي وكابل معلومات. وبما يدعم حركة التجارة والسياحة بين الدول المشاركة فيما بينها ومع دول العالم. ويعمل على توفير فرص العمل وزيادة إمكانية الدول الحبيسة للاتصال بالبحار والموانئ العالمية.
لا مؤشرات حول الملء الثالث لسد النهضة
كشف الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا بجامعة القاهرة، تطورات جديدة حول سد النهضة وتخزين المياه استعدادًا للملء الثالث.
وقال شراقي إن “الصور الفضائية يوم الخميس 25 نوفمبر 2021 تظهر تدفق المياه أعلى الممر الأوسط. ومازالت بوابتا التصريف مغلقتين. وكذلك بوابتا التوربينات المنخفضة مما يعني عدم إنتاج الكهرباء الذي كان مقررا في أكتوبر الماضي. وعدم اتخاذ أي استعدادات نحو التخزين الثالث، وتوقف المخزون في بحيرة سد النهضة عند 8 مليار م3”.
وتابع: “فتح أي بوابة سوف يعتبر أول خطوة في الاستعدادات للبدء في الأعمال الهندسية للتخزين الثالث المزمع في يوليو 2022”. كما نفى شراقي تركيب أي توربينات بسد النهضة رغم التصريحات المتكررة من الجانب الإثيوبي ببدء توليد الكهرباء جزئياً من السد بحلول أكتوبر الماضي. مضيفاً أن “الجانب الأيمن والأيسر من السد لم يتجاوز ارتفاعه 100 متر”.
كذلك، أوضح أنه لا توجد أي شواهد لإنتاج كهرباء من السد مع استمرار تدفق المياه من أعلى الممر الأوسط بمقدار 10 إلى 15 مليون متر مكعب في اليوم. كما لا يوجد أي استعدادات لتخزين ثالث حتى الآن.
وقال إن فتح أي بوابة سيعتبر أول خطوة للبدء في الأعمال الهندسية للتخزين الثالث المزمع في يوليو 2022. وقال إن المشروع سيعمل على دعم التنمية الاقتصادية بالبلدان المشاركة وتقوية وضع المنطقة في النظام الاقتصادي العالمي.
وزير الري: ملء سد النهضة أحاديا كلفنا مليارات الدولارات
استقبل الدكتور محمد عبد العاطي، وزير الموارد المائية والري، ماثيو باركس، خبير المياه بالحكومة الأمريكية، ونيكول شامبين، نائب السفير الأمريكي بالقاهرة، وممثلي السفارة الأمريكية.
وأشار وزير الري، خلال الاجتماع، إلى الموقف الراهن لمفاوضات سد النهضة الإثيوبي. وأشار إلى مرونة مصر خلال مراحل التفاوض المختلفة لرغبتها في التوصل إلى اتفاق عادل وملزم فيما يخص ملء وتشغيل السد. ولفت إلى ضرورة وجود إجراءات محددة للتعامل مع حالات الجفاف المختلفة في ظل اعتماد مصر الرئيسي على نهر النيل. وأن مصر قامت بمحاولات عديدة لبناء الثقة خلال مراحل التفاوض. إلا أن ذلك لم يقابل بحسن نية من الجانب الإثيوبي.
صندوق للبنية التحتية بالدول الثلاث
وقال إنه سبق لمصر اقتراح إنشاء صندوق للبنية التحتية بالدول الثلاث (مصر والسودان وإثيوبيا) ليفتح مجالاً للتعاون. ولكن لم يتم تفعيله حتى الآن، وطرحت مصر فكرة ربط شبكات الكهرباء بالدول الثلاث؛ ولكن إثيوبيا رفضت هذا المقترح أيضاً. مع التأكيد أن أي نقص في المياه سيؤثر على العاملين بقطاع الزراعة. مما سيسبب مشكلات اجتماعية وعدم استقرار أمني في المنطقة ويزيد من الهجرة غير الشرعية.
وأشار عبد العاطي إلى أن الجانب الإثيوبي يقوم بالإيحاء أنه مضطر إلى الملء باعتباره ضرورة إنشائية وبغرض توليد الكهرباء. وهو أمر مخالف للحقيقة، بدليل قيام الجانب الإثيوبي بالملء خلال العام الماضي على الرغم من عدم جاهزية توربينات السد لتوليد الكهرباء. وقام بتكرار نفس السيناريو هذا العام دون توليد الكهرباء أيضاً حتى الآن، حيث لم يتم تشغيل توربينات التوليد المبكر بالسد. وهو الأمر الذي يثير العديد من التساؤلات حول إصرار إثيوبيا على ملء السد دون توليد كهرباء.
يذكر أن الولايات المتحدة كانت جددت دعمها للأمن المائي لمصر، ودعت إلى استئناف المفاوضات حول اتفاقية بشأن سد النهضة برعاية رئيس الاتحاد الإفريقي، اتساقاً مع البيان الرئاسي الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في 15 سبتمبر 2021، واتفاق إعلان المبادئ لعام 2015.