يُلقي تقرير حملة “ليس الثمن”، لعام 2021. الذي يحمل عنوان “إيقاف العنف ضد المرأة في السياسة- نداء مجدد إلى العمل”. الضوء على ممارسات القمع السياسي تجاه المرأة في عدة مناطق متفرقة من العالم.
وتهدف الحملة، وفق القائمين عليها، للحد من العنف ضد المرأة في السياسة. ومنذ ذلك الوقت، نمت الحملة حتى أصبحت حركة عالمية تركّز على منح النساء، أينما كن في العالم، فرصة المشاركة بأمان في الحياة السياسية لبلدانهن.
ليس الثمن
المعهد الديمقراطي الوطني هو منظمة أمريكية غير حكومية أو ربحية. تعمل بالشراكة مع جهات عدة حول العالم بغية دعم المؤسسات والعمليات والمعايير والقيم الديمقراطية وتعزيزها لضمان نوعية حياة أفضل للجميع.
ويعمل المعهد على النهوض بمشاركة المرأة في السياسة حول العالم. كما يمكّن المعهد المرأة من المشاركة في عملية التغيير ًالديمقراطي، والتنافس فيها، وقيادتها بصفتها شريكا ناشطا ومتساويا مع الرجل.
وقبل خمس سنوات، أطلق المعهد وشركائه، حملة “ليس الثمن”. ليتم إدراج هذه القضية على جدول أعمال الأحزاب السياسية، والمسؤولين عن الانتخابات ومراقبي الانتخابات، والبرلمانات، والمنصات الرقمية، والمنظمات الإقليمية والدولية، بما فيها الأمم المتحدة.
رغم هذا التقدم، يشير التقرير إلى أن النساء العاملات في المعترك السياسي لا يزلن يواجهن، في شتى أنحاء العالم، العنف الذي يتّخذ شكل تحيز جنساني يومي، وإساءات نفسية، وتهديدات، وتخويف.
وتتنوع أشكال العنف ما بين الشخصية والالكترونية. وكذلك اعتداءات جسدية وجنسية.
العنف السياسي ضد المرأة
تُعّد مشاركة المرأة في الحياة السياسية واحدة من المكاسب الحقيقية للديمقراطية، كتلبية احتياجات المواطنين بدرجة أكبر، وتوطيد التعاون بين جهات من مختلف الانتماءات الحزبية والإثنية، وتعزيز السلام المستدام.
لكن، ما زالت المرأة تصطدم بمقاومة شديدة من معارضي المساواة بين الجنسين “الذين لا يتوانون عن استخدام مجموعة متنوعة من التكتيكات. بغية استهداف مشاركة المرأة في الشأن السياسي والعام، وتقويضها، وعرقلتها”. حسب القائمين على حملة “ليس الثمن”.
وتشمل هذه الأفعال الإيذاء النفسي، والإكراه الاقتصادي، والاعتداء الجسدي والجنسي. وبشكل متزايد العنف عبر الشبكة الإلكترونية، ونشر المعلومات الخاطئة على أساس نوع الجنس.
ربما لا يستهدف العنف السياسي عادة جنسًا بعينه، لكن العنف ضد النساء في السياسة يتّسم بثلاث خصائص. فهو يستهدف المرأة بشكل صريح بسبب نوع جنسها، وتكون أشكاله مبنية على أساس النوع الاجتماعي، كما تظهره التهديدات القائمة على التحيز الجنسي والعنف الجنسي.
ومن آثاره إثناء المرأة بشكل خاص عن المشاركة الناشطة في العمل السياسي، أو مجرّد التفكير في ذلك.
عنف متنوع
على مدى السنوات الخمس الماضية، بدأت مجموعة متنوعة من المؤسسات المعنية بحقوق المرأة في العالم في جمع بيانات حول هذه الظاهرة. فشملت هذه الجهود إعادة ترتيب قواعد البيانات الحالية حول العنف السياسي، وإجراء دراسات استقصائية، وأبحاث قائمة على دراسات الحالة.
وأكّد بحث أجراه “مشروع بيانات مواقع النزاعات المسلحة وأحداثها” أن العنف السياسي الذي يستهدف المرأة موجود، معرّفا إياه كالأحداث التي تتعرّض فيها نساء أفراد، أو مجموعات مؤلفة من نساء بشكل أساسي، للهجوم لأسباب سياسية.
خلص البحث إلى أن التظاهرات التي تشارك فيها النساء أكثر ميال إلى أن تُقابَل بالتدخل الصارم أو القوة المفرطة. بالمقارنة مع تلك التي يشارك فيها رجال أو أشخاص من الجنسين.
أما “جمعية نساء بوليفيا المنتخبات محلياً”، فقد استندت إلى الشهادات التي جمعتها بين عامي 2000 و2005. لتجد أن أعضاءها قد تعرضن لمجموعة واسعة ومتنوعة من أعمال العنف في سياق عملهن السياسي.
وأوضحت الشهادات أن هناك نساء تم إرغامهن على الاستقالة من مناصبهن، أو واجهن اعتداءات جنسية وجسدية. أو تم تجميد رواتبهن بشكل غير قانوني، أو تعرضن لحملات تشهير وقذف.
ولاحظت “مؤسسة الحقوق الرقمية” خلال دراسة لتعليقات على فيسبوك استهدفت مر ّشحين في انتخابات2018 في باكستان، أن السياسيات النساء كن أكثر عرضة للتعليقات التي تحط من قدرهن، أو التعليقات الشخصية أو الجنسانية أو الجنسية، في حين كان الرجال أكثر ميلًا للتعرّض للهجوم لأسباب تتعلق بالسياسات نفسها.
نحو المشاركة السياسية
هناك من يعملن على تقوية دور المرأة في بلادهن. مثل الدكتورة ليلى الهمامي، أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة لندن، وهي إحدى أبرز الناشطات الفاعلات في الساحة السياسية التونسية. وقد ترشحت إلى منصب الرئاسة عام 2019.
أوضحت الهمامي من قبل أنه على الرغم من أن دور المرأة كان حاسمًا في انتصار الباجي قائد السبسي على حليف حركة النهضة المنصف المرزوقي خلال انتخابات 2014 بمليون صوت. إلا أنها لا تزال تناضل من أجل توسيع حضورها في مراكز القرار السياسي والإداري، والارتقاء إلى المهام القيادية العليا للدولة.
أمّا في مصر، فقد اختلفت انتخابات برلمان 2020 وتميزت بالمقارنة بانتخابات مجلس النواب 2015 بالتنوع في المرشحين. بالإضافة إلى زيادة اعداد السيدات المرشحات، سواء على الفردي أو القوائم. وفق المركز المصري لحقوق المرأة.
وشهدت انتخابات البرلمان الماضي مشاركة 627 امرأة كمرشحة بالانتخابات، منهن 8.6%، على المقاعد الفردية بعدد 347 مرشحة. وفي القوائم الانتخابية 280 مرشحة بنسبة 49.5%.
أعداء أنفسهن
يزداد العنف تجاه العمل السياسي للنساء في الشرق الأوسط والمنطقة العربية. ربما كانت أغلب الأسباب خارجية، لكن ذلك لا يمنع أن من بين النساء، سواء العاملات بالسياسة أو المجتمع المدني، من يُمثّلن عقبة لأنفسهم وغيرهم.
ففي عام 2011، قالت منى صلاح، رئيسة جمعية منابر النور الخيرية ومرشحة التيار السلفي للبرلمان. إن النساء “ناقصات عقل ودين ولا تجوز لهن الولاية بتولي منصب الرئاسة”. في الوقت الذي ترشحت فيه للبرلمان بدعوى أن النيابة “فيها ولاية جزئية وليست ولاية كلية كرئاسة الجمهورية”.
وقتها أعلنت أنها تسعى لتطبيق الشريعة الإسلامية. وقطع يد السارق، ومنع الاختلاط بين الجنسين، وتخصيص ملابس سوداء للنساء وأخرى بيضاء للرجال.
وفي الانتخابات الأردنية عام 2016. أوضح استطلاع رأي أجراه برنامج “عين على النساء” القائم على تمكين المرأة أن 77% من الناخبين أكدوا على ثقتهم بالمرأة كمرشحة -81% إناث و66% ذكور- وأن معيار اختيار المرأة المرشحة سيكون لخبرتها في العمل العام 32%، ولمؤهلها العلمي 30%، ولانتمائها العشائري أيضاً 14%.
وحول الفرص المتساوية بين المرشحين والمرشحات، اعتقد 42% أنه لا فرص متساوية بين المرشحين والمرشحات.
وأرجع هؤلاء الأسباب لأنهم يرون أن المرأة أقل كفاءة من الرجل، والانتماء العشائري، وأن التصويت للرجل أصبح عادة. كذلك الثقافة الذكورية رسّخت أن الرجل أولى بالنيابة من المرأة ويتحمل مسؤولية أكثر، وأن المرأة يجب أن تقوم ببيتها. صوت الرجل مسموع أكثر من المرأة، إضافة الى أن الرجل أكثر قدرة على اتخاذ القرارات.
أمّا أحدث حلقات العنف السياسي فكانت في سبتمبر الماضي. حيث شكت المرشحة للانتخابات العراقية، سجى عماد جمعة البياتي، وهي من القومية التركمانية، من قيام المسؤولين في قرية ينكجة، في محافظة صلاح الدين، بمنع دعاياتها الانتخابية في القرية.
وقالت البياتي إن شخصاً يدعى سيد علي أوصى القوات الأمنية في مداخل القرية بمنع الملصقات الدعائية للمرشحين. مدعياً أن هذا الاجراء جاء بأمر من النائب مهدي تقي، الذي قرر وضع صوره فقط في القرية.
وفي يوليو الماضي، شهد البرلمان التونسي، الذي تعرض للتجميد، حادثة فريدة. حيث تعرضت النائبة عبير موسي، رئيسة كتلة الحزب الدستوري الحر، للضرب والركل من نائب آخر بعد جدل بينهما عقبه هجوم لفظي من النائبة.
وقالت مصادر من داخل البرلمان أن موسى تدخلت في سير عمل الجلسات واعتلت منصة البرلمان دون وجه حق. وبينما نددت الرئاسة التونسية بحادث الاعتداء على موسي، قام آخرون بالتنديد باعتداءاتها على المؤسسة التشريعية.