دخلت أزمة النفط العالمية منعطفا غريبا بعد تشكيل تحالف “الاحتياطيات الاستراتيجية“. الذي يهدف إلى كسر عناد مجموعة “أوبك بلس”، وإجبارها على تعزيز الإنتاج لخفض الأسعار العالمية.
تتصدر أمريكا التحالف الجديد بعدما أعلنت الإفراج عن 50 مليون برميل من الاحتياطي الاستراتيجي للنفط لديها. وبعد تنسيق مع بريطانيا، والصين، والهند، واليابان، وكوريا الجنوبية.
هذه هي المرة الرابعة التي يلجأ فيها رئيس أمريكي لاستخدام مبيعات للطوارئ من الاحتياطي الاستراتيجي. بعد استخدامه عام 2011 خلال أزمة ليبيا وتوقف إنتاجها النفطي، وسبقها إعصار “كاترينا” عام 2005. وحرب الخليج عام 1991 التي سببت هرة لأسعار الخام بعد نشوبها بين دولتين كبيرتي الإنتاج.
يحمل التحالف الجديد تشكيلا تجمعه المصالح، فرغم العداء السياسي بين الصين وأمريكا وبين الهند والصين. إلا أن المصالح وحدت بينها، لمواجهة تحالف “أوبك مع روسيا” الذي يصمم على إبقاء سعر النفط. مرتفعا بالإبقاء على معدلات الإنتاج عند سقف معين.
كما يتلقى تأييدا ضمنيا من مجموعة الدول المستوردة للنفط، التي ترى أن النفط أحد أسباب موجة التضخم العالمية. التي تتطلب تخفيضا للأسعار، لتقليل أعباء الإنتاج والشحن.
حرك التحالف الجديد أسعار النفط نحو الأسفل بنحو 3 دولارات في اليوم الأول لتطبيقه. ودفع مزيج “برنت” إلى الهبوط، لأقل من مستوى 70 دولارا للبرميل. للمرة الأولى منذ نهاية أغسطس من العام الجاري.
خطة أمريكية
تتضمن خطة واشنطن سحب 32 مليون برميل على مدار الشهور القادمة. والإسراع بتنفيذ خطة تم اعتمادها سابقاً بالإفراج عن 18 مليون برميل، ليصل الإجمالي إلى 50 مليون برميل.
الهند ستسمح، هي الأخرى، بتحرير خمسة ملايين برميل من احتياطياتها الاستراتيجية. بينما حررت الصين كميات ضحمة للمرة الثانية، بعدما لجوئها لتلك السياسة في يوليو الماضي لضبط التضخم الداخلي لديها .
كونت الصين، أكبر مستوردي النفط في العالم، احتياطيها النفطية الاستراتيجية قبل 15 عاما. قبل أن تعززها كثيرا مثل كثير من الدول المستوردة، حينما كانت الأسعار بمستوى أقل من 20 دولارا. فلم يوجد صهريج، إلا وملأته في تلك الفترة.
تعتزم بريطانيا، أيضا، الإفراج عن 1.5 مليون برميل من النفط. مؤكدة أن الأمر لا يؤثر على احتياطيات النفط للمملكة المتحدة المرتفعة بشكل كبير عن مستوى التسعين يوما الذي تطلبه وكالة الطاقة الدولية.
التنسيق الأمريكي يراعي الاتفاق بين الدول الأعضاء في وكالة الطاقة الدولية وعددها 28 دولة التي تقضي بالاحتفاظ باحتياطيات من النفط للطوارئ، تغطي صافي الواردات لفترة 90 يوما.
احتياطي ضخم
يصل حجم الاحتياطي الاستراتيجي الأمريكي حوالي 606 ملايين برميل مخزنة في كهوف بـ4 مواقع شديدة الحراسة على سواحل لويزيانا وتكساس. أما اليابان فلديها 388 مليون برميل من إجمالي مخزون الخام الاستراتيجي. ولدي الصين تسع قواعد احتياطي رئيسية بطاقة مجتمعة 37.7 مليون طن.
يعود تكوين احتياطي النفط الإستراتيجي لحرب أكتوبر 1973 بعد الحظر النفطي الذي فرضته عدّة دول عربية منتجة في مقدمتها السعودية. على الولايات المتحدة، بسبب تأييدها لإسرائيل ومساعدتها عسكريا.
اعتبر تحالف “أوبك بلس” التجمع الأمريكي تهديداً للأسواق باعتباره مساهمة غير مطلوبة في زيادة المعروض من النفط. ما يهدد توازن السوق الذي تسعى لتحقيقه منذ انهيار الأسعار في أبريل 2020.
وقال وزير الطاقة الإماراتي سهيل المزروعي، إنه لا حاجة لزيادة الإنتاج من النفط بوتيرة أسرع مما هي عليه حالياً.
يضم “أوبك بلس” أعضاء اوبك الـ13 مع 10 بلدان أخرى مصدرة للنفط هي. روسيا، وأذربيجان، والبحرين، وبروناي، وماليزيا، وكازاخستان، والمكسيك، وعُمان، وجنوب السودان، لكن السعودية وروسيا هي المهيمنة على قرارهاَ.
تراجع أسعار النفط وتهديد أوبك
هدد التحالف بالتراجع عن سياسة زيادة إنتاج النفط. حال حدوث تنسيق بين كبرى الدول المستهلكة للنفط لاستخدام الاحتياطي الاستراتيجي لديها لزيادة المعروض النفطي، بحسب بلومبرج.
حافظ تحالف “أوبك”، على قيود لم يسبق على مثيل على الإنتاج. حتى مع انتعاش الأسعار من تراجعها الشديد خلال المراحل الأولى لجائحة فيروس كورونا.
ووصلت الأسعار لأعلى مستوياتها في 7 سنوات الشهر الماضي، مع تركيز السوق على الارتفاع السريع. في الطلب الذي تزامن مع رفع الإغلاق، وتعافى الاقتصادات في مواجهة زيادة بطيئة في الإمدادات من أعضاء “أوبك +”. لكن تلك المكاسب تبددت مع الخطوة الحديدة للتحالف الجديد.
كما تراجعت أسعار النفط أيضا مع انتشار متحور كورونا الجديد “اوميكرَن” وجود تهديد. بأن يؤدي انتشاره إلى إبطاء النشاط الاقتصادي في حالة إعادة فرض الإغلاق من قبل الدول الصناعية مجددا ما يقلل الطلب على النفط.
يترقب العالم، الخميس، النتائج التي ستصدر عن اجتماع منظمة أوبك وحلفاؤها. وسط سيناريوهات عديدة اختلف حولها المراقبون والمحللون.
تدرس مجموعة “أوبك+” ما إذا كانت ستطرح المزيد من النفط في الأسواق أم ستقيد المعروض في ضوء تقلبات كبيرة في أسعار الخام. ومخاوف من تداعيات متحور فيروس كورونا الجديد أوميكرون.
في الاجتماع السابق لأوبك بلس، تم الاتفاق على زيادة الإنتاج بمقدار 400 ألف برميل في اليوم شهريا. في إطار الرجوع تدريجيا عن تخفيضات الإنتاج القياسية التي اتفق عليها المنتجون في 2020 عندما هوى الطلب على النفط بسب كورونا.
لكن الدول المستوردة ترى أن ذلك الرقم لا يكفي لدعم النمو العالمي وتزايد الطلب الذي واكب بدء تعميم اللقاحات. وحاولت أمريكا الضغط على المنتجين الذين مانعوا لتعويض الخسائر التي تعرضوا لها في الموجة الأولى لكورونا.
كما تراجعت أسعار النفط أيضا مع انتشار متحور كورونا الجديد “أوميكرون” وجود تهديد. بأن يؤدي انتشاره الى إبطاء النشاط الاقتصادي في حالة إعادة فرض الإغلاق من قبل الدول الصناعية مجددا ما يقلل الطلب عليه.