كلما غابت أدوات ضبط الأسعار ومنع الاحتكار، وقع المواطن ضحية للغش التجاري، خاصة مع تزايد الاعتماد على التجارة الإلكترونية. لذلك برز دور جهاز حماية المستهلك كفاعل رئيس لتحقيق حالة التوازن بين المنتج والمستهلك. وللجهاز آليات وأدوات لتطبيق ذلك، قد يفرض استدعاؤها ما يشهده سوق السيارات في مصر. خاصة مع ارتباك وعدم القدرة على موازنة الجودة بالأسعار، التي تبدو الأعلى في المنطقة في مقابل مستوى الدخول.
والبعض قد يجهل الدور الذي يمكن أن يقدمه جهاز حماية المستهلك في حال تعرضهم لغش تجاري أو تلاعب من قبل بعض التجار والشركات وجهات التسويق المختلفة. فالجهاز يعمل على تحقيق حالة من التوازن بين المنتج والمستهلك. فضلاً عن تحقيق درجة عالية من الفاعلية في الرقابة على الأسواق. بالإضافة إلى تدخله في حال حدوث أي خلل بين أطراف المعادلة الشرائية.
والبعض يرى أن “حماية المستهلك” لا يستجيب سريعًا للشكاوى وربما يتجاهلها. وآخرون يلقون عليه باللوم دون محاولة التواصل مع الجهات الفاعلة والمنوطة بشكاوى المواطنين. بينما يراه قطاع آخر ظهيرًا داعمًا وحلقة وصل ضرورية بين المستهلك والمنتج.
حقوق المستهلك وطلبات التعويض
لجهاز حماية المستهلك لائحة تنفيذية صدرت برقم 181 لسنة 2018. وهي تحتوي على الضوابط الأساسية التي تضمن فاعلية الرقابة على الأسواق والمنتجات لخلق حالة من التوازن بين المنتج والمستهلك. وضبط حالات التلاعب في حال وجودها.
“ثلاجتي أصبحت خردة، ولم أكن أعلم أن في مقدوري الشكوى للجهاز”. تروي ربة المنزل حنان علي أنها اشترت ثلاجة من شركة كبرى، وبعد مرور ثلاثة أشهر بدأت الأعطال تتكرر. تقول إنها بحثت عن أي طريقة للوصول لحل مع الشركة دون جدوى. وأنها لم تكن تعلم أن بإمكانها اللجوء لجهة أخرى “حماية المستهلك”، ولا تعلم طريقة الوصول إليه. مؤكدة أن ثلاجتها انتهى أمرها بعد عامين لخردة؛ بسبب كثرة أعطالها ولجوئها للإصلاح الخارجي المتكرر.
لمعرفة كيف تقدّم شكوى لدى جهاز حماية المستهلك اضغط هنا
واللائحة التنفيذية لجهاز حماية المستهلك تلزم المصنع بضمان الجودة واعتماد المواصفات القياسية لكل سلعة، مع إعلان بيانات المنتج كاملة. ووضع سعر شامل الضريبة والإفصاح عن بلد المنشأ، وكامل التفاصيل الخاصة بالاستخدام، وشروط التخزين اللازمة للحفاظ على الصلاحية، ومدة الضمان وطريقة الاستعمال.
ومن حق المستهلك، وفق ما هو موضح في لائحة حماية المستهلك التنفيذية، أن يطلب إرجاع المنتج إذا تم إخفاء أي عنصر مما سبق ذكره. كما يحق له طلب تعويض، وباللجوء للقانون لتوقيع عقوبة على البائع لوقوعه تحت طائلة الغش التجاري.
ارتباك سوق السيارات.. “حماية المستهلك” يتتبع الحلقة الخفية
أحدث الملفات المثيرة للجدل خلال الفترة الأخيرة، ما يتعلق بارتبارك أصاب سوق السيبارات، التي تمر بأزمة في توافر المنتجات. كما أكد البعض أن الأسعار ترتفع بشكل غير مبرر؛ نظراً لنقص المعروض.
وأكد رئيس جهاز حماية المستهلك، أيمن حسام، أن الجهاز رصد تلك الأزمة قبل وقوعها، وتمت ملاحظة وجود نقص في المعروض. وتوقع حدوث ارتباك في الأسواق، وهو ما دفع الجهاز لتتبع الأمر، والبحث خلف المسببات المحتملة ومنها الشحن، حتى تجلت الأزمة.
أيمن حسام: السيارة لم تعد شيئًا من رفاهية المواطن. والتلاعب بأسعارها في حال ثبوته يستوجب غرامة تقدر بنحو مليوني جنيه أو ضعف ثمن البضاعة المبيعة أياً كانت قيمتها
وأوضح حسام أن الجهاز كان يبحث عن احتمالية وجود استغلال من قبل البعض؛ لأن هناك حلقات تداول إضافية ظهرت في بيع السيارات، وثبت أن بعض الحلقات في سلسلة الإمدادات تتضمن تلاعبًا، وأن هناك حلقات خفية في المنتصف تسببت في رفع الأسعار. ولفت إلى أن الجهاز أصدر قرارًا يضمن تتبع الفواتير من خلال إثبات السعر بـ”الأوفر برايس” في الفاتورة. وبتتبعها يتم الوصول لتلك الحلقة المفقودة، والتي تسببت في إرباك السوق.
وتتبع الفاتورة من المنشأ يساهم في كشف موطن التلاعب. كما جرى التفتيش على عدد من منافذ البيع، وتحرير بعض المخالفات ضد أصحابها خلال الشهر الماضي. واعتبر أن السيارة لم تعد شيئًا من رفاهية المواطن، والتلاعب بأسعارها في حال ثبوته يستوجب غرامة تقدر بنحو مليوني جنيه أو ضعف ثمن البضاعة المبيعة أياً كانت قيمتها.
بالإضافة إلى ذلك، تجلت ظاهرة أسوأ سيطرت على قطاع كبير من سوق السيارات، تتمثل في حصول المستهلك على إيصال حجز لسيارته دون تحديد السعر وقيمة المبلغ المدفوع وموعد التسليم محدد باليوم. وهو ما يعد بابًا للتلاعب ومخالفة قانونية واضحة. لذلك وجب إثبات كل تلك العناصر في الإيصال وعدم الإيفاء بها يجعل من حق المستهلك استرداد أمواله مضافاً لها الفوائد. وفي حال عدم قبوله بتلك التسوية يحال الأمر للنيابة.
حماية المستهلك والسلع المعمرة
يقوم جهاز حماية المستهلك بتشكيل لجان تعمل على فحص المنازعات بين المشتري والبائع. وتلك محاولة لخلق توازن بين عناصر السوق وضمان تحقيق العدالة في علاقاته.
وسرد عمر جميل، الموظف بإحدى شركات الاتصالات، تجربة استعانته بجهاز حماية المستهلك. ويقول إنه تعرض لأزمة مع شركة للأجهزة الإلكترونية التي رفضت كل سبل التفاوض، من أجل استعادة حقه؛ مما دفعه للشكوى.
وأضاف جميل: “اشتريت شاشة بشعر 30 ألف جنيه من إحدى الشركات، وهم من قاموا بتركيبها. وبعد ثلاثة أسابيع لاحظنا وجود خدوش بها تحتاج لتدقيق النظر للوصول لها. وقتها قالت الشركة إننا المتسببين في الأمر، رغم أن تركيب جهاز كان بواسطتهم. وبعد البحث ومحاولات مضنية استغرقت عدة أشهر قررتُ القدوم لمقر حماية المستهلك لحل لمشكلتي. وبعد وقت طويل تواصل الجهاز مع إدارة الشركة وتوافقوا على استبدال الشاشة”.
أعطت اللائحة التنفيذية للجهاز صفة الضبطية القضائية للعاملين به، ويتم تحديدهم بقرار من وزير العدل. فهم يعملون على التحقيق في الشكاوى بصلاحيات تسمح لهم بالاطلاع على المستندات اللازمة في الجهات الحكومية وغير الحكومية.
أما عن عيوب صناعة السلع المعمرة فإنّ ضمانها لا يقل بأي حال عن عامين من تاريخ بيعها. ويشمل كامل أعمال الفحص والكشف والإصلاح، وتكلفة انتقال الفنيين لمقر المعاينة. فضلاً عن تحمل تكلفة نقل المنتج وإعادته وتشغيله في حال اضطر العطل لذلك.
ويلتزم المورد بتبديل المنتج بآخر من نفس نوعه ومواصفاته، أو رد القيمة كاملة دون انتقاص منها، في حال تكرر نفس العطل لأكثر من مرتين في العام الأول من شرائه. وعلى مركز خدمة وصيانة السلعة المعمرة إبلاغ المستهلك بكامل تفاصيل معالجة العطل وتحديد الموعد المستغرق في الصيانة قبل الشروع في تنفيذها وكذلك تفاصيل الإصلاح والتكلفة، إن وجدت.
طريقة التعامل المثلى مع التسوق الإلكتروني
أثرت جائحة كورونا على توجيه دفة المشتريات لصالح التجارة الإلكترونية. وهو الأمر الذي جعل الكثيرون يقعون فريسة عدم مطابقة السلعة للمواصفات والشكل المعلن على مواقع التسوق.
ولجهاز حماية المستهلك دور أيضًا في التعامل مع حالات الغش التجاري والتلاعب الذي يتم من خلال مواقع التسوق الالكترونية. ويمكن اللجوء إليه في حالة وجود أزمات بصلاحيات أكبر من الأسواق التقليدية.
لذلك يقول رئيس الجهاز، أيمن حسام، إن للمشتري عبر الفضاء الإلكتروني القدرة على إثبات الشراء بأية وسيلة ممكنة. سواء “ميل” أو “واتساب” أو “فيسبوك”، وهو أمر غير معمول به في السوق التقليدية التي يشترط وجود فاتورة. مطالبًا بالتدقيق في العلامات التجارية التي يعرفها جيداً؛ لأن السوق الإلكترونية تضم باعة جائلين، بالمصطلح الدارج، فلا يجب التعويل على الشراء منهم.
هل المستهلك دائمًا على حق؟
القانون يضمن حقوق المستهلك، وينظم عملية البيع والشراء. وأي مخالفة من قبل البائع تجعل للمستهلك الحق في المطالبة بالتحقيق في الأمر؛ للحصول على حقه العادل. وذلك بموجب الضوابط الموضوعة لإحكام العملية التجارية.
لكن ذلك لا يتضمن الأخطاء التي يرتكبها المستهلك سواء عمدًا أو على غير عمد ما يؤدي لتضرر المنتج، وليس عيبًا في الصناعة. باعتبار أن القانون يجرم الغش وفي الوقت نفسه لا يجير على الشركات.
فالقانون يجرم الغش بكل ألوانه، بداية من مواصفات المنتج وصولاً لحدوث أي قصور في المعلومات. مروراً بنقص الوزن أو المكونات أو تغير جهة الإنتاج أو حتى التقييم السيئ للجودة.
وهنا يصبح من حق المستهلك الحصول على حقه كاملاً. وذلك بحسب رغبته سواء أراد الإرجاع أو التعويض أو حتى الاحتكام للقضاء في معاقبة البائع لتلاعبه وغشه التجاري.
كما يحق للمستهلك استبدال السلعة أو استرداد قيمتها بدون إبداء أسباب خلال 14 يومًا من الحصول عليها. وذلك شريطة أن تكون السلعة بنفس حالتها ولم تتعرض للتلف، باستثناء منتجات الاستعمال الشخصي والمجوهرات.
اقرأ أيضًا: