لم تعبر التصريحات الأخيرة لوزير التربية والتعليم، الدكتور طارق شوقي، بشأن متحور كورونا الجديد (أوميكرون)، سوى عن رغبة ملحة في استكمال الدراسة والامتحانات -التي شارفت على الانطلاق- دون تعليق. إذ اكتفى الوزير في حديثه عن الأمر بتطمين أولياء الأمور بأن المتغير الجديد في حال وصوله مصر لن يكون له تأثير سلبي على العملية التعليمية، في ظل التزام المدارس كافة بإجراءات الوقاية المشددة.
لم يوضح الوزير -في تصريحاته- ما إجراءات السلامة المتبعة داخل المدارس.. ولم يتطرق إلى ماهية الخطة المفترضة حال ظهور إصابات بالمتحور الجديد. بينما لم تُزل تطميناته القلق المتنامي لدى أولياء الأمور، والذي عززته تصريحات مستشار الرئيس للشؤون الصحيّة، محمد عوض تاج الدين.
“تاج” أكد -في تصريحات خاصّة لموقع «سكاي نيوز عربية» اليوم (الإثنين)- ما جاء على لسان وزير الصحة قبله من أنّ مصر إلى الآن آمنة من هذا المتحوّر، لكنه استدرك بأن عدم رصد حالات مصابة لا يعني أن هذا المتحور لم يدخل مصر.
غير بعيد عن هذا نشر المحامي الحقوقي أحمد فوزي -عبر حسابه بـ«فيسبوك»- أن طفليه أصيبا بكورونا، بعد أن ترددا لنحو أسبوع على مدرستهما. وقد أشار إلى أنه يعتقد أن المدرسة «مصدر العدوى».
لم تكن شهادة «فوزي» هي الوحيدة خلال الفترة القليلة الماضية. إذ أعرب كثيرون غيره عن قلقهم من إجراءات السلامة بالمدارس وآلية ضبطها والتحقق من حالات الإعياء وارتفاع درجات الحرارة بين التلاميذ. وإن لم تكن كلها شهادات مؤكدة، لكنها تعبر عن حالة القلق التي تتنامى بين أولياء الأمور.
أوميكرون في 38 دولة
وقد أعلنت الخبيرة في منظمة الصحة العالمية، ماريا فان كيركوف، الجمعة، أنه تم العثور على متحور «أوميكرون» من فيروس كورونا إلى الآن في 38 دولة. وأضافت أن هذه الدول تقع في جميع الأقاليم الستة لمنظمة الصحة العالمية.
ودعا المدير العام للمنظمة تيدروس أدهنوم غيبريسوس، خلال مؤتمر صحفي عقده الثلاثاء الماضي، جميع الدول الأعضاء في المنظمة إلى اتخاذ إجراءات عقلانية ومتكافئة مع الخطورة، بالتوافق مع القواعد الطبية الصحية الدولية. وشدد على أن «الاستجابة العالمة يجب أن تكون هادئة ومنسقة ومتسقة».
وأعرب عن قلقه من أن «عددًا من الدول» تفرض، ردًا على انتشار المتحور الجديد، إجراءات متسارعة وشاملة، وهي لا تستند إلى أدلة أو لا تعتبر فعالة أصلاً، بل تؤدي فقط إلى زيادة عدم المساواة.
أوميكرون شبح يطارد أولياء الأمور
لا يملك «أحمد عثمان» سيطرة على قلقه المتزايد من وجود طفليه بمدرستهما مع الحديث المتواتر عن أوميكرون عالميًا. وهو وإن لا ينكر أهمية اليوم الدراسي، لكنه يتشكك في إجراءات السلامة داخل المدارس في مصر.
ويرى «عثمان» أن الوزارة تتكتم على كثير من الحقائق، وكل إدارة مدرسية تخفي واقع غياب بعض التلاميذ لأسباب مرضية. الأمر الذي يثير الشكوك حول وجود إصابات.
لـ«عثمان» طفلان في مرحلتين تعليميتين مختلفتين، أحدهما في الحصانة (كي جي 1)، والآخر في الصف الرابع الابتدائي. ويدرسان ببورسعيد.
يقول الأب إن المدرسة لا يهمها سوى أن تسارع جاهدة في تلقين المنهج للطلبة قبل الجدول المعتاد. ويؤكد أن طفليه أخبراه عن حالات بين زملائهما، ظهرت عليهم بعض الأعراض المرضية، التي تعاملت معها المدرسة باستدعاء ذويهم لتسلمهم.
«وفاء وصفي» المقيمة بحي المعادي لديها مخاوف أيضًا بشأن الوضع الصحي في المدارس، وترى أن الأزمة ليست في المدرسة بقدر ما هي في الأهالي الذين يصرون على الدفع بأطفالهم إلى المدرسة، رغم ظهور بعض الأعراض المرضية عليهم، غير مكترثين بخطورة هذا الأمر.
خلال العام الماضي، لم ترسل «وفاء» طفليها للمدرسة طوال النصف الثاني من العام الدراسي. اكتفت فقط بأدائهما الامتحانات هناك، مع تفرغها الكامل لمساعدتهما في المذاكرة. إلا أنهما في مرحلة تأسيس هذا العام بالصفين الرابع والأول الابتدائي، لذا فهي حريصة على التزامهما المدرسي. لكنها أيضًا متشددةً في اتباع الإجراءات الوقائية بشأنهما، كما أنها تفحص حالتيهما يوميا.
«إذا ظهرت أي شبهة إصابة في مدرسة بنات شقيقتي لن يذهبن للمدرسة حتى نهاية كورونا من العالم».. هكذا عبرت «منال حسين» عن قدر مخاوفها ومخاوف شقيقتها «منى» من المتحور الجديد… تقول: «حتى لو الوزير نفسه هيفصلهم من المدرسة مش هيروحوا لو ظهرت حالة واحدة. سلامتهم أهم من المستقبل العلمي».
الغلق كإجراء لمواجهة كورونا
حسب عبد الحفيظ طايل، مدير مركز الحق في التعليم، فإن الخسائر التي تعرضت لها العملية التعليمية في مصر خلال العامين الدراسيين المنقضيين كانت فادحة. لأن كثير من الطلاب في السنوات الدراسية الثلاث الأولى نسوا ما تعلموه، وعادوا إلى مدارسهم دون تذكر الحروف حتى، على حد قوله.
وهو يرى في ذلك عقبة كبرى تدفع وزارة التربية والتعليم إلى الإصرار على استكمال العملية التعليمية. خاصة بعد التأكد من عدم فاعلية نظام الدراسة «أونلاين».
وفيما يشير «طايل» إلى أن قرار الوزارة كان جيدًا فيما يخص حل أزمة تكدس الفصول بتقسيم اليوم الدراسي على فترتين. لكنه أيضًا ليس حلاً مناسبًا في حال رصد إصابات داخل المدارس، يتفق مع الوزير طارق شوقي في أن قرار غلق المدارس ليس قرارًا يخص «التعليم» وحدها. ذلك لأن كل الوزارات أعضاء في اللجنة العليا لمكافحة كورونا، واتخاذ قرار كهذا سيكون في يد أعضاء اللجنة جميعهم.
حالات توقف المدارس وفق الوزارة
في منتصف نوفمبر الماضي، أعلنت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، عن حالات توقف المدارس في مصر خلال عام 2021، وحددت لذلك شروطا، تضمنت: في حال حدوث أكثر من حالة إصابة بفيروس كورونا مؤكدة من نفس الفصل خلال أسبوعين. حينها يتم غلق الفصل لمدة 14 يومًا، وذلك بقرار من الإدارة الصحية.
وفي حالة غلق أكثر من فصل في المدرسة خلال أسبوعين، يتم غلق المدرسة كاملة لمدة 14 يومًا. ويكون ذلك بقرار من مدير مديرية التربية والتعليم ومدير مديرية الصحة والسكان.
بينما في حالة غلق مدرسة موجودة بمجمع مدارس، وظهور حالات أخرى في مدارس بنفس المجمع، يتقرر غلق مجمع المدارس لمدة 14 يومًا. وعند فرض حجر صحي على القرية أو المدينة، تغلق المدارس في القرية أو المدينة لحين انتهاء الحجر الصحي المفروض.
وفي الأخير، إذا صدرت توصيات من لجنة إدارة الأزمات بعد متابعة الوضع الوبائي بأي محافظة، تغلق مدارس المحافظة جميعها لمدة 14 يومًا كحد أدنى.
تعطيل الدراسة الذي أقره القانون
في أواخر نوفمبر الماضي، نشرت الجريدة الرسمية قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بالتصديق على القانون رقم 152 لسنة 2021 بشأن إجراءات مواجهة الأوبئة والجوائح الصحية.
وقد حدد القرار عددًا من التدابير اللازمة لمواجهة الأخطار، بما يحفظ الصحة والسلامة العامة. وقد وصلت إلى 25 تدبيرًا احترازيًا، تصدر لمواجهة الأوبئة بقرار من رئيس الوزراء.
ونص القانون على أنه لرئيس مجلس الوزراء بعد موافقة مجلس الوزراء حال تفشي الأوبئة أو الجوائح الصحية أن يصدر قرارًا باتخاذ أي من التدابير اللازمة، ومنها:
وضع قيود على حرية الأشخاص في الانتقال أو المرور أو الوجود في أوقات معينة. سواء في مناطق محددة أو في كافة أنحاء البلاد، لمدة محددة. مع تعطيل العمل، جزئيًا أو كليًا، ولمدة محددة، في الوزارات والمصالح والأجهزة الحكومية، ووحدات الإدارة المحلية، والهيئات العامة. وأيضًا بشركات القطاع العام، وشركات قطاع الأعمال العام، والشركات الأخرى المملوكة للدولة، والقطاع الخاص.
وأن يشمل التعطيل كذلك الدراسة لمدة محددة جزئيًا أو كليًا، بالمدارس والجامعات والمعاهد وغيرها من المؤسسات التعليمية، وأيضًا بأي تجمعات للطلبة بهدف تلقي العلم.. فضلاً عن اتخاذ ما يلزم من تدابير في شأن امتحانات العام الدراسي، وتعطيل العمل بدور الحضانة. بالإضافة إلى إلزام المواطنين باتخاذ كافة التدابير الاحترازية والاحتياطات الصحية المقررة من السلطات الصحية. بما في ذلك ارتداء الكمامات الوقائية، وتلقي اللقاحات في أثناء الوجود أو التردد على أماكن محددة.
وأيضًا، تخصيص مقار بعض المدارس ومراكز الشباب وشركات قطاع الأعمال العام أو القطاع العام وغيرها من الأماكن المملوكة للدولة لتجهيزها كمستشفيات ميدانية مؤقتة.