كثير من البلدان حول العالم تعاني من أزمة في نقص المياه وكما تعودنا “من رحم الأزمات تأتي الإنجازات”. فبدأ العالم يتجه نحو الاستغلال الأمثل للموارد التي بات يوقن محدوديتها ومن بين تلك الأدوات كانت التكنولوجيا “الزرقاء”. وهي المعنية بالاستغلال الأمثل للمياه وتوفيرها سواء بالتعامل مع الزراعة أو تدوير مياه الصرف الصحي أو التحلية بشكل عام.

بعض من مجالات “التكنولوجيا الزرقاء” أثبتت نجاحها في التغلب على أزمة نقص المياه. وتعمل مصر على مواجهة أزمة المياه من خلال أحدث الوسائل التكنولوجية في التحلية لتعويض الفاقد.

التكنولوجيا “الزرقاء” في مصر

ويعتبر “النانو” أفضل تلك الوسائل لأنه يقلل من التكلفة الكبيرة التي تستلزمها عمل محطات التحلية. لأن تلك التقنية لا تحتاج لعملية التصادم العكسي وبالتالي يتم توفير الطاقة التي تستخدم في ذلك الغرض.

وتعمل تكنولوجيا النانو على استشعار التلوث والمواد الخطرة عن بعد. ويمكن التحكم في جزيئات الأملاح من خلالها لذلك صنفت أنها الأولى من حيث الكفاءة طويلة الأمد. فهي تجمع بين تحلية المياه وتحقيق صفر من النفايات السائلة بمحطات التحلية.

تعد الزراعة أحد أهم أسباب الفقر المائي حيث تستهلك ما يقرب من 86% من المياه لذا أصبح العمل على ترشيد استخدامها ضرورة حتمية. عبر تحلية المياه وإعادة استخدامها في الزراعة بشكل ملح.

وتم التوجه لمجموعة من الخطط التي تعتمد على التقنيات التكنولوجية الحديثة من أجل الحد من فقد الماء. ومنها التوسع الزراعة تحت سطح التربة لضمان تحجيم نسبة التبخر. فضلا عن التوسع الملحوظ في استخدام الصوب الزراعية، والعمل على إعادة تدوير مياه الصرف الصحي لاستخدامها مرة أخرى في الزراعة.

تقنية النانو
تقنية النانو

وهناك عدد من التقنيات التي يتم استخدامها في الزراعة ومن بينها إضافة “البرليت” للمياه. وهي مادة هلامية تساعد التربة على الاحتفاظ بالمياه لفترة أطول، وكذلك الري بالتنقيط الذي يمكن المياه من الوصول للجذور. واستخدام المجمعات الشمسية على المصارف للاستفادة من مياه الصرف الزراعي ومعالجتها.

كما يتم العمل على تكثيف مياه الرطوبة المتوفرة في الجو، فضلا عن تركيب وحدات معالجة للصرف الصناعي والزراعي لحماية مياه النيل من الملوثات. بالإضافة إلى استخدام المعالجة البيولوجية لمياه الصرف الصحي، وكذلك استخدام تكنولوجيا المعلومات في توفير البيانات. واستخدام وسائل الاستشعار عن بعد في تحليل خصائص الأرض والمتغيرات المائية والجوية.

التكنولوجيا وتحلية مياه البحر

يعتبر الكثيرون أن تحلية مياه البحر هي السبيل الوحيد للتعامل مع أزمة المياه. وهو الأمر الذي دفع دول الخليج للتوجه نحوها منذ منتصف القرن العشرين. حيث قامت الكويت بإنشاء أول محطة تحلية خلال عام 1951 وتلتها أغلب البلدان العربية بعد ذلك.

بات الوضع المائي العالمي غاية في الخطورة بعدما كشفت منظمة الأمم المتحدة عبر موقعها الرسمي. أن بحلول عام 2050 سيعيش 6 مليار شخص في مناطق تعاني من ندرة المياه مرة واحدة على الأقل. وربطت بين الحد من الاحترار العالمي لما هو أقل من 1.5 درجة مئوية وتقليص حجم الإجهاد المائي بنسبة لا تقل عن 50%.

وتأتي في مقدمة الدول التي تتصدر العمل على تحلية مياه البحر الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، وتنتجان ما يقرب من ربع المياه التي يحصل عليها العالم من التحلية.

أما عن أساليب التحلية فهي متنوعة منها التقطير وهو الأكثر شيوعاً في الماضي. ومع التطور تصاعدت نسبة الاعتماد على الارتشاح العكسي عاماً تلو الآخر. رغم أن التحلية بالتقطير تستهلك طاقة أكبر إلا أنها مازالت محط ثقة العالم الذي يعتمدها بنحو 70%.

أهمية “البيوتكنولوجي” في نقص المياه

ترتفع التكلفة الإجمالية لتحلية مياه البحر والكثير من الدول لا يمكنها العمل على توفير المياه النقية من هذا الاتجاه. وهو الأمر الذي جعل إعادة استخدام المياه وتدويرها بدلا من هدرها أمر هام على الأقل لتوجيهها في الزراعة.

البيوتكنولوجي
البيوتكنولوجي

وتعد “البيوتكنولوجي”، واحدة من العلوم الأكثر تطورا في الوقت الراهن. وتستهدف العمل على إحداث تغييرات وراثية في الكائنات الحية. فهي علم استخدام النظم الحيوية سواء كان الكائن الحي نفسه أو جزء منه لإنتاج خدمة مفيدة.

وتقنية البيوتكنولوجي تمكنت من إحداث ثورة تقنية في الزراعة والصناعة والبيئة والغذاء. وتنسحب إنجازاته على مختلف نواحي النشاط البشري.

التكنولوجيا الحيوية في حل الأزمة

الأمن المائي مطمح جميع دول العالم الذي بدأت تعاني أزمة فعلية في نقص المياه مؤخراً. وبدأ الاهتمام بتعزيز دور التقنيات التكنولوجية في التعامل مع الأزمة من خلال المطبوعة الصادرة عن منظمة الأغذية والزراعة في عام 2009. وتم عقد مؤتمر بعد ذلك حمل عنوان “مواجهة ندرة المياه”.

وطرحت في تلك الآونة استخدام التقنيات الحيوية في رفع كفاءة استغلال مياه الزراعة على وجه التحديد. وسبل استخدام الكائنات الدقيقة في معالجة مياه الصرف الصحي.

إلا أن التكنولوجيا الحيوية رغم أهميتها يعد توفيرها أمر صعب يحتاج إلى رأسمال كبير. للتخفيف من أزمة الندرة في الموارد المائية لذلك يرى العلماء استخدامها عندما لا يكون هناك بديل آخر.

ومع توقع العلماء لوقوع الكثير من البلدان تحت تأثير الجفاف. فكان التوجه نحو البايوتكنولوجى ضروري خاصة من خلال العمل على  إنتاج محاصيل ذات قدرة أكبر على مواجهة ندرة المياه.

مياه الصرف الصحي
مياه الصرف الصحي

وواحد من أهم طرق التكنولوجيا الحيوية في التعامل مع نظرة المياه استخدام “الميكوريزا” كسماد حيوي لمساعدة النبات على مواجهة نقص المياه أو الجفاف.

ولم يقتصر العمل على النبات نفسه إلا أن التكنولوجيا الحيوية تستخدم أيضا في تدوير مياه الصرف الصحي. حتى يمكن استغلالها في الزراعة بعد معالجتها حيث يمكن تطوير المرشحات البيولوجية للعمل على إزالة الملوثات كالمعادن الثقيلة.

وكشف مجموعة من علماء الهند عن تطوير بعض سلالات الطحالب. وتمكنهم من استخدامها في التخلص من النيتروجين والمعادن الثقيلة والفسفور الموجودين في مياه الصرف.

الهواء في مواجهة نقص المياه

ولأن ندرة المياه تعد الأزمة الأكبر في تاريخ البشرية لدورها الرئيسي في البقاء. تم البحث عن طرق وأدوات أسرع للتعامل مع ندرتها والفقر المرتقب للجانب الأكبر منها بحلول سريعة وواقعية. ومن ثم تم التفكير في استغلال التقنيات التكنولوجية في الوصول للمياه النقية من الهواء.

وتعتمد تلك الفكرة على استخدام مولدات المياه التي بدورها تعمل على امتصاص الرطوبة من الهواء. ويتم تمريرها من خلال مرشحات دقيقة تعمل على تنقية المياه المستخلصة من البكتيريا والروائح ومختلف الشوائب المحملة بها. والأهم من ذلك هو الحفاظ على المعادن المفيدة خلال هذه الخطوة، ويلي ذلك مرحلة التكثيف وتبريد المياه وجمعها في خزانات.

وتتميز تقنية استغلال الهواء من خلال المولدات في استعادة المياه أنها تلائم أعلى معدلات الجودة. بعكس مياه البحر التي تتكلف مبالغ ضخمة لتحليتها ومع ذلك تظل محتفظة بنسبة من الأملاح الضارة بالإنسان.

أرقام كارثية عن الوضع المائي العالمي

كشفت منظمة الأمم المتحدة في تقريرها الصادر في اليوم العالمي للمياه الموافق 22 مارس 2021. عن أرقام تشير إلى أزمة المياه عالميا. مؤكدة أن ثلثي سكان العالم يحيون بدون مياه صالحة للشرب.

بات الوضع المائي العالمي غاية في الخطورة بعدما كشفت منظمة الأمم المتحدة عبر موقعها الرسمي. أن بحلول عام 2050 سيعيش 6 مليار شخص في مناطق تعاني من ندرة المياه مرة واحدة على الأقل. وربطت بين الحد من الاحترار العالمي لما هو أقل من 1.5 درجة مئوية وتقليص حجم الإجهاد المائي بنسبة لا تقل عن 50%.

بينما اعتبر تقرير المياه العالمي الثالث الصادر عن الأمم المتحدة أن هناك نحو 1.5 مليار فرد لا يمتلكون مياه نقية. ونحو 3 مليار ليس لديهم نظام صرف صحي، ونحو 35 ألف طفل تنتهي حياتهم يومياً بسبب نقص المياه أو تلوثها.