أقرت وزيرة التضامن الاجتماعي نيفين القباج اللائحة المنظمة للعمل بمراكز ضحايا الاتجار بالبشر. وهي اللائحة الصادرة بالقرار 289 لسنة 2021 والتزام الوزارة بتوفير اعتمادات مالية سنويا لها.

ووفقا للائحة فإن “مراکز ضحايا الاتجار بالبشر” تستقبل وترعى وتؤهل وتهيئ المجني عليهم في جريمة الاتجار بالبشر صحيا ونفسيا واجتماعيا وتعليميا. وذلك في سرية تامة فضلا عن إعادة إدماجهم في المجتمع بعد رفع العبء النفسي عمن تجاوزوا سن 12 عاما فأكثر.

جهود مصر لمكافحة الاتجار بالبشر

في عام 2018 وقعت وزارة التضامن الاجتماعي والمجلس القومي للطفولة والأمومة والهلال الأحمر المصري بروتوكول تعاون لتأسيس دار الإيواء. وتم الأمر تحت رعاية اللجنة الوطنية التنسيقية ليكون مخصصا لاستقبال ضحايا الاتجار بالبشر من الفتيات والسيدات.

وعلى مساحة 1050 متراً داخل إحدى قرى محافظة القليوبية تقع دار إيواء الناجين من جرائم الاتجار بالبشر الأول من نوعه في مصر. فيما تم إنشاء المبنى المخصص للناجين على مساحة 480 مترا. إذ تكوّن من دورين بتكلفة 4.5 مليون جنيه مصري لتسع دار الإيواء قرابة 30 حالة من النساء فقط.

يعمل في دار الإيواء 14 موظفا بين إخصائيين اجتماعيين ونفسيين وطبيبة. فيما جميع هؤلاء من السيدات. بالإضافة إلى اعتماد إعانة شهرية من وزارة المالية بلغت نحو 80 ألف جنيه شهريا.

وفي هذا نشرت الجريدة الرسمية نص القرار 289 لسنة 2021 بشأن اللائحة النموذجية المنظمة للعمل بمراكز ضحايا الاتجار بالبشر. وجاء نصها: “يلتزم مركز إيواء الفتيات والنساء ضحايا الاتجار بالبشر ومقره قرية نامول بقها في القليوبية بتوفيق أوضاعه خلال سنة من تاريخ العمل باللائحة المرفقة”. فيما أشار القرار إلى تولي الإدارة العامة للدفاع الاجتماعي الإشراف على تنفيذ أحكام هذا القرار ولائحته بالتنسيق مع مديريات التضامن الاجتماعي الكائن بمقارها هذه المراكز.

الاستراتيجية الوطنية ومكافحة الاتجار بالبشر

وقعت مصر على اتفاقية الأمم المتحدة لعام 2000 لمكافحة الجريمة المنظمة المعروفة باسم “اتفاقية باليرمو“. حيث تم انتخاب القاهرة في أكتوبر الماضي رئيسا لمؤتمر الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة.

وأطلقت الحكومة المصرية “استراتيجية وطنية شاملة” تتضمنت تطوير سياسات وتوجهات الدولة في التعامل مع ملفات عدة. أبرزها مجالات الحقوق والحريات واحترام جميع الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.

ومن أهداف الاسترتيجية الوطنية مكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر. وتتضمنت الاستراتيجية إطلاق حملة إعلامية لرفع مستوى الوعي العام بالأشكال المختلفة للجريمة. فضلا عن صندوق لمساعدة ضحايا الاتجار بالبشر.

وتم العمل على تطوير أداء الخطوط الساخنة التابعة لكل من المجلس القومي للطفولة والأمومة والمجلس القومي للمرأة والمجلس القومي لحقوق الإنسان للتعامل مع ضحايا الاتجار.

وبحسب تقرير أممي بعنوان “تقرير الاتجار بالبشر لعام 2019: مصر” فإن الحكومة المصرية حققت في 78 حالة مزعومة من جرائم الاتجار بالبشر. وكانت 21 من هذه الحالات لا تزال مستمرة في نهاية عام 2019. فيما مثلت للتحقيقات فعليا 78 حالة. وفي نهاية 2018 أحالت الحكومة 44 حالة للمقاضاة شملت 60 من الجناة المزعومين المتهمين بالاتجار بالجنس والاتجار بالأطفال. وتضمنت الحالات زواج أطفال لكنها لم تقدم تفاصيل عن هذه الحالات.

وفي التقرير السابق للأمم المتحدة لعام 2018 أحالت الحكومة خلال تلك الفترة 41 حالة للمقاضاة. لكنها لم تقدم تفاصيل عن تلك الحالات. فيما أفادت الحكومة بأنها أصدرت أحكاماً بالإدانة في 11 قضية اتجار عام 2018. وذلك مقارنة بإدانة ثلاثة متاجرين في 2017 تم الحكم عليهم بالسجن بين أربع وعشر سنوات.

وبحسب تقرير الأمم المتحدة في مارس 2019 ذكرت وسائل الإعلام أن الحكومة أدانت 40 شخصا بمن فيهم مسؤول حكومي. وذلك بتهمة الاستغلال الجنسي وتهريب الأطفال.

وبحسب ما ورد تلقى هؤلاء الجناة أحكاماً بالسجن تتراوح بين ثلاث سنوات و16 سنة.

تحركات مصرية لمكافحة الاتجار بالبشر

وفي هذا الشأن حققت وزارة التضامن الاجتماعي نجاحا ملموسا في ملف مكافحة الاتجار بالبشر. إذ عمدت إلى تشغيل 17 وحدة متنقلة استطاعت توفر خدمات قانونية وطبية ونفسية واجتماعية لأطفال الشوارع. وهي الفئة السكانية الأكثر عرضة للاتجار.

وفي 2018 ساعدت الوحدات 14671 طفلاً. ولم تعلن الحكومة إذا كانت الوحدات تعرفت على أو أحالت إلى خدمات الحماية أيا من ضحايا الاتجار بالأطفال المحتملين من بين تلك الفئة.

الآباء جناة.. والأبناء ضحايا

يتعرض الأطفال المصريون للاتجار لأغراض الاستغلال الجنسي والعمالة القسرية في أثناء الخدمة المنزلية والتسول بالشوارع والاتجار بالمخدرات والعمل الزراعي.

ويقوم المتاجرون -بمن فيهم أولياء أمور- بإجبار الأطفال المصريين على التسول في شوارع القاهرة والجيزة والإسكندرية أو استغلال الفتيات في الاتجار بالجنس، وفق تقرير الأمم المتحدة للاتجار بالبشر.

وأفادت منظمات غير حكومية بأن انعدام الفرص الاقتصادية والتعليمية بمثابة عوامل خطر بالنسبة للوالدين تدفعهم لاستغلال أطفالهم، خاصة الفتيات.

ختاما فإن البحث والتنقيب وراء هذه الجرائم كشف عن مصطلح جديد وهو “السياحة الجنسية”. وفيه يتم استغلال بعض السياح من جنسيات مختلفة للأطفال في ممارسة الجنس. كما تم رصد قيام أفراد بشراء نساء وفتيات مصريات بغرض “زواج مؤقت” أو “زواج صيف”. وذلك لأغراض الجنس التجاري الذي يشمل حالات من الاتجار والاستغلال الجنسي والعمالة القسرية. وعادة ما يتم تسهيل تلك الترتيبات عن طريق أهالي الضحايا وسماسرة الزواج الذين يتربّحون من هذه الصفقات.