التضامن مع الزملاء والدفاع عن موكلين صار مبرر الحبس الاحتياطي لمحامين على ذمة أكثر من قضية. هذا بالفعل ما جرى مع المحامي محمد الباقر وعمرو إمام ومحامي الغلابة محمد رمضان. كل هذا يحدث أمام سمع وبصر نقابة المحامين ومجلسها برئاسة رجائي عطية دون اتخاذ موقف.

ما بين عامين وثلاثة أعوام وقع محامون فريسة للحبس الاحتياطي في تجاوز واضح لنص المادة 143 من قانون الإجراءات الجنائية. وتنص المادة على “لا يجوز أن تجاوز مدة الحبس الاحتياطي في مرحلة التحقيق وسائر مراحل الدعوى الجنائية ثلث الحد الأقصى للعقوبة السالبة للحرية”. وتضيف: “بحيث لا تجاوز ستة أشهر في الجنح و18 شهرا في الجنايات وسنتين إذا كانت العقوبة هي السجن المؤبد أو الإعدام”.

نقابة محامين بلا حريات

محمود دشناوي -وكيل نقابة محامي حلوان- يشير إلى أن لجنة الحريات بنقابة المحامين “غير مفعلة وشبه معدمة”. فضلا عن أن عمل اللجنة بدأ يتلاشى بداية من مارس 2020.

وأضاف “دشناوي” لـ”مصر 360″ أن الحضور مع الزملاء المحامين المحتجزين بات “فرديا دون ظهير نقابي”. وهذا عكس ما كان يحدث في عهد المجلس السابق. حيث كان هناك اهتمام بإصدار بيانات يتم تسليمها للنيابة ترفض احتجاز المحامين مثلما تم في القبض على ماهينور المصري واحتجاز محمد الباقر.

“الظهير النقابي كان بمثابة تأمين للمحامي والمتهم والدفاع”. قالها وكيل نقابة محامي حلوان. مضيفا: “كانت معادلة طيبة لكن حاليا الأمر أصبح بائسا.. هناك مئات المحامين على مستوى محافظات مصر رهن الاحتجاز”.

دعم متعطل

المحامي أحمد راغب قال إن نقابة المحامين باتت بعيدة عن الاستدعاء للمطالبة بإخلاء سبيل المحامين المحتجزين احتياطيا. في الوقت الذي أشار فيه إلى أنه كان هناك دعم من النقابة لم يستمر ولم يعد توجه النقابة نحو هذا الملف منضبطا.

وأوضح “راغب” أن عمل المحامين واحتكاكهم بالسلطات بسبب عملهم يجعلهم عرضة للحبس باحتكاكهم أحيانا مع القضاة.

احتجاز دون وجه حق

أودعت المحامية هدى نصرالله -المديرة القانونية بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية- أكتوبر الماضي مخاطبةً رسمية لرئيس الجمهورية كرئيس المجلس الأعلى للهيئات القضائية. وذلك لمطالبته المحكمة الدستورية العليا -عبر وزير العدل- بتفسير المواد 143 و151، و380 من قانون الإجراءات الجنائية وهي المنظمة لمدد الحبس الاحتياطي.

وقالت “نصرالله” في بيان صادر عن المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إن المحاكم الجنائية لا تكون مقيدة بآجال معينة لا تتجاوزها عند الأمر بحبس المتهم. أي إنها ليست ملزمة بمدة 15 أو 45 يوما وقراراتها غير المنهية للخصومة لا تقبل الطعن. لكن عليها تطبيق القانون بألا يؤدي قرارها بحبس متهم لتجاوز أقصى مدة حبس احتياطي قررته المادة 143 حسب نوع الاتهام “جنحة-جناية-جناية عقوبتها الإعدام أو المؤبد”. وإلا تم اعتبار الاحتجاز “دون وجه حق”.

3 سنوات من الحبس الاحتياطي

أكمل المحامي محمد رمضان المعروف باسم “محامي الغلابة” 3 سنوات من الحبس الاحتياطي. وذلك بعد القبض عليه في ديسمبر 2018. يستمر حبس “رمضان” عبر إجراءات تدويره في أكثر من قضية. حيث يقضي حاليا فترة حبس جديدة في القضية رقم 910 لسنة 2021 حصر أمن دولة عليا منذ 6 أشهر بعد إخلاء سبيله.

ولثالث مرة وبينما كان ينتظر “رمضان” تنفيذ إخلاء سبيله بقرار “جنايات القاهرة” في 16 يونيو 2021. فوجئ محاموه بعرضه أمام نيابة أمن الدولة في قضية جديدة وقررت حبسه 15 يوما احتياطيا.

بدأت قضايا “رمضان” على خلفية نشره صورة شخصية مرتديًا “سترة صفراء”. وذلك على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”. وهي السترة المشابهة لتلك التي كان يرتديها متظاهرو فرنسا. وبناء عليه تم حبسه احتياطيًا بعد القبض عليه في الإسكندرية في 10 ديسمبر 2018. وقررت النيابة حبسه في اتهامات الانضمام إلى جماعة محظورة ونشر أخبار كاذبة على ذمة القضية رقم 16576 لسنة 2018 إداري المنتزة.

بعد عامين من حبسه احتياطيًا -الحد الأقصى- قررت غرفة المشورة المنعقدة بمحكمة جنايات الإسكندرية إخلاء سبيله في 2 ديسمبر 2020. لكن وزارة الداخلية لم تُخلِ سبيله حتى تم عرضه في 8 ديسمبر على نيابة أمن الدولة العليا. وهناك تقرر حبسه على ذمة القضية رقم 467 لسنة 2020 حصر نيابة أمن الدولة العليا. ووجهت إليه اتهامات منها الانضمام لجماعة إرهابية.

وتركزت اتهامات “محامي الغلابة” حول الانضمام لجماعة محظورة بسبب محضر تحريات يزعم نشره رسائل من محبسه تهدف لزعزعة الاستقرار. وظل “رمضان” قيد الحبس الاحتياطي من خلال قرارات تجديد حبس ورقية دون حضوره من محبسه.

استغاثة “رمضان”

ساءت الحالة الصحية لـ”رمضان” فقرر إرسال استغاثة من محبسه نقلها عدد من زملائه المحامين. وفي الاستغاثة ذكر “رمضان” أنه تم نقله تعسفيا لسجن طرة تحقيق في زنزانة سيئة التهوية. وذلك مع استمرار تجاهل مطالبه بالعرض على الطبيب لمراجعة حالته الصحية وشعوره بآلام حادة في القدم.

وفي مايو الماضي طالبت 9 منظمات حقوقية إدارة سجن طرة تحقيق بنقل “رمضان” للمستشفى لإجراء فحوصات طبية ضرورية. وذلك بعد شكواه من آلام مستمرة في الركبتين إلى حد عدم قدرته على الجلوس أو الحركة.

وذكر ياسر سعد -منسق عام لجنة الدفاع عن المحامين وعضو لجنة حريات حزب التحالف الشعبي الاشتراكي ومحامي “رمضان”- إنه تقدم بطلب للمحامي العام لنيابات أمن الدولة بإخلاء سبيل موكله. وكذا البت في طلب إحالته إلى مستشفى السجن بشكل عاجل.

“سعد” أشار إلى أنه التقى رئيس نيابة أمن الدولة ورئيس التحقيقات في القضية المحبوس على ذمتها “رمضان”. وقال إن رئيس نيابة أمن الدولة وعدهم باتخاذ اللازم وإرسال خطاب بإحالته لمستشفى السجن لعلاجه.

حبس احتياطي سنتين بسبب إعلان تضامنه

وفي جلسة تجديد حبس تجاوز المحامي عمر إمام -بالشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان- فترة العامين رهن الحبس الاحتياطي. وهي أقصى مدة حبس احتياطي. وذلك بعد قرار محكمة جنايات القاهرة دائرة الإرهاب بتجديد حبسه 45 يوما أخرى في القضية رقم 488 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا والمعروفة باسم “الثقب الأسود”.

تم القبض على المحامي عمرو إمام في 16 أكتوبر 2019 من منزله بالقاهرة. فيما ظهر بعدها بنيابة أمن الدولة متهما في القضية 488 لسنة 2019 التي تضم عددا آخر من المدافعين الحقوقيين. وذلك بعد أن كتب “إمام” تدوينة على صفحته الشخصية بموقع “فيسبوك” معلنا نيته الدخول في إضراب جزئي عن الطعام بداية من 17 أكتوبر 2019 لمدة يومين. وهو اليوم الذي سبق موعد القبض عليه. كان ذلك اعتراضا على ما حدث مع الناشطة السياسية إسراء عبد الفتاح -تم إخلاء سبيلها 17 يوليو الماضي- والمحامي محمد الباقر والناشط علاء عبد الفتاح.

ويواجه “إمام” تُهما بينها “مشاركة جماعة إرهابية لتحقيق أغراضها. كذلك نشر وإذاعة أخبار كاذبة الهدف منها زعزعة الأمن والاستقرار في البلاد. وأيضا إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. وذلك بعد 10 أشهر من القبض عليه في قضية جديدة تحمل رقم 855 لسنة 2020 حصر تحقيق نيابة أمن الدولة العليا. ووجهت إليه النيابة اتهامات بالانضمام لجماعة إرهابية وتمويل وإمداد جماعة إرهابية بهدف ارتكاب جريمة إرهابية.

وأشار ياسر إمام -شقيق المحامي عمرو إمام- إلى أن تجديد حبس “عمرو” 45 يوما يتم شهره الثاني بعد السنة الثانية ليبدأ شهره الثالث ويواصل للرابع مع ميعاد التجديد القادم. “سنتان وأكتر وعمرو محروم من أسرته وشغله وحياته، 26 شهر حبس انفرادي دون أدلة أو تُهم واضحة أو محاكمة ولا سبب للحبس”.

محامٍ صباحا ومحبوس احتياطي مساء

وفي قرار مفاجئ للمحامي محمد الباقر وقت إثبات حضوره مع موكله علاء عبد الفتاح، أخبرته النيابة بأنه مطلوب للتحفظ عليه نظرا لانضمامه للقضية 1356 لسنة 2019. ليجري احتجازه وإدراجه متهما.

وفي 31 أغسطس 2020 جرى تدوير “الباقر” وإدراجه على ذمة قضية جديدة برقم 855 لسنة 2020 حصر أمن الدولة العليا. كذلك في 19 نوفمبر 2020 تم إدراجه على قوائم الكيانات والأشخاص الإرهابية.

ولقرب تخطيه مدة الحبس الاحتياطي المقدرة بعامين -وهى الفترة التي فقد فيها والده- طالبت 11 منظمة حقوقية السلطات المصرية بالإفراج عن “الباقر”. فهو المحامي والحقوقي مدير مركز “عدالة” للحقوق والحريات.

ويواجه “الباقر” اتهامات بث ونشر وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة وإساءة استخدام وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي. كذلك مشاركة جماعة إرهابية مع العلم والترويج لأغراضها.

وتزامنا مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان في 10 ديسمبر الجاري طالب مركز القاهرة لدرسات حقوق الإنسان السلطات المصرية بالإفراج الفوري عن سجناء الرأي. والذين بينهم صحفيون ومدونون وسياسيون ومدافعون عن حقوق الإنسان. كذلك وقف إلصاق تهمة الإرهاب بحقهم.