تستضيف مدينة شرم الشيخ، اليوم الإثنين، انطلاق أعمال الدورة التاسعة لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأُمم المُتحدة لمُكافحة الفساد. وهو الحدث الأكبر في مجال منع ومُكافحة الفساد على مستوى العالم. ويستمر حتى 17 ديسمبر الجاري بمشاركة وفود من 160 دولة.

وتعد اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد المرجع العالمي لمكافحة الفساد وكيفية التعاون بين دول العالم في المجالات المرتبطة. وقد انضمت مصر للاتفاقية في ديسمبر 2003.

مكافحة الفساد

نهج اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد البعيد المدى والطابع الإلزامي للعديد من أحكامها يجعلان منها أداة فريدة لوضع استجابة شاملة لمشكلة عالمية. إذ تغطي الاتفاقية خمسة مجالات رئيسية، هي التدابير الوقائية، والتجريم وإنفاذ القانون، والتعاون الدولي، واسترداد الموجودات، والمساعدة التقنية وتبادل المعلومات.

كما تغطي الاتفاقية العديد من أشكال الفساد المختلفة، مثل الرشوة، والمتاجرة بالنفوذ، وإساءة استغلال الوظائف، ومختلف أفعال الفساد في القطاع الخاص. وتهتم بالملاحقات القضائية للمسؤولين الفاسدين، ووجود قوانين كافية تتعلق بالتصريح بالممتلكات والذمة المالية ومنع تضارب المصالح في صفوف الموظفين العموميين. كذلك توفير الحماية القانونية للمبلغين عن الفساد والصحفيين والمحققين لدى تبليغهم عن حالات الرشوة والفساد.

ومن أبرز ما يميز الاتفاقية إدراج فصل خاص بشأن استرداد الموجودات، بهدف إعادة الموجودات إلى أصحابها الشرعيين، بما في ذلك البلدان التي أخذت منها بطريقة غير مشروعة.

وفي التقرير الأخير الذي أصدرته منظمة الشفافية الدولية لمؤشر الفساد العالمي لعام 2020، والصادر في يناير الماضي. تقدمت مصر درجتين، ليُصبح تقييمها 33 نقطة من أًصل 100، في تقدم واضح مقارنة بالعام الماضي. واحتلت مصر المركز الـ117 من أصل 180 دولة، فيما أصبح ترتيبها الـ11 على الدول العربية.

وتصدرت الإمارات قائمة الدول العربية المكافحة للفساد تليها قطر، وسلطنة عُمان، ثم السعودية والأردن وتونس والبحرين والكويت والمغرب والجزائر ثم مصر، فيما وقعت كل من سوريا واليمن والصومال في ذيل القائمة عربيا وعالميا لعام 2020.

استراتيجيات المكافحة

تنص المادة 218 من الدستور المصري على أن: “تلتزم الدولة بمكافحة الفساد وتلتزم الهيئات والأجهزة الرقابية المختصة بالتنسيق فيما بينها في مكافحة الفساد، وتعزيز قيم النزاهة والشفافية، ضمانا لحسن أداء الوظيفة العامة ووضع ومتابعة تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد بالمشاركة مع غيرها من الهيئات والأجهزة المعنية”.

يرى الدكتور طلعت عبد القوي، رئيس اللجنة العليا لمنظمات العمل الأهلي لمكافحة الفساد، رئيس الاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الأهلية. أن الاستراتيجيات التي اتبعتها مصر لمكافحة الفساد خلال الأعوام الماضية، السبب الرئيس للتقدم في مؤشرات الفساد العالمية إلى الأفضل.

وقال لـ”مصر 360″: استضافة شرم الشيخ للقمة العالمية تؤكد التزام مصر بخطوات جادة لمكافحة الفساد والجريمة المنظمة. فهو دليل على ثقة العالم في الخطوات المصرية التي بدأت مع إطلاق استراتيجية مكافحة الفساد.

وتابع: الاستراتيجية الأولى التي وضعها الرئيس السيسي 2014/2018 كانت مكونة من عشرة أهداف، كان للمجتمع المدني الهدف العاشر منها. بعدها في عام 2018 تم إطلاق الاستراتيجية الثانية 2018/2022. والتي تضمنت تسعة أهداف تخص المجتمع المدني منها هدفين، هما السابع والتاسع.

 

أكاديمية مكافحة الفساد

أنشأت هيئة الرقابة الإدارية “الأكاديمية الوطنية لمكافحة الفساد” للمعاونة في تحقيق الأهداف القومية في هذا المجال. من خلال نشر مفاهيم النزاهة والشفافية، وتدريب الكوادر الحكومية والقطاع الخاص والمواطنين والكوادر الدولية. وكذا إجراء البحوث والدراسات حول أسباب الفساد وآثاره وسبل مواجهته والوقاية منه.

ووفق موقعها الإلكتروني، تتضمن الرؤية “أن تصبح الأكاديمية هي المرجعية الأساسية للتعليم والتدريب والتطوير في العلوم والمعارف والمهارات المتعلقة بمكافحة الفساد والوقاية منه. وفي المجالات الأخرى ذات الصلة على المستوى الوطني والإقليمي والعالمي”.

وتحمل رسالة الأكاديمية “تقديم الخدمات المعرفية والعلمية والتدريبية والبحثية المتميزة. للمجتمع المصري والإقليمي والعالمي في مجال مكافحة الفساد والوقاية منه وفي باقي المجالات ذات الصلة. وبأعلى درجات الجودة والحداثة. وذلك باستخدام أحدث وسائل التعليم والتدريب والتطوير. والاستعانة بالتقنيات العلمية الحديثة من خلال منظومة تدريبية متكاملة ومتطورة”.

الحرب على الفساد

تُعرّف الجهات الرقابية الفساد الإداري بأنه “إساءة استخدام السلطة الممنوحة في تطبيق القوانين، واللوائح، أو المحاباة، وتعظيم المصلحة الشخصية، وكل ما يضر بالمصلحة العامة، وتحقيق مكاسب شخصية مادية أو معنوية”.

ووفق ما أعلنته هيئة الرقابة الإدارية في وقت سابق. تقدمت مصر 55 مركزاً في “مؤشر مكافحة الفساد” خلال 2020 مقارنة بعام 2019. وذلك بعد عدة خطوات من استراتيجية المكافحة، تضمنت إصدار قانون الخدمة المدنية عام 2017. والذي كان من بين أهدافه “مكافحة الفساد الإداري”.

وخلال “الحرب على الفساد” في الفترة من 2014 حتى 2019. أجرت الحكومة تقييماً لبرنامج مواجهة الفساد الإداري في مرحلته الأولى، بعد إطلاق الاستراتيجية الأولى 2014/2018. شمل إجراء استطلاع رأي لثلاثة أطراف رئيسية متأثرة بالفساد الإداري بشكل مباشر. وهي مسئولو الشركات، والخبراء، والمواطنون. وبلغ عدد المشاركين بآرائهم في التقييم نحو 34 ألف مواطن و1300 شركة و45 خبيرا.

مؤشر الفساد الإداري

تم إطلاق “المؤشر العام لإدراك الفساد الإداري”. والذي تقاس درجاته بداية من “صفر”، والذي يعني إدراكاً مرتفعاً بوجود الفساد، إلى درجة 100. والتي تعني أن الدولة لا يوجد بها فساد على الإطلاق.

يتكون المؤشر من سبعة مؤشرات فرعية. هي إدراك المواطنين، وإدراك مسئولي الشركات. ومؤشرات لتقييم الخبراء في خمسة مجالات، هي الاقتصاد، والحوكمة، والقانون، والسياسات العامة، والشركات.

واستنادا لنتائج المؤشر، والذي تم تطبيقه على الفترة من 2016 حتى 2019. انتهى تقييم الجهات الرقابية والحكومية في مصر إلى انخفاض الفساد الإداري بشكل متواصل. حيث انخفض عام 2019 إلى 49 درجة، قياسًا بعام 2018 الذي وصل فيه المؤشر إلى 43.5 درجة.

بلغ المؤشر العام لإدراك الفساد الإداري عام 2016 نحو 31.2 درجة، ثم 37.3 خلال 2017، و43.5 في 2018. وصولاً إلى 49 درجة خلال 2019.

وكشف التقييم كذلك عن تحسن كبير بعد تطبيق الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد 2014 / 2018. مقداره 17.8 درجة خلال 4 سنوات.

يؤكد عبد القوي أن انخفاض مؤشرات الفساد يعود بجوار جهود الجهات الإدارية إلى المجهودات المُصاحبة التي تقوم بها الجمعيات والمنظمات الأهلية “فالمجتمع الأهلي منوط بالتوعية بشكل كامل لتعريف المواطنين بالفساد. وشرح أسبابه وآثاره وكيفية مقاومته ومكافحته والتصدي له.

وأضاف: يتم ذلك من خلال اللقاءات والمؤتمرات والندوات التي تنظمها اللجنة العليا لمنظمات العمل الأهلي لمكافحة الفساد.  حيث تم تشكيل لجان إقليمية على كافة المحافظات، وهناك تعامل وثيق بين اللجنة وهيئة الرقابة الإدارية ووزارة التضامن الاجتماعي.