نجح المنتخب التونسي لكرة القدم في تحقيق مفاجأة نوعًا ما بإقصاء منتخب مصر من نصف نهائي بطولة كأس العرب. المقامة بالوقت الحالي في قطر، بعد تغلبه عليه بهدف عكسي قاتل في الرمق الأخير من اللقاء سجله قائد الفراعنة عمرو السولية. في مباراة احتضنها استاد 974 المونديالي في منطقة “راس بوعبود” في ضواحي الدوحة.

وبذلك يضرب نسور قرطاج حاملو لقب النسخة الأولى في 1963، موعدًا مع الجزائر. التي أقصت صاحبة الأرض قطر في وقت لاحق بفوزها عليها 2-1 في نصف نهائي مجنون. على استاد الثمامة بالدوحة مساء أمس الأربعاء.

عمرو السولية نجم الأهلي المصري كان له الكلمة العليا بهدفه العكسي القاتل في آخر دقيقة من عمر المباراة. بعدما سجل رأسية عن طريق الخطأ بعد ركلة حرة تونسية غالطت الحارس محمد الشناوي بالدقيقة 94. ليضع تونس في النهائي ويقصي منتخب بلاده من نصف نهائي البطولة العربية. لتصبح هذه أول مرة تبلغ فيها تونس المباراة النهائية، إذ أحرزت لقب النسخة الأولى عندما كانت تقام بنظام دور المجموعات ثم شاركت مرة ثانية في 1988.

غياب نجوم الصف الأول

ورغم إثارة المباراة واشتعالها إلا أنها افتقدت نجوم الصف الأول من المحترفين بالمنتخبين. وعلى رأسهم لنسور قرطاج لاعب وسط سانت إتيان الفرنسي وهبي الخزري، والأمر ينطبق على مصر حاملة لقب 1992 التي تفتقد نجم ليفربول الإنجليزي محمد صلاح وهداف البريميرليج. ولاعب وسط أرسنال محمد النني وجناح أستون فيلا محمود تريزيجيه ومهاجم شتوتجارت عمر مرموش، ومهاجم جالاطا سراي التركي مصطفى محمد.

وبعد هذه الخسارة انتقد المدرب البرتغالي للفراعنة كارلوس كيروش حكم المباراة الإيراني بشدة. واعتبره مساهم في هذه الخسارة بأداء ولا أسوأ له وطالب الفيفا بالتحقيق في أحداث المباراة ومراجعة هذا الحكم الذي حطم لاعبيه نفسيًا طوال المباراة بقراراته المتعسفة ضدهم. وعلى رأسها ركلة جزاء وهمية ألغاها الفار بعد العودة له، حسب تصريحاته.

ولكن هناك أسباب عديدة لهذه الخسارة القاسية للفراعنة وليس كما قال كيروش أنها بسبب الحكم الإيراني فقط. وهو ما نستعرضه في النقاط الثلاثة الآتية، ليكون الأمر واضحًا للجميع. بالشكل الصحيح بعيدًا عن أي شماعات تختلق لتبرير هذه الهزيمة القاسية والأداء والشكل الباهت لمنتخب مصر طوال اللقاء.

تشكيل خاطئ وبداية سيئة

لا يتعلم المدرب البرتغالي من أخطائه السابقة، بشكل فيه عند كبير وغرور أكبر، حيث لم يتلافى أخطاء التشكيل بالمباريات السابقة. وقام بوضع لاعبين لا تصلح لقيادة المنتخب مجددًا رغم عدم كفائتهم بمراكزهم تلك وباتوا يشكلون عبئًا واضحًا على الفريق خاصة في الجانب الهجومي.

مثل الإصرار على البدء بمروان حمدي مهاجم سموحة البعيد كل البعد عن مستوى الفريق القومي لمصر. ولم يقدم أي إضافة أو مردود إيجابي طوال البطولة رغم الفرص الكبيرة التي أخذها. وعدد الدقائق الكثير الذي لعبه فلم يحرز سوى هدف يتيم طوال 5 مباريات كاملة بكأس العرب.

 

كذلك الدفع بحسين فيصل من البداية كجناح أيسر هجومي رغم عدم توفيقه آخر مباراتين وكان يحتاج للبقاء على مقاعد البدلاء. حتى يستعيد مستواه الكبير الذي قدمه أمام السودان وهو منافس متواضع لا يمكن القياس عليه. وكان من الضروري والحتمي أن يلعب أساسيًا أحمد رفعت لاعب فيوتشر والمتألق بالفترة الأخيرة مع المنتخب. وصاحب هدف التقدم على الأردن في مواجهة ربع النهائي وصاحب نشاط وفاعلية هجومية كبيرة في مركزه الأساسي كجناح أيسر.

مع حتمية إشراك محمد شريف هداف الدوري الممتاز السابق مع الأهلي كمهاجم أساسي في مركزه رأس حربة صريح بدلاً من مروان حمدي. وعدم إشراكه في مركز الجناح سواء أيمن أو أيسر كما يصر كيروش. فنخسره كمهاجم صريح ونعاني في مركز الجناح لأنه لا يؤدي فيه مثلما يلعب في مركز الأساسي. كل هذه الأخطاء في التشكيل من البداية كلفتنا الظهور بشكل سيء أولاً ثم الخسارة المستحقة بالنهاية ثانيًا ويتحمل المسؤولية كاملة في ذلك كيروش بكل تأكيد.

كيروش خارج الخدمة

لم يكتف المدرب البرتغالي الغريب في هذه البطولة ومنذ توليه مسؤولية الفراعنة، بتشكيله السيء والخاطئ للغاية منذ البداية. بل استمر في “العك والتأليف” والوقوع في أخطاء أكبر وأكثر كارثية على الفريق القومي مع استخدامه للتغييرات. فقام بين شوطي المباراة بإخراج محمد مجدي أفشة صانع الألعاب الوحيد في تشكيل مصر وإدخال بدلاً منه محمد شر يف. ليلعب جناح بعيدًا عن مركزه، فخسر المنتخب مركزين بتغيير كارثي لكيروش.

وزاد الطين بلة بإبقاء مروان حمدي التائه والمتواضع فنيًا للغاية حتى أواخر دقائق اللقاء. وقام باستبدال حسين فيصل وإدخال مصطفى فتحي الذي لعب نصف ساعة كانت كل تدخلاته بها سلبية وعكسية على المنتخب. حيث أضاع هدفًا محققًا أمام المرمى ببضع أمتار ووضعها في المدرجات. ثم تسبب في الركلة الحرة القاتلة التي جاء منها الهدف بأخر دقيقة من المباراة ليكون تبديل ولا أسوأ على المنتخب من كيروش.

وعندما أخرج مروان أشرك مهاجم شاب بدلاً منه أسامة فيصل وابقى شريف جناحًا، ولم يشرك أحمد رفعت الذي غير مجرى المباريات السابقة عند نوله. لتظل مصر مكسورة الجناح هجوميًا وضعيفة في عمق الهجوم بإبعاد شريف متعمدًا عن منطقة الجزاء. ليصبح الأداء سيئًا والشكل العام كارثي وتسيطر تونس على كافة مجريات اللعب والحظ يبتسم لها في النهاية بهدف عكسي لأنها تستحق الفوز والصعود للنهائي.

على حساب منتخب مصر بقيادة مدرب عنيد ولا يتعلم من أخطائه ويصححها بل يكررها. ومتعجرف وليس لديه حلول فنية أو تكتيكية لإحداث الفارق ولا يجيد قراء الخصم كذلك ويجهز له جيدًا قبل المباريات وأثنائها باستخدام التغييرات من خارج الخطوط. وساهم بكل هذا بنسبة 100% في خسارة مصر أمام تونس وخروجها من نصف النهائي بهذا المنظر السيء. وعدم الصعود للنهائي وإحراز لقب البطولة الذي كان في المتناول لو لعب الصح وتدارك أخطائه القاتلة.

لاعبين لا تصلح للعب الدولي

بلا شك أثبتت بطولة كأس العرب مقولة “الدولي غير الدوري”. أي أن اللاعبين المحليين بالمسابقة المحلية لا يصلحون أغلبهم للعب دوليًا مع منتخب مصر ومقارعة نجوم الصفوة في سائر المنتخبات العربية والأفريقية. فعندما أتيحت الفرصة لكيروش لضم عناصر جديدة من الدوري ومنحها فرصة كاملة. لم يظهر إلا القليل منهم نفسه مثل أحمد رفعت وإلا حد ما أحمد ياسين وحسين فيصل.

بينما فشل البقية فشلاً ذريعًا في الظهور بصورة جيدة والتعامل بشكل مناسب ويليق بقيمة المنتخب المصري في هذا الحدث الدولي الكبير. وظهرت الفوارق الفنية بشدة وعكست مستوى متواضع للغاية لأغلبهم وكرهم الجمهور بشكل واضح من تعليقاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة. وعلى رأسهم بكل جدارة المهاجم المتواضع مروان حمدي وكذلك مصطفى فتحي. تحديدًا في لقاء تونس ومهند لاشين وعمر كمال وغيرهم وغيرهم من باقي اللاعبين.

 

وبلا شك مع عودة المحترفين خاصة في الجزء الهجومي مثل صلاح وتريزيجيه ومصطفى محمد وهو خط الهجوم المثالي للفراعنة ومعهم عمر مرموش وبعده رمضان صبحي وفي الوسط محمد النني وعبدالله السعيد مع عودة طارق حامد، فلن يكون لهؤلاء “المحليين” مكان في المنتخب ثانية لا في كأس الأمم الأفريقية مطلع الشهر المقبل بالكاميرون.

ولا بعد ذلك في التحدي الأصعب بالمباراة الحاسمة التي تؤهل مونديال قطر 2022 ولا أي مناسبة أخرى فلن يكون مقبولاً ضمهم ثانية للمنتخب. بعد الأداء المتواضع للغاية والمخزي في هذه البطولة. وسيعتمد كيروش على هؤلاء المحترفين بصورة أساسية لتحسين الشكل الهجومي للفراعنة والأداء بشكل عام لإنقاذ مصر من الفشل في كأس الأمم أو ضياع حلم المونديال. الذي سيكلف كيروش نفسه منصبه بكل تأكيد ليرحل بخفي حنين مثل الذين سبقوه دون تقديم أي إضافة أو شيء يذكر لمنتخبنا القومي.