يكشف التقرير السنوي للإرهاب في العالم 2020، أنه رغم الجهود والتحالفات الدولية المتلاحقة من أجل القضاء على الإرهاب، والسيطرة على منابعه وتجفيفها، إلا أن التنظيمات المتطرفة القائمة على أسس دينية لا تزال قادرة على الانتشار تحت الأرض، ومن بلد لآخر.

بل، ولأول مرة، تم إدراج منظمة إرهابية متعصبة للعرق الأبيض ضمن قوائم الخارجية الأمريكية. حيث إنها الجهة المُلزَمة بتقديم تقرير سنوي كامل إلى الكونجرس عن حالة الإرهاب في بلدان العالم، إلى جانب إدراج التنظيمات المتطرفة ومموليها في قوائم التصنيف والعقوبات.

لكن التقرير الواقع في 318 صفحة لا يبدو بالحيادية الكاملة التي يدعيها. خاصة إذا تطرق إلى الخصوم الدوليين، مثل روسيا والصين. بينما اتجه إلى إعلان شأن حلفاء مكافحة الإرهاب. خاصة إسرائيل، الحليف المُدلل.

التقرير السنوي للإرهاب في العالم 2020

ارتفاع وتيرة الإرهاب

لاحظت لجنة مكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن بالأمم المتحدة، زيادة بنسبة 320 % في “الإرهاب اليميني المتطرف” على مستوى العالم في السنوات الخمس التي سبقت عام 2020.

في مقدمة التقرير، يُشير جون جودفري، القائم بأعمال منسق مكافحة الإرهاب بالخارجية الأمريكية، إلى أنه على الرغم من النجاحات المهمة في مكافحة الإرهاب، ظلت الجماعات الإرهابية تشكل تهديدًا مستمرًا ومنتشرًا في جميع أنحاء العالم.

يضيف: رغم أن داعش خسر جميع الأراضي التي استولى عليها في العراق وسوريا. إلا أن التنظيم وفروعه واصلوا شن حملة إرهابية عالمية. كما شنوا هجمات قاتلة على مستوى العالم. وتسببت عناصر التنظيم خارج العراق وسوريا في وقوع عدد من القتلى خلال عام 2020، أكثر من أي عام سابق.

ويلفت جودفري كذلك إلى أن جائحة كورونا COVID-19 أدت إلى تعقيد المشهد الإرهابي. وقد خلقت تحديات وفرصًا للجماعات الإرهابية. وهو يوضح أنه بينما تسبب الوباء في تعطيل سفر الإرهابيين وتمويلهم وعملياتهم، كثفت الجماعات الإرهابية نهجها ونداءاتها، باستخدام الإنترنت، لمواصلة توجيه الآخرين إلى العنف وإلهام الهجمات في جميع أنحاء العالم.

ويشير جودفري إلى أن حركة الشباب المنتسبة للقاعدة في قطر أظهرت قدرتها على جمع وإدارة موارد كبيرة. كما انخرطت حركة الشباب في حملات تضليل لتفاقم المظالم المتعلقة بـ COVID-19 وتقويض الثقة في حكومة الصومال.

لفت جودفري كذلك إلى أن جائحة COVID-19  أدت إلى تعقيد المشهد الإرهابي وخلق تحديات وفرصًا للجماعات الإرهابية

الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مسارح للعمليات الإرهابية

تدهورت صفوف قيادة القاعدة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشكل كبير خلال الفترة الماضية بسبب الجهود الدولية. وذلك بداية من مقتل أمير القاعدة في شبه الجزيرة العربية قاسم الريمي، الذي قُتل في اليمن في يناير الماضي. بالإضافة إلى أبو محمد المصري، الرجل الثاني في تنظيم القاعدة الذي قُتل في طهران في أغسطس.

لكن طوال عام 2020، استمرت الأنشطة الإرهابية والملاذات الآمنة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. بينما واصل التحالف الدولي المكون من 83 عضوًا، جهوده لمنع عودة سيطرة داعش على الأرض في العراق وسوريا وأنشطة فروعها وشبكاتها.

وأشار التقرير إلى أن عدد من التنظيمات التي تم تصنيفها كإرهابية، مثل القاعدة والجماعات التابعة لها، وفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، والجماعات المدعومة من إيران مثل حزب الله، نشطة في جميع أنحاء المنطقة. وأوضح أنه رغم هلهلة القدرات التنظيمية والقتالية لداعش. لكن التنظيم يشكل تهديدًا خطيرًا لمصالح الولايات المتحدة والأمن في المنطقة وخارجها.

فرغم الجهود الدولية، واصل مقاتلو داعش في العراق وسوريا، شن تمرد منخفض المستوى، سعيًا لزعزعة استقرار المنطقة، وتجنيد أعضاء جدد، واستعادة الأراضي.

ويظل هناك أكثر من عشرة آلاف مقاتل من داعش -بما في ذلك ألفي مقاتل أجنبي- في مراكز الاحتجاز التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية في شمال شرق سوريا. ولا يزال أكثر من سبعين ألفًا من أفراد الأسر الأجنبية، ومعظمهم من الأطفال، في مخيمات إنسانية للنازحين.

وفي ليبيا، نفذت قوات الأمن المحلية عمليات برية لتحييد التهديدات التي يشكلها مقاتلو تنظيمي داعش والقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. تضمنت “عملية سبتمبر” التي نفذّها الجيش الوطني الليبي للقضاء على أمير داعش في ليبيا.

كما أدت جهود وعمليات مكافحة الإرهاب المنفصلة التي قامت بها الجزائر والمغرب وتونس إلى إحباط أنشطة داعش والجماعات الإرهابية الأخرى. حيث نفذت القوات الجزائرية سلسلة عمليات مستمرة لمنع الجماعات الإرهابية، من التخطيط أو تنفيذ الهجمات.

مع استمرار جهود مكافحة الإرهاب انحسرت جميع الهجمات الإرهابية في مصر خلال العام الماضي في شبه جزيرة سيناء

الجهود المصرية خفضت “إرهاب ولاية سيناء”

مع استمرار جهود مكافحة الإرهاب المصرية، انحسرت جميع الهجمات الإرهابية في مصر خلال العام الماضي في شبه جزيرة سيناء. تنوعت بين هجمات منتظمة بالأسلحة الصغيرة والعبوات الناسفة ضد قوات الأمن والمدنيين والبنية التحتية الحيوية. كما واصلت ولاية سيناء -تنظيم الدولة في مصر- إعدام الأفراد المشتبه في تعاونهم مع الجيش المصري.

وأفادت التقارير أن قوات الأمن المصرية كشفت ودمرت خلال العام الماضي أكثر من 750 مخبأ للأسلحة وقتلت أكثر من 150 إرهابيًا مشتبهًا به من خلال مجموعة من الهجمات البرية والغارات الجوية وغارات العمليات الخاصة.

واستنادًا إلى تقارير مفتوحة المصدر. شهدت البلاد ما يقرب من 234 هجومًا إرهابيًا في عام 2020. وأعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن الغالبية العظمى منها. ظلت فيها أساليب الهجوم إلى حد كبير كما هي في السنوات الأخيرة. بما في ذلك هجمات الأسلحة الصغيرة، والعبوات الناسفة، والسيارات المفخخة، والاختطاف، والإعدام، والاعتداءات، والكمائن، والاغتيالات المستهدفة.

وتُعّد مصر عضو في مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمكافحة تمويل الإرهاب (MENAFATF)، وتولت في عام 2020 منصب الرئيس. كذلك فإن وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بوزارة الداخلية هي عضو في مجموعة إيجمونت.

لكن مع تلك الجهود، واصلت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، وكذلك المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية، التأكيد على أن السلطات المصرية “استخدمت بشكل غير عادل قوانين مكافحة الإرهاب وحالة الطوارئ والمحاكم لمقاضاة الصحفيين، والنشطاء، والمحامين، والسياسيين، وأساتذة الجامعات، والنقاد، لممارسة حرية التعبير”.

وخلال العام الماضي، واصلت الحكومة المصرية استخدام قوانين الطوارئ وسلطات مكافحة الإرهاب في التضييق على النشطاء والصحفيين والمرشحين السياسيين والمنتقدين. ففي مارس، صادقت الحكومة على تعديلات لقانون مكافحة الإرهاب لعام 2015. وكان ذلك بغرض توسيع نطاق تعريف الكيانات الإرهابية وتمويل الإرهاب لأغراض هذا القانون، وفق ما ذكره التقرير.

وشمل التعديل توسيع تعريف جريمة تمويل الأعمال الإرهابية. بما يشمل توفير مكان للتدريب الإرهابي، وتزويد الإرهابيين بالأسلحة أو الوثائق، وتقديم الدعم والتمويل لسفر الإرهابيين. حتى لو لم تكن هناك صلة مباشرة بجريمة إرهابية.

يلفت التقرير إلى أن البلدان الأفريقية التي تشهد ارتفاع وتيرة العمليات وزيادة قوة التنظيمات الإرهابية

أفريقيا والافتقار إلى الوسائل

يلفت التقرير إلى أن البلدان الأفريقية التي تشهد ارتفاع وتيرة العمليات وزيادة قوة التنظيمات الإرهابية. والتي غالبًا ما تفتقر إلى وسائل احتواء التهديد أو التقليل منه على أساس مستدام. مُشيرًا إلى أن القوة المشتركة لمجموعة دول الساحل الخمس “بوركينا فاسو وتشاد ومالي وموريتانيا والنيجر” التي تم إطلاقها في عام 2017 لتنسيق عمليات مكافحة الإرهاب. ليست قادرة بعد على تعطيل البصمة الإرهابية المتزايدة عبر منطقة الساحل.

فقد أظهرت حكومة مالي عدم قدرتها على استعادة السيطرة على الأجزاء الشمالية والوسطى من البلاد. وفي بوركينا فاسو، كثف الإرهابيون عملياتهم. مع تصاعد ملحوظ في أعمال العنف في المنطقة الثلاثية الحدودية المشتركة بين بوركينا فاسو ومالي والنيجر، والتي تميزت بتصاعد القتال بين جماعة نصرة الإسلام والمسلمين وداعش. ما أثر على البلاد الثلاث.

وأوضح التقرير أن عملية “برخان” الفرنسية تلعب دورًا حاسمًا في مكافحة الجماعات الإرهابية. بينما عززت قوات بعثة الأمم المتحدة “مينوسما” مستوى من الأمن الأساسي. وأن شرق أفريقيا لا يزال يشهد احتفاظ حركة الشباب التابعة للقاعدة بإمكانية الوصول إلى المجندين، والقدرة على جمع وإدارة موارد كبيرة. والسيطرة الفعلية على أجزاء كبيرة من الصومال التي تحركت من خلالها بحرية وشنت هجمات خارجية في الجوار.

في منطقة بحيرة تشاد، واصل تنظيم داعش في غرب أفريقيا، وجماعة بوكو حرام شن الهجمات ضد المدنيين والموظفين والمرافق الحكومية وقوات الأمن. مما أسفر عن سقوط قتلى وجرحى. والاختطاف والاستيلاء على الممتلكات وتدميرها.

وفي شمال شرق نيجيريا أدت الهجمات إلى نزوح أكثر من مليوني شخص، وترك ما يقرب من 10 ملايين آخرين في حاجة إلى المساعدة الإنسانية. كذلك وسّعت الجماعات الإرهابية -جماعة نصرة الإسلام والمسلمين وداعش الصحراء الكبرى – عملياتها في بوركينا فاسو ومالي والنيجر.

يرفض التقرير الأمريكي الزعم الصيني حركة تركستان الشرقية الإسلامية هي المصدر الرئيسي للإرهاب في شينجيانغ

التحامل على الصين بسبب الأويجور

يُظهر التقرير التحامل الأمريكي على الغريم الجديد في الحرب الباردة في مقابل تحقيق مكاسب سياسية فوق الإنسانية. حيث أكدت مقدمة الجزء الخاص بالصين أنه “ظل رد جمهورية الصين الشعبية على الإرهاب من الصعب تمييزه عن قمع الحكومة والحزب الشيوعي الصيني الحاكم للأنشطة السلمية. التي اعتبرتها السلطات انفصالية أو تخريبية بطبيعتها”.

ويرفض التقرير الأمريكي الزعم الصيني حركة تركستان الشرقية الإسلامية هي المصدر الرئيسي للإرهاب في شينجيانغ.

جاء في التقرير: لم تر الولايات المتحدة أي دليل موثوق منذ أكثر من عقد على أن الجماعة لا تزال موجودة. وأزالت الحركة من قائمة استبعاد الإرهابيين في نوفمبر بناءً على نقص الأدلة.

وأشار التقرير إلى احتجاز الصين منذ عام 2017 أكثر من مليون من الأويجور الذين يغلب عليهم المسلمون والعرقية الكازاخستانية وأفراد الأقليات الدينية والعرقية الأخرى في معسكرات الاعتقال. حيث يتعرضون للتعذيب والسخرة والاضطهاد وتنظيم الأسرة القسري ، من بين انتهاكات أخرى .

ويؤكد المسؤولون الصينيون أنه لم تحدث أي حوادث إرهابية عنيفة في البلاد منذ عام 2016 بسبب سياسات شينجيانغ.

لفت التقرير إلى استخدام حكومة الرئيس فلاديمير بوتين مكافحة الإرهاب والتطرف كذريعة لقمع ممارسة حقوق الإنسان

روسيا واستغلال التشريعات

على عكس الصين، أشار التقرير الأمريكي إلى أن روسيا واصلت إعطاء الأولوية لجهود مكافحة الإرهاب في عام 2020. لكنه لفت إلى استخدام حكومة الرئيس فلاديمير بوتين مكافحة الإرهاب والتطرف “كذريعة لقمع ممارسة حقوق الإنسان، أو لأهداف أخرى في السياسة الداخلية والخارجية”.

ولفت التقرير إلى أن الجماعات الإسلامية المتطرفة -التي لها روابط أيديولوجية بداعش أو التي تتكون من مقاتلين عائدين من سوريا- لا تزال مصدر قلق للحكومة.

وأفاد المدير العام لجهاز الأمن الفيدرالي الروسي ألكسندر بورتنيكوف في اجتماع في ديسمبر للجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب أنه في عام 2020 منعت وكالات إنفاذ القانون والخدمات الخاصة 41 هجوماً إرهابياً وقتلت 49 مسلحاً واعتقلت 753 مشتبهاً وفككت 55 خلية إرهابية. وتمثل هذه الأرقام زيادة طفيفة مقارنة بعام 2019.

وأضاف بورتنيكوف أيضًا أنه بالتنسيق مع Roskomnadzor (الخدمة الفيدرالية للإشراف على الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ووسائل الإعلام). قامت وكالات إنفاذ القانون بتقييد الوصول إلى 66500 مادة تحتوي على محتوى يتعلق بالإرهاب أو تروج له. وحظرت أنشطة 110 أجانب ينشرون مثل هذه المواد على الإنترنت.

وعلى الرغم من استمرار الولايات المتحدة وروسيا في تبادل المعلومات حول التهديدات الإرهابية. إلا أن إطار الحوار الرسمي لمكافحة الإرهاب ظل معلقًا بينهما “بسبب التصريحات العلنية التي لا أساس لها من قبل مسؤولي الأمن الروس والتي تزعم دعم الولايات المتحدة لداعش”، حسب تبرير الخارجية الأمريكية.

وحسب التقرير، طبقت روسيا بشكل صحيح تشريعاتها الخاصة بمكافحة الإرهاب في العديد من قضايا الإرهاب خلال العام. لكن في حالات أخرى، استمرت روسيا في استخدام تشريعات مكافحة الإرهاب ضد المعارضة السياسية ووسائل الإعلام المستقلة وبعض المنظمات الدينية لتجريم الممارسة المشروعة لحرية التعبير أو تكوين الجمعيات.

 

يلفت التقرير إلى أن تنظيم داعش أثبت نفوذه الأيديولوجي حتى في غياب السيطرة على الأراضي المادية

نفوذ أيديولوجي لـ”إرهاب داعش” في أوروبا

يلفت التقرير إلى أن تنظيم داعش أثبت نفوذه الأيديولوجي، حتى في غياب السيطرة على الأراضي المادية. واستمر في إبراز قوته من خلال التجنيد من الدول الأوروبية ودفع الهجمات ضد أهداف أوروبية رمزية وأماكن عامة. تضمنت معظم هذه الحوادث مؤامرات بسيطة ذات تكتيكات قابلة للتنفيذ بسهولة. باستخدام السكاكين، أو البنادق، أو المركبات، لإصابة أو قتل أهداف في فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة.

وكانت واحدة من أبرز الهجمات في أوروبا قطع رأس صموئيل باتي، مدرس اللغة الفرنسية الذي عرض الرسوم الكاريكاتورية مسيئة للنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- في جريدة شارلي إبدو. على يد لاجئ روسي من أصل شيشاني كان على اتصال بمتطرفين سوريين.

ولفت التقرير إلى أن قوات سوريا الديمقراطية -التي تحتجز العديد من الإرهابيين الأجانب من أوروبا- تفتقر إلى الموارد اللازمة لاحتجاز مقاتلي داعش وأفراد أسرهم بشكل دائم على المدى الطويل. لذا، حثت الولايات المتحدة بلدانهم الأصلية على إعادة مواطنيها – بما في ذلك أفراد عائلات المقاتلين الإرهابيين الأجانب – لإعادة تأهيلهم وإعادة دمجهم، وعند الحاجة يُمكن مقاضاتهم.

لكن معظم حكومات أوروبا الغربية كانت مترددة على الدوام في إعادة البالغين الإرهابيين ومقاضاتهم. بسبب المخاوف النابعة من أن الإجراءات القضائية المحلية لن تؤدي إلى إدانات أو أحكام طويلة بحق المتهمين. كما أنهم قد يشكلون تهديدًا في بلدانهم الأصلية.

وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، سحبت عدة دول من أوروبا الغربية جنسية المواطنين الذين سافروا إلى سوريا أو العراق للانضمام إلى تنظيم داعش. بينما نجحت دول من جنوب شرق أوروبا – بما في ذلك ألبانيا والبوسنة والهرسك ومقدونيا الشمالية – في إعادة العديد من المقاتلين الإرهابيين وأفراد أسرهم.

تشعر الحكومات الأوروبية بقلق متزايد بشأن التهديد الذي تشكله المنظمات المتطرفة القائمة على إعلاء العرق الأبيض

انتشار يميني في مواجهة الإسلام السياسي

في الوقت نفسه، تشعر العديد من الحكومات الأوروبية بقلق متزايد بشأن التهديد الذي تشكله المنظمات المتطرفة القائمة على إعلاء العرق الأبيض. والتي صنّفتها الولايات المتحدة لأول مرة هذا العام، ضمن قوائم كيانات الإرهاب. حيث أدى تزايد أعداد المهاجرين في القارة إلى زيادة أنشطة مُعادية لوجودهم.

وفي عام 2020، اتخذت عدة دول أوروبية خطوات ملموسة نحو تصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية. ففي أبريل الماضي، حظرت ألمانيا جميع أنشطة حزب الله، ووضعت مثالاً للدول الأوروبية الأخرى. حيث تبعتها خلال الشهور التالية كلًا من كوسوفو، ليتوانيا، سلوفينيا، لاتفيا. كما حكمت محكمة بلغارية غيابيًا على اثنين من أعضاء حزب الله بالسجن مدى الحياة لدورهما في تفجير حافلة بورغاس عام 2012.

أما المملكة المتحدة، الشريك الرئيس للولايات المتحدة في الحرب ضد الإرهاب، فقد شهدت مستوى تهديدات إرهابية في المرتبة الثالثة لمعظم عام 2020.

فعقب الهجمات الإرهابية في فرنسا والنمسا في نوفمبر 2020، رفعت المملكة المتحدة مستوى التهديد إلى مستوى شديد، ما رفع تقييمها للتهديد بالهجوم من “على الأرجح” إلى “محتمل جدًا”.

ويصنف المسؤولون البريطانيون إرهاب الإسلام السياسي على أنه أكبر تهديد للأمن القومي البريطاني. على الرغم من أنهم يدركون التهديد المتزايد للتطرف العنيف بدوافع عنصرية وعرقية، والذي يشار إليه أيضًا باسم إرهاب “اليمين المتطرف”.

رغم أن تركيا عضو نشط في مكافحة الإرهاب لكنها في الوقت نفسه مصدر وبلد عبور للمقاتلين الأجانب

تركيا بوابة المقاتلين إلى “إرهاب داعش”

رغم أن تركيا عضو نشط في المنتديات الدولية لمكافحة الإرهاب، بما في ذلك المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب وتحالف هزيمة داعش. لكنها في الوقت نفسه، مصدر وبلد عبور للمقاتلين الأجانب الذين يسعون للانضمام إلى داعش والجماعات الإرهابية الأخرى التي تقاتل في سوريا والعراق. وكذلك بالنسبة للمقاتلين الذين يسعون لمغادرتهما.

ووفقًا لوزارة الداخلية التركية. فمنذ عام 2015 وحتى ديسمبر 2020، قامت تركيا بترحيل 8143 شخصًا للاشتباه في صلاتهم بالإرهاب، حيث وصلت قائمة “الممنوعين من الدخول” إلى ما يقرب من مائة ألف اسم.

وبحلول نهاية العام، احتجزت السلطات التركية 2343 من أنصار داعش المشتبه بهم لاستجوابهم. ووجهت اتهامات إلى 333 منهم. وكانت الصحف التركية قد زعمت أن أحد المشتبه بهم، وهو محمود أوزدن الذي اعتقل في أغسطس. هو أمير التنظيم في تركيا. وكان قد اعتقل في تركيا أربع مرات على الأقل.

على جانب آخر، أشارت مجموعة الأزمات الدولية -وهي منظمة غير حكومية- أنه بحلول نهاية العام، قُتل 35 مدنياً و41 من قوات الأمن التركية. و265 من مقاتلي حزب العمال الكردستاني في المقاطعات الشرقية والجنوبية الشرقية في الاشتباكات.

كذلك استمرت عمليات الاعتقال والاعتقالات ذات الدوافع السياسية للمواطنين. بمن فيهم الصحفيون ونشطاء حقوق الإنسان والمحامون والسياسيون المتهمون بدعم أو مساعدة حزب العمال الكردستاني. وأشار التقرير إلى أن الحكومة التركية تواصل احتجاز واعتقال المواطنين الأتراك وكذلك المواطنين الأجانب المقيمين في تركيا – بما في ذلك الموظفين المعينين محليًا في البعثة الأمريكية إلى تركيا – بسبب صلات مزعومة تتعلق بالإرهاب.

كما واصلت الحكومة فصل الموظفين العسكريين والأمنيين والمدنيين من المناصب العامة في عام 2020. فمنذ محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016، قامت الحكومة بفصل أو تعليق أكثر من 125 ألف موظف مدني من المناصب العامة. واعتقلت أكثر من 96 ألف مواطن، وأغلقت أكثر من 1500 منظمة غير حكومية بدعوى وجود صلات بها.

قال مسؤولون إسرائيليون إنهم قدموا معلومات استخباراتية لألمانيا فيما يتعلق بأنشطة حزب الله على الأراضي الألمانية

إسرائيل ومكافحة حزب الله

تعتبر الولايات المتحدة إسرائيل شريكًا ملتزمًا بمكافحة الإرهاب، حيث أجرتا العديد من الحوارات بين وكالات مكافحة الإرهاب لمناقشة التهديدات الإقليمية والتعاون بشأنها. كما كانت قضايا مكافحة الإرهاب أيضًا في قلب جدول الأعمال خلال الزيارات الأمريكية العديدة رفيعة المستوى إلى إسرائيل.

وتزعم إسرائيل-وفقًا لبعض التقديرات- أن ما يصل إلى 150 ألف صاروخ وصاروخ موجه على طول الحدود الشمالية الشرقية من حزب الله والجماعات المدعومة من إيران.

وفي الجنوب، تواجه إسرائيل تهديدات من حركة حماس والجهاد الإسلامي وولاية تنظيم الدولة الإسلامية في سيناء.

وقال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي إن عام 2020 سجل أقل عدد من الإسرائيليين الذين قتلوا بسبب الإرهاب في تاريخ البلاد.

وفي مايو من العام الماضي، قال مسؤولون إسرائيليون إن إسرائيل قدمت معلومات استخباراتية كافية لألمانيا فيما يتعلق بأنشطة حزب الله على الأراضي الألمانية، وذلك للتأثير على قرار ألمانيا باتخاذ مزيد من الإجراءات ضد حزب الله.

في الجانب المُقابل، واصلت السلطة الفلسطينية جهودها لمكافحة الإرهاب في الضفة الغربية. حيث ظلت المنظمات التي صنفتها الولايات المتحدة باعتبارها إرهابية نشطة بدرجات متفاوتة.

وبينما أعرب مسؤولو السلطة الفلسطينية عن التزامهم باللاعنف. لكنهم أوقفوا التنسيق الأمني ​​مع إسرائيل في مايو 2020، قبل استئنافه رسميًا مرة أخرى في نوفمبر. معلنين أن القرار “ضروري لردع تطبيق إسرائيل للسيادة على أجزاء من الضفة الغربية”.

رغم ذلك، قيدت قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية قدرة المنظمات والأفراد على شن هجمات. من خلال الاعتقالات التي تستهدف أولئك المشتبه في تخطيطهم لهجمات ضد إسرائيليين.

في جانب آخر، ارتكب المستوطنون الإسرائيليون أعمال عنف عدة. وبحسب التقارير الإخبارية، فقد شهد عام 2020 ما يقرب من 42 واقعة عنف. ضد جنود وشرطة إسرائيليين من قبل متطرفين يمينيين. مقارنة بـ 29 حادثة من هذا النوع في عام 2019.