تبلغ القيمة التسويقية للاعبي الفريق الأول لكرة القدم بالنادي المصري البورسعيدي للعام الحالي نحو 140 مليون جنيه. يقترب راتب التونسي معين الشعباني -المدير الفني الجديد للفريق- من مليون جنيه. فيما يتقاضى مساعده مجدي تراوي نحو مائتي ألف جنيه شهريًا. في المقابل أقبل النادي البورسعيدي على فصل عشرات من عماله لمطالبتهم بصرف رواتبهم المتأخرة.
قرار الفصل الذي صدر بحق 38 عاملًا متوسط رواتبهم 2500 جنيه جاء بعد مشاركتهم في وقفة احتجاجية داخل النادي للمطالبة بصرف مستحقاتهم.
عمال المصري.. خمسة أشهر دون رواتب
يقول أحد العمال المفصولين لـ”مصر 360″ إن موظفي النادي وعددهم 300 ظلوا خمسة أشهر دون تقاضي رواتب. حاولوا خلال هذه الفترة التواصل مع الإدارة عن طريق اللواء محمود المر -المدير التنفيذي للنادي- لكن الإدارة لم ترد على استفساراتهم بشأن تأخر رواتبهم ولا موعد صرفها. ما دفعهم لتنظيم وقفتهم الاحتجاجية في 25 نوفمبر الماضي.
يتحدث العامل المفصول عما مروا به من ظروف صعبة خلال الخمسة أشهر الخالية من الرواتب. فيقول إن أحد زملائهم أجرى عملية جراحية بعد كسر مضاعف بقدمه تكلفت 30 ألف جنيه. واضطر لاقتراض تكلفتها طبعا. كما لجأ أيضًا العديد منهم للاقتراض لسد احتياجات أسرهم. ومنهم من تم رفع عدادات الكهرباء من منازلهم بعد عجزهم عن تسديد فواتير الاستهلاك.
النادي المصري وإهدار الحق في التأمين
لم يكن تأخر الرواتب هو كل المشكلات التي واجهها عمال وموظفو النادي المصري. فبحسب أحد الذين تحدثوا إلينا امتنعت الإدارة عن صرف علاوات أقرتها الحكومة. وتم حرمان الموظفين من الامتيازات المقررة بالقطاع الخاص فيما يتقاضى لاعبو الكرة بالنادي ملايين الجنيهات.
غياب التأمين على العاملين بالنادي إحدى الكوارث التي ارتكبتها إدارات النادي المصري بحق العمال. يؤكد العمال أن عدد المؤمن عليهم لا يتجاوز 30% من العاملين. رغم أن عددًا كبيرًا منهم يتمتع بعقود عمل مفتوحة مع النادي. بينما يعمل العدد المتبقي بعقود مؤقتة.
يذكر العمال أن لجنة من الجهاز المركزي للمحاسبات زارت النادي منذ عامين. وطالبت الإدارة بالتأمين على جميع العاملين لكن الإدارة تهربت دائما من هذا الحق بحسب وصف العمال.
شعار المصري: رواتبكم مقابل الفصل
يقول أحد الموظفين المفصولين: “عقب الوقفة الاحتجاجية اجتمع مجلس الإدارة وقرر دفع الرواتب المتأخرة. وتسرب إلينا أن المجلس يُعد قائمة من العمال الذين كانوا فاعلين في الاحتجاج لفصلهم. وأن من سيتم فصلهم سيتم صرف رواتب الخمسة أشهر كاملة لهم. أما من سيستمرون في العمل فسيصرفون من 3 إلى 4 أشهر فقط”.
يستكمل في مرارة: “كانت مأساة من أُودع في حسابه راتب الخمسة أشهر المتأخرة كاملة، كان حزينًا لأنه علم بأنه تم فصله، أما من أخذ حقة ناقصًا فقد علم أنه مستمرًا في العمل”.
في اليوم التالي لتحويل المرتبات -صباح الأحد 5 ديسمبر-ذهب العمال إلى النادي فمنعهم الأمن من الدخول وأخبرهم بأنه تم فصلهم.
ويتساءل: “هل لأننا طالبنا برواتبنا بعد خمسة أشهر من المعاناة يمنعونا من الدخول؟”
وأكد أنهم اتخذوا خلال فترة توقف رواتبهم كل الطرق السليمة: “احترمنا التسلسل الوظيفي وخاطبنا اللواء محمود المر المدير التنفيذي للنادي أكثر من مرة للتواصل مع رئيس النادي وأمين الصندوق لكن دون جدوى أو استجابة”.
وتساءل مجددا: “لماذا لم يتم إخطارنا أو تحويلنا للشؤون القانونية بالنادي إن كنا أخطأنا في شيء”.
إنفاق الموارد على صفقات الكرة
ويؤكد عامل آخر –رفض نشر اسمه- أن النادي لديه موارد كثيرة. سواء من خلال عقود الرعاية أو مصادر الدخل المتنوعة. كما يحظى النادي بدعم كبير من المحافظة. لكن ذلك كله يذهب للفريق الأول لكرة القدم وتعاقدات المدربين واللاعبين –حسب قوله.
ويضيف العامل أن مدرب نادي المصري البورسعيدي من أعلى الأجور في مصر بعد بيراميدز والأهلي والزمالك. كما بلغت صفقات اللاعبين ملايين الجنيهات -على حد قوله. متسائلًا: هل يفشل النادي في توفير رواتب العمال الهزيلة بينما ينفق كل هذه الأموال بشكل سلس؟
ويتقاضى معين الشعباني 3 أضعاف راتب المدير الفني السابق للمصري -علي ماهر- والذي أوصل الفريق لبطولة الكونفدرالية بعدما جاء خامسا بالدوري الموسم الماضي. وذلك بحسب تقارير صحفية.
ويحظى الفريق الأول لكرة القدم بالنادي المصري بـدعم كبير من محافظ بورسعيد اللواء عادل الغضبان. حيث صرف منتصف نوفمبر الماضي 12.5% من مستحقات اللاعبين من أصل 25% مساهمة منه في حل الأزمة المالية التي يقول النادي إنه يواجهها.
عمالة زائدة خلقتها الوساطة والمجاملات
يقول أحد العمال لـ”مصر 360″: “رئيس مجلس الإدارة ادعى أن العمالة بالنادي هي عمالة زائدة لا يحتاج النادي إلا إلى 30% منها. لكن هل يعرف مَن تسبب في ذلك؟ إنه مجلس إدارته الذي عين أكثر من نصف الموظفين عن طريق الوساطة والمجاملات ولحسابات متعلقة بالانتخابات”.
ويؤكد: آخر مسابقة أجريت للتعيين كانت عام 2015 وأن جميع من تم تعيينهم منذ ذلك الوقت عن طريق المجاملات وبشكل مخالف.
ويشير العامل إلى أن المحافظة كانت تدفع رواتب العمال لكنها امتنعت بعد تضاعف عدد موظفي الهيكل الإداري. مستكملًا: “رأت المحافظة أنها كانت تدفع رواتب الموظفين والعمال الذين يحتاجهم العمل بالنادي. لكنها غير ملزمة بدفع رواتب من تم تعيينهم مجاملة. لذا امتنعت عن الدفع. وهو ما تأكدنا منه من مصادر داخل المحافظة”.
تحرك قانوني
أعلن المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية في بيان له تولي قضية العمال المفصولين بعد طلب سبعة منهم من المركز اتخاذ الإجراءات ضد فصلهم التعسفي.
محامي المركز المصري زياد بكري يؤكد لـ”مصر 360″ أن إجراء إدارة المصري بفصل 38 عاملا هو إجراء تعسفي. وأنه حرر منذ أيام محضر إثبات حالة في قسم شرطة الضواحي التابع له النادي حتى لا تدعي إدارته أنها لم تفصلهم وأنهم هم الذين انقطعوا عن العمل.
كما تقدم بشكوى جماعية إلى مدير عام مديرية القوى العاملة ببور سعيد. وذلك ضد كل من رئيس مجلس إدارة النادي المصري ونائبه والمدير التنفيذى للنادي. إضافة لتقدمه بشكاوى فردية نيابة عن موكليه السبعة إلى مكتب العمل.
ويشير “بكري” إلى أنهم في انتظار إحالة القضية للمحكمة العمالية. وذلك للمطالبة بعودة العمال المفصولين تعسفيًا لعملهم. بل وتعويضهم عن قرار الفصل الجائر.