أحكام بالحبس تراوحت ما بين 4 إلى 5 سنوات، أصدرتها محكمة جنح أمن الدولة طوارئ، اليوم الإثنين. بحق الناشط السياسي علاء عبد الفتاح (5 سنوات)، والمحامي محمد الباقر، والمدون محمد أكسجين (4 سنوات لكليهما). وذلك في القضية رقم 1228 لسنة 2021 جنح أمن دولة طوارئ. وهي المحجوزة للحكم من جلسة ٨ ديسمبر الجاري.
محامي الدفاع نبيه الجنادي قال إن الحكم على علاء عبد الفتاح جاء في قضية لم يتمكن فريق الدفاع من الاطلاع على أوراقها. أو حتى من تقديم دفوعه. وقد ذكرت منى سيف -شقيقة علاء- أن القاضي لم يعلن القرار بنفسه. وإنما أرسل الحاجب الذي تلا القرار، ثم انصرف مسرعًا. وذلك في ظل مشادات سبقت الجلسة مع الأمن على من يحضر من أهلية المتهمين.
تأتي محاكمة علاء عبد الفتاح ومحمد الباقر وأكسجين بعد تجاوزهم فترة الحبس الاحتياطي المحددة في القانون بعامين. وكانت جهات التحقيق أسندت للمتهين في القضية رقم 1228 لسنة 2021 جنح أمن دولة طوارئ التجمع الخامس برقم حصر 1986 لسنة 2020 حصر أمن دولة عليا. تهمًا بنشر وبث وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة داخل وخارج البلاد، وإساءة استخدام وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي. فضلاً عن مشاركة جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها وجرائم الانضمام إلى جماعة أنشئت على خلاف أحكام القانون. الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة، من ممارسة أعمالها.
تفاصيل الجلسة
شهدت الجلسة قبل انعقادها حالة من القلق والتوتر من جانب الأهالي بسبب التشديدات أمنية. بعدما طُلب منهم مغادرة القاعة، وهو أمر تم التفاوض عليه، وفق توضيح من الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان. حيث تم الاتفاق على الإذن بحضور اثنين فقط من أهلية كل متهم.
تقول الشبكة إن رئيس المحكمة رفض مقابلة هيئة الدفاع بغرفة المشورة لعرض الأمر وتأكيد مبدأ علنية جلسة النطق بالحكم.
يذكر أن القضية 1228 لسنة 2021 نُسخت من القضية رقم 1356 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا. وتقول المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إن هذا “أسلوب متبع مدد بموجبه حبس عبد الفتاح وباقر وأكسجين بعد استنفادهم أقصى مدة حبس احتياطي قررها القانون. وأنه بمثابة محاولة للخروج من مأزق عدم وجود أي أدلة على الاتهامات التي وجهت لهم منذ أكثر من عامين. باختلاق اتهام جديد لم يُشر إليه من قبل”.
وأوضحت المبادرة أنه منذ بدء الجلسات الثلاث السابقة لم تُمكن المحكمة دفاع المتهمين من الحصول على صورة رسمية أو ضوئية من أوراق الدعوى. ليقفوا على أدلة الاتهام إن وجدت. كما لم يُسمح بحضور المراقبين الدوليين الجلسات، رغم أنها جلسات علنية.
طلبات لم يستجاب لها
بينما قدم المحامون للمحكمة 3 طلبات رئيسية، لم تستجب المحكمة لأي منها، وهي صورة رسمية كاملة من ملف الدعوى. التصريح للمحامين بزيارة موكليهم في السجن لمناقشة استراتيجية الدفاع، والسماح لعلاء عبد الفتاح بتحرير توكيل خاص. يسمح لدفاعه باتخاذ الإجراءات القانونية في دعوى المخاصمة ضد محامي عام نيابات أمن الدولة والمحكمة التي تنظر الدعوى. وكذا تمكين أكسجين من تحرير توكيل خاص لدفاعه من أجل اتخاذ الإجراءات القانونية لتحريك دعوى مخاصمة ضد هيئة المحكمة التي تنظر الدعوى.
في الجلسة الأخيرة، شرح علاء عبد الفتاح ومحمد الباقر لهيئة المحكمة الظروف القاسية لاحتجازهما. مشيرا إلى التعنت معهما ومنعهما من حقهما في القراءة والتريض. وبعد هذه المداخلة وعرض الطلبات، رفع القاضي الجلسة فورا. دون تعليق أو استجابة، قبل أن يصدر قرار المحكمة بحجز القضية للحكم يوم 20 ديسمبر 2021.
وتعقيبا على حجز القضية للحكم طالبت 9 منظمات حقوقية في بيان مشترك “بوقف هذه المحاكمة الهزلية التي تُنظر أمام محكمة استثنائية لا يجوز الاستئناف على أحكامها والإفراج الفوري وغير المشروط عن المحتجزين الثلاثة كونهم سجناء رأي”.
واعتبرت “أن رفض المحكمة لأبسط طلبات الدفاع يثير الشكوك بأن الحكم قد صدر فعليًا ولم يتبق سوى الإعلان عنه يوم 20 ديسمبر”.
كما حمّل الموقّعون رئيس الجمهورية والنائب العام المسؤولية عن حياة وسلامة المحتجزين الثلاثة الجسدية والنفسية. وجدّدوا رفضهم لتحويل الحبس الاحتياطي لعقوبة ممتدة ومفتوحة بالتحايل على القانون. خاصة أن المحاكمة بدأت في وقت قررت فيه الدولة إنهاء حالة الطوارئ والإعلان عن استراتيجية وطنية لحقوق الإنسان تؤكد أن هذه المساعي (الشكلية) والادعاءات بمراعاة حقوق الإنسان في مصر. ليست إلا محاولات لتجنب الضغط الدولي ولا تعبر عن أي تغيير في سياسات الحكومة المصرية المعادية لحقوق الإنسان.
3 بلاغات قدمها علاء لهيئة المحكمة
وفي آخر جلسة لعلاء عبدالفتاح أمام المحكمة بتاريخ 8 نوفمبر، قالت منى سيف شقيقة علاء: “قبل مفاجئة القاضي بحجز القضية للنطق بالحكم دون أي إجراءات محاكمة كاملة. قدم علاء ثلاثة بلاغات وشكاوى للمحكمة وأثبتهم في محضر الجلسة”.
وتضمن البلاغ الأول ضد نيابة امن الدولة بأنها طالبت بتجديد الحبس رغم مرور عامين على حبسه. ورغم تواجده في القفص الزجاجي الذي كان يحول بينه وبين سماعة للجلسة. وقال علاء في بلاغه الذي قدمه شفهيا أمام قاضي المحكمة: “لا يوجد نص قانوني يسمح بذلك والنيابة تعلم قانون الإجراءات الجنائية.. وبالتالي السيد ممثل النيابة الذي طلب تجديد الحبس يجب أن يحال للصلاحية. لأن من يتعمد انتهاك نص القانون لا يصلح لمناصب القضاء وأيضا الهيئة التي وافقت على قرار تجديد الحبس إذا كان هذا هو القرار الذي صدر. إذا لم يكن إذن هناك جريمة ثانية أن السجن حابسني بدون قرار حبس”.
كما تضمن البلاغ الثاني، عن تغريب 12 شخص محتجز بعد دخولهم في إضراب عن الطعام. وذلك رفضا لتعامل رئيس مباحث بسجن المزرعة، وسوء التعامل مع محمد ناجي زعطوط المتهم على ذمة القضية 1356 والذي يعاني من سوء الأوضاع الصحية.
كما تحدث علاء عن حرمانه من التريض والرعاية الصحية الجيدة والتعرض للشمس لمدة عامين. خاصة بعد إصابة أحد المحتجزين بطفح جلدي.
تجاوز الحبس الاحتياطي
وفي تصريحات سابقة قال المحامي خالد علي إن قضية علاء عبد الفتاح كانت تحمل رقم 1356 لسنة 2019 حصر أمن دولة طوارئ. وهو ما زال محبوسا على ذمتها منذ عامين. لكن تم نسخ الجنح من هذه القضية بشأن منشور تم تداوله على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”.
وتجاوز علاء عبد الفتاح مدة الحبس عامين احتياطيا منذ القبض عليه مساء 28 سبتمبر 2019 في أثناء خروجه من قسم شرطة الدقي. وذلك بعد أداء المراقبة الشرطية وحبسه احتياطيا منذ ذلك الحين.
ويقضي “علاء” فترة الحبس الاحتياطي على ذمة القضية رقم 1356 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا. وذلك بتهمة نشر وبث وإذاعة أخبار وبيانات كاذبة. وأيضا إساءة استخدام وسيلة من وسائل التواصل الاجتماعي ومشاركة جماعة إرهابية مع العلم بأغراضها.
ويختلف وضع “علاء” عن باقي المحتجزين خاصة بعد إعلانه في 14 سبتمبر الماضي خلال جلسة تجديد حبسه نيته الانتحار. قائلا: “أنا عارف القضية الجديدة هيحيلوها للمحاكمة. وكده أنا من 2011 ماخرجتش من السجن سنة على بعضها. لو مطلوب إني أموت يبقى أنتحر وخلاص”. وأنهى حديثه برسالة لوالدته “قولوا لليلى سويف تاخد عزايا”. ما أصاب أسرته بالذعر والخوف.
باقر وأكسجين
أما المحامي محمد الباقر فألقت قوات الأمن القبض عليه من داخل مقر نيابة أمن الدولة العليا أثناء توجهه لحضور التحقيقات. مع الناشط السياسي علاء عبد الفتاح. وذلك في يوم 29 سبتمبر 2019. ووجهت نيابة أمن الدولة له اتهامات الانضمام لجماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة وإساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي.
المدون محمد إبراهيم صاحب مدونة “أكسجين مصر”. والذي ينشر من خلالها تقارير سمعية بصرية وكتابية حول قضايا حقوق الإنسان والتطورات السياسية والاقتصادية في مصر. فتم إلقاء القبض عليه في أبريل 2018 من منزله في حي المعادي بالقاهرة. وتم نقله إلى مكان مجهول، وذلك بعد أن أعرب من خلال المدونة عن انتقادات تتعلق بالانتخابات الرئاسية بحسب “فرونت لاين”. وبعد إخلاء سبيله بتدابير احترازية تم القبض عليه أثناء وجوده بديوان قسم شرطة البساتين. وذلك لتنفيذ التدبير الاحترازي على ذمة القضية 621 لسنة 2018 حصر تحقيق أمن الدولة وتم إخلاء سبيله فيها.
وفي 2019 وبعد القبض عليه تم حبسه مرة أخرى على ذمة القضية 1356 لسنة 2019. وذلك بتهمة مشاركة جماعة إرهابية في تحقيق أغراضها ونشر أخبار كاذبة. واستمر حبسه الاحتياطي حتى 3 نوفمبر 2020. حيث قررت محكمة جنايات القاهرة المنعقدة بمعهد أمناء الشرطة بمنطقة سجون طرة إخلاء سبيله بتدبير احترازي. لكن القرار لم يتم تنفيذه. وعُرض مرة أخرى في نوفمبر 2020 على ذمة القضية 855 لسنة 2020 حصر تحقيق نيابة أمن الدولة العليا. كتدوير له من داخل السجن بالاتهامات ذاتها.