تحت عنوان “الوصم” انطلق منذ أيام للكاتبة الصحفية علياء أبوشهبة نائب مدير تحرير روزاليوسف. كتابها الأول عن التمييز المجتمعي للفئات الموصومة اجتماعيا ومعاناتها نتيجة وصم الآخرين لهم.
اتسمت لغة الكتاب بالبساطة متخذة قالب القصة الإنسانية وجمعت معلومات علمية إلى جانب تفاصيل وكواليس إنسانية. سلطت الضوء على الدراما، وتحدثت عن الأثر السلبي طويل المدى لأعمال فنية مثل فيلم “الحب في طابا” و”الأجندة الحمراء”. والتي قدمت صورة سلبية بها الكثير من المغالطات عن فيروس نقص المناعة البشري. وساهمت في ترسيخ الصورة الذهنية السلبية عنه وتم الترويج له على أنه قاتل بمجرد الإصابة به وينتقل من خلال اللمس.
قالت علياء أبوشهبة، لمصر 360، إن الكتاب هو كواليس تحقيق استقصائي. بعنوان “الترياق القاتل متعايشون مع الإيدز يواجهون خطر انهيار المناعة أو الوفاة” رصد مشاكل منظومة صرف الدواء المجاني للمتعايشين مع الإيدز. نشر في مصراوي سنة 2014.
وعن فكرة الكتاب ولماذا قررت إعداده، قالت: “بدأ اهتمامي بكلمة الوصم من خلال تدريب صحفي كنت أشارك فيه. كتبت فقرة حملت معنى وصفته المدربة الصحفية في رويترز هبة قنديل بأنه يحمل الوصم. وهو ما لفت انتباهي للكلمة وقررت بعدها الحصول على تدريب عن الكتابة عن قضايا المتعايشين مع الإيدز. ومن خلاله تعرفت على مشكلة التحقيق الاستقصائي الذي عملت عليه لمدة سنتين عن مشاكل منظومة صرف الدواء المجاني من وزارة الصحة”.
وأضافت: “بعد نشر التحقيق وتتابع التغطيات الصحفية عن الفئات الموصومة الاجتماعية وليس المتعايشين مع الإيدز فقط. ثم تنظيمي لتدريبات صحفية تهدف لتعريف الصحفيين بالقواعد الأخلاقية للكتابة عن الفئات الموصومة اجتماعيًا. ومع استمرار التدريبات بالأخص في جامعتي القاهرة وعين شمس لمست غياب وجود وعي كافي بفيروس نقص المناعة البشري وطرق انتقاله. وأيضًا غياب الحماس الكافي لدى المقبلين على تعلم الصحافة على تحمل صعابها؛ لذلك أريد مشاركة تجربتي وكواليس تحقيقي الاستقصائي. لكي تكون ملهمة لهم، كما أن الوصم كان هو الرابط الأساسي بين حكايات المتعايشين كلها لذلك كان هو عنوان الكتاب”.
مشروع مؤجل
وتوضح أبوشهبة أن مشروع الكتاب مؤجل منذ 2014، قائلة: “بعد التحقيق اتعرض عليا أحول التجربة لكتاب. ولم أكن أمتلك الخبرة الكاملة لإعداد كتاب وقتها، ومنذ عامين قررت إحياء المشروع والعمل على الكتاب”.
“قابلت قصص كثيرة تستحق أن تروى أثناء التحقيق ولكن ليس لها علاقة بالتحقيق فكنت بستبعدها منه وأنا على يقين أن هناك وقتا لنشرها”. كان ذلك هو الدافع الرئيسي وراء إعداد كتاب الوصم، بجانب استمرار تواصلي مع مجتمع المتعايشين مع الإيدز في مصر. وأوضحت أبو شهبة بعد نشر التحقيق وجهت جهودي كلها للكتابة عن الوصم المجتمعي وأعددت تدريب صحفي عن كيفية الكتابة عن الفئات الموصومة اجتماعيا.
وأضافت أبوشهبة أن الكتاب يهدف للمساهمة في تقليل الوصم والتمييز لهذه الفئات. ومن بينها المتعايشين مع الإيدز، موضحة أن الكتاب على اختلاف القصص الموجودة فيه إلا أن كلها يجمعها الوصم المجتمعي. لذلك كان عنوان الكتاب.
الكتاب يضم معلومات علمية حديثة عن فيروس نقص المناعة البشري واللقاحات والعلاج. وعن فكرة آلية نشوء وظهور لقاحات في العالم، وفكرة الوصم والتمييز وارتباطه بالأمراض. وعلى سبيل المثال “الإنفلونزا الإسبانية” لم تظهر في إسبانيا، وتسمية كورونا لم تكن فيروس ووهان. وركز الكتاب في جانب منه عن آلية تسمية الأمراض بعيدا عن الوصم والتي تحرص عليها منظمة الصحة العالمية.
كما تحدث الكتاب عن التقاطعات بين الوصم وفيروس كورونا. مستشهدة بحالة السيدة التي تم استخراج جسمانها من المقبرة في حلوان وحرقها لمجرد أنها كانت مصابة بكورونا. وأيضا الطبيبة التي منعت من دخول منزلها لأنها تعالج المرضى في مستشفى العزل وقد تنقل العدوى.
الوصم في الدراما والسينما
تناول الكتاب الأعمال الفنية التي ناقشت قضية المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشري وأشهر المصابين به. وكيف تغيرت النظرة للمتعايشين من خلال الأعمال السينمائية والدرامية، وذكر على سبيل المثال فيلم “فلادلفيا”. وهو أول فيلم يأخذ توم هانكس عنه أوسكار وكان مثلي الجنس ومتعايش إيدز وكيف تعرض للوصم والتمييز. مشيرا إلى التغير الذي حدث في المجتمع الأمريكي.
وتقول الكاتبة علياء أبو شهبة إن هدفها من الكتاب تغيير الفكر السائد الموجود في المجتمع بسبب وصم الآخرين. لذا ذكرت جملة في الكتاب تلخص الحكاية “كلنا واصمين وكلنا موصومين”. موضحة أن معظمنا يمارس الوصم بدون قصد وكذلك يعاني منه، متحدثة على وجه الخصوص عن النساء والوصم المزدوج.
وفي نهاية الكتاب تحدثت الكاتبة عن تجربتها من التعافي ما بعد مقابلات التحقيق. وكيف أصيبت بالاكتئاب لأنها لم تقدم حلول لهذه الفئات ولم تغير من واقعهم أو معاناتهم. وهو ما يسمى “اضطراب ما بعد الصدمة” وغالبا يحدث خلال تغطية القضايا الإنسانية.
وخلال حفل توقيع الكتاب الذي أقيم في نقابة الصحفيين بقاعة محمد حسنين هيكل. طالب رحاب الدين الهواري صناع الأعمال الفنية بإعداد أعمال واقعية تقدم صورة حقيقية عن المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشري. بما يساهم في رفع الظلم عنهم وتوعية المجتمع، إضافة إلى تنظيم وزارة الصحة لحملات توعية عن الفيروس وطرق انتقاله.
فيما تحدثت الكاتبة رانيا هلال عن ضرورة أن تكون دور النشر أكثر توسعًا في اختيار الأعمال القابلة للنشر. والتي لا يشترط أن تقتصر على الأعمال الإبداعية كالرواية والقصص القصيرة والدواوين الشعرية. وتحدثت عن إحدى قصص الكتاب وهي لمتعايش مع الفيروس كانت إصابته منحة حولت حياته للأفضل.
شارك في حفل التوقيع أيمن عبدالمجيد عضو مجلس نقابة الصحفيين ورئيس تحرير بوابة روزاليوسف والكاتب الصحفي والسيناريست محمد هشام عبية ومجموعة من الصحفيين والإعلاميين وطلاب من كليات الإعلام.