منذ انهيار برجي مركز التجارة العالمي في 11 سبتمبر/أيلول 2001، والحرب العالمية التي شرع فيها الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن، صار تصنيف الإرهاب وداعميه أقرب إلى شأن أمريكي. حيث يرتبط التصنيف العالمي للمنظمات الإرهابية أو الدول الداعمة للإرهاب -بما تحمله من مصالح أو أضرار- ترتبط بأمن الولايات المتحدة، ثم حلفائها.

لذلك، يحمل التقرير السنوي للإرهاب، والذي يصدر عن الخارجية الأمريكية، التطورات الحاصلة في الدول التي تم تصنيفها باعتبارها دول راعية للإرهاب. وربما يحمل من عام لآخر إعلانًا جديدًا بخصوص مثل هذه التسميات.

يحمل التقرير السنوي للإرهاب التطورات الحاصلة في الدول التي تم تصنيفها باعتبارها دول راعية للإرهاب

كيف يتم تصنيف الإرهاب؟

يتولى وزير الخارجية ووزير الخزانة الأمريكية بالتعاون مع وزير العدل. تقديم الأدلة والبيانات إلى الكونجرس لتصنيف المنظمة أو الجماعة في لائحة الإرهاب. والذي بدوره يوافق أو يعترض على تصنيف وفقًا للمادة (219) من قانون الهجرة والجنسية الأمريكي.

ولكي يتم تصنيف أي جهة كمنظمة إرهابية، يجب أن تكون أجنبية ومنخرطة في أنشطة إرهابية، وتشكل أنشطتها تهديداً للأمن القومي الأمريكي أو أمن مواطني الولايات المتحدة.

وتقوم وزارتا الخارجية والخزانة الأمريكيتين بإعداد سجل عن الفرد أو المنظمة المعنية. وتجميد أرصدة وأصول الجهة أو الفرد في الولايات المتحدة، أو في المؤسسات الخاضعة لنفوذ وسيطرة أمريكيين. وإخطار المؤسسات المالية الأمريكية بقرار الحظر وطلب حجز أرصدة الفرد أو الكيان.

أمّا لتصنيف دولة كراعية للإرهاب، فيجب على وزير الخارجية الأمريكي أن يقرر أن حكومة هذا البلد قد قدمت دعمًا متكررًا لأعمال الإرهاب الدولي. وبمجرد تحديد الدولة، تظل تحمل تصنيف “دولة راعية للإرهاب” حتى يتم إلغاؤه وفقًا للمعايير القانونية.

ونتيجة هذا التصنيف يتم فرض مجموعة واسعة من العقوبات على الحكومات التي يتم إدراجها في اللائحة. تتضمن حظر الصادرات والمبيعات المتعلقة بالأسلحة، وقيود على المساعدات الخارجية الأمريكية. إضافة إلى فرض قيود مالية وقيود أخرى متنوعة.

كذلك يتم فرض ضوابط على صادرات المواد ذات الاستخدام المزدوج. والتي تتطلب إخطارًا من الكونجرس لمدة 30 يومًا للسلع أو الخدمات التي يمكن أن تعزز بشكل كبير القدرة العسكرية للبلد المدرج على قائمة الإرهابيين أو قدرتها على دعم الإرهاب.

لتصنيف دولة كدولة راعية للإرهاب يجب على وزير الخارجية الأمريكي أن يقرر أن حكومة هذا البلد قد قدمت دعمًا متكررًا لأعمال الإرهاب الدولي

كوريا الشمالية.. الدعم والاغتيالات

تم إدراج جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية (كوريا الشمالية) كدولة راعية للإرهاب في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، وقرر وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون. أن حكومة كوريا الديمقراطية “قدمت مرارًا الدعم لأعمال الإرهاب الدولي”، حيث تورطت في اغتيالات على أراض أجنبية. وفق معلومات استخباراتية.

وكان قد تم تصنيف كوريا الشمالية سابقًا كدولة راعية للإرهاب في عام 1988. بسبب مشاركتها في تفجير عام 1987 لرحلة ركاب تابعة للخطوط الجوية الكورية. ثم تم إلغاء التصنيف في عام 2008 بعد مراجعة شاملة “وجدت أن كوريا الديمقراطية تفي بالمعايير القانونية للإلغاء”.

وقال الرئيس دونالد ترامب عن إعادة إدراجها في القائمة: “بالإضافة إلى تهديدها العالم بالدمار النووي. فإن كوريا الشمالية دعمت مرارًا الإرهاب الدولي، بما في ذلك عمليات الاغتيال على أراض أجنبية”.

وأشار ترامب إلى الطالب الأمريكي أوتو وارمبير الذي توفي في يونيو/حزيران 2017 إثر غيبوبة أصيب بها عقب اعتقاله من السلطات في بيونج يانج. وعملية اغتيال كيم جونج – نام، الأخ غير الشقيق للزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون، في فبراير/شباط 2017 في ماليزيا. ويشتبه في وقوف النظام الكوري الشمالي وراء الاغتيال.

ورغم التقارب بين البلدين خلال وجود ترامب في المكتب البيضاوي. يشير تقرير الإرهاب العالمي 2020، والصادر قبل أيام. إلى أن كوريا الشمالية “قدمت دعمًا متكررًا لأعمال الإرهاب الدولي منذ أن تم إلغاء تصنيفها كدولة راعية للإرهاب في عام 2008.

وأضافت الخارجية الأمريكية: أخفقت جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية في اتخاذ إجراءات لمعالجة الدعم التاريخي لأعمال الإرهاب الدولي.

في عام 2020 أشار التقرير إلى استمرار الدعم لتك المنظمات عبر فيلق القدس وتوفير غطاء للعمليات السرية المرتبطة بها

إيران.. الأطول بقاءً بقائمة الإرهاب الأمريكية

تظل إيران واحدة من أطول الدول بقاء في قائمة الدول الراعية للإرهاب من وجهة نظر المصالح الأمريكية. فقد تم تصنيفها كدولة راعية للإرهاب في عام 1984، ثم أعلن الرئيس دونالد ترامب في أبريل/نيسان 2019 عن تصنيف “الحرس الثوري الإيراني”، بما في ذلك فيلق القدس، في خانة المنظمات الإرهابية بشكل رسمي بموجب المادة 219 من قانون الهجرة والجنسية الأمريكي.

وقالت الخارجية الأمريكية إن إيران الحرس الثوري الإيراني “يشارك بنشاط في عمليات الإرهاب ويموله ويدعمه وأنه أداة أساسية للحكومة الإيرانية في توجيه وتنفيذ حملتها الإرهابية على المستوى العالمي”.

وبحسب تقرير الخارجية الأمريكية لعام 2019، فقد خططت إيران ونفذت هجمات إرهابية على نطاق عالمي. وقد أنفقت ما يقرب من 700 مليون دولار سنويًا لدعم الجماعات التي صنفتها الولايات المتحدة كجماعات إرهابية. مثل حزب الله في لبنان، وحركة حماس في الأراضي الفلسطينية، من خلال الحرس الثوري الإيراني وجهاز الاستخبارات والأمن الإيراني.

أمّا عن نشاطها المرتبط بالإرهاب في عام 2020. فقد أشار التقرير إلى استمرار الدعم لتك المنظمات، عبر فيلق القدس، وتوفير غطاء للعمليات السرية المرتبطة بها، وخلق حالة من عدم الاستقرار في المنطقة.

وبينما أقرت إيران بتورط الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس في الأنشطة الجارية في العراق وسوريا. يعتبر الحرس الثوري الإيراني أن الفيلق آلية أساسية لتنمية ودعم نشاطه في الخارج. كذلك، بخلاف الرغبة الأمريكية. تنظر إيران إلى نظام الأسد في سوريا على أنه حليف حاسم. والعراق وسوريا كمسارات حيوية يمكن من خلالها إمداد حزب الله بما يحتاجه.

زعم تقرير 2020 أن إيران “سهّلت وأجبرت المقاتلين الشيعة في المقام الأول من أفغانستان وباكستان. على المشاركة في القمع الوحشي لنظام الأسد في سوريا. كما ارتكبت الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران في العراق انتهاكات لحقوق الإنسان ضد المدنيين السنة في المقام الأول. ودعمت القوات الإيرانية بشكل مباشر عمليات الميليشيات في سوريا بمدرعات ومدفعية وطائرات بدون طيار”.

وينقل التقرير الأمريكي بوضوح الخوف الإسرائيلي من أن إيران كانت تزود حزب الله بأنظمة أسلحة متطورة. بالإضافة إلى مساعدته في إنشاء بنية تحتية تسمح بإنتاج صواريخ محليًا لتهديد إسرائيل من لبنان وسوريا.

ظلت علاقة نظام الأسد بحزب الله وإيران قوية في عام 2020 حيث استمر النظام في الاعتماد بشكل كبير على الجهات الخارجية لمحاربة المعارضين وتأمين المناطق

سوريا وانتهاكات حقوق الإنسان

في عام 1979 قامت الولايات المتحدة بتصنيف سوريا كدولة راعية للإرهاب. ظلّت الدولة التي قادها الراحل حافظ الأسد، ثم انتقل حكمها إلى نجله بشار. في توفير الأسلحة والدعم السياسي لحزب الله واستمر في السماح لإيران بإعادة تسليح المنظمة وتمويلها.

ظلت علاقة نظام الأسد بحزب الله وإيران قوية في عام 2020. حيث استمر النظام في الاعتماد بشكل كبير على الجهات الخارجية لمحاربة المعارضين وتأمين المناطق. ويلفت التقرير إلى أن الحرس الثوري الإسلامي حاضرًا ونشطًا في البلاد بإذن من الرئيس بشار الأسد.

وتشير تحليلات الخارجية الأمريكية إلى أنه على مدى العقدين الماضيين، أدى “موقف نظام الأسد المتساهل” تجاه الجماعات الإرهابية الأجنبية أثناء الصراع في العراق إلى تغذية نمو القاعدة وداعش والشبكات الإرهابية التابعة لها داخل سوريا.

لسنوات عديدة، سهّلت الحكومة السورية عبور مقاتلين وإرهابيين عبر سوريا إلى العراق بغرض محاربة القوات الأمريكية قبل عام 2012. وإبان انطلاق الثورة السورية، أطلق نظام الأسد سراح الآلاف من المتطرفين العنيفين من سجونه في عامي 2011 و2012، ما أدى إلى تصاعد الإرهاب داخل البلاد.

وبينما تدعم الولايات المتحدة قوات سوريا الديمقراطية في مواجهة نظام الأسد، استخدم الرئيس السوري قوانين مكافحة الإرهاب والمحاكم الخاصة لمكافحة الإرهاب لاحتجاز وسجن المتظاهرين، والمدافعين عن حقوق الإنسان، والعاملين في المجال الإنساني. بذريعة مكافحة الإرهاب.

ويزعم التقرير أن الميليشيات الشيعية في العراق -بعضها مصنف أمريكيًا على أنه منظمات إرهابية متحالفة مع إيران- واصلت السفر إلى سوريا للقتال نيابة عن نظام الأسد.