يحمل التقرير السنوي للإرهاب 2020 تحديثًا أمريكيًا حول “الملاذات الآمنة للإرهابيين”. والتي تعتبرها المخابرات المركزية ووزارتا الخارجية والخزانة، البقع الأخطر على مصالح الولايات المتحدة وحلفائها. حيث منها تنطلق العمليات إلى جميع أنحاء العالم.

تصف الولايات المتحدة هذه الملاذات بأنها “مناطق مادية غير خاضعة للحكم، وغير محكومة”. ومنها يستطيع الإرهابيون التنظيم والتخطيط، وجمع الأموال والتواصل، والتجنيد والتدريب، والعبور والعمل بأمن نسبي. ذلك بسبب عدم كفاية القدرة على الحوكمة والإرادة السياسية، أو كلاهما.

تصف الولايات المتحدة هذه الملاذات بأنها “مناطق مادية غير خاضعة للحكم وغير محكومة”

مكافحة الإرهاب في شمال سيناء.. جهود حكومية وتعاون أمريكي

رغم الجهود اليومية للأجهزة الأمنية المصرية في سيناء لمكافحة الإرهاب، يعتبر التقرير الأمريكي أن أجزاءً من شمال سيناء لا تزال ملاذات آمنة للجماعات الإرهابية، يستخدمها مقاتلو ولاية سيناء التابعة لتنظيم داعش كقاعدة لشن هجمات ضد أهداف عسكرية ومدنية في سيناء.

فيما يظهر التقرير أن التنظيم لم يعلن عن أية هجمات داخل باقي الأراضي المصرية خلال العام الماضي، يلفت إلى أن الفترة ذاتها شهدت 428 هجمة إرهابية في شمال سيناء. منها 134 هجومًا بالعبوات الناسفة، و153 غارة على الكمائن، وهجمات شبه أسبوعية على المواقع الحكومية.

كما يزعم أن الهجمات “جسدت حرية داعش في المناورة خلال ساعات النهار والتوسع المستمر لهجماته غربًا. باتجاه منطقة قناة السويس”. وهو يشير إلى مذبحة بئر العبد، زاعمًا أنها كانت سببًا في نزوح آلاف المدنيين. بينما تمكنت القوات المسلحة المصرية في نهاية المطاف من استعادة المنطقة. رغم مقتل أكثر من عشرة مدنيين في وقت لاحق بواسطة العبوات الناسفة التي خلفها داعش.

أيضًا يؤكد التقرير على تعاون مصر مع جهود مكافحة الإرهاب الأمريكية، ومواصلة إجراءاتها لمنع انتشار أسلحة الدمار الشامل والاتجار بها. يقول: وسّعت الحكومة المصرية، بما في ذلك القوات المسلحة، من استراتيجيتها لمكافحة الإرهاب في سيناء. لتشمل المشاريع التنموية والإنسانية في شبه الجزيرة. مع استمرار تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام في تنفيذ الهجمات، وتواجه قوات الأمن المصرية هجمات متكررة بالأسلحة الصغيرة والعبوات الناسفة. فيما تشير هذه الهجمات المتكررة إلى أن تنظيم الدولة الإسلامية لا يزال عازمًا على توسيع نفوذه وعملياته في سيناء.

ويشمل التعاون المصري- الأمريكي لمكافحة الإرهاب توفير مروحيات AH-64 Apache والمركبات المقاومة للألغام والكمائن. والتدريب على مكافحة العبوات الناسفة، وأبراج الاستشعار المتنقلة، وبرامج التدريب على أمن الحدود.

 

واصلت الميليشيات المدعومة من إيران الحفاظ على وجود نشط في العراق مستهدفة الولايات المتحدة

العراق.. ساحة خلفية لإيران

يظل العراق بالنسبة للولايات المتحدة ملاذًا آمنًا للإرهاب، رغم الاحتلال الأمريكي الطويل. حيث واصلت الميليشيات المدعومة من إيران الحفاظ على وجود نشط في العراق مستهدفة الولايات المتحدة. ويُبرز التقرير ظهور العديد من الميليشيات المزعومة المتحالفة مع إيران في عام 2020. والتي أعلنت عن نيتها استهداف الولايات المتحدة والتحالف الدولي لهزيمة داعش.

ويلفت التقرير إلى أن التنظيمات الجديدة -التي أعلنت مسؤوليتها عن هجمات متعددة على المصالح الأمريكية- من المحتمل أن تكون واجهة لجماعات أكثر رسوخًا مدعومة من إيران في العراق. ويؤكد أن تنظيم داعش رغم هزيمته وفقدانه قوته على الأرض، وتدهورت صفوف قيادته بشكل كبير. لكنه لا يزال يشكل تهديدًا خطيرًا لاستقرار العراق ومصالح الولايات المتحدة والتحالف الدولي في المنطقة.

ورغم حفاظ حكومة العراق على سيطرتها الاسمية على الأراضي التي تمت استعادتها من داعش. استمر التنظيم في تنفيذ اغتيالات عدة، فضلاً عن الهجمات الانتحارية والهجوم وغيرها من الهجمات غير المتكافئة في جميع أنحاء البلاد.

فيما واصلت الولايات المتحدة التعاون مع حكومة العراق لمنع داعش من الوصول إلى المواد الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية.

اقرأ أيضًا: كوريا وإيران وسوريا.. أعداء العم سام لا يغادرون قوائم الإرهاب

حزب الله يسيطر على طرق الوصول إلى أجزاء من البلاد وكان له تأثير على بعض العناصر داخل الأجهزة الأمنية اللبنانية

لبنان.. حظيرة عمليات حزب الله

أمّا لبنان. فقد اعتبره التقرير ملاذًا آمنًا دائمًا للجماعات الإرهابية في مناطق سيطرة حزب الله. حيث تدريب المقاتلين، وجمع الأموال، والتمويل، والتجنيد.  ويشير التقرير إلى عدم اتخاذ الحكومة اللبنانية إجراءات لنزع سلاح حزب الله -الذي استمر في الاحتفاظ بأسلحته- خلافًا لقرار مجلس الأمن رقم 1701.

وكتب: لم يكن لدى الحكومة اللبنانية سيطرة كاملة على جميع مناطق البلاد. كما أنها لم تقم بشكل كامل بالسيطرة على حدودها مع سوريا وإسرائيل. كان حزب الله يسيطر على طرق الوصول إلى أجزاء من البلاد. وكان له تأثير على بعض العناصر داخل الأجهزة الأمنية اللبنانية.

ويشير التقرير إلى مواصلة جبهة النصرة وداعش وجماعات إرهابية سنية أخرى العمل في مناطق غير خاضعة للسيطرة على طول الحدود اللبنانية السورية. في وقت تواصل فيه الحكومة اللبنانية اتخاذ إجراءات للحد من أنشطة هذه الجماعات.

ولفت إلى أنه لم يكن لبنان مصدرًا لمكونات أسلحة الدمار الشامل، لكن حدوده المليئة بالثغرات مع سوريا شكلت مخاطر لانتشار أسلحة الدمار الشامل.

اقرأ أيضًا: حزب الله.. نفوذ ضد استقرار لبنان

يظل الجيش الصومالي غير قادر على تأمين المدن بشكل مستقل واستعادتها من حركة الشباب

 الصومال.. ساحة تنظيمات شرق أفريقيا

يشير التقرير الأمريكي إلى مواصلة الإرهابيين استخدام المناطق الخارجة عن السيطرة في جميع أنحاء الصومال كملاذ آمن للتخطيط للعمليات وتنفيذها وتسهيلها داخل البلاد. بما في ذلك عمليات القصف الجماعي في المناطق الحضرية الكبرى، والهجمات في البلدان المجاورة.

ويظل الجيش الصومالي غير قادر على تأمين المدن بشكل مستقل واستعادتها من حركة الشباب. هذه الفجوة الحرجة سمحت لحركة الشباب بالاستمرار في ابتزاز السكان المحليين وتجنيد المقاتلين قسرًا، وبعضهم من الأطفال. حيث حافظت الحركة على ملاذها الآمن في وادي نهر جوبا كقاعدة أساسية لعمليات التخطيط وشن الهجمات.

وقد استفادت حركة الشباب من نفوذها في جنوب ووسط الصومال لابتزاز عائدات بملايين الدولارات من السكان والشركات، وفقًا لفريق الخبراء التابع للأمم المتحدة.

كذلك، واصل المقاتلون المرتبطون بداعش الاحتفاظ بملاذ آمن محدود في بونتلاند الواقعة شمال البلاد.

ويشير التقرير إلى أنه على الرغم من الثغرات الكبيرة في استراتيجيتها لمكافحة الإرهاب، ظلت الحكومة الصومالية شريكًا ملتزمًا وداعمًا لجهود الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب. حيث تعمل حكومة الصومال بالشراكة الأمنية مع المجتمع الدولي لإنفاذ القانون، ومقاومة التطرف، من أجل التخفيف من التحديات الأمنية في البلاد.

وخلال العام الجاري، اتخذت سلطات إنفاذ القانون الصومالية عدة إجراءات أدت إلى مقاضاة الأفراد المشتبه في قيامهم بأنشطة مرتبطة بالإرهاب. رغم ذلك، استمرت الهجمات بالعبوات الناسفة، والتفجيرات الانتحارية، ضد المنشآت الحكومية والمدنية. كذلك استمرت الاغتيالات ونصب الكمائن على طول طرق الإمداد والهجمات بالنيران غير المباشرة.

ويلفت التقرير إلى حفاظ حركة الشباب على قدرتها على ضرب المصالح الأمريكية في المنطقة. مع احتفاظ المجموعة بالسيطرة على عدة بلدات في جميع أنحاء منطقة جوبالاند، بما في ذلك جيليباند كونيو بارو. وحافظت على عملياتها في منطقة جيدو لاستغلال الحدود الكينية الصومالية المليئة بالثغرات ومهاجمة أهداف في كينيا. رغم احتفاظ الحكومة الكينية بوجود قوي في جميع أنحاء المنطقة الحدودية.

رغم مطاردة هذه الجماعات من نيجيريا وأعضاء آخرين في قوة المهام المشتركة المتعددة الجنسيات إلا أنها لا تزال تفتقر إلى القدرة على تطهير الملاذات الآمنة

بحيرة تشاد تحت الهجمات المتلاحقة

واصلت أجزاء من شمال شرق نيجيريا، وجزر في بحيرة تشاد، كونها ملاذات آمنة لجماعات بوكو حرام وداعش في غرب إفريقيا. ما حال دون إعادة تأسيس إدارة الدولة، وتقديم الخدمات والإغاثة الإنسانية في الأراضي الأوسع المحيطة ببحيرة تشاد.

في الوقت نفسه، تمكن مقاتلو داعش من السيطرة على المزيد من الأراضي خلال العام الماضي. مع شن هجمات غير متكافئة ضد المدنيين والعسكريين والموظفين الحكوميين. بما في ذلك من خلال الانتحاريين، والسيارات المفخخة، والغارات، والكمائن، وعمليات الخطف.

ورغم مطاردة هذه الجماعات من قوات من نيجيريا وأعضاء آخرين في قوة المهام المشتركة المتعددة الجنسيات التي تضم بنين، الكاميرون، تشاد، والنيجر. إلا أنها لا تزال تفتقر إلى القدرة على تطهير الملاذات الآمنة، أو تأمين الحدود والسيطرة على الأراضي المستعادة من المسلحين وإدارتها بشكل فعال.

في الوقت نفسه، يؤكد التقرير الأمريكي أنه لم يُعرف عن أي حكومة في منطقة بحيرة تشاد. أنها تدعم أو تسهل انتشار أسلحة الدمار الشامل أو الاتجار بها في أراضيها أو عبرها.

مالي وموزمبيق وبوركينا فاسو تحت سيطرة الإرهاب

تتمتع الجماعات الإرهابية بحرية الحركة في شمال ووسط مالي، وشمال بوركينا فاسو، على طول الحدود بين مالي والنيجر. وعلى طول حدود بوركينا فاسو مع النيجر. وخلال العام الماضي، ظهرت قدرتها على حشد القوات بسرعة خلال الهجمات والمذابح واسعة النطاق التي شوهدت.

كذلك واصلت جماعة “نصرة الإسلام والمسلمين” إدخال نفسها في صراعات عرقية طويلة الأمد. مثل الصراع بين رعاة الفولاني ومزارع دوجون على أراضي الرعي والمياه.

رغم جهود الحكومة المالية لمحاربة الإرهاب، ووجود بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام. والبعثة المتكاملة متعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي (مينوسما)، والتواجد الفرنسي القوي في المنطقة. لكن فشلت حكومات المنطقة في وقف موجة العنف.

فقد شهد عام 2020، زيادة الهجمات واتساع المناطق التي تسيطر عليها الجماعات الإرهابية بشكل ملحوظ. ووقعت مجازر واعتداءات واسعة النطاق على قوات الأمن بشكل منتظم.

لكن في موضع آخر، وكجزء من الجهود المبذولة لزيادة قدرة قوة الساحل المشتركة G-5. لم تشهد موريتانيا أي هجوم إرهابي منذ 2011.

في الوقت نفسه، وسّع تنظيم داعش هجماته بشكل كبير، وسيطر على مساحات كبيرة من الأراضي في مقاطعة كابو ديلجادو في شمال موزمبيق. وتمتع المقاتلون بحرية حركة كبيرة مكنتهم عدة مرات من الاستيلاء على مدن والسيطرة عليها حيث شهدت عدة هجمات كل أسبوع.